زادت الإدارة الأميركية مصاعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المكلف بتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، بعدما لمّحت إلى أنها لن تتعامل مع رئيس حزب «الصهيونية الدينية»، بتسلئيل سموتريتش، ورئيس حزب «القوة اليهودية» إيتمار بن غفير، إذا تم تعيينهما في وزارتي الدفاع والأمن الداخلي.
وأرسلت الإدارة الأميركية، رسائل بهذا الخصوص إلى نتنياهو، ومسؤولين كبار، تضمنت تلميحات بأنها «لن تستطيع التعامل عن قرب» معهما، كما ذكر موقع «واينت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرنوت».
وبرغم أن الإدارة الأميركية لم تذكر اسمي سموتريتش وبن غفير، فإن التلميح إليهما لا يمكن «أن يكون أوضح» بعد أن قالت للجميع، بأن نتنياهو «سيفعل حسناً إذا اختار لمنصبي الدفاع والأمن الداخلي شخصين بإمكان الولايات المتحدة أن تتعامل معهما عن قرب».
وهناك مواضيع أمنية بالغة الحساسية تتعامل معها المؤسسات الأمنية في واشنطن وتل أبيب، ولذلك يأمل الأميركيون أن يدرك نتنياهو «حساسية الأمر، ويتجه لتعيين أشخاص ذوي خبرة في المنصبين الأكثر حساسية من الناحية الأمنية».
ويبدو أن الضغط الأميركي يؤتي ثماره على نتنياهو، لكنه لا يلقى آذاناً مصغية عند سموتيرتس وبن غفير، وقال مصدر في حزب «ليكود» الذي يرأسه نتنياهو، إنه يفكر بتعيين رئيس حزب «شاس»، أرييه درعي، وزيراً للدفاع بدل المالية التي يطالب بها، من أجل إقصاء سموتريتش عن المنصب على أن يعطيه حقيبة المالية.
لكن هذا التوجه أغضب إلى حد كبير سموتريتش، الذي قالت مصادر إسرائيلية إنه «دخل في قطيعة مع نتنياهو منذ يوم الأربعاء الماضي ما عقّد كثيراً من مهمة تشكيل حكومة، وبدد آمال نتنياهو وفريقه بالإعلان عن تشكيل الحكومة المقبلة بالتزامن مع افتتاح الكنيست وأداء أعضائها القسم»، الذي تم الثلاثاء.
وكان أعضاء الكنيست الخامس والعشرين، قد أدوا الثلاثاء اليمين الدستورية، بعد أسبوعين من الانتخابات التي منحت 64 مقعداً لكتلة اليمين برئاسة نتنياهو.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية، أن تصلب موقف سموترتش الذي رفض التنازل عن حقيبة الدفاع، هو الأمر الذي يعرقل تقدم المفاوضات الائتلافية، خصوصاً أن أعضاء «ليكود» الذي يتزعمه نتنياهو، غاضبون كذلك من احتمال خسارتهم جميع الوزارات السيادية.
وأظهرت تصريحات سموتريتش عند وصوله إلى الكنيست الثلاثاء، أنه بدأ يتصرف فعلاً كوزير للدفاع، وانتقد ضمناً رسائل واشنطن لنتنياهو. وقال: «الإرهاب رفع رأسه من جديد (معقباً على عملية إرئيل) يجب أن ننتقل من الدفاع إلى الهجوم وأن نتصرف بقوة، كل شخص يحمل حجراً أو سكيناً أو سلاحاً يجب أن يعرف أن دمه مهدور، وهو وكل محيطه سيدفعون ثمناً غالياً» وأضاف: «مواطنو إسرائيل وحدهم من يقررون أي حكومة ستتشكل وما هي سياساتها».
كما حذا بن غفير حذو سموتريتش، وتحدث كأنه مسؤول الأمن الداخلي قائلاً: «سنفعل كل شيء لوقف الهجمات، وسنستعيد قوة الردع».
بن غفير مع زوجته في الكنيست (أ.ف.ب)
وتشكل الكنيست الجديد الثلاثاء من 120 عضواً، بينهم 12 تحت سن الأربعين، وخمسة فقط فوق سن السبعين، بمن فيهم نتنياهو. أما الأصغر فهو يتسحاك فاسرلاف، عضو الكنيست الجديد البالغ من العمر 30 عاماً (الصهيونية الدينية) والذي من المحتمل أن يتسلم وزارة الأديان (المتنازع عليها بين الأحزاب الدينية المختلفة) وليكون ثاني أصغر وزير في تاريخ الكنيست، (بعد أرييه درعي الذي كان عمره عند دخوله الكنيست 29 عاماً).
وأكبر عضو كنيست هو حاييم كاتس، الذي سيحتفل هذا الشهر بعيد ميلاده الخامس والسبعين.
وبحسب البنية المتوقعة للائتلاف القادم، فإنه لن يمثل بعض القطاعات في الحكومة، ابتداءً من الأعضاء العرب في الكنيست الذين سيجلسون في المعارضة، ومعظم أعضاء الكنيست غير المتدينين كذلك.
وإضافة إلى الخلافات مع سموتريتش، شهدت المفاوضات الائتلافية بين «ليكود» وحركة «شاس» الدينية خلافات فيما يتعلق بفقرة «التغلب». والمراد بفقرة «التغلب» هو «أن تستطيع الحكومة المضي في تطبيق قانون ما حتى إذا اعتبرته محكمة العدل العليا مخالفاً للمبادئ الدستورية»؛ بمعنى أن الحكومة «يمكنها التغلب على قرارات المحكمة» وهو ما يعتبره البعض خطوة منافية لمبدأ سلطة القانون.
وطلبت حركة «شاس» أن تكون «فقرة التغلب من القوانين الأولى التي سيسنها الكنيست القادم وبأسرع ما يمكن وعلى أبعد تقدير خلال ثلاثين يوماً من يوم أداء الكنيست تصريح الولاء»، لكن «ليكود» يرفض هذا المطلب، ويقترح أن تحصل عملية التشريع في إطار إصلاحات واسعة في الجهاز القضائي، ما يستدعي بضعة أشهر لصياغة القانون.