فيما عده مراقبون «تطوراً لافتاً» يُعمّق الانقسامات داخل تنظيم «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً»، قررت «جبهة إسطنبول»، إحدى الجبهات المتصارعة على قيادة التنظيم، تعيين محمود حسين قائماً بأعمال مرشد «الإخوان» خلفاً لإبراهيم منير، الذي رحل في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو القرار الذي فسّره باحثون أصوليون بأنه «يشكل تحدياً لقرار جبهة لندن، التي كان يقودها إبراهيم منير، والتي عيّنت من قبل بشكل مؤقت، محيي الدين الزايط، قائماً بأعمال (المرشد)»، لافتين إلى أن «الصراع المتصاعد بين قيادات الخارج سوف يتعمق خلال الفترة المقبلة، خاصة أن هناك قائمَين بأعمال المرشد الآن، هما محمود حسين والزايط».
وكان صراع «قيادات الخارج» قد تعمّق كثيراً، عقب قيام إبراهيم منير في وقت سابق بحل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقام بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن مكتب إرشاد «الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن» لـ«مجلس شورى جديد»، وإعفاء أعضاء مجلس «شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين من مناصبهم. علماً بأنه تم تشكيل «شورى لندن» عقب خلافات مع «جبهة إسطنبول» بسبب قيام «مجلس شورى إسطنبول» بتشكيل «لجنة للقيام بأعمال المرشد»، بقيادة مصطفى طُلبة، وعزل إبراهيم منير من منصبه؛ إلا أن «جبهة لندن» عزلت طُلبة، معلنة عدم اعترافها بقرارات «جبهة إسطنبول».
وأعلنت «جبهة لندن»، التي يقيم غالبية أعضائها في العاصمة البريطانية، بعد رحيل منير أن «اجتماعات الجبهة منعقدة لترتيب الأوضاع»، وأن منير «كلّف في حياته الزايط (نائب رئيس «الهيئة العليا» بتنظيم «الإخوان» التي تقوم بمهام مكتب الإرشاد) بمساعدته في ترتيب الأمور الإدارية». إلا أن «جبهة إسطنبول» ذكرت في بيان لها، أمس، أن «مجلس الشورى العام» (تابع لجبهة إسطنبول) «درس في جلسة له تطورات أوضاع الإخوان الداخلية، ونظر في مذكرة مقدمة من اللجنة القائمة بأعمال المرشد، بشأن تفعيل العمل بالمادة الخامسة من اللائحة العامة للتنظيم».
وذكرت الجبهة، أن اللائحة تنص على أنه «في حال حدوث موانع قهرية، تحول دون مباشرة المرشد مهامه، يحل محله نائبه الأول، ثم الأقدم فالأقدم من النواب، ثم الأكبر فالأكبر من أعضاء مكتب الإرشاد». وتابعت الجبهة موضحة، أنه «طالما لا يوجد حالياً من أعضاء مكتب الإرشاد، بعد حبس محمود عزت، سوى محمود حسين، فقد قرر المجلس أن يتولى الأخير مهام القائم بأعمال المرشد العام للإخوان».
ووفق الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي، عمرو عبد المنعم، فإن «إعلان جبهة إسطنبول تعيين محمود حسين، هو تحدٍ لقرار جبهة لندن، التي عينت من قبل الزايط»، لافتاً إلى أن التنظيم «أصبح له بذلك قائمان بأعمال المرشد، واحد في لندن، والآخر في إسطنبول»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا التطور الكبير سوف يعمّق الخلافات داخل الإخوان، وسوف يدفع جبهة لندن إلى الدفاع عن المنصب، الذي كان يشغله منير في السابق، والزايط حالياً بشكل مؤقت»، متوقعاً أن «تُصعّد مجموعة لندن، وتعلن عن إجراءات جديدة تخص منصب القائم بأعمال المرشد خلال الساعات المقبلة».
ويأتي الإعلان عن تنصيب محمود حسين، بعد ساعات من تبادل الاتهامات والتلاسن بين قيادات الإخوان في الخارج، وذلك إثر «فشل» دعوتهم للتظاهر في الحادي عشر من الشهر الحالي. وقال خبراء، إن «التلاسن كان متوقعاً بسبب أن كل جبهة تحاول أن ترفع يدها عن أسباب فشل هذه المظاهرات».
وكشفت تسريبات مقاطع فيديو لعناصر من «الإخوان»، عن أسباب فشل الدعوة للتظاهر، وحملت اتهامات لبعص عناصر التنظيم بالتسبب في فشلها. في حين تبادلت جبهات «الإخوان» الثلاث المتصارعة، وهي «جبهة لندن»، و«مجموعة إسطنبول»، و«تيار التغيير» الاتهامات بالمسؤولية حول فشل الدعوة للتظاهر.
وقال الخبير المصري في مجال مكافحة الإرهاب الدولي، العقيد حاتم صابر، إن «التلاسن بين جبهات الإخوان في الخارج أمر طبيعي؛ بسبب فشلهم في الحادي عشر من الشهر الحالي، وظهور التنظيم على حقيقته، بعدم وجود تأييد له في الشارع المصري».
وأضاف صابر موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «صراع جبهات الإخوان سوف يستمر خلال الفترة المقبلة، في محاولة لـتبيض الوجه»، لافتاً إلى أن «هناك خلافات كبيرة بين الجبهات المتصارعة على (الإخوان) بسبب فشل الدعوات للمظاهرات».
من جهته، ذكر الباحث المصري في الشأن الأصولي، أحمد زغلول، أن «التلاسن بين الإخوان هو محاولة لغسل صورة الجبهات الإخوانية، وإبعاد الفشل عنها. فكل جبهة تحاول أن تحمّل الأخرى أسباب الفشل، وهو ما خلق تلاسناً كبيراً داخل التنظيم»، مضيفاً أن «التنظيم في أزمة منذ سنوات، وقد زادت هذه الأزمة بعد رحيل إبراهيم منير، وبالتالي فشل الإخوان في الحشد للتظاهر يوم 11 نوفمبر الحالي، مثلما فشلوا من قبل في لمّ شمل الجبهات المتصارعة على قياداته، وهو ما ظهر اليوم (أمس الأربعاء) في تعيين محمود حسين، رغم وجود الزايط في منصب قائم بأعمال المرشد».
ولفت زغلول لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الصراع داخل التنظيم «سوف يستمر خلال الفترة المقبلة، وقد يتعمق خاصة في حال فشل جبهة لندن في اختيار قائم لأعمال المرشد بشكل رسمي، ووقتها قد تظهر مجموعة جديدة تتصارع على قيادة التنظيم».
«جبهة إسطنبول» تُعيّن محمود حسين قائماً بأعمال مرشد «الإخوان»
باحثون أصوليون عدّوه «تحدياً لقرار جبهة لندن»
«جبهة إسطنبول» تُعيّن محمود حسين قائماً بأعمال مرشد «الإخوان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة