منذ عدة أيام يتجول عضو مجلس السيادة السوداني إبراهيم جابر في مجموعة دول شرق أفريقيا «إيقاد»، يلتقي الرؤساء والمسؤولين في هذه البلدان ويسلمهم «رسائل خطية» من رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وهي جولة بدأت قبل عدة ساعات من إعلان المعارضة عن اقتراب توقيع اتفاق إطاري تعود بموجبه السلطة في السودان إلى المدنيين، ويذهب العسكريون إلى ثكناتهم في «مجلس الأمن والدفاع». وترجح عدة مصادر أن إبراهيم جابر «المقرب من الإسلاميين لن يكون أحد أعضاء مجلس الأمن والدفاع، المرتقب».
ويترأس السودان الدورة الحالية للهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا، المعروفة اختصاراً بـ«إيقاد»، والتي عادةً ما يترأسها رؤساء الحكومات. ولكن بعد استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الذي خاضت حكومته معركة دبلوماسية شرسة لنيل رئاسة المنظمة، أصبح رئيس مجلس السيادة الحالي الفريق البرهان، بحكم الأمر الواقع، رئيساً للمنظمة الإقليمية. وحسب إعلام مجلس السيادة فإن زيارة جابر تتضمن دول «إيقاد» كافة، وهي: جيبوتي، والصومال، وإثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، وإريتريا، وجنوب السودان، ويوجد مقرها في دولة جيبوتي.
رسمياً، قال مجلس السيادة في نشرة صحافية، إن جابر يحمل «رسائل خطية» من البرهان لرؤساء تلك الدول، لكن النشرة لم تكشف طبيعة أو محتوى تلك الرسائل، واكتفت بالقول إنها تتناول «تعزيز العلاقات وسبل دعمها وتطويرها، وترقية التعاون المشترك في مختلف المجالات، إلى جانب تبادل الرؤى والأفكار حول التحديات، التي تواجه دول الإقليم والعالم وفي مقدمتها تغير المناخ والتصحر والنزاعات». ولكن ما لفت نظر الكثيرين في السودان هو اختيار جابر بالاسم للقيام بالجولة ضمن الظرف السياسي الذي تعيشه البلاد، إذ يعده الكثيرون في السودان «رجل الإسلاميين الأساسي في مجلس السيادة»، كما أنه يترأس هيئة استئناف قرارات لجنة تفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير المجمدة، التي أعادت كوادر نظام البشير للخدمة المدنية بعد أن كانوا قد أُبعدوا من الخدمة بعد سقوط نظامهم في 11 أبريل (نيسان) 2019، بل أُعيدت لهم ممتلكاتهم ومنظماتهم.
وقال المحلل السياسي محمد لطيف لـ«الشرق الأوسط»، إنه في حال النظر للجولة بحُسن ظن، فإنها قد تكون بغرض شرح التطورات السياسية الجارية في السودان لقادة الدول الأعضاء في «إيقاد»، ولكن «الرسائل الخطية لا تحتاج إلى مثل هذه الجولة، بل جرت العادة أن ينقلها السفراء أو حتى مبعوثون بمستويات أدنى». ويرجح لطيف احتمال أن يكون الهدف من الجولة إشغال الرجل وإبعاده من المشهد داخل السودان مؤقتاً، لا سيما أن هناك توقعات بتحولات دراماتيكية في المشهد السياسي في البلاد، ولن يكون لجابر دور فيها. وأضاف: «تتردد معلومات أن جابر لن يكون عضواً في مجلس الأمن والدفاع المرتقب، والذي يتوقع أن يضم كلاً من شمس الدين الكباشي وياسر العطا إلى جانب البرهان وحميدتي، وهذا يجعل من جولة جابر كأنها إشغال له لحين اكتمال ترتيب مغادرته المشهد».
كانت «الخارجية السودانية» قد نقلت أن جولة جابر ستتناول أيضاً النتائج المرتقبة لاجتماع وزراء «إيقاد» المقرر عقده في الخرطوم في 30 من الشهر الجاري، عوضاً عن الحديث عن «جدول أعمالـ» دون الكشف عن توقعات الحكومة السودانية بشأن الاجتماع. و«إيقاد» هي المنظمة الأفريقية الوحيدة التي يحتفظ السودان بوجود فاعل فيها منذ إجراءات 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 التي تولى فيها الجيش الحكم وحل الحكومة المدنية، مما تسبب في تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي الذي عدّ ما حدث «انقلاباً عسكرياً» أطاح بالحكومة المدنية، استناداً إلى لوائحه التي تنص على تجميد عضوية كل دولة يحدث فيها انقلاب عسكري، وهو ما يجعل تحركات جابر كأنها محاولة لحشد التأييد لأعضاء الاتحاد الأفريقي لدعم موقف الخرطوم. وتأتي جولة جابر الحالية، إكمالاً لجولات أفريقية كثيرة، آخرها كانت للغرب الأفريقي، وراج وقتها أن السودان يسعى لحشد المؤيدين له داخل الاتحاد الأفريقي، لاسترداد عضويته المجمدة في المنظمة منذ أكثر من عام، لكن التقارير الرسمية لم تشر إلى أن ذلك ضمن أهداف الجولة الحالية.
ماذا وراء جولة عضو مجلس السيادة السوداني لدول «إيقاد»؟
(تحليل إخباري)
ماذا وراء جولة عضو مجلس السيادة السوداني لدول «إيقاد»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة