جاريد ليتو... ممثل يرقص على حبال الجمال والسينما

طرح مجموعة مستحضرات تجميل ويُنتج فيلماً عن كارل لاغرفيلد

جاريد ليتو بكل أناقته الجريئة (أ.ف.ب)
جاريد ليتو بكل أناقته الجريئة (أ.ف.ب)
TT

جاريد ليتو... ممثل يرقص على حبال الجمال والسينما

جاريد ليتو بكل أناقته الجريئة (أ.ف.ب)
جاريد ليتو بكل أناقته الجريئة (أ.ف.ب)

كُثر هم النجوم الذين اقتحموا عالم الموضة والجمال. بعضهم من باب الإعلانات أو الحملات الترويجية وبعضهم اكتفوا بدور سفراء. بيد أن حتى الشريحة الأخرى بدأت في الآونة الأخيرة تتحرك نحو الاتجاه الأول، خصوصاً بعد أن اقتربوا من عالم الجمال ولمسوا لذة النجاح في صناعته. اقتحم بعضهم هذا العالم بشكل مباشر إما بإصدار منتجات تجميل وعطور، وإما بطرح أزياء تحمل توقيعاتهم. نذكر من هؤلاء مثلاً المغنية ريهانا وكيني ويست وبراد بيت، وأخيراً وليس آخراً الممثل الحائز على جائزة الأوسكار، جاريد ليتو. دخل هذا العالم بطرح مجموعة عناية بالبشرة، وأيضاً من باب السينما، حيث سيصدر له فيلم عن المصمم الراحل كارل لاغرفيلد قريباً.

ليتو مع المصمم الراحل كارل لاغرفيلد

حالياً تبقى علاقته بمصمم دار «غوتشي» أليساندرو ميكيلي هي الأكثر إثارة. توطدت هذه العلاقة أكثر بعد أن أصبح سفير عطر «غيلتي» في عام 2016. من يراهما حالياً، يعتقد للوهلة الأولى أنهما توأمان، بعد أن سخَرا الموضة ولعبا عليها لخلق صورة شبه مستنسخة عن بعضهما، سواءً بتبني نفس اللحية وقصات الشعر، أو نفس الأزياء المطرزة بالورود والنقشات الغريبة. وليس ببعيد أن تكون عدوى صناعة الجمال قد انتقلت إليه منه، حيث صدرت له منذ فترة مجموعة للعناية بالبشرة أطلق عليها «توانتي ناين بالمز». تشمل 11 مستحضراً للبشرة والجسم والشعر، ولا تعترف بجنس معين. «فهي مناسبة للرجل والمرأة على حد سواء» حسب تأكيده. إلى جانب هذه المستحضرات طرح مجموعة حصرية من الإيشاربات بالتعاون مع الفنان السويسري دوغلاس ماندري. وينوي دخول مجال العطور ومنتجات منزلية وغيرها في المستقبل القريب أيضاً.
أول تفسير يتبادر إلى الذهن عن سبب هجمة النجوم على صناعة الموضة والجمال أن هذا القطاع له شعبية لا يضاهي قوتها سوى جماهيرة كرة القدم فضلا عن الأرباح التي يمكن أن يجنوها من ورائها. فقطاع التجميل تحديداً، شهد انتعاشاً منقطع النظير خلال وبعد جائحة كورونا. في الولايات المتحدة الأميركية وحدها، يصل حجم مبيعاته إلى نحو 355 مليون دولار.

الراحل كارل لاغرفيلد مع فريقه الخاص (تصوير: سيزا سيغارا)

في حالة جاريد ليتو، فإن التفسير الثاني أن مقولة من عاشر قوماً أربعين يوماً صار منهم تنطبق عليه، وهو قد عاشر مصمم دار «غوشي» لسنوات. قلما يُفوِت أي عرض من عروض الدار، كما كانت علاقته بالراحل كارل لاغرفيلد جد قوية، إلى حد أنه قلَما تغيَّب في عهده عن أي مناسبة تنظمها دار «شانيل». إعجابه بالمصمم كإنسان ومُبدع شجعه على إنتاج فيلم عنه بالشراكة مع دار أزياء «كارل لاغرفيلد». غني عن القول أنه سيتولى إلى جانب الإنتاج، بطولته بحُكم معرفته الشخصية به معتمداً أيضاً على أصدقاء مقربين من أيقونة الموضة الراحل، من أمثال بيير باولو ريغي، الذي عمل مع المصمم الراحل كرئيس تنفيذي لداره الخاصة «كارل لاغرفيلد»، وسيباستيان جوندو، الذي عمل معه مساعداً شخصياً، إلى جانب كارولينا ريبا التي عملت معه لأكثر من 35 عاماً مستشارة لكل من علامته التجارية واتصالاته الشخصية.
تفاصيل قصة الفيلم لا تزال سرية في الوقت الحالي، غير أن الفيلم سيغطي أهم العلاقات في حياة لاغرفيلد كما سيُسلط الضوء على الجانبين الإنساني والإبداعي في شخصيته، وكيف كانت حياته المهنية مليئة بالمفارقات. كان مثلاً ضليعاً بفنون التسويق وقراءة السوق، كما كان أيضاً مفكراً عظيماً في مجال تصميم الأزياء، وأحد أكثر الناس ثقافةً وحباً للمعرفة.
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم لن يكون الوحيد الذي سيُكرم ذكرى مصمم أثرى الموضة وأثَر عليها في هذا القرن، إذ أعلنت أنا وينتور، رئيسة المحتوى ورئيسة التحرير العالمية لمجلة «فوغ»، مؤخراً، أن موضوع معرض معهد الأزياء لعام 2023 وحفل الميتروبوليتان سيُخصصان له تحت عنوان «كارل لاغرفيلد: مسار من الجمال» (Karl Lagerfeld: A Line of Beauty)، يتتبع أهم محطات مسيرته المهنية من الخمسينات حتى مجموعته الأخيرة في عام 2019.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
TT

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

صناع الموضة وعلى غير عادتهم صامتون بعد فوز دونالد ترمب الساحق. السبب أنهم خائفون من إدلاء آراء صادمة قد تُكلفهم الكثير بالنظر إلى أن الناخب الأميركي هذه المرة كان من كل المستويات والطبقات والأعراق والأعمار. وهنا يُطرح السؤال عما ستكون عليه علاقتهم بميلانيا ترمب، بعد أن عبَّر العديد منهم رفضهم التعامل معها بأي شكل من الأشكال بعد فوز ترمب في عام 2016.

بدت ميلانيا هذه المرة أكثر ثقة وقوة (دي بي آي)

المؤشرات الحالية تقول بأنه من مصلحتهم إعادة النظرة في علاقتهم الرافضة لها. فميلانيا عام 2024 ليست ميلانيا عام 2016. هي الآن أكثر ثقة ورغبة في القيام بدورها كسيدة البيت الأبيض. وهذا يعني أنها تنوي الحصول على كل حقوقها، بما في ذلك غلافها الخاص أسوة بمن سبقنها من سيدات البيت الأبيض.

تجاهُلها في الدورة السابقة كان لافتاً، وفيه بعض التحامل عليها. فصناع الموضة بقيادة عرابة الموضة، أنا وينتور، ورئيسة مجلات «فوغ» على مستوى العالم، كانوا موالين للحزب الديمقراطي ودعموه بكل قواهم وإمكانياتهم. جمعت وينتور التبرعات لحملات كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون ثم كامالا هاريس، ولم تُخف رفضها لما يمثله دونالد ترمب من سياسات شعبوية. شاركها الرأي معظم المصممين الأميركيين، الذين لم يتأخروا عن التعبير عن آرائهم عبر تغريدات أو منشورات أو رسائل مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت ميلانيا هي الضحية التي دفعت الثمن، وذلك بعدم حصولها على حقها في تصدر غلاف مجلة «فوغ» كما جرت العادة مع من سبقنها. ميشيل أوباما مثلاً ظهرت في ثلاثة إصدارات.

أسلوبها لا يتغير... تختار دائماً ما يثير الانتباه وأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين

لم ترد ميلانيا حينها، ربما لأنها لم تكن متحمسة كثيراً للعب دورها كسيدة البيت الأبيض وكانت لها أولويات أخرى. تركت هذا الدور لابنة ترمب، إيفانكا، مُبررة الأمر بأنها تريد التفرغ وقضاء معظم أوقاتها مع ابنها الوحيد، بارون، الذي كان صغيراً ويدرس في نيويورك. لكن الصورة التي تداولتها التلفزيونات والصحف بعد إعلان فوز ترمب الأخير، كانت مختلفة تماماً عن مثيلتها في عام 2016. ظهرت فيها ميلانيا أكثر ثقة واستعداداً للقيام بدورها. والأهم من هذا فرض قوتها.

طبعاً إذا تُرك الأمر لأنا وينتور، فإن حصولها على غلاف خاص بها مستبعد، إلا أن الأمر قد يتعدى قوة تأثير أقوى امرأة في عالم الموضة حالياً. فهي هنا تواجه عدداً لا يستهان به من القراء الذين انتخبوا ترمب بدليل النتائج التي أثبتت أنه يتمتع بقاعدة واسعة من كل الطبقات والمستويات.

في كل زياراتها السابقة مع زوجها كانت تظهر في قمة الأناقة رغم رفض الموضة لها

ميلانيا أيضاً لعبت دورها جيداً، وقامت بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة. عكست صورة جديدة تظهر فيها كشخصية مستقلة عن زوجها وسياساته، لا سيما بعد تصريحاتها خلال الحملة الانتخابية بأنها تدعم حق المرأة في الإجهاض، مؤكدة أن هذا قرار يخصها وحدها، ولا يجب أن يخضع لأي تدخل خارجي، وهو ما يتناقض مع موقف زوجها بشأن هذه القضية التي تُعد رئيسية في الانتخابات الأميركية. كتبت أيضاً أنها ملتزمة «باستخدام المنصة ودورها كسيدة أولى من أجل الخير».

أسلوبها لا يروق لكل المصممين لكلاسيكيته واستعراضه للثراء لكنه يعكس شخصيتها (أ.ف.ب)

كانت رسائلها واضحة. أعلنت فيها للعالم أنها ذات كيان مستقل، وأن لها آراء سياسية خاصة قد لا تتوافق بالضرورة مع آراء زوجها، وهو ما سبق وعبرت عنه في مكالمة شخصية مع صديقة تم تسريبها سابقاً بأنها ترفض سياسة زوجها في فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، وأنها أصيبت بالصدمة عندما علمت بها. وبالفعل تم التراجع عن هذا القرار في يونيو (حزيران) 2018 بعد عاصفة من الجدل.

وحتى إذا لم تُقنع هذه التصريحات أنا وينتور وصناع الموضة، فهي تمنح المصممين نوعاً من الشرعية للتراجع عن تعهداتهم السابقة بعدم التعامل معها. بالنسبة للموالين لدونالد ترمب والحزب الجمهوري، فإن الظلم الذي لحق بميلانيا ترمب بعدم احتفال صناع الموضة بها، لا يغتفر. فهي لا تفتقد لمواصفات سيدة البيت الأبيض، كونها عارضة أزياء سابقة وتتمتع بالجمال وأيضاً بذوق رفيع. ربما لا يعجب ذوقها الكل لميله إلى العلامات الكبيرة والغالية، إلا أنه يعكس شخصية كلاسيكية ومتحفظة.

وحتى إذا لم تنجح أنا وينتور في إقناع المصممين وبيوت الأزياء العالمية، وتبقى على إصرارها عدم منحها غلافها المستحق في مجلة «فوغ»، فإن صوت الناخب المرتفع يصعب تجاهله، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وهذا ما يعود بنا إلى طرح السؤال ما إذا كان من مصلحة صناع الموضة الأميركيين محاباة ميلانيا وجذبها لصفهم. فقوتها هذه المرة واضحة وبالتالي سيكون لها هي الأخرى صوت مسموع في تغيير بعض السياسات، أو على الأقل التخفيف من صرامتها.

إيجابيات وسلبيات

لكن ليس كل صناع الموضة متخوفين أو قلقين من دورة ثانية لترمب. هناك من يغمره التفاؤل بعد سنوات من الركود الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على قطاع الموضة. فعندما يقوى الاقتصاد الأميركي فإن نتائجه ستشمل كل القطاعات. ربما تتعلق المخاوف أكثر بالتأشيرات وزيادة الضرائب على الواردات من الصين تحديداً. فهذه أكبر مورد للملابس والأنسجة، وكان صناع الموضة في الولايات المتحدة يعتمدون عليها بشكل كبير، وهذا ما جعل البعض يستبق الأمور ويبدأ في تغيير سلاسل الإنتاج، مثل شركة «بوما» التي أعلنت أنها مستعدة لتغيير مورديها لتفادي أي عوائق مستقبلية. الحل الثاني سيكون رفع الأسعار وهو ما يمكن أن يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في العام. فتهديدات ترمب برفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 60 في المائة لا بد أن تؤثر على المستهلك العادي، رغم نيات وقناعات ترمب بأن تحجيم دور الصين سيمنح الفرص للصناعة الأميركية المحلية. المشكلة أنه ليس كل المصممين الذين يتعاملون مع الموردين والمصانع في الصين منذ سنوات لهم الإمكانيات للبدء من الصفر.