الرئيس التونسي يتهم «ملاحقين قضائياً» بالترشح للانتخابات... والهيئة تنفي

تونسية تدلي بصوتها خلال عملية التصويت على الدستور التونسي الجديد الصيف الماضي (أ.ف.ب)
تونسية تدلي بصوتها خلال عملية التصويت على الدستور التونسي الجديد الصيف الماضي (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يتهم «ملاحقين قضائياً» بالترشح للانتخابات... والهيئة تنفي

تونسية تدلي بصوتها خلال عملية التصويت على الدستور التونسي الجديد الصيف الماضي (أ.ف.ب)
تونسية تدلي بصوتها خلال عملية التصويت على الدستور التونسي الجديد الصيف الماضي (أ.ف.ب)

اتهم الرئيس التونسي قيس سعيد «ملاحقين قضائياً» بالترشح للانتخابات البرلمانية، المقررة في 17 من الشهر المقبل، وهو ما خلَّف ردود أفعال متباينة حول أحد أهم شروط الترشح التي أقرها الرئيس سعيد في القانون الانتخابي الجديد الذي صاغه بنفسه؛ حيث سارعت هيئة الانتخابات على لسان رئيسها، فاروق بوعسكر، إلى الدفاع عن الهيئة، ونفي وجود أي مرشحين ملاحقين من قبل القضاء، أو ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية، أو تعلقت بهم قضايا جارية، مؤكداً أن الهيئة ستقدم كل ما لديها من الأدلة التي حصلت عليها من وزارتي العدل والداخلية حول هذا الملف.
بدورها، سارعت الأحزاب المعارضة إلى تأكيد مخاوفها من وجود مخاطر حقيقية تهم المسار الانتخابي الحالي، والتشكيك منذ الآن في نتائج العملية الانتخابية برمتها، وذلك بسبب الكم الهائل من «الإخلالات والتجاوزات»، حسب تقديرها.
وكان الرئيس سعيد قد دعا مؤسسات الدولة إلى النظر في الترشحات المقدمة من قبل من وصفهم بـ«ملاحقين من قبل العدالة قد يخوضون الانتخابات البرلمانية المنتظرة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل»، غير أن هذا التصريح الرئاسي لم يمر دون ردّ من قبل هيئة الانتخابات التي قالت إنها رفضت قبول ملفات مترشحين بسبب خلو ملفاتهم من لائحة السوابق العدلية، وإنها ستدافع عن موقفها الرافض لهذه الترشحات، مؤكدة أنها ستدلي بما لديها من إثباتات تدعم قرارها، أمام المحكمة الإدارية التي تملك الكلمة الفيصل للحسم في هذا الملف المثير للجدل، على حد تعبير فاروق بوعسكر.
لكن على الرغم من هذه التطمينات، فإن هيئة الانتخابات تواجه باستمرار انتقادات ارتفعت وتيرتها في الأيام الأخيرة مع اقتراب موعد التصويت؛ إذ يرى مراقبون أن الهيئة تجد نفسها محاصرة بين ضغوط التشكيك في عملها، وإكراهات المسار الانتخابي كله، وانتظار استكمال النصوص القانونية المتعلقة بالحملة الانتخابية التي ستنطلق في 25 من الشهر الجاري. كما أنها متهمة بعدم الحياد، بعد اتخاذها قرار التمديد في فترة الترشحات لثلاثة أيام، وتجاهل نشر القرار المتعلق بشروط وقواعد الترشح للانتخابات البرلمانية، وهو ما جعل أحد المترشحين بدائرة صفاقس (شرق) يكسب قضية رفعها ضد هيئة الانتخابات التي رفضت ترشحه.
وبهذا الخصوص، أكد سامي بن سلامة، العضو السابق بهيئة الانتخابات، أن الهيئة خالفت الفصل 134 من دستور البلاد، وقال إن «الخطأ الجسيم الذي ارتكبته هيئة الانتخابات بعدم نشرها القرار، المتعلق بشروط وإجراءات الترشح للانتخابات البرلمانية في موعده، سيؤثر على المسار الانتخابي برمته، وذلك بسبب الطعون الكثيرة التي ستطول العملية الانتخابية أمام الهيئات القضائية المحلية والدولية أيضاً»، على حد قوله.
على صعيد غير متصل، نشر «مرصد الحقوق والحريات بتونس» (منظمة حقوقية مستقلة) نسخة من قرار يُعد الأول من نوعه بالبلاد، يلزم وزارة الداخلية بتمكين متضررين اثنين من الإجراء الحدودي المعروف باسم «إس 17»، من نسخ ورقية لقرار إخضاعهما لهذا الإجراء الذي يمنعهما من السفر، دون تبرير من قبل الأجهزة الأمنية.
ويقدر «مرصد الحقوق والحريات بتونس» عدد الخاضعين للإجراءات الحدودية التي تمنع السفر عن أي مواطن تونسي دون مده بوثيقة رسمية من قبل وزارة الداخلية، بأكثر من 100 ألف تونسي، على حد تقديره. علماً بأن وزارة الداخلية كانت تمتنع في السابق عن مد الممنوعين من السفر بقرار إداري مكتوب ومعلل، يوضح لهم أسباب اتخاذ هذا القرار في شأنهم، تاركة تعليل أسباب اتخاذه لأهواء واجتهادات موظفي الأمن في نقاط العبور الحدودية.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».