معوّض يسجل اختراقاً لـ«الأكثريات المتناثرة» في البرلمان اللبناني

المرشح النائب ميشال معوض تمكن من تسجيل اختراق تجلى في توسيع دائرة مؤيديه في جلسة الانتخاب الأخيرة (د.ب.أ)
المرشح النائب ميشال معوض تمكن من تسجيل اختراق تجلى في توسيع دائرة مؤيديه في جلسة الانتخاب الأخيرة (د.ب.أ)
TT

معوّض يسجل اختراقاً لـ«الأكثريات المتناثرة» في البرلمان اللبناني

المرشح النائب ميشال معوض تمكن من تسجيل اختراق تجلى في توسيع دائرة مؤيديه في جلسة الانتخاب الأخيرة (د.ب.أ)
المرشح النائب ميشال معوض تمكن من تسجيل اختراق تجلى في توسيع دائرة مؤيديه في جلسة الانتخاب الأخيرة (د.ب.أ)

يراهن عدد من السياسيين اللبنانيين على أن الشغور في سدة الرئاسة الأولى لن يطول إلى أبعد من حلول العام الجديد؛ لأن تمديده إلى أمد طويل، كما يقول هؤلاء، سيؤدي إلى مزيد من الانحلال لإدارات ومؤسسات الدولة التي أخذت تنهار الواحدة تلو الأخرى، ولم يبق منها على قيد الحياة سوى المؤسسات الأمنية، وهذا ما يشكل إحراجاً للمجلس النيابي الذي لا يزال عاجزاً عن انتخاب رئيس للجمهورية.
ويلفت هؤلاء إلى أن إنجاز الترسيم البحري للحدود اللبنانية - الإسرائيلية بوساطة أميركية وبرعاية الأمم المتحدة، لن يرى النور على طريق البدء بالتنقيب عن الغاز والنفط واستخراجهما، ما لم يتلازم مع إتمام الترسيم البري بالمفهوم السياسي للكلمة، بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة على ابتداع آلية؛ للحفاظ على الثروة النفطية لقطع الطريق على التفريط فيها.
ويضيفون أن هناك ضرورة ملحة لإنجاز الترسيم البري بانتخاب رئيس للجمهورية؛ للشروع من خلال تشكيل الحكومة العتيدة إلى إنشاء صندوق سيادي واستحداث الشركة الوطنية لإدارة قطاع النفط، بدلاً من ترحيل الجلسات النيابية المخصصة لانتخابه من جلسة لأخرى، وآخرها الجلسة المقررة الخميس المقبل والتي يفترض، ما لم يطرأ تحول في المزاج النيابي، أن تنتهي على غرار سابقاتها من الجلسات التي فشلت في انتخاب رئيس خلفاً للرئيس ميشال عون.
ويؤكد هؤلاء أن لا مبرر لدعوة البرلمان للانعقاد من جديد ما دام أن الجلسات ستكون نسخة طبق الأصل عن سابقاتها، مضيفين أن من الأفضل التريث إفساحاً في المجال أمام بدء المشاورات بين الكتل النيابية لتذليل العقبات التي تعطل انتخاب الرئيس؛ لئلا تأتي الجلسة المقبلة في سياق رفع العتب وتبادل الاتهامات التي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع منسوب الاحتقان الطائفي. ولبنان يقف حالياً على عتبة معركة سياسية على خلفية الاختلاف حول ما يُعرف بـ«تشريع الضرورة»، في ظل رفض الأكثرية المسيحية في البرلمان حضور الجلسات التشريعية وربط انعقادها بانتخاب رئيس أولاً.
ومع أن رئيس المجلس النيابي لن يستعجل، كما يبدو، توجيه الدعوات لعقد جلسات من أجل «تشريع الضرورة»، فإن هناك من يسأل: ما العمل في حال أن الشغور الرئاسي امتد إلى أمد طويل؟ وهل يمكن للبرلمان تعليق الجلسات؟ وماذا سيكون رد فعل المجتمع الدولي الذي يلح على إقرار القوانين الإصلاحية وتحديداً تلك المتعلقة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته؟
ولذلك فإن استمرار تعطيل جلسات الانتخاب سيؤدي حتماً إلى إحراج البرلمان.
وفي حين يتحدث عدد كبير من النواب عن ضرورة «لبننة» الاستحقاق الرئاسي وعزله عن الوضع المأزوم في المنطقة، فإنهم في المقابل لا يفسرون سبب انقطاع التواصل فيما بينهم بحثاً عن رئيس توافقي. ويمكن القول إن العلامة السياسية الفارقة التي أسفرت عنها جلسة الانتخاب الخامسة (يوم الخميس) تكمن في أن المرشح النائب ميشال معوض تمكن، للمرة الأولى، من تسجيل اختراق لـ «الأكثريات المتناثرة» في البرلمان تجلى في توسيع دائرة المؤيدين له بتأييد ترشحه من عدد من النواب المستقلين وآخرين من المنتمين إلى تكتل «الاعتدال النيابي» وتكتل قوى «التغيير». ويبدو أن المعارضة نجحت في حصد المزيد من المؤيدين لمعوض، وكأنها تريد تمرير رسالة إلى «محور الممانعة» في البرلمان خلاصتها بأن مرشحها سيحصد المزيد من أصوات النواب في جلسة الخميس المقبل، ما يلامس حصوله على أكثر من خمسين صوتاً، ما يعني من وجهة نظرها بأنها تملك أكثرية الثلث النيابي المعطل، فيما الموالاة تصر على الاقتراع بورقة بيضاء ليس لتعطيل العملية الانتخابية فحسب، وإنما لعجزها حتى الساعة عن إقناع النائب جبران باسيل بتأييد ترشّح زعيم «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة.
وفي هذا السياق، يقول مصدر نيابي بارز في المعارضة إن قول «حزب الله» إن اقتراع أعضاء كتلته النيابية بورقة بيضاء هدفه قطع الطريق على انتخاب رئيس يشكل تحدياً لـ«محور الممانعة»، ليس في محله، متسائلاً عن سبب تعطّل جهوده لتوحيد الموالاة حول دعم فرنجية. وأكد أن الحزب يعطي فرصة لنفسه لاستيعاب باسيل كي يمون عليه لاحقاً بسحب الفيتو على تأييد خصمه اللدود فرنجية، خصوصاً أن هناك مصلحة مشتركة بعدم إعلانه عن ترشيحه؛ لأن فرنجية كان قد أبلغه بأنه ليس في الوارد تقديم نفسه على أنه مرشح «الثنائي الشيعي» (حزب الله وأمل).
ويلفت المصدر النيابي إلى أن معوض «يقف على أرض صلبة، ولا يمكن الطلب مجاناً من المعارضة سحبه من المعركة لمصلحة البحث عن رئيس توافقي، فيما يواجه «حزب الله» مشكلة باشتراط فرنجية عدم تفرد الثنائي الشيعي بترشّحه». ويرى أن الرهان على شرذمة المعارضة أخذ يتقلص تدريجياً بعد الاختراق الذي سجله معوض، والذي يمكن التأسيس عليه لاستيعاب العدد الأكبر من النواب المنتمين إلى المعارضة، خصوصاً أن تكتل قوى «التغيير» يواجه مشكلة في داخله كانت وراء تشتيت أصواته في جلسة الانتخاب الأخيرة. ويؤكد أن معوض على تفاهم مع القوى الداعمة له، وأن وقوفها إلى جانبه سيؤدي حكماً إلى فتح الباب وبموافقته أمام البحث عن مرشح توافقي، شرط ألا يكون من المنتمين إلى قوى «8 آذار».
ويلفت إلى أن المعارضة الداعمة لمعوض كانت قد اتفقت معه على خريطة طريق لإدارة الملف الرئاسي، وهي لن تتفرد بموقف في منأى عن التنسيق معه، بينما «محور الممانعة» بقيادة «حزب الله» لا يزال عاجزاً عن تدوير الزوايا مع حلفائه للتوصل إلى دعم ترشّح فرنجية بصورة رسمية.
ويبقى السؤال: إلى متى تستمر «مسرحية» تعطيل جلسات الانتخاب؟ وهل يصر «حزب الله» على مراعاة باسيل ولا يريد أن يكسر الجرة معه لأن الطرفين في حاجة إلى بعضهما البعض، رغم أن «الترسيم البحري» كان الأصعب للحزب بسبب تداخله مع إسرائيل بخلاف «الترسيم البري»؛ لأن من لعب دوراً في تحديد الحدود البحرية بتوفير الغطاء السياسي لإنجازه سيكون من السهل عليه تسهيل انتخاب الرئيس، إلا إذا كانت لديه حسابات تتجاوز الداخل إلى الإقليم، وصولاً إلى حليفه النظام الإيراني؟


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
TT

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

حض مسؤولان أمميان من أعضاء مجلس الأمن على مواكبة العملية الانتقالية في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم أن السلطات المؤقتة، برئاسة زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، «أبدت تحفظات» على بعض مندرجاته.

وحذّر المسؤولان الأمميان من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات»، في ظل مخاوف زائدة من العمليات العسكرية الإسرائيلية من جهة، واحتمال استغلال «داعش» للوضع الراهن من جهة أخرى.

وعقد مجلس الأمن جلسته هذه حول سوريا، الأربعاء، فاستمع إلى إفادتين، الأولى من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، حول الأوضاع السياسية، ومن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، توم فليتشر، حول الحال الإنسانية في سوريا بعد شهر واحد من انهيار نظام الأسد.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة توم فليتشر يقدم إفادة لأعضاء مجلس الأمن حول سوريا (الأمم المتحدة)

وفي مستهل كلامه، أطلع بيدرسن أعضاء مجلس الأمن على التطورات الأخيرة في سوريا، وانخراطه مع السلطات المؤقتة بقيادة أحمد الشرع، الذي أعلن اتفاقات مع عدد من الفصائل المسلحة لحلها ودمجها في الجيش السوري الموحد، مشيراً إلى إعلان السلطات المؤقتة خططاً لعقد مؤتمر حوار وطني لجمع القوى السياسية والطائفية المختلفة لمناقشة العملية الانتقالية. ولاحظ أنه رغم أن التقارير الإعلامية تشير إلى أن المؤتمر قد يعقد الشهر الحالي، فإن وزير خارجية الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني أفاد بأن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت، موضحاً أن الاستعدادات جارية لتشكيل لجنة تحضيرية تكفل أوسع تمثيل لشرائح الشعب السوري، علماً بأن الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة قاما بزيارات دبلوماسية إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن، بهدف بناء الدعم لـ«استقرار سوريا وأمنها وانتعاشها الاقتصادي وبناء شراكات متميزة».

6 نقاط

وعدّد بيدرسن ست نقاط رئيسة، أولها: «مواصلة السلطات المؤقتة العمل على هيكلة وتعزيز سلطتها». وأشار في الثانية إلى «علامات على عدم الاستقرار داخل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات المؤقتة»، بما في ذلك «تقارير متعددة عن حوادث عنف - في المنطقة الساحلية وحمص وحماة على وجه الخصوص - بما في ذلك روايات عن المعاملة المهينة والمذلة»، فضلاً عن «مقاطع فيديو لما يبدو أنها انتهاكات أو عمليات قتل خارج نطاق القضاء لمسؤولين من النظام السابق». وتتعلق الثالثة بوجود «مناطق كبيرة خارج سيطرة السلطات المؤقتة»، إذ «يستمر الصراع» وسط «تهديدات حقيقية لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها». وأوضح أنه «لا تزال مناطق الشمال الشرقي، وكذلك أجزاء من مدينة حلب، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب» في ظل «اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بالمدفعية بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني السوري على وجه الخصوص». وحض على «تطوير كل قنوات الحوار ودعمها، كما حض كل الأطراف على إيجاد طريق للمضي قدماً من دون مواجهة عسكرية». وعبّر عن «قلق عميق إزاء استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي والنشاط العسكري، بما في ذلك خارج منطقة الفصل، في انتهاك لاتفاق فك الارتباط لعام 1974»، مضيفاً أنه «لا بد من وقف الهجمات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها». وشدّد على أن «(داعش) لا يزال يشكل قلقا كبيرا، مع استمرار نشاطاته، والمخاوف من أنه قد يسعى إلى الاستفادة من التقلبات الأمنية في بعض المناطق».

وإذ ركز في النقطة الرابعة على الحاجات الإنسانية الملحة للشعب السوري، أكد في الخامسة أن «الطريق إلى الأمام في الانتقال السياسي غير واضح»، علماً بأن «هناك عناصر إيجابية يمكن البناء عليها، ولكن هناك أيضاً عدة نقاط مثيرة للقلق يعبر عنها السوريون»، بما في ذلك «التعبير عن المواقف بشأن طبيعة الدولة قبل العملية الدستورية، أو إصدار قرارات سياسية طويلة الأجل فيما يتعلق بقطاع الأمن، أو في مجالات مثل التعليم». وقال: «تلقى بعض السوريين إشارات إيجابية من السلطات المؤقتة، خصوصاً من حيث التأكيد على الشمولية والحاجة إلى إشراك طيف واسع من السوريين في تشكيل المرحلة الانتقالية (...) وفي الوقت ذاته، سمعنا مخاوف بشأن الافتقار إلى الشفافية حول التوقيت والإطار والأهداف والإجراءات في أي مؤتمر للحوار الوطني - وكذلك المشاركة، من حيث معايير الحضور وتوازن التمثيل».

وأكد في النقطة السادسة أنه «مستعد للعمل مع السلطات المؤقتة بشأن كيفية تطوير الأفكار والخطوات الناشئة والمهمة التي تم التعبير عنها حتى الآن والمبادرة بها نحو انتقال سياسي موثوق وشامل»، طبقاً للمبادئ المنصوص عليها في القرار «2254». ومع ذلك، أشار إلى أن «السلطات السورية المؤقتة أبدت تحفظات بشأن استمرار أهمية القرار (2254)»، داعية إلى مراجعته. وأكد أنه «شجع السلطات المؤقتة على الانخراط في حوار بشأن مخاوفها»، محذراً من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات مدنية».

الدعم المطلوب

أما فليتشر، فقدّم لمحة عامة عن الوضع الإنساني الصعب في البلاد، والجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية لتوصيل المساعدات في كل أنحاء البلاد. وقال إن الوضع الإنساني في سوريا «لا يزال مأسوياً» رغم الاستقرار النسبي في الأسابيع الأخيرة. وأضاف أن «الخدمات الأساسية تحتاج إلى إعادة البناء، ويحتاج المدنيون إلى الحماية، وتواجه النساء والفتيات التهميش». وأكد أن «حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية، مع نزوح أكثر من 620 ألف شخص، ويواجه الكثير منهم ظروف الشتاء القاسية».

وطلب فليتشر من مجلس الأمن «دعم الضمانات باحترام القانون الإنساني الدولي، وتمكين المنظمات الإنسانية من العمل بحرية»، فضلاً عن «زيادة التمويل للدعم الأطول أمداً»، و«ضمان تدفق الدعم بكفاءة إلى داخل سوريا ومن خلالها، مع عدم إعاقة العقوبات للمساعدات الإنسانية والدعم من البلدان المجاورة».

مواقف الأعضاء

وعبّر أعضاء المجلس عن دعمهم لجهود بيدرسن، ودور الأمم المتحدة في «تيسير العملية الانتقالية والمبادئ المنصوص عليها في القرار (2254)». وتحدث بعضهم عن القلق من استمرار الأعمال العدائية في بعض أجزاء البلاد، خصوصاً الشمال، داعين إلى معالجة التوترات بين الفصائل العسكرية المختلفة، والحفاظ على الهدوء، والاتفاق على وقف النار على مستوى البلاد، فضلاً عن حماية المدنيين، بما في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، في ظل «تقارير مقلقة» عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وأعمال انتقامية.

وسلط أعضاء مجلس الأمن الضوء أيضاً على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا، والحاجة إلى منع «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى من إعادة بناء قدراتها. وطالب البعض بـ«احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، مندداً بالغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة.