«انبعاثات القرم» حائرة بين روسيا وأوكرانيا في قمة المناخ

كييف تُتهم موسكو بـإضفاء «شرعية الاحتلال» بالتلوث

ثمرة البطيخ في الجناح الأوكراني تعبيراً عن الفرحة بالانسحاب الروسي من خيرسون (تويتر)
ثمرة البطيخ في الجناح الأوكراني تعبيراً عن الفرحة بالانسحاب الروسي من خيرسون (تويتر)
TT

«انبعاثات القرم» حائرة بين روسيا وأوكرانيا في قمة المناخ

ثمرة البطيخ في الجناح الأوكراني تعبيراً عن الفرحة بالانسحاب الروسي من خيرسون (تويتر)
ثمرة البطيخ في الجناح الأوكراني تعبيراً عن الفرحة بالانسحاب الروسي من خيرسون (تويتر)

تحاول الدول أن تعكس تقاريرها المقدمة سنوياً إلى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ما يعكس جهودها في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكن منذ عام 2016 تسعى أوكرانيا وروسيا لزيادة انبعاثاتهما، عبر ضم انبعاثات شبه جزيرة القرم، إلى تقريرهما الوطني.
وعلى خلفية الأزمة الروسية - الأوكرانية، التي بدأت في 24 فبراير (شباط) الماضي، اكتسبت هذه «المعركة المناخية» زخماً خاصاً، لا سيما بعد أن استطاعت أوكرانيا جذب انتباه المشاركين في القمة لتداعيات تلك الحرب على أراضيها.
ولم يترك الوفد الأوكراني المشارك في قمة المناخ مكاناً في الجناح الخاص به إلا ووضع فيه ما يشير إلى آثار تلك الحرب، بدايةً من جذع شجرة يحمل آثار الشظايا، مروراً برسوم الأطفال التي تعكس تطلعهم للسلام، وانتهاءً بعينات من التربة توثّق للمواد المستخدمة في الحرب.
بل إن كلمة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في اليوم الثالث من القمة وضعت الحرب في قلب العمل المناخي، عندما قال إن «الحرب جلبت أزمة غذاء حادة إلى العالم، كانت تأثيراتها أسوأ من التداعيات الحالية لتغير المناخ، كما أنه لا يمكن أن تكون هناك سياسة مناخية (فعالة) من دون السلام».
واستمرت أوكرانيا في جذب الانتباه، عندما أقامت (السبت) الماضي احتفالاً رمزياً في الجناح الأوكراني، بالانسحاب الروسي من خيرسون، وذلك بوضع حبة بطيخة على كرسي في مقدمة الجناح، في إشارة إلى تلك البلدة التي تشتهر بكونها عاصمة للبطيخ.
ورغم ذلك، لم يتغير شيء في ملف الأزمة المتكررة بشأن انبعاثات شبه جزيرة القرم، حيث كان الأوكرانيون يأملون في مواجهة تحديات أقل لاعتراضاتهم بشأن ضم شبة جزيرة القرم إلى الأرقام الروسية، وذلك بعد الحرب التي بدأت هذا العام، وما قاموا به من لفت انتباه العالم لآثارها المدمرة خلال قمة المناخ.
وقال رسلان ستريليتس، وزير حماية البيئة والموارد الطبيعية في أوكرانيا لـ«الشرق الأوسط»: «تكرر نفس السيناريو، وهو ضم روسيا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من القرم إلى تقريرها الوطني، وواصلنا بدورنا تقديم معلومات عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من القرم كانبعاثات من أوكرانيا».
واعترضت أوكرانيا كما هي عادتها خلال السنوات الماضية على أي وثيقة روسية تتضمن انبعاثات شبه جزيرة القرم، دون مذكرة مرجعية ذات صلة، تتضمن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القرم.
وأضاف ستريليتس: «منعنا وسنمنع النظر في إطار مؤتمرات المناخ لأي وثائق تحتوي أو تشير إلى معلومات إحصائية من الاتحاد الروسي، تشمل إحصاءات جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي ومدينة سيفاستوبول أو غيرها من الأراضي المحتلة مؤقتاً في أوكرانيا، دون مذكرة مرجعية ذات صلة، تنص على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة».
وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها (68-262) في 27 مارس (آذار) 2014، الذي اعترفت فيه بأن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم «غير قانوني»، وأن الأمم المتحدة تعدها جزءاً من أوكرانيا.
ووفق ستريليتس، فإن أي وثيقة روسية تقدَّم للمؤتمر متضمنةً شبه جزيرة القرم يجب أن تُلحق بها مذكرة توضيحية تتضمن القرار (68-262). ويضيف: «نتابع هذه القضية باستمرار ونحاول لفت الانتباه لها، لأن هذه هي الطريقة التي يشرّعون بها ببطء وبطريقة غامضة هذا الاحتلال غير الشرعي».
ولفت إلى أن هذه القضية ذات أهمية بالغة، لأنه «بموجب قرار مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، يجب على كل دولة الإبلاغ عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري داخل أراضيها الجغرافية، والقرم جزء من أوكرانيا، لذلك، سنواصل تقديم معلومات عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من القرم كجزء من انبعاثات أوكرانيا».
والمعركة حول انبعاثات القرم ليست الصراع الجيوسياسي الوحيد الذي يشق طريقه إلى عالم مفاوضات المناخ، لكنها حالة نادرة يتنافس فيها بلدان للحصول على الفضل في شيء ضار، فالصين مثلاً التي تدّعي أن تايوان تنتمي إليها، لا تُدرج الانبعاثات الصادرة من الجزيرة عالية التصنيع في أرقامها المناخية الرسمية، وذلك نظراً لأن بكين تمنع تايوان من المشاركة في محادثات المناخ الدولية، والنتيجة هي فجوة بحجم تايوان في إحصاءات الكربون، ما يقرب من 1 في المائة من الانبعاثات العالمية.
كما أن الأرجنتين لا تُدرج الانبعاثات الصادرة عن جزر فوكلاند في تقاريرها الخاصة، وتقتصر اعتراضاتها، فيما ترسله إلى الأمم المتحدة، على بعض العبارات الحادة حول ما تصفه بـ«الاحتلال البريطاني» لهذه الجزر التي تعدها الأرجنتين جزءاً منها.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.