بعد أسابيع من النكسات غير المتوقعة التي تكبدتها في ساحة المعركة، لجأت موسكو إلى حيلة جديدة مؤخراً تساعدها في حفظ ماء وجهها، تتمثل في الاستعانة بميليشيات خاصة يقودها مُدان سابق لتحقيق أي نصر عسكري في شرق البلاد.
ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فمع تعرض القوات الروسية للخطر والخسارة في مدينة خيرسون الاستراتيجية الجنوبية، أمرَ يفغيني بريغوزين، الذي قضى 9 سنوات في سجن سوفياتي بتهمة السطو، الميليشيات العسكرية الخاصة التي يقودها بعلم ومعرفة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتقدم في مدينة باخموت في شرق أوكرانيا.
وهذه المدينة، التي تعرضت للهجوم من قِبل روسيا لأشهر، ليست لها قيمة استراتيجية تُذكَر، لكن انتصار موسكو هناك مِن شأنه أن يكسر سلسلة الهزائم المُهينة التي تعرضت لها مؤخراً.
وأطلق الكثيرون على بريغوزين لقب «طباخ بوتين»؛ بسبب عمله بائع نقانق لفترة بعد خروجه من السجن، قبل أن يقوم بافتتاح وإدارة عدد من المطاعم الروسية، وهو لقبٌ سخِر منه المُدان السابق مراراً، خصوصاً بعد أن أصبح صاحب نفوذ سياسي كبير عقب استعانة الرئيس الروسي به في عدة أحداث عسكرية وسياسية.
وعلى الرغم من ولائه الثابت والأكيد لبوتين، فقد انتقد بريغوزين بشكل متزايد القادة العسكريين المعيَّنين من قِبل «الكرملين»، وفي زيارة أخيرة لمنطقة كورسك الروسية، اجتمع مع رجال الأعمال المحليين حول تنظيم ميليشيا شعبية غير واضحة المعالم بعيدة عن القيادة العسكرية النظامية.
أحد القادة الذين انتقدهم بريغوزين هو الجنرال ألكسندر لابين، قائد المنطقة العسكرية المركزية في الجيش الروسي، والذي جرت إقالته من منصبه بعد ذلك، وحلَّ محله، مؤقتاً على الأقل، الميجور جنرال ألكسندر لينكوف.
وفي حين أن الجيش النظامي غالباً ما يتعثر في أوكرانيا، فإن القوات الخاصة التي يقودها بريغوزين، والتي تُعرَف باسم مجموعة «فاغنر»، قد شنّت، في بعض الأحيان، معارك أكثر قوة وثباتاً، لا سيما حول مدينة باخموت بمنطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا.
وقال مراسل وكالة «ريا نوفوستي» الروسية للأنباء، أمس الأحد إن قوات فاغنر استولت على قرية إيفانغراد جنوب باخموت، وكانت تخوض معارك ضارية في ضاحية أخرى.
وقال المتحدث باسم القيادة الشرقية العسكرية لأوكرانيا سيرهي تشيرفاتي، إن باخموت كانت «من أبرز البقاع التي تعرضت لعمليات القصف الأكثر سخونة وضراوة»، مضيفاً أن «تركيز قوات العدو كان أشدَّ بكثير في هذه المنطقة».
وقال تشيرفاتي، لقناة تلفزيونية أوكرانية، إنه جرى نشر 30 ألف جندي روسي في باخموت.
وقبل الاستعانة بقوات بريغوزين، دأبت القوات الروسية على مهاجمة باخموت منذ أشهر، لكنها لم تحرز سوى تقدم ضئيل، فيما وصفه مايكل كوفمان، مدير برنامج الدراسات الروسية في مركز الأمن الأميركي الجديد، بأنه «هجوم لا طائل من ورائه».
ومن غير المرجح أن تغير نتيجة معركة باخموت الديناميكية العامة للحرب، لكن كوفمان لفت إلى أن تحقيق انتصار روسي في هذه المدينة سيكون أمراً شديد الأهمية بالنسبة لبريغوزين، حيث إنه سيعزز مكانته بشدة داخل «الكرملين».
وأمس الأحد، ذكرت شبكة «سي إن إن» الأميركية أن بوتين وقّع قانوناً لتجنيد المواطنين الذين صدرت بحقّهم إدانات غير مُلغاة، أو معلّقة، ولم يجرِ البتّ فيها بعدُ، بتهمة القتل والسرقة والاتجار بالمخدِّرات، وغيرها من الجرائم الخطيرة، بموجب القانون الجنائي للاتحاد الروسي، ليتم استدعاؤهم وتعبئتهم للخدمة العسكرية.
وبثّت الشبكة أن «مِن شأن هذا أن يجعل من الممكن تعبئة مئات الآلاف من الأشخاص الذين كانوا ممنوعين في السابق من الخدمة»، علماً بأن المجموعة الوحيدة من المجرمين المعفيين من المرسوم هم أولئك الذين ارتكبوا جرائم جنسية ضد القُصّر، أو الخيانة، أو التجسس، أو الإرهاب.
ويُستثنى من ذلك أيضاً المدانون بمحاولة اغتيال مسؤول حكومي، واختطاف طائرة، والقيام بنشاط متطرف، والتعامل غير القانوني مع المواد النووية والمواد المُشعة.
وأضافت «سي إن إن»، في تقريرها، أن بريغوزين استدعى نزلاء من السجون الروسية للانضمام إلى جماعته في حرب أوكرانيا.
وبريغوزين، الذي واجه عقوبات أميركية بسبب اتهامه بالتدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 عن طريق تمويل وكالة أبحاث عبر الإنترنت أنشأت حسابات زائفة على مواقع التواصل بغرض التأثير على الناخبين، أصرّ لسنوات على أنه مجرد رجل أعمال يدير عدداً من المطاعم في روسيا.
لكن التقارير الإعلامية أكدت أن بريغوزين تمكّن من بناء علاقات قوية ووثيقة بالمسؤولين العسكريين الروس، خلال عمله، في توفير الطعام للجنود، وبعد ذلك اكتسب سمعة باعتباره مساعداً شديد السرّية لـ«الكرملين» من خلال تجنيد المرتزقة لخدمة المصالح الروسية في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وشهد مجنَّدو مجموعة فاغنر تحركاً في سوريا وليبيا، وأيضاً جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تورطت هذه القوات في فضيحة عامة في 2018 بعد مقتل 3 صحافيين روس كانوا يحققون في أنشطة بريغوزين في المستعمرة الفرنسية السابقة.
وبعد سنوات من إنكار أية صلة له بـ«فاغنر»، اعترف بريغوزين، في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، علناً بدوره بوصفه مؤسساً للمجموعة.
اقرأ أيضاً: بوتين يستعين بمجرمين مدانين لتجنيدهم في الجيش
تقرير: روسيا تلجأ لـميليشيا خاصة لحفظ ماء وجهها في شرق أوكرانيا
تقرير: روسيا تلجأ لـميليشيا خاصة لحفظ ماء وجهها في شرق أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة