بريطانيا على باب الركود

مع انكماش الاقتصاد في الربع الثالث

أمام بنك إنجلترا المركزي في العاصمة لندن... فيما تنذر البيانات الاقتصادية بركود طويل مقبل (أ.ب)
أمام بنك إنجلترا المركزي في العاصمة لندن... فيما تنذر البيانات الاقتصادية بركود طويل مقبل (أ.ب)
TT

بريطانيا على باب الركود

أمام بنك إنجلترا المركزي في العاصمة لندن... فيما تنذر البيانات الاقتصادية بركود طويل مقبل (أ.ب)
أمام بنك إنجلترا المركزي في العاصمة لندن... فيما تنذر البيانات الاقتصادية بركود طويل مقبل (أ.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر (أيلول)، في مستهل ما يرجح أن يكون ركوداً مطولاً؛ الأمر الذي يضيف إلى التحديات التي يواجهها وزير المالية جيريمي هنت الذي يستعد لزيادة الضرائب وخفض الإنفاق.
وأظهرت بيانات رسمية، الجمعة، انكماش الاقتصاد البريطاني 0.2 في المائة في الربع الثالث، وهو ما يقل عن توقعات محللين في استطلاع أجرته «رويترز» بانكماش نسبته 0.5 في المائة. وهذا هو أول انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية 2021 عندما كانت بريطانيا تفرض قيوداً مشددة لمكافحة «كوفيد - 19»، ويأتي في وقت تواجه فيه الأسر والأعمال أزمة تكاليف معيشة حادة.
وأصبح حجم الاقتصاد البريطاني أقل بصورة أكبر مما كان عليه قبل الجائحة، كما أنه الاقتصاد الوحيد ضمن مجموعة السبع الذي لم يتعاف تماماً من الركود الذي تسببت فيه.
وقالت مؤسسة «ريزوليوشن فاونديشن» البحثية، إنه على الرغم من أن الانخفاض جاء أقل مما كان يخشى المستثمرون، فإنه يجعل بريطانيا على الطريق لأسرع عودة إلى ركود منذ منتصف السبعينات. وهذا التراجع قد يكون بداية ركود اقتصادي، والذي يتم تعريفه بأنه تراجع الناتج المحلي الإجمالي على مدار ربعين سنويين متتاليين.
وتعليقاً على البيانات، كرر هنت تحذيراته من أن هناك حاجة إلى قرارات صعبة بخصوص الضرائب والإنفاق. وقال في بيان «أدرك تماماً حقيقة أن هناك طريقاً صعبة أمامنا - وهي طريق ستتطلب قرارات قاسية للغاية لاستعادة الثقة والاستقرار الاقتصادي»، وأضاف «لكن لتحقيق نمو طويل الأجل ومستدام، فإننا في حاجة إلى السيطرة على التضخم، وتحقيق التوازن في الميزانية، وخفض الديون... لا توجد طريق أخرى».

- واقع الركود
وذكر بنك إنجلترا الأسبوع الماضي، أن الاقتصاد البريطاني سيدخل في ركود يستمر لعامين إذا ارتفعت أسعار الفائدة بالقدر الذي يتوقعه المستثمرون، وهي أطول فترة ركود متتالية منذ بدء الاحتفاظ بالسجلات الاقتصادية الموثوقة في عشرينيات القرن الماضي. وأشار البنك إلى أنه - حتى من دون المزيد من رفع الفائدة - فإن الاقتصاد سينكمش في خمسة من الستة أرباع حتى نهاية عام 2023.
وذكر مكتب الإحصاءات الوطنية، أنه في سبتمبر وحده، عندما أغلقت الكثير من الشركات أبوابها بعد إعلان عطلة عامة ليوم واحد في جنازة الملكة إليزابيث، انكمش الاقتصاد 0.6 في المائة. ويزيد هذا على توقعات في استطلاع أجرته «رويترز» بانكماش 0.4 في المائة، كما أنه الأكبر منذ يناير (كانون الثاني) 2021 عندما كان هناك إغلاق بسبب «كوفيد - 19».
لكن جرى تعديل بيانات الناتج المحلي الإجمالي في أغسطس (آب) لتظهر انكماشاً طفيفاً عند 0.1 في المائة، مقارنة مع انكماش بنسبة 0.3 في المائة في القراءة الأساسية. كما جرى تعديل بيانات يوليو (تموز) لتظهر نمواً في الناتج المحلي بواقع 0.3 في المائة، مقابل 0.1 في المائة في تقدير سابق.
وفي سياق منفصل، قال وزير الخزانة البريطاني السابق كواسي كوارتينغ، إنه حذر رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس من أنها في حاجة إلى «إبطاء وتيرة» خططها الاقتصادية، وإنها «مخبولة» لإقالتها إياه، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ» يوم الجمعة.
وقال كوارتينغ في أول مقابلة منذ إقالته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع قناة «توك تي في»، إنهما كانا مخطئين في السير بـ«سرعة متهورة» في برنامج أعمالهما بشأن التخفيضات الضريبية. وأضاف «قالت حسناً، ليس أمامي إلا سنتان، وقلت سيكون لديك شهران إذا استمررت بهذا الأسلوب».
واستقالت تراس بعد أقل من أربعة أسابيع على بيانهما المالي الكارثي في 23 سبتمبر، والذي أثار اضطراب السوق المالية وترك المواطنين يعانون من ارتفاع تكاليف قروضهم. ويناقض حديث كوارتينغ مع بياناته المعلنة عندما كان في المنصب.


مقالات ذات صلة

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

الاقتصاد مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

قالت أكبر شبكة لبنوك الطعام في بريطانيا إن عدد الطرود الغذائية التي وزعتها زاد 37 بالمائة إلى مستوى قياسي بلغ ثلاثة ملايين طرد في عام حتى مارس (آذار) الماضي، إذ يعاني عدد متزايد من الناس بسبب أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت «ذا تراسل تراست» التي تدعم 1300 مركز لبنوك الطعام في أنحاء المملكة المتحدة، يوم الأربعاء، إن أكثر من مليون طرد غذائي جرى تقديمها لأطفال، بزيادة نسبتها 36 بالمائة خلال عام واحد. وأضافت أنه على مدار عام لجأ 760 ألف شخص لأول مرة إلى بنوك الطعام التابعة لها، بزيادة 38 بالمائة على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد «ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

«ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

رفعت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد آند بورز» (إس آند بي) تقديراتها لآفاق الدين البريطاني على الأمد الطويل من «سلبية» إلى «مستقرة»، مؤكدة أنها لا تفكر في خفضها في الأشهر المقبلة، وأبقت على درجتها لتصنيف الدين السيادي (إيه إيه/إيه-1). وقالت الوكالة في بيان، إن هذه النظرة المستقرة «تعكس الأداء الاقتصادي الأخير الأمتن للمملكة المتحدة واحتواء أكبر للعجز في الميزانية خلال العامين المقبلين». وأكدت خصوصاً أن «الإجراءات السياسية للحكومة على جبهة العرض وتحسن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدعما آفاق النمو على الأمد المتوسط رغم القيود الهيكلية الحالية»، لكن الوكالة حذرت من «المخاطر الناشئة عن ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ارتفع مؤشر ثقة المستهلك في بريطانيا خلال أبريل (نيسان) الجاري إلى أعلى معدلاته منذ نشوب حرب أوكرانيا. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن مؤشر ثقة المستهلك الذي تصدره مؤسسة «جي إف كيه» للأبحاث التسويقية ارتفع في أبريل الجاري ست نقاط، ليصل إلى سالب ثلاثين، ليسجل بذلك ثالث زيادة شهرية له على التوالي، وأعلى ارتفاع له منذ 14 شهرا. وتعكس هذه البيانات أن المستهلك البريطاني أصبح أكثر حماسا بشأن الآفاق الاقتصادية وأكثر استعدادا للإنفاق على مشتريات أكبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

رغم أن الاقتصاد البريطاني لم يسجل أي نمو خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، قال وزير المالية البريطاني جيريمي هانت يوم الخميس، إن التوقعات الاقتصادية «أكثر إشراقاً مما كان متوقعاً»، مضيفاً أنه من المفترض أن تتجنب البلاد الركود. وأظهرت بيانات رسمية، أن الاقتصاد البريطاني فشل في تحقيق النمو كما كان متوقعاً في فبراير؛ إذ أثرت إضرابات العاملين في القطاع العام على الإنتاج، لكن النمو في يناير (كانون الثاني) كان أقوى مما يُعتقد في البداية؛ مما يعني تراجع احتمالية حدوث ركود في الربع الأول قليلاً. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الخميس، إن الناتج الاقتصادي لم يشهد تغيراً يذكر على أساس شهري في فبراير.

«الشرق الأوسط» (لندن)

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس، وستلعب دوراً مضاعفاً، كما يقول وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف. ويضيف أن هيئة المساحة الجيولوجية سيكون لها دور محوري خلال الـ25 عاماً المقبلة في تمكين قطاع التعدين، مشدداً على أن هناك عزماً على استمرار مشروعات المسح الجيولوجي والاستكشاف وتوفير البيانات للمستثمرين، خصوصاً أن الهيئة أطلقت جملةً من المبادرات تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.

كلام الخريف جاء خلال حفل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها، والذي انطلق تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وافتتحه الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير مكة المكرمة خلال تكريم الشخصيات المشاركة ويبدو وزير الصناعة ورئيس هيئة المساحة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وفي ظل هذه النتائج والأرقام ونتائج المسح، سجَّلت السعودية تدفقاً كبيراً للاستثمار في قطاع التعدين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» الوزير الخريف، قائلاً: «يوجد الآن كمٌّ كبيرٌ من طلبات الاستثمار في قطاع التعدين، وهناك عمل مع الجهات الحكومية الأخرى؛ لضمان التنسيق لتخصيص المواقع للمستثمرين»، موضحاً أنه في كل يوم يجري التوقيع لمواقع جديدة سواء لمستثمرين حاليين فيما يتعلق بالتوسع، أو مستثمرين جدد.

وأشار الوزير إلى أن «النتائج التي نحصل عليها من المسح الجيولوجي والبيانات والمنصة، جعلت السعودية من أهم الدول التي يُنظر لها من شركات الاستثمار في قطاع التعدين للتوسع؛ لضمان مستقبلها في إمدادات التعدين»، مؤكداً: «إننا نعمل على التدقيق في المعلومات التي تصلنا، ونأخذ عينات إضافية، ونركز على مناطق محددة توجد فيها ثروات أكثر، وهذا يرفع مستوى مصداقية السعودية من حيث البيانات».

ونُفذت مشروعات عملاقة للمسح الجيولوجي غطت أكثر من 85 في المائة من أراضي المملكة ما بين أعمال مسح جيوفيزيائي وجيوكيميائي باستخدام تقنيات حديثة. كما أن هناك البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ومبادرة بناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وفقاً للخريف، الذي قال إن المبادرات أسهمت في ارتفاع قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016، إلى 9.4 تريليون ريال مع بداية العام الحالي، 2024.

وزير الصناعة خلال إلقاء كلمته في حفل الهيئة الاثنين (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وخلال الحفل، دشّن نائب أمير منطقة مكة، شعار هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الجديد، الذي يعكس الهوية الجيولوجية للهيئة، ويفصح عن جهودها المستمرة في مسح مناطق المملكة وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي، كما كرّم أعضاء اللجنة المؤسسة للهيئة، ورعاة الحفل.

وقال الخريف، إن هيئة المساحة الجيولوجية أنجزت أكثر من 500 مشروع متخصص في مجالات علوم الأرض، تتضمّن الخرائط الجيولوجية بمقاييس الرسم المختلفة، والاستكشاف المعدني، والمسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي والبحري، وأعمال مراقبة ورصد المخاطر الجيولوجية، والحد من آثارها، والدراسات والأبحاث التعدينية، كما اهتمت الهيئة منذ نشأتها بتنمية مواردها البشري؛ إيماناً منها بأنهم أساس نجاحها، فبفضل جهودهم وتفانيهم، إلى جانب خبراتهم العلمية والعملية، حققت الهيئة إنجازات نوعية حظيت بإشادة الجميع.

شهد حفل هيئة المساحة تكريماً من نائب أمير مكة المكرمة للرواد في الهيئة وعدد من الشخصيات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أن المملكة شهدت جهوداً وطنية حثيثة في مجال البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، وقد تكللت باكتشافات مهمة خلال الرُبع قرن الماضي، كان لها أثر كبير على مختلف الأصعدة، موضحاً أنه على صعيد قطاع التعدين، أسهمت هذه الاكتشافات في دعم الاستثمار وتطوير قطاع الثروة المعدنية، لا سيما مع اكتشاف عدد من المعادن الأساسية مثل الفوسفات والبوتاسيوم والذهب والفضة، بالإضافة إلى ركائز معدنية للمعادن الاستراتيجية، التي تكمن أهميتها في نمو القطاع وظهور شركات وطنية كبيرة مثل شركة «معادن».

وأضاف: «لم تقتصر إنجازات الهيئة على الاكتشافات المعدنية فحسب، بل امتدت لتشمل مجال المخاطر الجيولوجية، حيث أسهمت في توسيع شبكة الرصد الزلزالي لتعزيز قدرة المملكة في مراقبة النشاط الزلزالي، وإنشاء قاعدة بيانات (رواسي)، التي تضم آلاف التقارير والدراسات المتخصصة في المخاطر الجيولوجية، كما تشرفت الهيئة بالإشراف على استمرارية وديمومة مياه زمزم المباركة، وتعقيمها، والمحافظة على استدامتها، وأولت اهتماماً كبيراً بدرء مخاطر السيول، وإجراء كثير من الدراسات لتحديد المناطق المُعرَّضة للخطر، ودعم صنع القرار الحكومي بشأن إقامة المشروعات التنموية العملاقة».