مقتنيات بول ألين تحطم الأرقام القياسية في «كريستيز» بـ1.5 مليار دولار

يؤول ريع المبيعات كلها إلى منظمات خيرية

لوحة لوسيان فرويد في المزادلوحة بول سيزان من المزاد (كريستيز)
لوحة لوسيان فرويد في المزادلوحة بول سيزان من المزاد (كريستيز)
TT

مقتنيات بول ألين تحطم الأرقام القياسية في «كريستيز» بـ1.5 مليار دولار

لوحة لوسيان فرويد في المزادلوحة بول سيزان من المزاد (كريستيز)
لوحة لوسيان فرويد في المزادلوحة بول سيزان من المزاد (كريستيز)

عندما بدا أن أسعار الأعمال في سوق الفنون بلغت آفاقاً لن تتخطاها، وصلت قيمة اللوحات من مجموعة مقتنيات باول جي ألين، المؤسس المشارك في شركة مايكروسوفت العالمية، 1.5 مليار دولار في دار مزادات «كريستيز نيويورك» ليلة الأربعاء، فيما اعتبر أكبر عملية بيع في تاريخ المزادات.
حطمت أول عملية من عمليتي بيع أجراهما ألين رقماً قياسياً بلغ 922 مليون دولار، جرت منذ 6 أشهر من خلال دار مزادات «سوذبيز» للأعمال الفنية، تضمنت مقتنيات هاري وليندا ماكلو، زوجان متنازعان تضمنت تسوية طلاقهما بيع مجموعتهما الفنية.
بدأ المزاد بمبلغ 100 مليون دولار، وتضمن قطعاً فنية نادرة حيث تجاوزت 5 قطع ذلك الرقم، بما في ذلك لوحة Les Poseurs Ensemble (Petite version) للفنان جورج سورات، التي بيعت بمبلغ 149 مليون دولار، ولوحة La Montagne Sainte - Victoire، أو جبل سانت فيكتوار، التي يعود تاريخها لعام 1888 - 1890 للفنان بول سيزان، التي حققت مبلغ 138 مليون دولار، ولوحة Verger avec cypress، أو أشجار الصنوبر، للفنان الشهير فان جوخ التي حققت مبلغ 117 مليون دولار، ولوحة Birch Forest، أو غابة بيرش، للفنان غوستاف كليمت عام 1903 التي حققت 105 ملايين دولار. حطم بيع لوحة كليمت السعر السابق الذي حققته لوحته «بورتريه أديل بلوخ باور 2» في المزاد عندما حققت مبلغ 88 مليون دولار عام 2006، وهو نفس العام الذي اشترى فيه ألين لوحة كليمت Birch Forest بنحو 40 مليون دولار.


لوحة لوسيان فرويد في المزاد

كان للأحداث العالمية تأثيرها الواضح على رفع سقف بيع القطع الفنية في سوق الفنون، حيث ارتفع السقف بدرجة كبيرة في عدد من القطع، إذ أفاد بعض خبراء الفنون أن عدم حدوث هزيمة سياسية في الانتخابات التي جرت الثلاثاء منح المشترين راحة في التخلي عن أموالهم للحصول على صور جميلة. وعلق تاجر الأعمال الفنية نيكولاس ماكلين في لندن ونيويورك، بقوله إن «الناس يريدون استثمار أموالهم في الأصول الثابتة».
جلب مزاد إلين الفني مستوى من الإثارة لم يشهده عالم الفن المتعثر في غالبية فتراته. فمن ضمن كبار المتعاملين الذين توافدوا على دار المزادات تجار مثل لاري غاغوسيان، وديفيد زويرنر، وأماليا دايان، وجو نمد، وكذلك مالك دار «كريستيز»، فرانسوا هنري بينولت، الذي حضر في سرية تامة. وعلق الموزع دومينيك ليفي قائلاً: «نحن نشهد نشاطاً شديد التركيز من هواة جمع التحف الفنية النادرة التي تعرض في السوق. فمبيعات مثل هذه لا تعكس سوق الفن كله، بل الرغبة في اقتناء الأعمال النادرة والاستثنائية. من المهم جداً فهم أهمية مثل هذه الأعمال الأسطورية الفريدة». وصلت عملية البيع رقم مليار دولار بالقطعة رقم 32، وهي منحوتة Femme de Venise III لألبرتو جياكوميتي، التي بيعت بمبلغ 25 مليون دولار، فيما تراوح تقييمها قبل المزاد 15 - 20 مليون دولار، وهو ما جاء كمفاجأة للحاضرين الذين فوجئوا بتلك الأسعار الجديدة التي دخلت تاريخ المبيعات الفنية للمرة الأولى.
يعود تاريخ القطع المعروضة إلى 500 عام، حيث تضمنت لوحة «ساندرو بوتيتشيلي مادونا أوف ذي ماجنيفيكات» الكلاسيكية (منتصف القرن الخامس عشر إلى أوائل القرن السادس عشر)، التي بيعت بمبلغ 48 مليون دولار، فيما كانت تقديرات ما قبل البيع 40 مليون دولار، و«كافيه كارت» (عام 2012)، التي بيعت بمبلغ 6 ملايين دولار، فيما بلغ تقدير ما قبل البيع 3 - 5 ملايين دولار.
كانت المجموعة غنية بالأعمال التصويرية مثل صورة إدوارد مانيه «القنال الكبير في فينيسيا» Le Grand Canal à Venise وTheConversaton، أو المحادثة، لديفيد هوكني، التي تصور المنسق هنري جيلدزالر والكاتب ريموند فوي منهمكين في حوار عصبي.
وفي السياق ذاته، قال ديفيد ناش، الذي عمل مستشاراً فنياً لألين، إن «قطب التكنولوجيا تعامل بحماس ظاهر في شراء اللوحات بنفس درجة حماسه في تعاملاته المتعلقة باهتماماته الأخرى، التي تضمنت الفرق الرياضية والبيولوجيا البحرية وأبحاث الدماغ». وأضاف قائلاً: «إنه ربما كانت لوحة الفنان سيوارت ليس لها بديل، وكذلك لوحات فان جوخ، وسيزان».
كان ألين متقدماً إلى حد ما عن غيره في اقتناء أعمال الفنانات النساء، بما في ذلك أغنيس مارتن، ولويز بورجوا، وباربرا هيبورث. والأربعاء الماضي، بيعت لوحة White Rose، أو الوردة البيضاء، للفنانة جورجيا أوكيف بمبلغ 27 مليون دولار، أي أكثر من 4 أضعاف التقدير المبدئي الذي لم يتخطى 6 ملايين دولار. بتلك الأسعار، ضمنت دار كريستيز عملية البيع بالكامل، ما يعني أن دار المزادات قد وافقت على سداد الحد الأدنى من السعر المتفاوض عليه لمقتنيات ألين. بدورها، قامت «كريستيز» بتعويض تلك المخاطر عن طريق تأمين الحد الأدنى من العطاءات على كثير من القطع من جهات خارجية، الأشخاص الذين وافقوا على سعر الشراء مقدماً، وبالتالي ضمنت قدرتهم على شراء العمل حال لم يتجاوز سعر الضمان.
* خدمة «نيويورك تايمز»

الجدير بالذكر أن جميع العائدات توجه للأعمال الخيرية، بحسب طلب ألين، ولم يجر الكشف عن هوية المستفيدين، ربما لتجنب مضايقة بعض المشترين ممن قد لا يوافقون على وجهة هذه التبرعات الخيرية.
أكدت الأسعار المرتفعة ذوق ألين المميز، وكذلك عينه الذواقة للفنون. ففي عام 2016، باع لوحة جيرهارد ريختر التي تصور طائرة مقاتلة أمريكية مقابل 25.6 مليون دولار، أي أكثر من ضعف مبلغ 11.2 مليون دولار الذي دفعه قبل 10 سنوات. وفي عام 2014، باع لوحة مارك روثكو مقابل 56.1 مليون دولار، بعد أن دفع 34.2 مليون دولار ثمناً لها في 2007.
وعلقت آمي كابيلازو، المستشارة البارزة والمديرة التنفيذية السابقة للمزادات، قائلة: «كان من أفضل المشترين في السوق، ولم يجد منافسة كبيرة».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض