رحلة منطقة الكاريبي من الاستعمار إلى الاستقلال

كينغستون عاصمة جاميكا
كينغستون عاصمة جاميكا
TT

رحلة منطقة الكاريبي من الاستعمار إلى الاستقلال

كينغستون عاصمة جاميكا
كينغستون عاصمة جاميكا

تمثل منطقة البحر الكاريبي واحدة من أكثر المناطق حملاً لندوب وبصمات حقبة النفوذ الاستعماري الغربي، ولا تزال بعض جزر تلك المنطقة تابعة لدول أوروبية حتى اليوم، رغم نيل العديد من دول المنطقة استقلالها منذ منتصف القرن الماضي.
تقع منطقة الكاريبي إلى الجنوب الشرقي من أميركا الشمالية وشمال أميركا الوسطى والجنوبية، وهي تضم نحو 7000 جزيرة، متفاوتة المساحة والتبعية السياسية. ويكشف تاريخ «الكاريبي» عن المراحل التي عاشتها المنطقة في ظل الصراعات الاستعمارية للقوى الأوروبية منذ القرن الخامس عشر، عندما بدأ كريستوفر كولومبوس رحلته الاستكشافية للعالم الجديد، فاتحاً الطريق أمام غزو السفن الأوروبية لأراضي تلك المنطقة البكر. ولقد كان لإسبانيا والبرتغال النصيب الأوفر من الهيمنة على جزر تلك المنطقة، إلا أن قوى أوروبية أخرى، وتحديداً بريطانيا وهولندا وفرنسا، لم ترد أن تخرج صفر اليدين في معركة تأسيس المستعمرات، وحولت تلك الرغبة الغربية المحمومة في استغلال ثروات العالم الجديد، منطقة الكاريبي إلى ساحة نزال خلال الحروب الأوروبية التي طالت لقرون.

كريستوفر كولومبوس

معظم مستعمرات «أميركا الإسبانية» استقلت عن الإمبراطورية الإسبانية بعد حروب الاستقلال في أوائل القرن التاسع عشر، وبقيت كوبا وبورتوريكو فقط تحت التاج الإسباني إلى حين اندلاع الحرب الأميركية - الإسبانية عام 1898، ومن ثم، أرست القوى الأوروبية الأخرى وجودها في الكاريبي بعد تهاوي الإمبراطورية الإسبانية، ويرجع ذلك جزئياً إلى انخفاض عدد السكان الأصليين في المنطقة بسبب الأمراض التي جلبها المستعمرون الأوروبيون إلى تلك الأراضي الجديدة. وحل الهولنديون والفرنسيون والبريطانيون محل بعضهم بعضاً في تلك المنطقة وأسسّوا وجوداً طويل الأمد، جالبين ملايين العبيد من أفريقيا لدعم نظام المزارع الاستوائية الذي انتشر في جزر الكاريبي.
ولكن، خلال القرن العشرين توالى استقلال دول الكاريبي، فاستقلت باربادوس عام 1966، ثم تحولت إلى الجمهورية عام 2021، وسبقتها غيانا إلى ذلك عام 1970، وترينيداد وتوباغو 1976، والدومينيكان 1978. وفي المقابل، احتفظت قوى أوروبية بحكمها للعديد من جزر الكاريبي. فلا تزال هولندا تحكم بعض الجزر الصغيرة، بينما تتبع فرنسا بضع جزر، أهمها الغوادلوب والمارتينيك، وتهيمن الولايات المتحدة على إدارة بورتوريكو والجزر العذراء الأميركية. أما بريطانيا - أكثر القوى الاستعمارية القديمة حضوراً في منطقة الكاريبي - فتحتفظ بحكم الجزر العذراء البريطانية وأنغويلا وجزر كايمان ومونتسرات وتوركس وكايكوس. وللعلم، فقد التاج البريطاني العديد من مناطق نفوذه في الكاريبي وأميركا الوسطى، بجانب باربادوس - 6 دول من جزر الكاريبي استقلت أو على طريق الاستقلال، منها بليز، وجامايكا، وجزر الباهاما، وغرينادا. ولقد أعلن جاستن براون، رئيس وزراء جزيرتي أنتيغوا وبربودا (دولة صغيرة عدد سكانها 100 ألف نسمة) عزمه إجراء استفتاء للتحول إلى جمهورية في غضون السنوات الثلاث المقبلة.
هذا، وخلال جولة قام بها الأمير وليام، حفيد الملكة إليزابيث، في مارس (آذار) الماضي - قبل توليه ولاية عهد بريطانيا - إلى منطقة الكاريبي، قال، إنه يدعم أي قرار تتخذه دول الكاريبي بشأن مستقبلها ويحترمه. إلا أن كلامه لم يخفف من حدة الاحتجاجات التي واجهها في دول عدة، منها جامايكا، والمطالبات لبريطانيا بدفع تعويضات، والاعتذار عن العبودية والاتجار بالبشر الذي أدى إلى جلب مئات الآلاف من الأفارقة إلى الجزيرة للعمل في ظل ظروف غير إنسانية.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

 زارا فاغنكنيشت (رويترز)
زارا فاغنكنيشت (رويترز)
TT

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

 زارا فاغنكنيشت (رويترز)
زارا فاغنكنيشت (رويترز)

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في المائة مقابل 33 في المائة للديمقراطيين المسيحيين، و15 في المائة للاشتراكيين، و11 في المائة لحزب «الخضر».

لكن اللافت أن الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي لا يحظى حتى الآن بنسبة كافية لدخوله البرلمان الفيدرالي، فتأييده يقف عند 4 في المائة فقط، علماً بأن القانون يشترط الـ5 في المائة حداً أدنى لدخول البرلمان. كذلك سقط حزب «دي لينكا» اليساري المتشدد دون عتبة الـ5 في المائة، إذ يسجل حالياً نسبة تأييد لا تزيد على 3 في المائة بعد انقسامه، وتأسيس زارا فاغنكنيشت حزبها الشعبوي الخاص، الذي لا يبدو أيضاً -حسب الاستطلاعات- أنه سيحصل على نسبة أعلى من 4 في المائة. بالتالي، إذا صدقت هذه الاستطلاعات، فإن أربعة أحزاب فقط ستدخل البرلمان المقبل من أصل سبعة ممثَّلة فيه اليوم. وسيقلص هذا الاحتمال الخليط المحتمل للمشاركة في الحكومة الائتلافية القادمة، بسبب رفض كل الأحزاب التحالف مع حزب «البديل لألمانيا» رغم النسبة المرتفعة من الأصوات التي يحظى بها. وعليه، قد يُضطر الديمقراطيون المسيحيون إلى الدخول في ائتلاف مع الاشتراكيين و«الخضر» مع أنهم يفضلون أصلاً التحالف مع الليبراليين الأقرب إليهم آيديولوجياً.