زوجات الأنبياء الحلقة (17) : «جويرية» تحرر الأسرى

نجت من السبي وأعتقت أهلها

زوجات الأنبياء الحلقة (17) :  «جويرية» تحرر الأسرى
TT

زوجات الأنبياء الحلقة (17) : «جويرية» تحرر الأسرى

زوجات الأنبياء الحلقة (17) :  «جويرية» تحرر الأسرى

لا يملك من يتأمل شجاعة وعزة أم المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث إلا أن يقف أمامها باحترام وإجلال كبيرين.
وقعت «أسيرة» في أيدي المسلمين بعد هزيمة قومها «بني المصطلق»، ولكنها لم تستسلم لما آل إليه حالها، كما استسلم غيرها.
بذلت جهودها لتفتدي نفسها من الأسر، وتعود حرة كما كانت.. كاتبت ثابت بن قيس بن شماس الذي وقعت في سهمه.
لم تكتفِ بذلك، بل ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستغيثة به طالبة مساعدته في فكاكها، فاستجاب لها، وأكرمها، وعرض عليها الزواج، فسارعت بالإجابة.
وعندما ذهب أبوها إلى المدينة عارضا افتداءها كان جوابها: «اخترت الله ورسوله».
يقول الكاتب محمد حسين سلامة في كتابه «نساء فضليات»: «ظل بني المصطلق يغطون في ظلام الجاهلية بزعامة رئيسهم الحارث بن أبي ضرار، وكانت أنباء انتصارات الرسول، صلى الله عليه وسلم، تقرع آذانهم، وتقض مضاجعهم، وبدأت الوساوس تدور في أذهانهم، وتلعب برؤوسهم، ويزين لهم الشيطان أنهم أقوياء، وأنهم قادرون على محمد صلى الله عليه وسلم».
وفي كتابها «نساء النبي» تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ): «في السنة السادسة للهجرة بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، أن بني المصطلق - وهم حي من خزاعة - يجمعون الجموع لقتال النبي صلى الله عليه وسلم، بقيادة زعيمهم الحارث بن أبي ضرار.
وخرج إليهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، ومعه من نسائه عائشة، حتى لقيهم على ماء لهم، يقال له المريسيع، فكان قتال مرير، انتهى بهزيمة بني المصطلق، وسيقت نساؤهم سبايا، وفيهن جويرية بنت الحارث ابن أبي ضرار، سيد القوم وقائدهم».
يقول ابن إسحاق فيما يرويه عن عائشة، رضي الله عنها، إنها قالت: «لما قسم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سبايا بني المصطلق، وقعت جويرية في السهم لثابت بن قيس بن شماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يرها أحد إلا أخذت بنفسه».
بعد المكاتبة رأت جويرية أن تلجأ إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليعينها على الفكاك. ويسجل الكاتب محمد علي قطب، في كتابه «نساء حول الرسول»، الحوار الذي دار بينها وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، حين ذهبت إليه في بيت عائشة، حيث بادرت بقولها: «يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه، وقد أصابني من الأمر ما قد علمت، فوقعت في سهم ثابت بن قيس، فكاتبني على تسع أواقٍ، فأعني في فكاكي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوخير من ذلك؟
فقالت: ما هو؟
فقال صلى الله عليه وسلم: أؤدي عنك كتابتك، وأتزوجك.
فقالت: نعم، يا رسول الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد فعلت».
ويضيف الكاتب أن جويرية أسلمت وهي بنت سيد القوم، ولجأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعين به، فلا بد من وضعها في إطارها السليم الصحيح.
لقد جاءت رضي الله عنها، تطلب خيرًا، فوجدت ما هو أبلغ وأعظم.
وما من شك في أن هذا التصرف من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد ترك آثاره وأبعاده في قلبها، وعند أهلها، وفي محيط عشيرتها.
كان اسمها «برة»، فسماها الرسول صلى الله عليه وسلم «جويرية». ومما قالته السيدة عائشة رضي الله عنها، عقب هذا الزواج: خرج الخبر إلى الناس، فقالوا: أصهار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يُسترقّون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم، من سبي «بني المصطلق»، فبلغ عتقهم مائة أهل بيت.
وتضيف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «فلا أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها».
يقول الكاتب محمد حسين سلامة في كتابه «نساء فضليات»: عاشت جويرية بنت الحارث، في رحاب بيت الحبيب، صلى الله عليه وسلم، من القانتات العابدات، الصائمات القائمات، وكانت لا تفتر عن ذكر الله، عز وجل.
وكان صلوات الله وسلامه عليه، يعلمها من القرآن والسنة، حتى تزداد علما وإيمانا وثباتا على الحق الذي تحياه.
وتحكي السيدة جويرية موقفا قبل إسلامها، فتقول: رأيت قبل قدوم النبي بثلاث ليال كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبر به أحدًا من الناس، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سبينا رجوت الرؤيا.
قالت: فأعتقني رسول الله وتزوجني، والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم، وما شعرت إلا بجارية من بنات عمي تخبرني الخبر، فحمدت الله.
ونعود إلى الكاتب محمد علي قطب حيث يسجل لفتة مهمة تجلت فيها عظمة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقد علم والد جويرية، رضي الله عنها، أن ابنته انتقلت من ملك ثابت بن قيس إلى بيت محمد، صلى الله عليه وسلم، وأصبحت زوجة له، فعزم على القدوم إلى المدينة، مفتديا ابنته بمائة من الإبل.
فلما قارب المدينة ونظر إلى إبله يتفحصها، أعجب ببعيرين منها، وحدثته نفسه أن ينحيهما جانبا ضنا بهما أن يكونا في عداد الفدية، ففعل ذلك، وعقلهما في مكان أمين.
ثم دخل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في المسجد راجيا أن يقبل منه الفدية، التي حملها إليه، ويرد عليه ابنته جويرية، فرحب به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وسأله مبتسما: «فما بال البعيرين اللذين نحيتهما، وعقلتهما في مكان كذا؟».
عندئذ وجم الرجل، وبدت الدهشة على وجهه، وانعقد لسانه عن الكذب، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك يا محمد رسول الله، والله ما علم بهذا الأمر غير الله تعالى.
وأسلم بإسلام الحارث بنو المصطلق جميعا، بعد أن عاد من المدينة إلى دياره وأخبر قومه، ودعاهم إلى الإسلام، وكان ذلك من بركة رسول الله على جويرية، وقومها، وعشيرتها.



الدراما الاجتماعية تتصدر «الماراثون» التلفزيوني مصرياً

من مسلسل {جعفر العمدة}
من مسلسل {جعفر العمدة}
TT

الدراما الاجتماعية تتصدر «الماراثون» التلفزيوني مصرياً

من مسلسل {جعفر العمدة}
من مسلسل {جعفر العمدة}

من بين 30 عملاً درامياً مصرياً تم عرضها خلال ماراثون دراما رمضان 2023، تنوعت بين دراما اجتماعية وكوميدية، ووطنية، وتاريخية، تصدرت الدراما الاجتماعية السباق، بعدما حققت بعض المسلسلات التي تنتمي لها تفاعلاً كبيراً بين الجمهور، وإشادات نقدية لافتة.
وشهد هذا الموسم ظواهر عديدة، منها زيادة عدد المسلسلات القصيرة، وتشابه الأفكار بين أكثر من عمل، وتصدر الفنانات لبطولات العديد من الأعمال، وعودة الدراما الدينية مع مسلسل «رسالة الإمام»، وطرح قضايا المرأة الشائكة، على غرار مسلسلات «تحت الوصاية، وعملة نادرة، وستهم»، كما أنتجت الشركة المتحدة عملين وطنيين يرصدان بطولات الجيش المصري في حربه ضد الإرهاب، وهما: «الكتيبة 101»، و«حرب»، وقدمت عملاً تاريخياً بعنوان «سره الباتع» كأول أعمال المخرج خالد يوسف في الدراما التلفزيونية، فيما كان نصيب الأسد للأعمال الكوميدية بـ7 مسلسلات.

نيللي كريم

وبينما احتلت بعض الأعمال «الترند» أكثر من مرة، خلال الماراثون على غرار مسلسلي «جعفر العمدة، وتحت الوصاية»، و«ضرب نار»، و«المداح»، مرت أعمالاً أخرى مرور الكرام، ولم تكن مثار اهتمام على أي وجه. وفق نقاد.
وبحسب محلل البيانات والذكاء الاصطناعي مصطفى أبو جمرة، فإن مواقع «السوشيال ميديا» كانت محركاً أساسياً في دفع الجمهور لمشاهدة أعمال دون أخرى، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن أكبر دليل على ذلك نسب المشاهدة لـ«جعفر العمدة» التي عززتها مواقع التواصل ودفعت لتوجيه متابعين جدد للمسلسل، مشيراً إلى أن «جعفر العمدة» لمحمد رمضان، و«تحت الوصاية» لمنى زكي، نالا نصيب الأسد في نسب المشاهدة خلال الماراثون الرمضاني، وفقاً لمؤشرات تحليل مواقع «السوشيال ميديا»، على حد تعبيره.
وبين صعود وهبوط مسلسلات ماراثون دراما رمضان، ترصد «الشرق الأوسط» أبرز الأعمال التي نجحت في جذب الانتباه من خلال أفكارها الجذابة وسردها المشوق، والأخرى التي فشلت في لفت الأنظار وشهدت تراجع بعض النجوم، عبر آراء نقاد.

خالد النبوي في {رسالة الإمام}

- تألق منى زكي
تقيس الناقدة خيرية البشلاوي نجاح العمل الفني بمدى ما يحققه من صدى اجتماعي إيجابي، لذا ترى أن مسلسل «تحت الوصاية» عمل جيد تتكامل فيه العناصر الفنية، ونجحت بطلته منى زكي في أداء دورها بشكل صادق، ولم تكن الطفلة «التوأم» ولا الطفل «عمر الشريف» بأقل حضوراً وتلقائية، وكل الممثلين على نسق أداء بارع مثل رشدي الشامي، كما أن نيللي كريم التي طرحت قضية تمس آلاف النساء في صعيد مصر تتعلق بحرمان بعض النساء من ميراثهن الشرعي بحكم عادات وتقاليد مغلوطة عبر مسلسل «عملة نادرة».
ورغم الانتشار الكبير لمسلسل «جعفر العمدة»، فإن الناقدة المصرية تتحفظ على النجاح الجماهيري الذي حققه المسلسل، وتراه مؤشراً على تراجع المجتمع، مبررة ذلك بقولها إن المسلسل ومعه «المداح» هما الأسوأ لأنهما يشدان المجتمع للخلف عبر ما يطرحانه من أفكار تمثل ردة حقيقية. على حد تعبيرها.

ياسمين عبد العزيز في مشهد من مسلسل (ضرب نار)

- تراجع يسرا
فيما يرى الناقد طارق الشناوي أن أبرز أعمال رمضان 2013 مسلسل «تحت الوصاية» لتميزه في الكتابة لخالد وشيرين دياب، وتكامل عناصره الفنية التي قادها المخرج محمد شاكر خضير، ووصول أداء منى زكي فيه إلى ذروة الإبداع.
وأشار إلى أن فكرة البطولة الثنائية في مسلسلي «الكتيبة 101، وحرب» من الجماليات الفنية التي تحسب لصناع العمل، كما جاء «رسالة الإمام» بطولة خالد النبوي، في توقيته ليقدم صورة صادقة عن سماحة الإسلام.
وعن أفضل الأعمال الكوميدية هذا العام قال: «كامل العدد، والصفارة» الأبرز.
ويعتقد الشناوي، أن مسلسل «سوق الكانتو» عمل مهم، لكن ظلمه صخب العرض الرمضاني، مما أثر عليه سلباً، لكنه يرى أنه سيأخذ حقه في عرضه الثاني بعد شهر رمضان.
ولم يخف الشناوي انحيازه لـ«الهرشة السابعة» لجرأته في الكتابة، وبطلته أمينة خليل التي تعبر بقوة عن فن أداء الممثل الفطري، مشيراً إلى أن مسلسل «1000 حمد الله على السلامة» شهد تراجعاً بالنسبة للفنانة يسرا لأن اختيارها لم يكن موفقاً نصاً وإخراجاً.

علي قاسم وأسماء جلال في مشهد من مسلسل «الهرشة السابعة»

- تكرار الشخصيات
من جهتها، أكدت الناقدة ماجدة خير الله، أن مسلسل «تحت الوصاية» تصدر قائمة الأفضل لديها من دون منازع، لكن هذا لا يمنع من تميز مسلسلات أخرى من بينها «الهرشة السابعة» و«كامل العدد» كأعمال اجتماعية لطيفة، بجانب «تغيير جو» الذي يمثل نوعية أخرى تتطلب تأملاً، وكذلك «رشيد» لمحمد ممدوح، و«جت سليمة» لدنيا سمير غانم.
وترى خير الله أن الممثل محمد سعد «انتحر فنياً» بإصراره على اختيارات غير موفقة، معلنة عدم تعاطفها مع «جعفر العمدة»، مشيرة كذلك إلى تكرار عمرو سعد نفسه، على مدى ثلاث سنوات بالمحتوى والأداء نفسيهما.
- الأفضل كوميدياً
ورغم عرض سبعة أعمال كوميديا خلال الشهر الكريم، فإن الجمهور يميل أكثر للدراما الاجتماعية في رمضان بحسب الناقد خالد محمود، الذي يرى أن «الكبير أوي» لأحمد مكي إضافة مهمة في جزئه السابع، وتميز بالدفع بوجوه جديدة، وهو يظل عملاً ناجحاً، و«الصفارة» كان الأبرز لأن أحمد أمين لديه قدرة على التغيير والتلوين، ونجح مسلسل «جت سليمة» لدنيا سمير غانم في الجمع بين الكوميديا والاستعراض والغناء، لكن محمود يرى أن تجربة يسرا مع الكوميديا هذا العام غير موفقة لضعف السيناريو.

زكي خطفت الإشادات عبر «تحت الوصاية» (الشرق الأوسط)

- مستوى متوسط
ووفقاً للناقد رامي عبد الرازق فإن الموسم الدرامي هذا العام جاء متوسط المستوى والنجاح، وأن الخاسرين أكثر من الفائزين، مؤكداً أن المسلسلات القصيرة ستفرض وجودها في المواسم اللاحقة، لا سيما مع تفوق أعمال من بينها، «الهرشة السابعة» و«الصفارة» و«تحت الوصاية»، التي يراها «أكثر ثلاثة أعمال رابحة على مستوى الشكل الفني والمضمون الدرامي الذي ينطوي على قدر كبير من التماسك والنضح والعمق والتوزان».
وأعرب عبد الرازق عن إحباطه من مسلسل «سره الباتع»، مبرراً ذلك بقوله: «المسلسل شهد استسهالاً في المعالجة، ومباشرة في الطرح، ونمطية وعدم إتقان في الشكل رغم الميزانية الضخمة التي أتيحت له، وأن مسلسل «سوق الكانتو» حقق نقلة فنية في شكل الديكورات والإخراج الفني لكن الدراما به جاءت هشة كما أن إيقاعها بطيء، بالإضافة إلى أن كثيراً من الأعمال سوف تتبخر تماماً من ذاكرة المشاهد ولن يعود إليها مرة أخرى، باستثناء مسلسل «تحت الوصاية». مؤكداً أن على ياسمين عبد العزيز أن تكتفي بهذا القدر من الأعمال التي تجمعها وزوجها الفنان أحمد العوضي بعد «ضرب نار».