«التخفيف» مقابل «الخسائر والأضرار»... صراع ما قبل الحسم في «كوب 27»

تباين مواقف الدول... وترقب لمسار المفاوضات

وقفة احتجاجية تطالب بـ«العدالة المناخية» (الشرق الأوسط)
وقفة احتجاجية تطالب بـ«العدالة المناخية» (الشرق الأوسط)
TT

«التخفيف» مقابل «الخسائر والأضرار»... صراع ما قبل الحسم في «كوب 27»

وقفة احتجاجية تطالب بـ«العدالة المناخية» (الشرق الأوسط)
وقفة احتجاجية تطالب بـ«العدالة المناخية» (الشرق الأوسط)

رفعت الدول المشاركة في قمة الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ (كوب 27)، شعار «لا وقت للراحة»، وذلك قبل ساعات من بداية «أيام الحسم» التي تبدأ من (الاثنين) وحتى (الجمعة). ورغم أن الفعاليات توقفت رسمياً (الأحد) لمنح المشاركين يوماً للراحة يلتقطون خلاله الأنفاس من ماراثون طويل، بدأ في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي؛ فإن هذا اليوم شهد اجتماعات «مكثفة» للمجموعات المشاركة في القمة لبلورة مواقف موحدة، يتم طرحها على طاولة المفاوضات في «أيام الحسم».
وكانت المجموعة الأفريقية، هي أنشط المجموعات خلال يوم الراحة الرسمي في القمة؛ إذ دخل نشطاء المناخ في اجتماعات طويلة خلال ساعات مع الوزراء الأفارقة المشاركين في القمة، للحديث بشأن الأجندة الأفريقية على طاولة التفاوض.
وتقول سمية أحمد زاكي الدين، منسق أجندة «الخسائر والأضرار» للمجموعة الأفريقية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الموقف الأفريقي في التفاوض سينطلق من مبدأ (العدالة المناخية)، فحتى تطالبني بتخفيف الانبعاثات والالتزام بذلك، يجب أن تلتزم بتمويل الخسائر والأضرار».
وتشعر دول أفريقية أن من حقها الاستثمار في قطاعات النفط والغاز للاستفادة من هذه الموارد المتاحة على أراضيها، لكن الدول الغنية تطالبها بالانضمام إلى الالتزام الذي حددته اتفاقية باريس بخفض الانبعاثات، حتى لا تتجاوز درجة حرارة سطح الأرض عتبة الـ1.5 درجة مئوية، مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية.
وتوضح زاكي الدين: «ستكون القضية الأساسية في التفاوض للدول الأفريقية، هي الحصول على التزامات تمويلية واضحة للخسائر والأضرار الناجمة عن الانبعاثات التي لم يكن للدول الأفريقية دور في حدوثها، مقابل أن تلتزم الدول الأفريقية حالياً بتخفيض الانبعاثات».
وبينما تسعى الدول الأفريقية إلى هذه المقايضة، التي تدعمها «الصين» حتى تمنحها الفرصة لاستمرار الانبعاثات، من أجل تشغيل عجلة الاقتصاد في سباقها مع أميركا؛ هناك مجموعة أخرى مثل مجموعة الدول الجزرية، وهي دول لا تملك موارد نفطية، وأحدثت تغيرات المناخ تأثيرات وجودية لها؛ إذ قد تغرق هذه الدول تحت المياه، مع ارتفاع مستوى سطح البحر، الناتج عن الاحترار العالمي، المتسبب فيه زيادة الانبعاثات.
وتحتاج هذه الدول إلى التزام قوي بخفض الانبعاثات للحفاظ على وجودها، كما تحتاج أيضاً إلى تمويل للخسائر والأضرار، وتمويل لاتخاذ إجراءات تساعد على التكيف مع آثار تغيرات المناخ.
وتقول زاكي الدين، إنه «بطبيعة الحال، فإن خفض الانبعاثات الذي تريده الدول الجزرية يتعارض مع توجهات بعض الدول الأفريقية، ودول عربية، وكذلك الصين؛ إذ ترى هذه الدول أن من حقها الاستفادة من مواردها، لكنهم يشتركون مع الدول الجزرية – باستثناء الصين وبعض الدول العربية - في حاجتهم إلى تمويل الخسائر والأضرار».
في سياق متصل، يبدو الاتحاد الأوروبي الأكثر ميلاً إلى الاستماع إلى مطالب تمويل الخسائر والأضرار، التي تعرقلها دول أخرى، أبرزها الولايات المتحدة ونيوزيلندا والنرويج وأستراليا (تأمل باستضافة مؤتمر الأطراف الـ31).
وقال أحمد الدروبي، مدير الحملات في «غرينبيس» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الدول (المعرقلة) ترى أن بإمكانها تمويل برامج التكيف المناخي، وتقديم مساعدات فردية للدول المتضررة من تغير المناخ، وترفض فكرة إنشاء مؤسسة تمويلية مستقلة للخسائر والأضرار، كما ترفض أيضاً أن يكون الحديث عن الخسائر والأضرار تحت عنوان (التعويضات)؛ لأن التعويض يترتب عليه اعتراف بأن ما ستحصل عليه تلك الدول النامية حق، و(الدول المعرقلة) تراه مساعدات وليس حقاً».
وانطلاقاً من هذه المواقف المتباينة والمتداخلة، أبدى تقرير أصدرته مؤسسات «فيوتشر إيرث» و«إيرث ليج» و«البرنامج العالمي لأبحاث المناخ»، خشيتها من شيوع ما سمته بـ«أسطورة التكيف اللانهائي»؛ إذ إن الموقف الواضح للدول المعرقلة لتمويل الخسائر والأضرار، أنها تدعو الدول الفقيرة والنامية إلى خفض الانبعاثات، مع تقديم وعود بتمويل يساعد على تبني تكنولوجيات التخفيف والتكيف المناخي.
ويوضح التقرير الصادر في 10 نوفمبر، أنه «كلما قللنا من هدف التخفيف بزيادة الانبعاثات، كان علينا التكيف أكثر، ومن ثم فإن الاستثمار في التخفيف هو وسيلة لتقليل الحاجة إلى الاستثمار في التكيف، هذا فضلاً عن أن التكيف له حدود، فعند تجاوز عتبة الـ2 درجة مئوية زيادة في درجة حرارة سطح الأرض، سيصبح ذلك صعباً».
وعودة إلى زاكي الدين، فإنها تقول: «مثل هذه المواقف المتداخلة قد يقود في النهاية إلى أن الثلاث قضايا المتعلقة بتغير المناخ (التكيف والتخفيف والخسائر والأضرار)، متداخلة في قمة (كوب 27)، حيث إنك لا تستطيع تحقيق اختراق في ملف دون الآخر».
ولا يستطيع الدروبي، التنبؤ بما ستؤول إليه المفاوضات خلال الأيام القادمة لحل هذه الإشكالية الصعبة، ويقول: «سيكون على الرئاسة المصرية للمؤتمر بذل جهد كبير لتقريب وجهات النظر في المفاوضات».


مقالات ذات صلة

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

يوميات الشرق الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

لماذا يطالب ترمب بجزيرة غرينلاند وقناة بنما؟

يسعى ترمب من خلال مطالبته بالسيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما، لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة للولايات المتحدة، لا سيما على حساب الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)
بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
بيئة تغير المناخ جعل ارتفاع درجات الحرارة أكثر ترجيحاً بمختلف أنحاء العالم (رويترز)

تغيّر المناخ أضاف 41 يوماً من الحرارة الخطيرة بمختلف أنحاء العالم عام 2024

ذكرت مجموعة من العلماء أن البشر في جميع أنحاء العالم عانوا من متوسط 41 يوماً إضافياً من الحرارة الخطيرة، هذا العام؛ بسبب تغير المناخ الناجم عن الإنسان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال خطاب جرى بثه على الهواء مباشرة اليوم الاثنين إنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم، لكنه أوضح أنه سيبقى في منصبه حتى يختار الحزب بديلاً له.

وقال ترودو أمام في أوتاوا «أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل».

وأتت الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع حزبه إلى أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة «غلوب آند ميل» أفادت الأحد، أنه من المرجح أن يعلن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.