قمة شرم الشيخ للمناخ تطلق «دليلاً للتمويل العادل»

ترحيب ودعم دولي... ودعوات لمزيد من «الأفكار الخلاقة»

العنصر الشبابي حاضر في شرم الشيخ (رويترز)
العنصر الشبابي حاضر في شرم الشيخ (رويترز)
TT

قمة شرم الشيخ للمناخ تطلق «دليلاً للتمويل العادل»

العنصر الشبابي حاضر في شرم الشيخ (رويترز)
العنصر الشبابي حاضر في شرم الشيخ (رويترز)

بأهداف تتصل بتحفيز تمويلات المناخ، وتعزيز التعاون مُتعدد الأطراف، وتطوير أفكار التمويل المبتكر، وفي ظل تفاقم فجوة التمويل المناخي خصوصاً عقب جائحة «كورونا»، أطلقت قمة «كوب27»، «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، ليكون بمثابة عون في وجه التحديات التي تواجه الدول النامية والاقتصاديات الناشئة، لا سيما دول قارة أفريقيا في الحصول على التمويل لتحقيق طموحاتها في أجندة المناخ.
ويتسق «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل» مع أهداف الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ للانتقال من التعهدات إلى التنفيذ، ويعمل على تعزيز الشراكات الشاملة لتحقيق «تعافٍ مرن ومستدام»، وتيسير الوصول إلى التمويل العادل، ودفع الأطراف ذات الصلة ليقوم كلٌّ بدوره من منطلق المسؤولية المشتركة والمتباينة، لدعم الدول النامية في جهود التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وخلال حدث «رفيع المستوى»، أصدرت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي في مصر، رسمياً الدليل الذي يعد مبادرة رئاسية، ضمن المبادرات التي تطلقها مصر خلال قمة «كوب27». وأشارت المشاط إلى أن «إعداد الدليل استند إلى (نهج تشاركي)، ومشاورات مع أكثر من 100 من الأطراف ذات الصلة ممثلي الحكومات وشركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين والقطاع الخاص والبنوك التجارية والاستثمارية وصناديق تمويل المناخ ومراكز الفكر والمنظمات غير الهادفة للربح، وتم تدشين 6 مجموعات عمل وتولى شريك تنموي مسؤولية التنسيق في كل مجموعة من أجل صياغة واستخلاص الدروس المستفادة والتوصيات العملية فيما يتعلق بالتمويل المناخي العادل.
ويقوم «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل» على 12 مبدأ رئيسياً يتعين تطبيقها لتحفيز التمويلات المناخية، والتي تعد بمثابة «إطار توجيهي» لتحفيز الشراكات بين جميع الأطراف ذات الصلة، لا سيما القطاعين العام والخاص، لدفع عملية التحول نحو اقتصاد أخضر مستدام.
ومن بين أبرز المبادئ في الدليل، دعم حق البلدان النامية في التنمية والتصنيع من خلال «مسارات عادلة» في إطار ما أقرّته اتفاقية باريس للمناخ. وضمان الاتساق بين أهداف العمل المناخي العالمي وأهداف التنمية الوطنية وذلك على جانبي التخفيف والتكيف. ودعم جهود الحكومات لخلق بيئة تمكينية من خلال إتاحة التمويل، ورفع الكفاءات والقدرات الفنية والمؤسسية، وضمان حق جميع الدول في تحقيق التنمية، وتضمين مفهوم التمويل العادل في هيكل التمويلات المناخية الدولية، وضمان وجود آلية للتنفيذ، وضمان الحق في الوصول إلى التمويل المناخي لا سيما في الدول والمناطق الأكثر احتياجاً.
على هامش الحدث الذي جرى بحضور دولي موسع، قالت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي: «يمثل تغير المناخ تهديداً متزايداً لحياتنا وسبل المعيشة واستقرار الأنظمة الاقتصادية والمالية، لذلك فإن الاستثمار في المجتمعات المرنة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء أمر (ضروري وملحّ)، وهذا يتطلب مبالغ تمويلية ضخمة، لذلك فنحن بحاجة إلى أفكار جديدة لحشد رؤوس الأموال وبناء اقتصاديات أكثر اخضراراً».
أما كلاوس شواب، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، فقال إن «المنتدى الاقتصادي العالمي ملتزم بتسريع التحول العادل من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، ودليل شرم الشيخ لـ(التمويل العادل) يُعد خطوة محورية في تسريع وتيرة الشراكات الشاملة نحو بناء أجندة مناخية (مرنة) ومستقبل أفضل».
بدوره، قال مارك كارني، مبعوث الأمم المتحدة لتمويل المناخ، إن «الحد من تغير المناخ ووقف الارتفاع في درجة الحرارة عند مستوى 1.5 درجة مئوية، يتطلب حشد رؤوس الأموال الضخمة للأسواق الناشئة والاقتصاديات النامية، وهذا يمكن تحقيقه الآن بسبب الالتزامات والتعهدات من القطاع الخاص على مستوى العالم، ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من التحديات. دليل شرم الشيخ لـ(التمويل العادل) يضع المبادئ الرئيسية التي يمكن من خلالها التغلب على هذه التحديات، ويحدد التوصيات الرئيسية التي تعزز التمويل المناخي في الأسواق النامية والاقتصاديات الناشئة».
وأكد أن «تحالف غلاسكو المالي يرحب بهذا الدليل، وسوف يعمل على تنفيذ توصياته من خلال منصات التحول الأخضر في البلدان المختلفة، انطلاقاً من العمل المشترك مع مصر لحشد التمويل للمنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج (نُوَفِّي)، وكذلك المنصات الأخرى في إندونيسيا وفيتنام، نسعى للعمل مع عدد كبير من البلدان للمضي قدماً لضمان تحقيق التحول العادل».


مقالات ذات صلة

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: موجات الجفاف تؤثر على نحو 70 مليون شخص سنوياً

قال البنك الدولي إن موجات الجفاف أصبحت، في ظل المناخ المتغير، أكثر تواتراً وشدة وانتشاراً، وهي تؤثر كل عام على نحو 70 مليون شخص في المتوسط.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
TT

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

تعود أحداث فيلم «صيفي»، الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات، حيث يأخذ المشاهد في رحلة درامية مشوقة تسلط الضوء على طموح الثراء السريع والتحديات التي تواجهها المجتمعات في تلك الحقبة.

الفيلم، المرشح لجائزة مسابقة الأفلام الطويلة، يحكي قصة رجل أربعيني يُدعى صيفي محمد، الذي يعيش وهم تحقيق ثراء سريع باستخدام مهاراته المحدودة، إلا أنه يجد نفسه محصوراً بين فرقته الشعبية التي تُحيي الأفراح الجماعية، وإدارة متجره الخاص «شريط الكون» الذي يبيع فيه أشرطة كاسيت متنوعة، لا سيما تلك التي تتعلق بالخطب الإسلامية الممنوعة، التي يحصل عليها من المهدي حسام الحارثي، المستشار الديني لرجل الأعمال الشيخ أسعد أمان.

وفي خضم حياة مليئة بالتجارب الفاشلة، يعثر صيفي على شريط يحتوي على تسجيل سري بين الشيخ أسعد والمهدي، يكشف عن فضيحة تضع مكانة الشيخ الاجتماعية على المحك، بعدها يقرر صيفي خوض مغامرة خطيرة لابتزاز المهدي مالياً، مستغلاً سراً يمكن أن يُدمّر حياة الجميع. ومع تسارع الأحداث يضطر صيفي للاختباء في منزل طليقته رابعة، التي تشارك في جلسات تطوير الذات واستشفاء الطاقة، إلى جانب أختها رابية، حينها يجد في علاقتهما المضطربة فرصة للبقاء عندها أطول فترة ممكنة.

مخرج الفيلم وكاتب السيناريو، وائل أبو منصور، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن فكرة الفيلم جاءت من شخصية صيفي التي كانت مثيرة بالنسبة لي، فهو شخص يعيش وهم النجاح ولكنه لا يمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك، وهذا التناقض جذبني لشخصيته، وحاولت أن أقدم شخصية معقدة ترسخ في ذاكرة المشاهد.

وأوضح أبو منصور أن الفيلم يناقش قضايا حساسة مثل الابتزاز والفساد الديني، وهي مواضيع قد تثير الكثير من الجدل، وأضاف: «كان التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو الحفاظ على التوازن في طرح هذه القضايا دون الإساءة للمعتقدات أو المجتمع أو الأجيال المختلفة، في المقام الأول، لقد كان من الضروري أن نكون حذرين في تقديم هذه المواضيع، بحيث لا نوجه اتهامات مباشرة أو نظهرها بطريقة يمكن أن تضر بالمجتمع أو تؤذي مشاعر الناس».

وتابع مخرج العمل: «حاولنا أن نعرض هذه القضايا من خلال السياق الدرامي الذي يثير التساؤلات ولا يقدم إجابات قاطعة، بل يحفز المشاهد على التفكير والنقد بشكل مفتوح، كانت هناك حاجة لإيجاد طريقة لتقديم هذه المواضيع بشكل واقعي، مع الحفاظ على احترام الأبعاد الاجتماعية والدينية. لكن الأهم من ذلك هو إيجاد الأسلوب الذي يعكس التعقيد البشري لهذه المواضيع، بدلاً من أن نقدمها بشكل سطحّي أو مسيء».

وفي ختام حديثه يقول أبو منصور إنه حرص على أن يكون «صيفي» متوازناً بين إظهار الحقيقة التي قد تحيط بهذه القضايا، والتأكيد على أن هذا لا يعكس المجتمع ككل، بل يعكس جزءاً من واقعه المعقد، وكان الهدف فتح حوار بنّاء بين الأفراد والمجتمع حول هذه القضايا، بدلاً من استغلالها لأغراض إثارة الجدل أو الهجوم.

تجدر الإشارة إلى أن الفيلم الذي تم تصويره في مدينة جدة الساحلية مطلع عام 2023، واستغرق العمل عليه 28 يوماً، روعي فيه اختيار مواقع تصوير تعكس تلك الحقبة الزمنية لتجنب إرباك المشاهد؛ حيث تم اختيار أحياء ومواقع قديمة من المدينة، ومنها حي الرويس وحي البغدادية العتيقة لتكون ساحات لتصوير مشاهد الفيلم».