بينما جدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضمناً الاتهامات للولايات المتحدة بسبب دعمها لوحدات «حماية الشعب» الكردية في سوريا، معتبراً أنها شريك في كل قطرة دم أريقت في التفجير الإرهابي في شارع الاستقلال بميدان تقسيم بإسطنبول، كشفت مصادر أمنية عن استمرار البحث عن شخص سوري يدعى بلال حسن كان يقيم في منزل واحد مع أحلام البشير منفذة التفجير الذي وقع الأحد الماضي، وأسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 81 آخرين.
وقال إردوغان إن «الجهات التي تدعم الوحدات الكردية وحزب العمال الكردستاني بحجة محاربة (داعش) هي أيضا شريكة في كل قطرة دم أريقت».
وتعتبر الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، حليفاً وثيقاً في الحرب على «تنظيم داعش» الإرهابي وتمدها بالأسلحة، وهو ما يثير غضب تركيا التي تعتبر الوحدات الكردية امتداداً في سوريا لحزب «العمال الكردستاني»، المصنف كتنظيم إرهابي.
وأضاف إردوغان، في مؤتمر صحافي عقده على هامش مشاركته في قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا الأربعاء، أن الإرهابيين لن يستطيعوا الهروب من النهاية المؤلمة التي تنتظرهم مهما فعلوا، وأيا كانت الجهات التي يختبئون وراءها.
وتابع أن تركيا تنتظر من جميع أصدقائها وحلفائها أن يدعموا بصدق نضالها المشروع لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن التحقيقات في تفجير تقسيم الإرهابي لا تزال جارية، وعلى العالم كله أن يدرك أن تركيا ستقوم بما يلزم في ضوء ما ستظهره التحقيقات.
البحث عن الشريك
وفي إطار التحقيقات الجارية حول التفجير، حددت سلطات التحقيق العقل المدبر للتفجير، وهو السوري عمار جركس، الذي تم القبض عليه وشقيقه أحمد جركس، الثلاثاء، في أدرنة شمال غربي تركيا وهما يحاولان الهروب إلى بلغاريا، وتبين أنه كان يتواصل مع من أصدروا الأوامر بتنفيذ التفجير في القامشلي في سوريا.
ونقلت صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية، الأربعاء، أن أجهزة الأمن تكثف البحث عن شريك منفذة التفجير أحلام البشير، ويدعى بلال حسن، الذي أوصله الأخوان جركس إلى مدينة أدرنة من أجل دخول بلغاريا بطرق غير مشروعة، وتبين أن عمار جركس لديه سجل سابق في تهريب البشر.
وكشفت مصادر التحقيق أن عمار جركس يملك وشقيقه أحمد مشغل خياطة عملت فيه البشير، التي دخلت تركيا بطريقة غير مشروعة عبر الحدود مع سوريا منذ حوالي عام، وكذلك شريكها بلال حسن في إطار التمويه، وأنهما كانا يقيمان معاً في منزل آخر في حي أسنلر، وقاما بعملية استطلاع على مدار 3 أيام في شارع الاستقلال، بسيارة أجرة غير مرخصة، ودائما كانا يتظاهران بأنهما زوجان ويعملان بمصنع نسيج.
وتبين أيضا أن المنزل الذي اعتقلت فيه البشير عقب تنفيذها التفجير الإرهابي، والذي يقع في منطقة كوتشوك تشكمجه هو منزل يستخدمه مهربو البشر من أجل نقل المهاجرين غير النظاميين من السوريين والأفغان وغيرهم إلى أوروبا كمحطة أخيرة، وتقيم فيه شقيقة عمار وأحمد جركس وعائلتها بشكل دائم منذ أكثر من 10 سنوات. وقال أحد الجيران، وهو سوري يدعى محمود، إن من جلب أحلام البشير إلى المنزل هي جارتهم شقيقة عمار جركس، وكانت البشير ترتدي ملابس سوداء، وعندما سألت والدته شقيقة جركس عنها قالت إنها ضيفة ستبقى ليلة واحدة وستذهب إلى اليونان في اليوم التالي.
وروى محمود أن البشير كانت تتواصل عبر الرسائل مع الآخرين طول الوقت تحت غطاء (بطانية)، وعندما وصلت الشرطة حاولت أن تهرب من الشباك. وتم اعتقالها والمرأة التي جلبتها إلى المنزل.
ونشرت وزارة الداخلية التركية، الأربعاء، مشاهد مأخوذة من كاميرات المراقبة بالشوارع أوضحت تحركات أحلام البشير إلى شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم وسط إسطنبول، وتركها حقيبة تحوي القنبلة أسفل حوض زهور في مكان التفجير أمام أحد المحال التجارية، ومحاولتها إخفاء وجهها عبر حجابها، ثم ركضها عقب ترك القنبلة.
وتظهر اللقطات، التي عممتها مديرية أمن إسطنبول على وسائل الإعلام، أن القنبلة انفجرت بعد تركها بأربع دقائق، وحوت المشاهد أيضا مقاطع للسيارة التي أقلتها إلى المنطقة ورقمها، وتمكنت أجهزة الأمن من حصر 5 سيارات من النوع نفسه تحمل لوحات تبدأ بالحرف «إم» وهي اللوحات التي تصدر للأجانب، ومن خلال أرقام السيارات تم التوصل إلى مخطط التفجير مالك السيارة عمار جركس، الذي تم القبض عليه وشقيقه أحمد قبل الهروب إلى بلغاريا.
بدورها، نقلت صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة عن مصادر أمنية أن البشير لم تكن تخرج كثيراً من مشغل الخياطة لكي لا تتعرض للمساءلة عن مكان إقامتها، وأنها وصلت إلى مكان الهجوم بسيارة كان فيها شريكها بلال حسن، وكان يقودها شخص يدعى (ياسر ي ك)، وتركاها وذهبا.
وبحسب الصحيفة، عثر بحوزة البشير على مبالغ مالية هي 3380 دولارا، و5800 يورو، و10 آلاف ليرة تركية، و7 ليرات ذهبية وحلي ذهبية، مؤكدة أن التعليمات صدرت بانتقال البشير إلى اليونان وبلال حسن إلى بلغاريا، وفي حال فشل تهريب البشير، وجب التخلص منها.
هجوم المعارضة
وفي غضون ذلك، هاجم رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية كمال كيليتشدار أوغلو، تصريحات حكومة إردوغان حول منفذة انفجار تقسيم، قائلا: «إنهم يقولون دون أي خجل، إن الإرهابية التي نفذت الهجوم دخلت إلى تركيا بطريقة غير شرعية، هذه الإرهابية عبرت الحدود، ووصلت إلى مدينة إسطنبول واستقرت بها، وعملت في مصنع نسيج، وأنجزت كل المخطط، وفجرت القنبلة، وخسر الناس أرواحهم، ويعتقدون أننا لا يجب أن ننتقد أو نطلب محاسبة أحدهم على هذا الفشل... هذا أمر مستحيل».
وأضاف «يجب أن نسأل هذا السؤال: كيف دخلت هذه الإرهابية من المعبر الحدودي إلى بلادنا؟ من الذي سمح لها بالدخول للبلاد وسهل لها الأمر؟ وكم إرهابيا يقيم الآن على أراضي الدولة التركية دون أن نعرفهم؟ من الذي يتحمل المسؤولية عن دخول الإرهابية التي نفذت تفجير تقسيم... هناك فشل ذريع في الإجراءات الأمنية، وهناك من سمح لها بالدخول عبر الحدود والانتقال إلى إسطنبول».
وتابع زعيم المعارضة التركية أن «الإرهابيين يدخلون إلى تركيا وينفذون عمليات فيها منذ 30 عاماً أو 35 عاماً، ولم يتم اتخاذ إجراءات قوية فعالة لمنع ذلك، لدينا مشكلة يجب أن نعترف بها، أوجه كلامي مباشرة للشخص الذي يحكم البلاد (إردوغان)، وأقول له: ماذا تفعل أنت؟ هناك حكومة يقودها شخص واحد... تحدث فاجعة المنجم لا يوجد من يتحمل المسؤولية عن الفشل والتقصير، ثم تحدث فاجعة الهجوم الإرهابي، ولا يوجد أيضا من يتحمل المسؤولية، ويعبر الإرهابيون من الحدود لبلادنا بطرق غير شرعية، وأيضا لا يوجد من يتحمل المسؤولية».