اعتراف أميركي بأول منتج لحم مزروع

اللحم المزروع الذي أنتجه علماء من هولندا عام 2013 (رويترز)
اللحم المزروع الذي أنتجه علماء من هولندا عام 2013 (رويترز)
TT

اعتراف أميركي بأول منتج لحم مزروع

اللحم المزروع الذي أنتجه علماء من هولندا عام 2013 (رويترز)
اللحم المزروع الذي أنتجه علماء من هولندا عام 2013 (رويترز)

مثلما يغرس المزارع بذرة في الأرض، ويمنحها الاهتمام والرعاية حتى تصبح ثمرة صالحة للأكل، فإن الأمر نفسه يحصل في تقنية «اللحوم المستنبتة»، التي قد تقضي قريباً على الشكل التقليدي لتربية الدواجن والماشية الصالحة للأكل. والبذرة في الكائن الحي هي الخلايا الجذعية التي يحصل عليها الباحثون ثم يقومون بتنميتها في المختبر على مدار الأسابيع لتنتج لحماً صالحاً للأكل.
وعملت أكثر من فرقة بحثية حول العالم على هذه الفكرة، وأنتج فريق من العلماء الهولنديين عام 2013 أول لحم مستنبت، غير أن شركة أميركية أخذت الفكرة من نطاق المختبرات إلى التصنيع التجاري، وحصلت مؤخراً على اعتراف من إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وأعلنت الإدارة، الخميس، أن الدجاج الصديق للبيئة الذي تصنعه شركة «أبسايد فودز» ومقرها كاليفورنيا آمن للأكل. وقالت، في بيان: «هدفنا هو دعم الابتكار في تقنيات الغذاء مع الحفاظ دائماً على إنتاج غذاء آمن كأولويتنا، ويجب أن يلبي الطعام البشري المصنوع من خلايا الحيوانات المستزرعة المتطلبات الصارمة نفسها، بما في ذلك متطلبات السلامة، مثل جميع الأطعمة الأخرى».
ويأتي هذا الاعتراف من إدارة الغذاء والدواء الأميركية بعد مراجعة عملية الإنتاج وضوابط التصنيع، وتحتاج شركة «أبسايد فودز»، قبل الموافقة على بيع منتجاتها، إلى مراجعة من خدمة سلامة الأغذية والتفتيش بوزارة الزراعة الأميركية لمنشآتها التصنيعية.
من جانبه، وصف أوما فاليتي، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة «أبسايد فودز»، الاعتراف الرسمي من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، بأنه «لحظة فاصلة في تاريخ الغذاء». وقال فاليتي، لشبكة «سي بي إس نيوز»، الخميس، إن منشأة الشركة في كاليفورنيا يمكن أن تنتج أكثر من 50 ألف رطل من الدجاج سنوياً.
وفاليتي، هو طبيب قلب في الأساس، وأثناء العمل في مختبرات مستشفى مايو كلينيك نجح في زراعة خلايا القلب البشري في المختبر، ومن ثم قام باستغلال تلك الخبرة في استزراع اللحوم الصالحة للأكل.
وتشجع إدارة الغذاء والدواء المزيد من الشركات لتطوير أغذية الخلايا الحيوانية المستزرعة، لكنها دعت، في بيان، الشركات إلى التواصل مع الإدارة في مرحلة مبكرة من عملية تطوير منتجاتها. وينظر خبراء الغذاء للتوسع في هذه المنتجات، على أنها وسيلة لمواجهة الضغط على استهلاك اللحوم بالشكل التقليدي، الذي يتزايد طردياً بازدياد عدد السكان، كما أن هذه المنتجات توفر اللحوم من دون تلويث للبيئة؛ حيث تعد الماشية مسؤولة عن نسبة كبيرة من انبعاثات الميثان.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.