التباين يتسع بين «الوطني الحر» و«القوات»... والحرب الإعلامية تحتدم

يلتقيان على «مسلّمات دستورية» ورفض انتخاب فرنجية

النائب والمرشح للرئاسة ميشال معوض في حديث مع نواب في البرلمان خلال جلسة أول من أمس (إ.ب.أ)
النائب والمرشح للرئاسة ميشال معوض في حديث مع نواب في البرلمان خلال جلسة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

التباين يتسع بين «الوطني الحر» و«القوات»... والحرب الإعلامية تحتدم

النائب والمرشح للرئاسة ميشال معوض في حديث مع نواب في البرلمان خلال جلسة أول من أمس (إ.ب.أ)
النائب والمرشح للرئاسة ميشال معوض في حديث مع نواب في البرلمان خلال جلسة أول من أمس (إ.ب.أ)

تتسع مساحة التباعد بين القوتين المسيحيتين «التيار الوطني الحرّ» وحزب «القوات اللبنانية» حول مقاربة الملفات السياسية، وعلى رأسها استحقاق الانتخابات الرئاسية، فيقدّم كلّ منهما رؤيته للرئيس العتيد، وكيفية إدارة الدولة خلال العهد الجديد.
ورغم التباين الحادّ والحرب الإعلامية بينهما، يسعى «التيار الوطني الحرّ» للتقارب مجدداً وفتح قنوات التواصل، علّه ينجح في إحياء «تفاهم معراب» الذي أوصل ميشال عون إلى قصر بعبدا قبل 6 سنوات، لعلّه يمهّد لتكرار التجربة مع جبران باسيل، لكن الأجواء توحي بأن قيادة «القوات اللبنانية» أقفلت كلّ خطوط التواصل مع هذا الفريق بعد التجربة المرّة التي عايشتها مع ولاية ميشال عون، والتي لا تقبل تكرارها تحت أي ظرف.
وانطلاقاً من مقولة «لا خصومة دائمة ولا صداقة دائمة في السياسة»، لا يستبعد مراقبون إمكانية التفاهم مجدداً بين الفريقين، فالاستحقاق الرئاسي لا يمكن إنجازه ما لم يحظَ الرئيس العتيد بقبول أحد الطرفين. ويتحدّث هؤلاء عن «أرضية يمكن أن تؤسس للتقارب بينهما، بدءاً من نظرتهما المشتركة لحتميّة انعقاد البرلمان اللبناني بأكثرية الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية، ورفضهما تشريع الضرورة باعتبار أن البرلمان تحوّل إلى هيئة ناخبة بعد الشغور الرئاسي، والتوافق على ألّا تستولي حكومة تصريف الأعمال على صلاحيات رئيس الجمهورية وتمارسها من دون ضوابط».
تلاقي الطرفين على مسلّمات دستورية لا يعني إمكانية التقاطع على الملفات الخلافية، وأهمها انتخاب الرئيس ومسار بناء الدولة، ويرى عضو كتلة «الجمهورية القويّة» النائب غياث يزبك، أن «الاتفاق على نصاب جلسات الانتخاب يندرج ضم البديهيات الدستورية، وبخلفية طمأنة المسيحيين، لكن عندما نصل إلى التنفيذ نتناقض في كلّ شيء؛ لأن (التيار) لا يعني ما يقوله». ويقول يزبك لـ«الشرق الأوسط»: «لو كانوا يحترمون رئاسة الجمهورية لما صوّتوا بالورقة البيضاء، هم يريدون رئيساً توافقياً اسمه جبران باسيل، ونحن نريد رئيساً سيادياً اسمه ميشال معوض»، معتبراً أن «محاولة انفتاح (التيار الحرّ) على (القوات) وقوى سياسية أخرى، لها تفسير واحد هو رفض (حزب الله) ترشيح جبران باسيل لرئاسة الجمهورية».
وكانت قيادة «القوات اللبنانية» رفضت استقبال وفد نيابي يمثل «الوطني الحر»، لمناقشة الأولويات الرئاسية، من دون أن تبرر الأسباب، ويذكّر النائب غياث يزبك، بأنه «في عام 2016 توجهوا إلى معراب (مقرّ قيادة القوات اللبنانية) من أجل الوصول إلى رئاسة الجمهورية، وبعد انتخاب ميشال عون تنصّلوا من كلّ شيء، واليوم يريدون أن يصلوا مجدداً إلى قصر بعبدا، وإذا تطلب الأمر يذهب جبران إلى معراب ويبيت فيها أياماً طويلة من أجل ضمان انتخابه رئيساً، فلن يتردد».
ويضيف يزبك: «نحن نريد الرئيس القوي بالدستور وبالدولة، وهم يريدون الرئيس المستقوي بالدويلة». ويلفت إلى أن «جبران باسيل وعمه (ميشال عون) يجسدان النموذج الفاقع لرجل السلطة، وليس رجل الدولة الذي يحمي نفسه»، مبدياً أسفه لأن «الدولة لا تقوم الآن على مفاهيم دستورية، بل على مفهوم يحكمه (حزب الله)، عبر ممارسة الغلبة بواسطة السلاح».
وتتقاطع مصلحة «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» على رفض انتخاب رئيس تيّار «المردة»، النائب السابق سليمان فرنجية، وعلى اعتراضهما على أي مرشّح لا يحظى بتمثيل شعبي، أو بغطاء سياسي من أحدهما، ويؤكد عضو المجلس السياسي في «التيار الوطني الحرّ»، وليد الأشقر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «محاولة انفتاح (التيار الوطني الحرّ) على (القوات اللبنانية) تأتي في سياق إعطاء الانتخابات الرئاسية الأولوية، لكونها تتقدّم على تشريع الضرورة، أو عمل حكومة تصريف الأعمال». ويبدي أسفه لأن «القوات اللبنانية»، «تتعامل مع (التيار) بخلفية النكد السياسي الذي اعتادت على ممارسته، ولذلك رفضوا استقبال وفد (التيار) للتباحث في ملفّ الاستحقاق الرئاسي».
وشهدت علاقة الطرفين انتكاسة كبرى إثر اندلاع انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، التي استقال على أثرها وزراء «القوات اللبنانية» من الحكومة، وإعلان الأخيرة دعمها لـ«الثورة وعدم الانخراط في حكومتي حسان دياب ونجيب ميقاتي اللتين مثّلتا فريق (8 آذار)»، إلّا أن العلاقة بلغت حدّ الافتراق التام قبيل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، خصوصاً بعد الإشكالات بين الطرفين في الجامعات والمناطق المختلطة، لكنّ وليد الأشقر يشدد على أن «التواصل موجود بشكل دائم بين الطرفين عبر النائب إبراهيم كنعان (عضو تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه باسيل)، والنائب ملحم رياشي (عضو كتلة «الجمهورية القوية»)». ويتابع: «رغم كل الأزمات بقيت شعرة معاوية موجودة بين الطرفين، كما أن اتصالات كنعان ورياشي المتواصلة تستخدم أحياناً لتهدئة أجواء معينة». ويشير الأشقر إلى أن «التيار»، «يريد رئيساً يحظى بتمثيل شعبي وازن، وإذا قرر أحد الطرفين دعم هذا المرشّح، يعني أن الحيثية الشعبية جيّرت له»، مؤكداً أن «هذه الورقة لن نعطيها لسليمان فرنجية؛ لأنه لا يتمتع بالمؤهلات التي تضمنتها ورقتنا الرئاسية، ولا يلتزم ببنودها، وكلّ المحاولات التي تجري لا توصل إلى رئيس للجمهورية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«ضغوط وعراقيل» تكبح التفاؤل بـ«هدنة غزة»

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

«ضغوط وعراقيل» تكبح التفاؤل بـ«هدنة غزة»

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

رغم تواصل جهود الوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، بتحفيز أميركي قوي، عاد الحديث عن «ضغوط وعراقيل»، ما يفتح تكهنات كثيرة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام، عبر جولات سابقة عادةً «ما تعثَّرت في محطاتها الأخيرة».

قد لا يصل الأمر إلى تعثر كامل، بل إلى تأخير ومماطلة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدفع توقيت الاتفاق إلى أقرب ما يمكن من سقف 20 يناير (كانون الثاني)، موعد تنصيب دونالد ترمب رئيساً لأميركا، آملاً في تحقيق مزيد من المكاسب ومواصلة الاستهداف العسكري لغزة و«حماس»، التي أكدت أمس انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان... وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».