«في وجهك»... وثائقي تثقيفي يعرضه «شاهد»

كيف نميز إنساناً عن آخر؟

كارلا هولمز المصابة بـ"عمى التعرّف إلى الوجوه"
كارلا هولمز المصابة بـ"عمى التعرّف إلى الوجوه"
TT

«في وجهك»... وثائقي تثقيفي يعرضه «شاهد»

كارلا هولمز المصابة بـ"عمى التعرّف إلى الوجوه"
كارلا هولمز المصابة بـ"عمى التعرّف إلى الوجوه"

على «شاهد»، وثائقي عنوانه «في وجهك» (In Your Face) قد يغير النظرة إلى الأشياء. نحو ساعة من العوم في هذا الشكل الأقرب إلى دائرة، حيث يستريح الفم والأنف والعينان. عوم ممتع في الوجه! نحفظ ملامح وننسى أخرى، بلا التفات إلى سطوتي العلم والتكنولوجيا. في الشريط وقت كافٍ لشد الانتباه إلى «قوة عظمى» وراء قدرة التعرف إلى الوجوه. شغله وأبحر.
نحل في ضيافة علماء وخبراء كومبيوتر، مع فارق أن معلوماتهم لا يرافقها الضجر ولا يصادقها الجفاف. السرد ألطف مما يحدث عادة في طرح مشابه. رفعه مرتبة البساطة، يفكك إمكان الشرح المعقد ويذلل صعوبة استيعاب المسائل. سؤال يبدو لوهلة ساذجاً: «كيف نميز إنساناً عن آخر؟»، لكنه مفتوح على جميع الاحتمالات.
السمات البشرية مملة بعض الشيء: عينان فوق الأنف والفم. يتحلى الوثائقي بحس فكاهة وهو يشبه الوجوه بقطيع أغنام لو عاينها كائن فضائي. يذهب أبعد في اعتبار التعرف إليها من أكثر الوظائف تعقيداً في الدماغ: «وحتى مؤخراً، كان غامضاً مثل ابتسامة الموناليزا». روح الدعابة.
يتوقف طويلاً أمام نقيضين: عمى التعرف إلى الأشخاص، والتعرف المفرط إلى الوجوه. حكاية كارلا هولمز تصب في الأول. منذ ولادتها، والوجوه قبالتها أشكال من السراب: «عندما أنظر إلى الناس، يكون الأمر مثل النظر إلى كلب الـ(غولدن ريتريفر). الكلاب لديها أيضاً فم وأنف وعينان. إنه عامل مزعزع للاستقرار».
يبلغ بعض المرضى درجة عدم التعرف إلى الفاكهة والخضار، مقابل بشر يذكرون تقريباً كل وجه. يحضر الشريط دراسات تحلل الوجوه في الدماغ، أبطالها أجنة في الأرحام وأيضاً قردة. خلاصتها: «أدمغتنا متخصصة جداً في التعرف إلى الوجه. نراه في كل مكان، سواء أكان موجوداً أم لا. في الأشجار وفي الغيوم». تسبق الخلاصة تفسيرات تتعلق بالتطور البشري، ترد على ألسنة العلماء أدق من نقلها.
اعلم أن دماغك تطور ليكون حساساً بشكل لا يصدق لوجود الوجه. تتزايد الأدلة على أن الأجنة قبل الولادة تفضل الصور المشابهة للوجوه على أخرى تظهر وجهاً مقلوباً مثلاً. انجذاب الجنين مثبت إلى كل يقارب بنية الوجه. مع ذلك، أكثر المواقف إحراجاً هي رد التحية على وجه تتوه هوية صاحبه. لعلنا جميعاً لم نسلم من لطافة مشابهة. مرة على الأقل!
يضيف الشريط إلى معلوماتك ما لم تدركه من قبل، كأن يتعرف الرضيع في الأشهر الثلاثة الأولى إلى جميع الأعراق، لتحد معارفه في الشهر التاسع بالبشر من عرقه فقط. منذ الطفولة، والقدرة على التعرف إلى الوجوه تسير باتجاه النمو والصقل. مع السنوات، تتحسن إثر تزايد الاتصالات بين الخلايا العصبية، فيتعلم الشخص العادي التعرف إلى نحو 5000 وجه بما فيها عدد هائل من مشاهير لم يحدث اللقاء بهم من قبل.
النموذج المقابل لمرضى «عمى الوجوه»، أشخاص يحظون وراثياً بقدرات استثنائية. هم «المتعرفون الفائقون»، لديهم «قوى خارقة» في تصيد الملامح. يحكون قصص تحولهم من الحياة العادية إلى أدوار فعالة في نظام الشرطة. يحتفظون بالنظرة الأولى حيال الآخرين إلى الأبد. تمر سنوات، تتجعد وجوه، ولا يخطئون الهدف.
في حين تعجز كارلا هولمز عن التعرف إلى صور الملكة إليزابيث أو ألفيس بريسلي وباراك أوباما وحتى فرقة «البيتلز»، يملك «المتعرف الفائق» قدرة على معرفة البشر من العينين فقط. يسجلون حضوراً مذهلاً في الشريط، كالدور المكلفين أداءه، فيكونون أفضل من ينجزه: القبض على المجرمين والإرهابيين المحتملين.
تدسهم الأجهزة في الشوارع، وتكلفهم رصد ساعات طويلة من كاميرات المراقبة، فلا ينجو مرتكب ملثم من العقاب. يا للمفارقة، والأدمغة التي تحفظ الملامح بهذا الدفق العظيم، قد تنسى الأرقام والأسماء! عد إلى الشريط لتفسير اللغز. أحد «المتعرفين الفائقين» يقول بأسى: «في دماغي عشرات الآلاف من الوجوه أتمنى أن أتخلص من بعضها، لكنها عالقة هناك للأسف».
تخيل دماغاً تسكنه ملايين الوجوه وتحوم حوله أصناف الملامح. في المسألة نعمة ونقمة. يتساءل الوثائقي: «ماذا لو كنت في مسرح وحفظت وجوه الحاضرين؟ لن يكون الأمر لذيذاً وأنت تلتقي أحدهم في الشارع وتستوقفه لتتحزر: ألست أنت من كنت في المقعد الخلفي في المسرحية الفلانية؟ ستتهم بالترصد على الفور».
لا حلاوة في عين تحدق بك على نحو مريب، فقط لأن صاحبها «متعرف فائق» وصدف أن جمعكما مكان. ليت المسألة تتوقف على الإنسان، لكن الذكاء التكنولوجي يقول كلمته، فيذهب البعض أبعد في النقد: «تحليل رمز الوجوه في الدماغ بواسطة الكومبيوتر والكاميرا، يخلق نظام مراقبة جديداً على طريقة (الأخ الأكبر) في رواية جورج أورويل. هذا يزعج الكثيرين».
يتصدى سمر البشرة لما يرونه «تمييزاً» يتذرع بفك شيفرة الوجوه لجمع المعلومات، ويرفضون «انتهاك الخصوصية». أمام سؤال «ما هو الاستخدام المناسب للتكنولوجيا؟»، يرتبك الجواب. كارتباك براد بيت وهو يتهم بالغرور والعجرفة كلما غلب الجفاء المودة. يتشارك مشكلة مشابهة مع كارلا هولمز، فتتوه الملامح. تظلمه أحكام متسرعة والحقيقة أشد قسوة.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
TT

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

نحو إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، والتكنولوجيا، والابتكار، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أبوابه رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، بوصفه أول مركز مخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، متخذاً من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي موقعاً له.

ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية في السعودية، في الوقت الذي انطلق ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة.

وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة السعودية إن «مركز الدرعية لفنون المستقبل يجسّد التزامنا بتطوير الإنتاج الفني المبتكر واحتضان أشكال جديدة من التعبير الإبداعي، فمن خلاله نسعى إلى تمكين الفنانين والباحثين ودعمهم لإنتاج أعمال بارزة والخروج بأصواتهم الإبداعية إلى الساحة العالمية».

وأشارت إلى أن المركز سيُوظّف مساحاته للتعاون والإبداع لترسيخ مكانة المملكة في ريادة المشهد الثقافي والتأكيد على رؤيتها في احتضان أشكال التعبير الفني محلياً وعالمياً.

من جانبه، بين الدكتور هيثم نوار مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل أن افتتاح المركز يمثّل منعطفاً في السردية القائمة حول فنون الوسائط الجديدة، لكونه يخرج بالمرئيات والتصوّرات الإقليمية إلى منابر الحوار العالمية.

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

وقال: «إن المركز سيتجاوز حدود الإبداع المتعارف عليها نحو آفاق جديدة، وسيقدّم للعالم مساحة للابتكار والنقد الفني البنّاء عند تقاطع الفن والعلوم والتكنولوجيا».

وتتزامن انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعياً... آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» خلال الفترة من 26 نوفمبر (تشرين ثاني) إلى 15 فبراير (شباط) المقبل، حيث يستكشف المعرض، الذي أشرف عليه القيّم الفني جيروم نوتر، تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة تحمل توقيع أكثر من 30 فناناً إقليمياً وعالمياً.

وسيحظى الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان).

وسيكون للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو وناصر بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث يعرّفون الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية.

وبالتزامن مع الافتتاح، يُطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الاستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا. ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازمين لإبداع أعمال متعددة التخصصات.

وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية، المخصص لفناني الوسائط الرقمية، في الفترة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) 2025، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز.

ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي.