أحمد منصور كجسر بين النجم والعصر

نقاش إدارة محتوى الفنانين وحماية الصورة

المخرج العراقي المقيم في الإمارات أحمد منصور
المخرج العراقي المقيم في الإمارات أحمد منصور
TT

أحمد منصور كجسر بين النجم والعصر

المخرج العراقي المقيم في الإمارات أحمد منصور
المخرج العراقي المقيم في الإمارات أحمد منصور

يبدو فنان بحجم عبد المجيد عبد الله مبحراً في عالمي «سناب شات» و«تيك توك»؛ والحقيقة أنه يختار مراكبه بعناية. يتشارك مع أسماء تلمع حذره من مجهول يدخل أروقته على مهل. لا يسير بلا منارة تُسهل التعرف إلى الدرب. المخرج العراقي المقيم في الإمارات منذ 20 عاماً أحمد منصور يخبر «الشرق الأوسط» عن دوره في إدارة المحتوى فلا تُمَس صورة النجم أو يُهان إرثه.
خلف حسابات فنانين، فريق يتبادل الأفكار ويضع الخطط. تسبق النشر عملية تتراءى معقدة يديرها متخصصون بإشراف النجم. أحمد منصور العامل في الشأن الإعلامي منذ 12 عاماً، ممن يتولون مَهمة يصفها بالمتعبة. دوره مد الجسور بين النجم والعصر. «سناب شات» و«تيك توك» يجعلانه طرفاً في معادلة الجذب، فيقنع النجوم بتغير الزمن، ومَن لا يواكب تفوته المراكب.
يمتهن هذه الصنعة منذ عام 2014. حينها، كانت «السوشيال ميديا» في بداياتها، والمعلن يغازل الفنان لتسويق منتجه. اتخذت البدايات شكل التنسيق بين الجانب الربحي وصورة المشاهير، فلا يقضم الأول الثانية. آنذاك، عمل مع الإعلامية السعودية لجين عمران، بحرص ألا يغلب الطابع التسويقي لحساباتها ما عداه. إقامته في دبي زودته بشِباك تخوله تصيد الفرص.
الهدف واحد وإن تبدلت الأسماء: «توجيه المحتوى بشكل يليق بالشخصية”. تفاصيل يظنها المتابع عابرة، توضع على طاولة البحث. لا شيء يمر من دون الـ«أوكي» من الفنان أو فريق عمله: «كيف نسوق لحفل، التفاعل مع الجمهور... شؤون تُناقش قبل ضغط زر النشر».

أحمد منصور والفنان ماجد المهندس
قامات رصينة تتخوف مما يؤخذ عليه الكثير اليوم، إذ يظهر البعض على منابره بصورة الساذج. برأي أحمد منصور، «تجب استشارة اختصاصيين، فتهدأ المخاوف». عمله مع فنانين أساسه ثابت: «الإضافة إلى مسيرتهم، لا الانتقاص من شأنها».
دراسته الإخراج في نيويورك ليست وحدها سبب إدراكه المتغيرات وتبدل الأولويات. ثورة التكنولوجيا أسدته نصيحة في ضرورة التكيف والمجاراة، لعلمه أن الفيديو كليبات التي يخرجها بجانب الوثائقيات، باتت لها نظرة أخرى. لم تعد هي مرآة الفنان الوحيدة. تتكاثر المرايا بتعدد المنابر؛ كلها تعكس صورته وتعطي لمحة عما يسكن في داخله. دور مديري المحتوى جعْل الانعكاس أشبه بصفحة ماء صافية، وأحمد منصور يرفض ظاهرة استجمام الطحالب في مستنقعات الوحل.
ألا تفرض هذه الإمبراطوريات شروطها؟ ألا تنتظر «سناب شات» أو «تيك توك» من النجم مقابلاً لإقامته في ضيافتها؟ «نعم»، يجيب، «ومَهمتي أن أقنع المنصات باستحالة الحصول على ما قد يمس صورة الفنان»، مقوياً حجته بغنى الإرث وعراقة التاريخ.
انضمام الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله إلى «سناب شات»، سبق التحاقه بـ«تيك توك» بعد مناقشات. منصور بين الطرفين في السعي إلى محتوى لا يكرر نفسه ولا يقع في الاستهلاك. فلا يقتصر على فيديوهات أو بث شهري، بل يشمل العرض المباشر كأن النجم في حفل جماهيري.
نجوم آخرون يسلمونه إدارة محتواهم: الممثل حبيب الحبيب من السعودية، والنجم السوري قصي خولي (سناب شات)، والنقاش يدور مع مواطنه النجم عابد فهد على المنصة نفسها. التواصل في بداياته مع ماجد المهندس وراشد الماجد، بقوله: «فيكون لهما حضور يليق». منصور ليس وحده، فللنجم مستشارون، يجتمعون لطرح الأفكار، «وهي دائماً معززة بأسباب، فيدرك الفنان أن الغاية جذب المشاهدات وإحداث التفاعل».
وفق تجربته، قد يعدل النجم المُقترحَ حتى يصل إلى الصيغة النهائية. صَدَف أن مَن تعاون منصور معهم «يأخذون ويعطون». وهو تعبير دارج، يعني أنهم يتقبلون الرأي وينفتحون على الأفكار. يأتيهم مشدداً على الحرص، وبعد التجربة، يمنحونه الثقة، أثمن العطاءات.

أحمد منصور والنجم عابد فهد
كيف يتعامل مع أمزجة الفنانين وتقلباتهم؟ هل يتحلى جميعهم بالسلاسة إزاء الواقع الجديد وخبرائه؟ الجواب مُتوقع: «العمل مُتعب. للفنانين خصوصيتهم، أحترمها وأقابلها بالحذر. تتيح الخبرة تصويب العلاقة بما يجعلها مبنية على فهم الطرفين. الخلافات واردة، أبقيها بعيدة عني».
يميز بين إدارة شؤون الفنان وإدارة محتواه في «السوشيال ميديا»: «مسألتان مختلفتان. الأولى تتعلق بالعقود والتنظيم؛ الثانية بالصورة. التعامل مع المحتوى يرغم على تحمل المسؤولية، ويشترط خبرة في التفهم. لذا، لا يجيدها الدخلاء. سرعان ما يتعثرون بالفشل فيغيرون الاتجاه».
يختار أحمد منصور أسماء تُسهل عمله عوض العرقلة والرفض وإقفال باب الحوار: «أعمل مع مَن أجد فيهم تقبلاً لتبادل الأفكار». برأيه، لا ينجح فنان يصغي إلى رأيه فقط: «النجاح مسيرة تبدأ بالانفتاح على الحداثة والإحاطة بأكثر من وجهة نظر. حين يعلم الفنان أن هدف إدارة المحتوى الطرح الجيد، حينها سيستمع إلى مَن حوله. انغلاقه إلا على نفسه، لا يفيد».
يقيم دورات في إعداد المحتوى وتطويره بين الإمارات والسعودية، لخلق «الاختلاف والتميز» في مجالات تلتقي بجعل «السوشيال ميديا» شرفتها: الفن، والطبخ، والسياحة، واللايف ستايل... لا ينعى التلفزيون أو يرسله إلى مثواه، «فحضوره لا يزال متوهجاً، والكادرات العاملة في البرامج تتحلى بخبرات عالية». المفارقة أن الهاتف بات «تلفزيوناً آخر، كاميرته عين المستقبل».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.