قُتل 40 محتجاً على الأقل خلال الأسبوع الحالي خلال الحملة الأمنية التي تشنها السلطات الإيرانية لإخماد أحدث احتجاجات أشعلتها وفاة مهسا أميني. وقالت مصادر كردية، أمس، إن 7 قتلى سقطوا في مدينتي بوكان ومهاباد منذ الخميس الماضي، في وقت هاجم فيه المرشد الإيراني علي خامنئي المحتجين، قائلاً إن «من يعملون وراء الكواليس الأعمال الشريرة أحقر من أن يضرّوا بالنظام، وسوف يفشلون».
وفي مطلع الأسبوع العاشر على اندلاع الاحتجاجات، أمس، رفعت السلطات من إجراءاتها الأمنية المشددة في كبريات المدن، بعد ثلاثة أيام من مسيرات حشد فيها المتظاهرون في الشوارع، مع ذكرى حملة القمع الدامية لمظاهرات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 التي بدأت احتجاجاً على زيادة أسعار الوقود وواجهتها السلطات بالقوة 1500 شخصاً، حسب إحصائية نشرتها «رويترز» حينذاك، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين.
ودعت اللجنة التنسيقية للمعلمين إلى إضرابات اعتباراً من اليوم؛ احتجاجاً على مقتل أطفال. وأظهرت تسجيلات فيديو تجدد المناوشات بين قوات الأمن والمتظاهرين في عشرات المدن الإيرانية.وجرى تداول مقطع فيديو يوضح انتشار قوات الشرطة في الشوارع الرئيسية بمدينة شيراز الجنوبية.من جهة ثانية، أعلنت منظمة «هنغاو» الحقوقية الكردية مقتل سبعة متظاهرين على الأقل، السبت، برصاص قوات الأمن الإيرانية في شمال غربي البلاد خلال احتجاجات. وقالت «هنغاو» الحقوقية الكردية على حسابها في «تويتر» إن أربعة من أهالي مهاباد في جنوب محافظة أذربيجان الغربية، قتلوا بنيران قوات حكومية.
وجلس عدد كبير في النساء والرجال في شارع وسط مهاباد لمواصلة الاحتجاجات السلمية، حسبما أظهر تسجيل فيديو نشرته منظمة «هنغاو» والعديد من الصحافيين. وفي تغريدة على حسابها في «تويتر» ذكرت المنظمة أن «القوات الحكومية القمعية فتحت النار على المتظاهرين في مدينة ديواندره، فقتلت ثلاثة مدنيين على الأقل».
وتداول ناشطون تسجيل فيديو من مدينة سنندج، يُظهر عدداً من القوات الخاصة في الشرطة تناشد أصحاب المتاجر كسر الإضرابات والعودة إلى محلاتهم.
كما أشارت إلى إصابة ثمانية على الأقل بجروح في ضواحي مدينة دهغلان، واعتقال 25 شخصاً، كانوا يرددون هتافات أمام منزل رامين حسين بناهي السجين السياسي السابق الذي أعدمته السلطات الإيرانية في سبتمبر (أيلول) 2018.
واندلعت احتجاجات خلال الليل في بلدة بوكان في كردستان، حيث فتح «الحرس الثوري» النار على أفراد أسرة كانت تشيّع متظاهراً، ونقل جثته من المستشفى قبل دفنها في مكان لم يكشف عنه، وفق «هنغاو».
ويتّهم ناشطون قوات الأمن الإيرانية بإجراء عمليات دفن سرية لمتظاهرين قتلتهم؛ لمنع اندلاع مزيد من العنف في جنازاتهم.
وقالت هنغاو: «الليلة الماضية، بعدما هاجمت قوات (الحرس الثوري) مستشفى شهيد قلي بور في بوكان، استولت على جثة شهريار محمدي ودفنته في مكان سرّي»، مضيفة أن القوات «فتحت النار على أسرته وألحقت إصابات بخمسة منهم على الأقل».
وأظهر مقطع فيديو نشره مرصد «1500 تصوير» مئات الأشخاص، السبت، قرب مهاباد في محافظة أذربيجان الغربية يسيرون على طريق للمشاركة في جنازة الشاب كمال أحمد بور الذي قتل برصاص قوات الأمن.
وقالت هنغاو إن «قوات الجمهورية الإسلامية الإيرانية زادت بشكل كبير من استخدام أسلحة فتاكة في الهجمات على المتظاهرين في الأيام الخمسة الماضية»، وأفادت بأن قوات الأمن قتلت 25 شخصاً على الأقل في كردستان منذ الثلاثاء. وأوضحت المنظمة: «قتل 23 شخصاً بنيران مباشرة، وواحد تحت التعذيب، وآخر بطعنات بسكاكين».
في العاصمة طهران، شارك المئات من الأشخاص، الأحد، في تشييع الشاب حميد رضا روحي الذي أعلنت وسائل إعلام حكومية أنه من قوات الباسيج، لكن اتضح أنه قتل أثناء مشاركته في الاحتجاجات. وكتبت شقيقة محمد مختاري الذي قتل في احتجاجات 2019، على «تويتر»، إن «السلطات مارست ضغوطاً على أسرته، لكي تقول إن ابنها من قوات الباسيج وقتل على يد المتظاهرين».
وتجددت تجمعات طلاب جامعة بهشتي. وأظهرت تسجيلات فيديو عشرات مئات الطلاب الذين يهتفون «المنحرفون أنتم... المرأة الحرة أنا».
وفي تبريز شمال غربي إيران، تجمع الطلاب في جامعة العلوم الطبية ورددوا هتافات باسم الطالبة آيلار حقي التي قتلت بنيران قوات الأمن، الأربعاء الماضي، وذلك بعد مشاركة حشود كبيرة من أهالي تبريز في تشييع حقي أول من أمس.
ويواجه نظام الحكم في إيران بقيادة المرشد الإيراني علي خامنئي أكبر تحدٍّ منذ 43 عاماً، يتمثّل في الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد منذ شهرين، إثر وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر.
وتوفيت الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني 22 عاماً بعد ثلاثة أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق بدعوى انتهاك «قواعد الحجاب».
- ارتفاع القتلى
وقالت وكالة نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) في إحصائيتها اليومية التي نشرت في وقت متأخر، الجمعة، إن 402 محتج قتلوا خلال حملة القمع التي استهدفت المسيرات الاحتجاجية. وأشارت المنظمة إلى اعتقال 16813 شخصاً، في 150 مدينة و140 جامعة شهدت احتجاجات.
وأشارت المنظمة التي تتابع حالة حقوق الإنسان في إيران عن كثب، إلى مقتل 54 عنصراً من قوات الأمن، بالإضافة إلى اعتقال 524 طالباً جامعياً.
أما منظمة حقوق الإنسان في إيران -والتي تتخذ من أوسلو مقراً لها- فقد أشارت في أحدث إحصائيتها إلى مقتل 342 شخصاً، مؤكدة سقوط 40 محتجاً على الأقل خلال الأسبوع الأخير. وأشارت إلى أن القتلى المذكورين قضوا في 22 محافظة من أصل 31، من بينهم 123 في بلوشستان و32 في محافظة كردستان، مسقط رأس أميني. ويليها طهران وأذربيجان الغربية ومازندران وجيلان، على صعيد القتلى.
وقالت «بيت الموسيقى» في إيران، أمس، إن السلطات اعتقلت 21 فناناً منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقبل ذلك بخمسة أيام، أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن لجنة تابعة لبيت السينما الإيرانية أعدت قائمة بـ100 مصور سينمائي وفنان موسيقي ومسرحي تم اعتقالهم أو منعهم من الخروج في الأشهر القليلة الماضية.
وأعلن حاكم محافظة بوشهر في جنوب البلاد اعتقال 500 شخص على خلفية الاحتجاجات الأخيرة. واصفاً 60 إلى 70 شخصاً منهم بـ«العناصر الخطيرة». ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن محمدي زاده قوله إن الاعتقالات في عدة مدن من المحافظة خلال يومي الأربعاء والخميس بلغ 60 شخصاً، وأشار في الوقت نفسه إلى توقيف عشرات السيارات والدراجات النارية.
وقُتل عشرة أشخاص، الأربعاء، بينهم امرأة وطفلان، إضافة إلى ضابط في الشرطة، خلال هجومين منفصلين في إيذه (جنوب غرب) وأصفهان (وسط)، وفقاً لوسائل إعلام ومصدر طبي. وحملت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية «إرهابيين» مسؤولية الهجوم في إيذه، وذلك بعد ساعات من حرق مكتب ممثل المرشد الإيراني في المدينة.
وكانت مدينة إيذه شهدت مسيرة كبيرة دعا إليها ناشطون لإحياء ذكرى قتلى احتجاجات منتصف نوفمبر، حيث سقط قتلى. واتهم ضحايا الهجوم الأخير، قوات الأمن بإطلاق النار على ذويهم على الرغم من الرواية الحكومية.
وفي مشهد (شمال شرق)، قُتل اثنان من أفراد قوات الباسيج التابعة لـ«الحرس الثوري» طعناً، الخميس، أثناء محاولتهما التدخّل ضدّ «مثيري الشغب»، بحسب وكالة «إرنا». وأعلن جهاز السلطة القضائية، السبت، توقيف المنفّذ المفترض للهجوم.
خلال الأيام الماضية، رفعت وسائل الإعلام الحكومية من حدة التحذيرات بشأن وقوع «حرب أهلية»، في سيناريو كان متوقعاً منذ الأيام الأولى من الاحتجاجات، بعدما وجه المسؤولون الإيرانيون أصابع الاتهام إلى «انفصاليين»، الأمر الذي انتقدته أوساط سياسية وشخصيات بارزة في إيران.
- تحذير من حملة النظام
قال المرشد الإيراني علي خامنئي، السبت، كما نقل عنه التلفزيون الرسمي: «سعى هؤلاء الذين يتصرّفون من وراء الكواليس لإخراج الناس إلى الشوارع لكنّهم لم ينجحوا... الآن يحاولون... إرهاق السلطات. إنهم مخطئون لأنّ أفعالهم تجعل الناس متعبين، وبالتالي يكرهونهم أكثر». وأضاف: «هذه الحوادث والجرائم والدمار تخلق مشاكل للناس والتجّار، لكن أولئك الذين يعملون وراء كواليس الأعمال الشريرة، أحقر من أن يضرّوا بالنظام، وسوف يفشلون».
وتابع خامنئي: «يجب على القضاء معاقبة مرتكبي الجرائم والقتل والتدمير ومحاولات إشعال الحرائق في المحلات التجارية وسيارات التجّار والناس على أساس جرائمهم»، وأشار إلى أنّ «العدو فشل حتى الآن، لكن يمكنه السعي للوصول إلى قطاعات مختلفة من السكان مثل العمّال والنساء. لن ينجحوا لأنّ كرامة (النساء والعمّال) أسمى بكثير من أن ينضمّوا إلى الأشخاص الذين يخدعونهم»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
في السياق نفسه، قالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان نشرته وكالة أنباء «إرنا» الرسمية إن «الصمت المتعمّد للمروّجين الأجانب للفوضى والعنف في إيران، في مواجهة العمليات الإرهابية... ليس له نتيجة سوى تشجيع الإرهابيين وتعزيز الإرهاب في العالم»، وأضافت: «من واجب المجتمع الدولي... إدانة الأحداث الإرهابية الأخيرة في طهران».
من جهتها، حذّرت منظمة حقوق الإنسان في إيران من أن النظام يشن «حملة لنشر الأكاذيب» قبل اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأسبوع المقبل.
وقال مدير المنظمة محمود أميري مقدم: «لديهم هدفان من خلال عزو مقتل المتظاهرين إلى جماعات إرهابية مثل داعش». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «يريدون استعماله ذريعة لاستخدام الذخيرة الحية على نطاق واسع. كما يريدون التأثير على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي سيجتمع يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) في جلسة خاصة؛ للنظر في إنشاء آلية تحقيق ومساءلة مستقلة» بشأن حملة القمع في إيران.
مقتل 40 محتجاً في إيران خلال أسبوع... وخامنئي يهاجم المتظاهرين
إجمالي الضحايا تخطى 400 في 22 محافظة... واعتقال أكثر من 21 فناناً
مقتل 40 محتجاً في إيران خلال أسبوع... وخامنئي يهاجم المتظاهرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة