هل يلبي «التمويل المنفرد» آمال المتضررين من الكوارث المناخية؟

خبراء رأوا فيه «خطوة جيدة» لا تغني عن الآلية الأممية

تمويل الخسائر والأضرار أحد المطالب الرئيسية في قمة المناخ (الشرق الأوسط)
تمويل الخسائر والأضرار أحد المطالب الرئيسية في قمة المناخ (الشرق الأوسط)
TT

هل يلبي «التمويل المنفرد» آمال المتضررين من الكوارث المناخية؟

تمويل الخسائر والأضرار أحد المطالب الرئيسية في قمة المناخ (الشرق الأوسط)
تمويل الخسائر والأضرار أحد المطالب الرئيسية في قمة المناخ (الشرق الأوسط)

هل تمويل الخسائر والأضرار الناتجة عن تغيرات المناخ حق أصيل للدول النامية والفقيرة؟ أم أنه منحة من الدول الغنية؟ الإجابة عن هذا السؤال قد تقود إلى تحديد شكل التمويل الذي تنتظره الدول الفقيرة من الدول المتقدمة.
وتنظر الدول الفقيرة والنامية إلى تمويل الخسائر والأضرار على أنه حق أصيل لها، لذلك فهي لا تبدو متحمسة كثيراً لمبادرات التمويل الفردية التي تم إعلانها خلال القمة، وتراها تعكس مفهوم «المنحة»، وترى أن تمويل الخسائر والأضرار بمفهوم «الحق» يحتاج إلى آلية أممية.
وتتساءل أوليفر ندول، الناشطة البيئة في مجال البيئة بالكونغو، لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا يتعين على المزارع الذي تأثر محصوله بما يحدث من تغيرات المناخ، أن ينتظر منحة قد تقرر بعض الدول منحها أو قد لا تقرر؟ الأَوْلى أن تكون هناك آلية دولية لا تخضع لهوى أي دولة».
وتوجد ثلاثة أنواع من التمويل المناخي، أحدها يتعلق بتمويل التكنولوجيات التي من شأنها أن تخفف من الانبعاثات، والآخر يتعلق بتمويل التكيف مع التأثيرات المناخية الحتمية، والثالث، هو ما يتعلق بتمويل الخسائر والأضرار، والأخير هو الأكثر إثارة للجدل، وقد تمت عرقلته لسنوات من الدول الغنية التي تخشى أن تكون مسؤولة عن مبالغ ضخمة من التعويضات.
وبينما لم تفِ الدول الغنية بتعهداتها لتمويل التكيف والتخفيف، ولا يزال المطلب الأساسي في القمة هو مبلغ الـ100 مليار دولار سنوياً الذي تعهدت به الدول الغنية في اتفاقية باريس 2015، أجبرت قسوة التغيرات المناخية هذا العام بعض الدول على الإعلان عن مبادرات تمويلية فردية لتمويل الخسائر والأضرار، من منطق «المنح» وليست «التعويضات».
ويقول أحد المفاوضين الأوروبيين، الذي طلب عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المبادرات الفردية، هي بادرة حُسن نية، ولا يجب علينا تعقيد المفاوضات لأن ملف الخسائر والأضرار ملغم بالأسئلة التي إذا توقفنا أمامها سيتم إفشال هذا التوجه».
ويتوقع المفاوض الأوروبي ألا تسفر قمة «كوب 27» عن جديد في ما يتعلق بآلية التمويل المناسبة للخسائر والأضرار، لكنها «قد تحدد تعريفاً لما يمكن وصفه بالخسائر والأضرار»، مشيداً في الوقت ذاته بـ«المبادرات التمويلية الفردية التي تم إعلانها».
وكانت اسكوتلندا أول دولة تعلن عن تقديم تمويل للخسائر والأضرار، تليها الدنمارك وبلجيكا وألمانيا، وانضمت النمسا إلى المجموعة في قمة «كوب 27» يوم الثلاثاء، وتعهدت بمبلغ 50 مليون دولار، وأعلنت نيوزيلندا أيضاً عن صندوق للمناخ بقيمة 20 مليون دولار للأراضي والموارد التي فقدتها البلدان النامية.
كما أعلنت المملكة المتحدة أنها ستسمح بتأجيل سداد بعض الديون للبلدان المتضررة من الكوارث المناخية، وقالت إن وكالتها الائتمانية التصديرية، التي تُقرض الأموال للمشترين الأجانب للسلع والخدمات البريطانية، ستصبح أول وكالة تُدرج في إقراضها «بنود ديون مقاومة للمناخ»، كما ستوقف مدفوعات الديون لمدة عامين إذا تعرضت دولة لكارثة مناخية، مما يؤدي إلى تحرير الأموال للتعامل مع الطوارئ.
وتشير هذه المبادرات إلى «زخم إيجابي يمكن أن يتم البناء عليه»، ويرى علي أبو سبع، المدير العام للمركز الدولي للأبحاث في المناطق الجافة والقاحلة (إيكاردا) في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن زيادة هذه المبادرات قد تؤدي إلى تطوير آلية تمويل مناسبة، لكنه تابع قائلاً إن «مجرد الخروج بهذه المبادرات بعد أن وضعت قمة (كوب 27) قضية الخسائر والأضرار في قلب العمل المناخي، هو أمر إيجابي».
ويعد إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، تحت مظلة الأمم المتحدة، مطلباً رئيسياً للدول النامية في (كوب 27)، والتي ترى أن الملايين التي يتم التعهد بها أقل بكثير من المبالغ المطلوبة.
ولا تبدو الولايات المتحدة الأميركية متحمسة لهذا الحل، وفي تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، تساءل المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سام وربرغ، عن جدوى إنشاء مؤسسات تمويلية جديدة في ظل وجود مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومؤسسات أميركية مثل الوكالة الأميركية للتنمية.


مقالات ذات صلة

الثلوج تزور جبل فوجي بعد أطول تأخُّر منذ 130 عاماً

يوميات الشرق الزائر الأبيض... وإن تأخَّر (أ.ب)

الثلوج تزور جبل فوجي بعد أطول تأخُّر منذ 130 عاماً

غطَّت الثلوج قمة جبل فوجي الياباني بعد أكثر من شهر على الموعد المعتاد، وتسجيل رقم قياسي لأطول فترة تأخُّر لهذا التساقُط منذ 130 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد صورة جماعية في الاجتماع الدوري الـ35 لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة بجدة (الشرق الأوسط)

مسؤول عراقي لـ«الشرق الأوسط»: مشروعات مشتركة جديدة مع السعودية لتحقيق الاستدامة البيئية

يعيش العراق حالة انتعاش في المسارات كافة؛ منها قطاع البيئة الذي يعيش طفرة نوعية في المشروعات، وتحسين البنية التحتية، وفقاً لما أورده الدكتور جاسم الفلاح.

سعيد الأبيض (جدة)
أوروبا الملك فيليب السادس يتحدث مع الجمهور الغاضب خلال زيارته جنوب شرقي إسبانيا المتضرر من الفيضانات (أ.ب)

217 قتيلاً حصيلة فيضانات إسبانيا والملك يقطع زيارة إثر احتجاجات

قطع الملك فيليب السادس والملكة ليتيسيا، الأحد، زيارتهما إلى جنوب شرقي إسبانيا المتضرر من الفيضانات بعدما اعترضتهما حشود ساخطة.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
الاقتصاد السعودية تستعد لاستضافة المؤتمر في بداية ديسمبر المقبل (الشرق الأوسط)

السعودية تدعو العالم لمواجهة تحديات تدهور الأراضي في «كوب 16»

وجّهت الرئاسة السعودية لمؤتمر الأطراف (كوب 16) القادم في الرياض، نداءً إلى المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات قوية بشأن التصدي لتهديدات الجفاف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أميركا اللاتينية الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 16» في كالي الكولومبية (أ.ف.ب)

مؤتمر «كوب 16» للتنوّع البيولوجي يقرر تشكيل هيئة دائمة للشعوب الأصلية

اتفقت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتنوع البيولوجي (كوب 16) في كولومبيا على إجراء يقضي بتشكيل هيئة دائمة للشعوب الأصلية.

«الشرق الأوسط» (كالي (كولومبيا))

أمسية ثقافية بمنزل السفير البريطاني في الرياض للاحتفال بإطلاق كتاب «حكايا عربي أنغلوفوني»

الكاتب السعودي فيصل عباس مع السفير البريطاني نيل كرومبتون خلال الأمسية الثقافية
الكاتب السعودي فيصل عباس مع السفير البريطاني نيل كرومبتون خلال الأمسية الثقافية
TT

أمسية ثقافية بمنزل السفير البريطاني في الرياض للاحتفال بإطلاق كتاب «حكايا عربي أنغلوفوني»

الكاتب السعودي فيصل عباس مع السفير البريطاني نيل كرومبتون خلال الأمسية الثقافية
الكاتب السعودي فيصل عباس مع السفير البريطاني نيل كرومبتون خلال الأمسية الثقافية

أقام السفير البريطاني في الرياض أمسية ثقافية في منزله بالحي الدبلوماسي للاحتفال بإطلاق كتاب «حكايا عربي أنغلوفوني» للكاتب السعودي ورئيس تحرير صحيفة «عرب نيوز»، فيصل ج. عباس.

وألقى السفير نيل كرومبتون، خلال كلمته، الضوء على متانة العلاقات السعودية - البريطانية التي شهدت نمواً في السنوات الأخيرة، وقال: «أجد أنّ المودّة بين الشعبين مذهلة. فمنذ أن أطلقنا نظام الإعفاء من التأشيرة في يونيو (حزيران) عام 2022، تمّ استخدامه من قبل أكثر من 500 ألف سعودي بهدف زيارة لندن، ومن قبل 100 ألف شخص يحملون تأشيرة لمدة 10 سنوات أو حتى جواز سفر آخر».

وخلال الجلسة الحواريّة، سلّط كلّ من السفير البريطاني ورئيس تحرير «عرب نيوز» الضوء على أوجه التعاون الثقافي بين البلدين.

وأشار عبّاس إلى أنّه على الرغم من أنّ هذه الفعالية قد تبدو وكأنّها مجرّد نقاش حول كتابه، فإنّ قيمتها تزيد على ذلك بكثير. فعلى حدّ قوله، إنّها «حكاية مملكتين. مملكتان يجمعهما الكثير من القواسم المشتركة».

حضر السهرة الثقافية شخصيّات مؤثرة من المملكة المتحدة والسعودية، بمَن فيهم رئيس الاتحاد السعودي للكريكيت الأمير سعود بن مشعل، إلى جانب دبلوماسيين وصحافيين وأكاديميين بارزين، بالإضافة إلى مواطنين بريطانيين مقيمين في المملكة.