«شباب الإخوان»... رهان قيادات الخارج الذي تحوّل إلى «صراع وتجاهل»

واقعة وفاة أحدهم في تركيا جددت الحديث عن «مُعاناتهم»

محاكمات لعناصر من «الإخوان» في مصر بتهمة الانتماء لـ«تنظيم إرهابي» (أ.ف.ب)
محاكمات لعناصر من «الإخوان» في مصر بتهمة الانتماء لـ«تنظيم إرهابي» (أ.ف.ب)
TT

«شباب الإخوان»... رهان قيادات الخارج الذي تحوّل إلى «صراع وتجاهل»

محاكمات لعناصر من «الإخوان» في مصر بتهمة الانتماء لـ«تنظيم إرهابي» (أ.ف.ب)
محاكمات لعناصر من «الإخوان» في مصر بتهمة الانتماء لـ«تنظيم إرهابي» (أ.ف.ب)

«شباب الإخوان» ورقة مهمة، طالما راهن عليها «قيادات التنظيم في الخارج»؛ لكن هذا الرهان تحول فيما يبدو أخيراً إلى «صراع وتجاهل» للشباب من قبل قيادات الخارج. وهذا التحول فجَّرته واقعة وفاة أحد شباب التنظيم في تركيا، لترتفع بعد ذلك أحاديث لبعض هؤلاء الشباب عبر صفحات بمواقع التواصل الاجتماعي، عن «مُعاناتهم»، وعن «تخلي قيادات التنظيم عنهم».
وقال مراقبون إن «بعض الشباب اضطر إلى الانضمام إلى (تيار التغيير)، والبعض الآخر يرى أن قيادات التنظيم في الخارج مستمرة في التخلي عنهم، وانشغلت فقط بالمناصب والخلافات»؛ في حين أشار باحثون في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، إلى أن «شباب الإخوان يفقدون الثقة الآن في قيادات التنظيم بالخارج، ويعاني بعضهم الاكتئاب».
وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2019، أطلق شباب التنظيم رسائل تردد حينها أنها من داخل السجون بشأن مراجعة أفكارهم. كما نشرت منصات تابعة لـ«الإخوان» رسالة أخرى قالت عنها إنها من شباب التنظيم، دعوا فيها إلى «مصالحة أو تسوية شاملة مع السلطات المصرية، وحل أزمتهم بعيداً عن صراعات قياداتهم في الخارج». وقتها ردت «جبهة لندن» على لسان إبراهيم منير، القائم السابق بأعمال المرشد: «التنظيم لم يطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفه، ومن أراد أن يتبرأ عبر المراجعات فليفعل»؛ لكن مصادر أمنية مصرية نفت حينها «جميع مزاعم عناصر الإخوان». واتهمت التنظيم بـ«ترويج شائعات».
وقال منير أديب، الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، إن «اهتمام التنظيم بالشباب نابع من كونهم يمثلون 70 في المائة من قوته، ودائماً ما كان التنظيم في السابق يولي اهتماماً بالشباب؛ لأنهم إضافة إلى تنظيم (الإخوان)، وكان التنظيم دائماً يسعى إلى استقطاب الشباب، ثم العمل على تربيتهم وفق أدبيات التنظيم؛ لكن أحياناً ما كان يحدث أن يخرج هؤلاء الشباب عن طوع التنظيم، ويطرحوا عدداً من الأسئلة حول احتياجاتهم أو مصيرهم أو حتى أوضاع التنظيم، وقتها يقوم التنظيم بضرب هذا التمرد في حينه، ثم يردد وقتها أنه لا يتعامل بقوة مع شبابه».
وأضاف أديب لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم الشباب اضطر إلى الانضمام لتيار التغيير، ويرون ضرورة التمرد على أوضاع التنظيم الحالية؛ خصوصاً بين جبهتي لندن وإسطنبول؛ حيث يرى هؤلاء الشباب أن قيادات الجبهتين خرجوا عن خط التنظيم الذي رسمه حسن البنا (مؤسس الإخوان)، وسيد قطب منظِّر التنظيم، وأنه لا بد للتنظيم أن يأخذ مساراً بعيداً عن هذه القيادات، لذا عندما فشلوا في توصيل أفكارهم إلى قيادات جبهتَي لندن وإسطنبول، انضموا لتيار التغيير في محاولة لانتهاج العنف من جديد للتنظيم».
وظهرت أخيراً جبهة متصارعة على قيادة «الإخوان»، أطلقت على نفسها «تيار التغيير» الذي أسسه في السابق محمد كمال، وهو مؤسس الجناح المسلح لـ«الإخوان» ولجانه النوعية، وقتل في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016.
ظهور التيار الثالث جاء بعد أشهر من الصراع بين جبهتي «إسطنبول» و«لندن» الذي تفاقم أخيراً بسبب تعيين اثنين في منصب القائم بأعمال مرشد «الإخوان» خلفاً لإبراهيم منير.
عودة إلى منير أديب الذي لفت إلى أن «جبهة لندن حاولت أخيراً استقطاب شباب الإخوان عندنا شعرت بقلق منهم، وعين إبراهيم منير قبل وفاته الشاب صهيب عبد المقصود متحدثاً باسم الإخوان، وضمه لعضوية اللجنة الإدارية العليا لإدارة شؤون التنظيم، وهي (البديلة عن مكتب الإرشاد) لنفي أي اتهامات بالتخلي عن الشباب وعدم إشراكهم في المناصب. أيضاً جبهة إسطنبول سارت على درب جبهة لندن نفسها، وحاولت وتحاول احتواء الشباب، وهدف الجبهتين من ذلك ليس الإيمان بالشباب؛ لكن استيعابهم فقط، خوفاً من تصاعد التمرد ضد القيادات».
وفي فبراير (شباط) عام 2019، ظهر أول خلاف بين شباب تنظيم «الإخوان» و«قيادات الخارج» خصوصاً المقيمة في تركيا، عقب ترحيل الشاب محمد عبد الحفيظ، المحكوم عليه بالإعدام في قضية استهداف النائب العام المصري الأسبق، إلى مصر.
وفي أبريل (نيسان) 2021 عقب الحديث عن التقارب المصري- التركي، أبدى بعض شباب التنظيم الصادرة بحقهم أحكام قضائية في مصر، تخوفات من الترحيل للقاهرة؛ خصوصاً من ليس لديهم دعم من قيادات جبهة إسطنبول.
ووفق الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، فإن «شباب الإخوان في الخارج الآن في اتجاهين: الأول جمَّد عضويته في التنظيم، والثاني موجود في التنظيم؛ لكنه يُعاني بشكل كبير، وهذا ما دفع بعضهم إلى الانتحار أو التفكير في الانتحار»، موضحاً أن «الواقعة الأخيرة لوفاة أحد شباب تنظيم الإخوان المقيمين في تركيا -ويدعى عبد الرحمن هيثم زهران- ليست الأولى؛ لكنها ظهرت عقب تسليط الضوء عليها من قبل شباب التنظيم الذي لمَّح بعضهم إلى مُعاناتهم في الخارج»، لافتاً إلى أن «هناك من ينتحر من الشباب لكن في صمت، من دون أن يشعر به أحد، وهناك عدد آخر يصاب بالاكتئاب، ولا يوجد إحصاء حقيقي لمن أصيبوا بالاكتئاب من شباب التنظيم في الخارج».
وما زال الغموض يحيط بواقعة وفاة الشاب الإخواني عبد الرحمن، بعدما تداولت حسابات موالية لـ«الإخوان» على مواقع التواصل واقعة وفاته في منطقة شيرين إيفلر بمدينة إسطنبول، بسبب سقوطه من الطابق السابع، في العقار الذي كان يقيم فيه مع زملائه، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الوفاة بسبب «انتحاره نظراً لمروره بضائقة مالية» أو أنه قد «اختل توازنه فسقط».
وعقب الواقعة صعَّد شباب «الإخوان» ضد «قيادات الخارج» بالإعلان عبر رسائل على مواقع التواصل عن «جمع تبرعات لسداد ديون الشاب المتوفى».
في السياق، ذكر مصدر مطلع على شؤون «الإخوان» لـ«الشرق الأوسط»، أن «شباب كُثر في التنظيم يعانون بسبب أزمات مالية ومعيشية وإشكاليات بشأن الأوراق الثبوتية، وأن مجموعة من شباب التنظيم عقدوا قبل أشهر حلقة نقاشية على (كلوب هاوس) تحدثوا فيها عن معاناتهم بشكل صريح، وأزماتهم بسبب صراع جبهتي لندن وإسطنبول».


مقالات ذات صلة

مصر: وفاة 8 وإصابة 12 في حادث تصادم قطار بحافلة

شمال افريقيا صورة نشرتها وسائل إعلام مصرية من موقع حادث التصادم

مصر: وفاة 8 وإصابة 12 في حادث تصادم قطار بحافلة

لقي 8 أشخاص، بينهم أطفال، حتفهم، وأصيب 12 آخرون، إثر اصطدام قطار بحافلة صغيرة، الخميس، في محافظة الإسماعيلية بشمال شرقي مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الدخان يتصاعد بعد اصطدام سفينة شحن بناقلة تحمل وقود الطائرات قبالة شرق إنجلترا (أ.ب)

لا دليل على عمل تخريبي في اصطدام سفينتين قبالة سواحل بريطانيا

استمرت الحرائق، الثلاثاء، بعد اصطدام سفينتين قبالة سواحل شمال شرقي إنجلترا؛ ما اثار مخاوف من كارثة بيئية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا مقتل 12 راكباً بعد القفز من عربات قطارهم في الهند (أرشيفية - رويترز)

الهند: مصرع 12 راكباً على الأقل بعد القفز من القطار بسبب تحذير من حريق

لقي 12 راكباً على الأقل حتفهم، اليوم الأربعاء، بعدما صدمهم قطار آخر على المسار الموازي غربي الهند، لقفزهم من عربات قطارهم مذعورين.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
العالم العربي طورت وزارة الداخلية مراكز الإصلاح والتأهيل في السنوات الماضية (وزارة الداخلية - أرشيفية)

«الداخلية المصرية» تنفي إضراب نزلاء «مراكز الإصلاح» عن الطعام

نفت وزارة الداخلية المصرية، ما وصفته بـ«ادعاءات»، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلق بإضراب عدد من نزلاء أحد مراكز «الإصلاح والتأهيل» عن الطعام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج جاء القرار في إطار حرص الإمارات على تعطيل الشبكات المرتبطة بتمويل الإرهاب (وام)

الإمارات تدرج 19 فرداً وكياناً على قوائم الإرهاب

قرر مجلس الوزراء الإماراتي إدراج 11 فرداً و8 كيانات على قوائم الإرهاب المحلية لارتباطهم بتنظيم «الإخوان المسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

إعلام حوثي: 8 غارات أميركية تستهدف محيط صعدة وسقوط جرحى

جانب من الدمار اللاحق بأحد المواقع الذي تعرض لغارات في صنعاء (أ.ف.ب)
جانب من الدمار اللاحق بأحد المواقع الذي تعرض لغارات في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إعلام حوثي: 8 غارات أميركية تستهدف محيط صعدة وسقوط جرحى

جانب من الدمار اللاحق بأحد المواقع الذي تعرض لغارات في صنعاء (أ.ف.ب)
جانب من الدمار اللاحق بأحد المواقع الذي تعرض لغارات في صنعاء (أ.ف.ب)

أفاد الإعلام التابع للحوثيين ليل الاثنين بوقوع غارات على محافظة صعدة معقل المتمردين في شمال اليمن.

وأوردت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين وقوع «عدوان أميركي استهدف بـ8 غارات محيط مدينة صعدة»، مضيفة أن القصف خلّف جرحى. كما نقلت عن مراسلها في صعدة أن «عدوانا أميركيا استهدف بغارة منطقة الصبر بمديرية كتاف» في محافظة صعدة.

وأبلغ شهود عيان وكالة الصحافة الفرنسية بأنهم سمعوا غارات جوية «شديدة الانفجار» في مناطق متفرقة من صعدة، مضيفين أن تحليق الطيران لا يزال مستمرا. وأعلن الحوثيون أن عدد ضحايا الضربات التي طالت صنعاء ليل الأحد ونسبوها إلى الولايات المتحدة، ارتفع إلى قتيلين.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة للمتمردين أنيس الأصبحي في منشور على منصة إكس «ارتفع عدد الشهداء إلى شهيدين في العدوان الأميركي الذي استهدف مبنى في حي سكني في منطقة عصر بمديرية معين بالعاصمة صنعاء يوم الأحد».

ومنذ 15 مارس (آذار)، تشنّ الولايات المتحدة ضربات جوية كثيفة ضد الحوثيين الذين قالوا إنهم ردّوا باستهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر مرات عدة. وأفاد مسؤول عسكري بأن «القيادة العسكرية المركزية الأميركية للشرق الأوسط (سنتكوم) تشن كل نهار وكل ليلة ضربات على مواقع عدة للحوثيين المدعومين من إيران».

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي أنه أمر الجيش بشن عملية عسكرية ضد الحوثيين في اليمن.

وقالت قناة (المسيرة) أمس إن أربعة قتلى سقطوا في هجوم أميركي استهدف مبنى سكنيا في مديرية معين بصنعاء.