انقلابيو اليمن يواصلون تجريف التعليم عبر «حوثنة» أسماء المدارس

طلبة يمنيون في مدرسة ابن ماجد بصنعاء يخضعون لمحاضرات حوثية ذات صبغة طائفية (فيسبوك)
طلبة يمنيون في مدرسة ابن ماجد بصنعاء يخضعون لمحاضرات حوثية ذات صبغة طائفية (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يواصلون تجريف التعليم عبر «حوثنة» أسماء المدارس

طلبة يمنيون في مدرسة ابن ماجد بصنعاء يخضعون لمحاضرات حوثية ذات صبغة طائفية (فيسبوك)
طلبة يمنيون في مدرسة ابن ماجد بصنعاء يخضعون لمحاضرات حوثية ذات صبغة طائفية (فيسبوك)

واصلت الميليشيات الحوثية تصعيد جرائمها ضد قطاع التعليم ومنتسبيه؛ سعياً لصناعة جيل كامل من معتنقي أفكارها المتطرفة في المناطق الخاضعة، حيث أقدمت على ارتكاب عدد من الانتهاكات؛ وفي مقدمها تغيير أسماء المزيد من المدارس؛ سعياً لفرض هوية ذات صبغة طائفية.
ووفقاً لمصادر تربوية يمنية، أطلقت الميليشيات الحوثية، منذ أيام، أسماء جديدة ذات صبغة طائفية على 3 مدارس حكومية في كل من صنعاء وإب، ضمن حملة الجماعة لـ«حوثنة» ثقافة المجتمع وتاريخه.
وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية أقدمت على تغيير اسم مدرسة «ابن ماجد» الثانوية؛ إحدى كبريات المدارس الحكومية في صنعاء، وأطلقت عليها اسم أحد قتلاها؛ ويُدعى ياسر القدمي.
جاء ذلك بعد إصدار الجماعة قراراً آخر من قِبل قادتها المعيَّنين في التربية والتعليم بمحافظة إب تضمَّن تغيير اسم مدرسة «كمران» إلى مسمى «شهيد القرآن»؛ في إشارة منها إلى مؤسس الميليشيات حسين الحوثي، وتغيير اسم مدرسة «صلاح الدين» إلى مدرسة «عدي التميمي»؛ في سياق سعيها للمتاجرة بالقضية الفلسطينية.
فرض نمط طائفي أحادي
ولقيت عملية التجريف الحوثية لمسميات المدارس في صنعاء وإب رفضاً واسعاً من قِبل الأهالي وأولياء الأمور والناشطين اليمنيين، الذين أكدوا أن الميليشيات تمادت كثيراً في استهدافها المتكرر للمدارس وللطلبة صغار السن من خلال مواصلة غسل أدمغتهم والتغرير بهم وإرسالهم إلى ميادين القتال.
ويقول صالح؛ وهو أحد الموجهين التربويين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن ممارسات الميليشيات الحوثية تتوافق مع سعيها لفرض نمط طائفي أحادي، وإلغاء كل ما له علاقة ببقية فئات الشعب اليمني على الصعيد الفكري والعقائدي.
من جهتها أرجعت مصادر تربوية في محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط»، سبب تغيير الميليشيات الحوثية اسمي المدرستين في مديرية الظهار حيث مركز المحافظة، إلى صدمتها الكبيرة من احتفالات المدارس بالأعياد الوطنية المتمثلة في ذكرى الثورة اليمنية على نظام الأئمة.
واتهمت المصادر يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الجماعة المعيَّن وزيراً لتربية وتعليم حكومة الانقلاب، بأنه يقف وراء عملية تغيير أسماء المدارس بتوجيهات من شقيقه عبد الملك الحوثي الذي شدَّد، في خطبه ومحاضراته، على استمرار عملية «حوثنة» المجتمع اليمني تحت اسم «ترسيخ الثقافة الإيمانية»- على حد زعمه.
وأشارت المصادر التربوية إلى أن الميليشيات لا تزال تنتهج الأسلوب التدميري نفسه بحق ما تبقّى من المؤسسات التعليمية ومنتسبيها بكل المناطق الخاضعة لها، حيث أقدمت، منذ أيام، على اتخاذ إجراءات عقابية ضد مدارس أهلية في صنعاء بزعم إقامتها فعاليات وأنشطة تتعارض مع ما تسميه الجماعة «الهوية الإيمانية».
وتؤكد المصادر وجود حالة من الغليان والغضب الشديدين في أوساط التربويين والمعلمين والطلاب في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة؛ نتيجة تصاعد الانتهاكات المرتكبة بحق قطاع التعليم.
كانت نقابة المعلمين اليمنيين قد أعلنت، في تقرير سابق لها، رصد تغيير الميليشيات أسماء أكثر من 43 مدرسة حكومية في مناطق تحت سيطرتها، حيث أطلقت عليها أسماء عناصر من قتلاها وقادتها.
اقتحام مدرسة أهلية
في السياق نفسه، ذكر تربويون في صنعاء أن أحد مشرفي الجماعة برفقة مجموعة «زينبيات» ( الأمن النسائي للميليشيات) أقدم على اقتحام مدرسة أهلية في العاصمة صنعاء، وباشر عناصره الاعتداء على المعلمات والموظفات في المدرسة.
وتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد تُظهر لحظة اعتداء «الزينبيات» على العاملات التربويات بالمدرسة، وأظهر بعض المشاهد مسلَّحات الجماعة وهنّ يقتحمن باحة المدرسة ويقمن بالاعتداء والضرب بالهراوات والعصي الكهربائية.
وأدى السلوك الحوثي منذ الانقلاب إلى تعطيل العملية التعليمية بشكل شبه كلي مع امتناع الجماعة منذ أواخر 2016 عن صرف رواتب المعلمين، وتحويل المدارس إلى ساحات لتجنيد الصغار.
وتعرَّض قطاع التعليم، منذ اجتياح الميليشيات صنعاء ومدناً يمنية أخرى، لانتكاسة كبيرة، دخلت من خلاله العملية التعليمية، بموجب تقارير دولية وأخرى محلية، في أوضاع ومعاناة وُصفت بـ«الكارثية»؛ نتيجة تواصل الجرائم الحوثية بحق ذلك القطاع.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت، مؤخراً، تدمير وتضرر أكثر من 2900 مدرسة في اليمن، جراء الحرب المشتعلة منذ 8 سنوات. وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، في أحدث تقرير لها، أن بعض المدارس في اليمن استُخدمت لأغراض غير تعليمية.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد قالت إن ما يزيد عن مليوني طفل في سن التعليم منقطعون حالياً عن الدراسة في اليمن، مشيرة إلى أن قطاع التعليم في اليمن يعيش أزمة حادة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.