انتقادات يمنية لـ«نعومة» المواقف الدولية إزاء إرهاب الحوثيين

دعوات برلمانية لاستئناف الحل العسكري رداً على مهاجمة موانئ النفط

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي يلتقي في الرياض الأحد هيئة رئاسة مجلس الشورى (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي يلتقي في الرياض الأحد هيئة رئاسة مجلس الشورى (سبأ)
TT

انتقادات يمنية لـ«نعومة» المواقف الدولية إزاء إرهاب الحوثيين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي يلتقي في الرياض الأحد هيئة رئاسة مجلس الشورى (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي يلتقي في الرياض الأحد هيئة رئاسة مجلس الشورى (سبأ)

من المجدول ضمن أعمال مجلس الأمن الدولي أن يدلي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بعد نحو أسبوع بإحاطته عن تطورات جهوده لإقناع الميليشيات الحوثية بتجديد الهدنة، وسط حالة من تنامي الغضب في الشارع اليمني الرسمي والشعبي إزاء الهجمات الحوثية المتكررة على موانئ تصدير النفط، واتهام المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتهاون إزاء هذا التصعيد، والاكتفاء بـ«المواقف الناعمة».
وكانت الميليشيات الحوثية رفضت مقترح المبعوث بتمديد الهدنة المنهارة وتوسيعها في ظل سعيها لابتزاز الحكومة الشرعية للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية وتهديدها باستمرار شن الهجمات الإرهابية على موانئ تصدير النفط في المناطق المحررة.
التصعيد الحوثي باتجاه موانئ تصدير النفط دفع هيئة رئاسة البرلمان اليمني إلى إصدار بيان دعت فيه إلى استئناف العمليات العسكرية ردا على التصعيد، وهو الخيار الذي لا يستبعد مراقبون أن يعود إلى الواجهة في حال عدم توصل الجهود الأممية والدولية إلى اختراق سياسي يقنع الميليشيات باختيار مسار السلام.
البيان البرلماني دعا مجلس القيادة الرئاسي إلى «القيام بما يلزم لتلقين تلك الميليشيات الدروس التي تغل يدها وتدمر قدراتها العسكرية وتكسر شوكتها وتضعها أمام الاستحقاق العادل لخياراتها العدوانية».
كما دعا البيان «إلى سرعة اتخاذ القرار لردع أعمال الحوثي واستعادة الدولة بمختلف الوسائل بمقدمها العسكرية من خلال تحريك جميع الجبهات وإنقاذ الشعب اليمني من الجرائم التي يمارسها الحوثي يومياً على مرأى ومسمع من العالم، وإيقاف وصول كل ما يقدم من عوائد مالية للحوثي، ويوفر له أسباب البقاء والاستقواء».
وفي حين وصف البرلمان اليمني الجهود الأممية والغربية بأنها «مضيعة للوقت» تعالت الأصوات في معسكر الحكومة الشرعية منتقدة حالة الركود الأممي والتراخي الدولي الذي بات يفضل لغة «بيانات التنديد» عقب كل تصعيد حوثي، وهي البيانات التي يقول اليمنيون إنها «لن تصنع السلام لافتقادها للمخالب».
وضع سقف زمني
يرى وكيل وزارة العدل اليمنية فيصل المجيدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه لا حوار إلى ما لا نهاية مع الحوثيين، مذكرا بسلسلة الحوارات والمفاوضات الماراثونية مع الميليشيات وبالقرارات الدولية التي لم تر النور.
يقول المجيدي إن «قرار مجلس الأمن 2216 الصادر في أبريل (نيسان) 2015 أكد في ديباجته أن على الأمين العام للأمم المتحدة أن يرفع تقريرا للمجلس كل 10 أيام عن تنفيذ القرار وهو المتعلق بإنهاء الانقلاب وتسليم الأسلحة والمؤسسات وإنهاء تجنيد الأطفال والإفراج عن المعتقلين وغيرها من البنود».
ويضيف «للأسف الشديد لم يتم الالتزام بهذه المواعيد بالمعنى الحرفي، وكما هو معروف فإن القرارات التي أتت فيما بعد شددت على تنفيذ هذا القرار حتى في حديثها عن العملية السياسية، ومن هنا يتضح أن الزمن غير معتبر في أجندة الأمم المتحدة ومبعوثيها».
وفي معرض بيان المجيدي لعدم جدية الحوثيين في التوصل إلى سلام يستعرض ما حدث في 2016 بعد مفاوضات الـ100 يوم في الكويت، وبحضور تمثيل دولي حيث أعدت الأمم المتحدة خريطة طريق للحل السياسي النهائي في اليمن وقعت عليه الحكومة اليمنية ورفضتها الميليشيات بناء على تعليمات إيرانية.
تأسيسا على هذا القول يتفق وكيل وزارة العدل اليمنية مع ضرورة تحديد مدة زمنية للاتفاقات سواء المتعلقة بهدنة مزمنة أو للعملية السلمية، ويقول: «ترك الباب مفتوحا على مصراعيه دون تحديد زمني يعني منح الحوثي شيكا على بياض وضوءا أخضر لإرباك الوضع والاستمرار في القتل وتعطيل الحياة، بل وتحديد النقاط التي يتم النقاش حولها».
مع حالة الانسداد القائمة بعد مضي نحو ستة أسابيع من إخفاق الجهود لتمديد الهدنة، يقترح المجيدي دعم الخطوات الحكومية عبر إدراج الحوثي على قوائم الإرهاب الدولي، وتفعيل الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة مع الدول العربية والغربية المتعلقة بهذا الشأن، ومن ثم القيام بإلغاء أي تمثيل للحركة في الخارج ومطاردة أعضائها وعدم السماح لهم بإقامة فعاليات على غرار ما يتم التعامل به مع الحركات الإرهابية مثل «داعش» و«القاعدة».
ويشدد المجيدي على أهمية تجميد أصول الحركة المالية للميليشيات الحوثية ككيان وليس كأفراد فقط، وتشديد الحصار على وصول الأسلحة والنفط الإيراني المهرب، وصولا إلى منح الحكومة الشرعية الضوء الأخضر لتطبيق الدستور واستعادة الحديدة وبعدها صنعاء؛ تطبيقا لقرارات مجلس الأمن الصادرة تحت الفصل السابع.
انتقاد للأداء الأممي
المحلل السياسي والإعلامي اليمني محمد المخلافي، ينتقد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «نعومة» الأداء الأممي إزاء التصعيد الحوثي، مع عدم وجود سقوف زمنية للتوصل إلى حلول. ويقول: «لطالما سألنا هذا السؤال لأكثر من مبعوث أممي وأحيانا سفراء لهم تأثير في الملف اليمني، وكان الجواب دائماً أنه لا توجد نقطة نهاية لمساعي إرساء السلام في اليمن».
ويعترف المخلافي أن «المبعوث الأممي مجرد موظف دولي يحاول الحفاظ على استدامة وظيفته وتحقيق اختراقات قد تحسب له كنجاح شخصي بغض النظر إن كان هذا النجاح عادلاً في الملف الذي يشرف عليه أم سيكون لصالح الطرف الذي يرتكب المجازر والانتهاكات».
وللتمثيل على قوله يستذكر ما حدث بالنسبة للحديدة حيث «تم اعتبار اتفاق استوكهولم نجاحا غير مسبوق للمبعوث مارتن غريفيث إذ كُوفئ عليه بتولي منصبٍ أعلى في الأمم المتحدة وهو منصب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ».
ويضيف «ما زالت الأمم المتحدة حتى اليوم تتغنى بهذا الاتفاق الفاشل منذ اللحظات الأولى، لتكون المحصلة في النهاية انسحاب الطرف الحكومي المعترف به دولياً واستحواذ الحوثي على المحافظة بكل مقدراتها ومواردها، واستخدام مينائها لتهريب المسيرات الإيرانية التي تهدد الملاحة الدولية».
ويؤكد المخلافي أن ما حدث هو «المحصلة النهائية لتقاعس المجتمع الدولي عن تنفيذ التزاماته تجاه قراراته الدولية والضغط على الحكومة اليمنية لوقف أي تحركات عسكرية وبذرائع إنسانية، كشفت مجريات الأحداث أن تكلفة الانصياع لها إنسانياً أكبر بكثير من القضاء على الحوثيين عسكرياً».
ويحذر المخلافي من أن العالم - وفق قوله - «سيصحو يوماً على إرهاب عابر للقارات منبعه من اليمن إذا استمر في التعامل بهذا الاستهتار مع الإرهاب الإيراني عبر الوكيل الحوثي في اليمن».
ويشير إلى أن ملامح ذلك الإرهاب «بدأت الظهور من خلال التهديد الأخير للشركات النفطية العاملة في المنطقة بإيعاز من طهران في توقيت حرج لأسواق الطاقة التي تتأثر صعوداً وهبوطاً بالوضع السياسي والأمني للشرق الأوسط حيث المصدر الأهم للنفط والغاز عالمياً».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.