جميع الأجهزة التلفزيونية هي مستطيلة الشكل، نحيفة، براقة، وذات صوت مدوٍّ. هكذا بدت كلها في معرض لاس فيغاس الدولي للأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية الذي أقيم بداية العام الحالي. بعضها بالتأكيد بدا منحنيا، وبعضها الآخر بدا كبيرا من دون أي ضرورة، في حين كان للبعض الآخر شاشات براقة أكثر من الأنواع الأخرى، لكنها تشاركت جميعها بالخاصيات التقليدية التي تعود إلى الماضي.
* انحسار التلفزيون
وأظهرت العروض الأخيرة مرة أخرى أن الشركات الصانعة لهذه الأجهزة ما زالت لا تفهم ولا تستوعب أن حجم الجهاز وقياس شاشته لا علاقة لهما برواج البيع، بل بمقدار المساعدة التي يحتاج إليها المستهلكون في الإبحار في المحتويات التلفزيونية التي يشاهدونها، أي بكلمة أخرى، البرنامج. «فليس الجهاز هو المهم»، كما كتب جيمس ماك كويفي المحلل في «فوريستر» في رسالة إلكترونية، «بل الخبرة والدرس اللذان يتوجب على صانعي التلفزيونات أن يتعلموهما».
اعتبرت الأجهزة الجديدة من التلفزيونات الذكية، مع تطبيقات ومرافق عملية لها لتسجيل الفيديو الرقمي، فضلا عن بعض الإمكانيات للتكامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، لكن تنفيذ كل ذلك لا يزال معقدا بعض الشيء، وغالبا ما تتطلب، مثل واجهات التفاعل الجديدة، هذه أجهزة تحكم عن بعد تقليدية، تبدو في غالبيتها أشبه بأنواع مختلفة من أجهزة التحكم التقليدية. كما أن الإبحار في المحتويات لا يزال صعبا للغاية، مما قد يؤثر على المبيعات.
واستنادا إلى مؤسسة الأبحاث «آي إتش إس» المتخصصة بالأعمال والشركات، فإنه يتوقع انخفاض مبيعات الإنتاج العالمي للأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، بما فيها التلفزيونات، والأجهزة التي تتحكم بتشغيلها، إلى 250 مليار دولار في عام 2014، بانخفاض قدره اثنان في المائة عن 255.7 مليار دولار في عام 2013. وتقول «آي إتش إس» إنها السنة الرابعة على التوالي لتدني المبيعات لهذا القطاع من السوق الإلكترونية الاستهلاكية.
وقد حل محل هذه الإلكترونيات ارتفاع في الأجهزة اللاسلكية، بما فيها الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، لأن المستخدمين شرعوا في التوجه لمشاهدة المزيد من الفيديوهات، وفقا لشركة الأبحاث هذه. وكل ما نعرفه أن شباب اليوم يعشقون مشاهدة الفيديو على مثل هذه الأجهزة.
* عروض جوالة
ووجدت دراسة أطلقت في العام الماضي من قبل شركة الأبحاث البريطانية «فوكسبيرنر»، التي تتعقب كيفية استهلاك الشباب لوسائط الإعلام المتعددة، أن غالبية المراهقين منهم يفضلون اليوم مشاهدة محتويات العروض على أجهزتهم الكومبيوترية، وهواتفهم الذكية، بدلا من التلفزيون، فقد ذكر أحدهم من المشاركين في الدراسة أنه لا يشاهد مطلقا التلفزيون العادي. وأحد أسباب ذلك هو سهولة ذلك على مثل تلك الأجهزة للعثور على أفضل المحتويات. إذ أيهما أفضل، سحب جهاز التحكم بالتلفزيون عن بعد والقيام بالنقر إلى ما لا نهاية على لائحة الأقنية، حتى العثور على شيء جدير بالمشاهدة، أم العثور على ما يتشارك به أصدقاؤك على «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب» عن طريق نقرات قليلة على شاشة اللمس؟ الجواب: «أنا أفضل الأسلوب الأخير، إذ أشاهد غالبية الفيديوهات على الجهاز اللوحي، وحتى على هاتف «آيفون».
ويبدو أنني لست الوحيد في هذا الأمر. فاستنادا إلى «أويالا»، الشركة المتخصصة بالأجهزة الجوالة، التي تجمع بيانات ومعلومات عن عادات المشاهدة لنحو 200 مليون شخص من مشاهدي الفيديو، يبدو أن التوجه نحو عروض الفيديو على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية استمر في الارتفاع بسرعة في العام الفائت. فقد ذكرت الشركة أن مشاهدة البث الفيديوي الحي، وتنزيله، شكل نحو 13 في المائة من المشاهدة الإجمالية للفيديو على الشبكة حتى تاريخ 30 يونيو (حزيران) من العام الفائت، وذلك بارتفاع من نسبة ثمانية في المائة في نهاية عام 2012.
إذن أين هو موقف شركات أجهزة التلفزة من كل هذا؟ «يبدو أن الكثير من شركات إنتاج الأجهزة التلفزيونية ركزت فقط على الأجهزة والعتاد فقط، وراقبت انهيار السوق بصورة مستمرة، وبات الأمر متأخرا جدا بالنسبة إلى غالبيتها»، وفقا إلى ماك كويفي الذي أضاف أن بإمكان بعضها إنقاذ الوضع عن طريق استغلال هذه التجربة، منها «سوني» و«إل جي»، و«سامسونغ»، وقد عرضت «إل جي» جهازا تلفزيونيا بنظام «ويب أو إس»، الذي هو بداية برنامج استكشافي، في حين لمحت «سامسونغ» إلى أنها قد تستكشف أبعاد نظام تشغيل محدد مستقبلا.