دعوات في الجزائر لـ«لمّ الشّمل الداخلي»

تسعى للإفراج عن المساجين منذ حقبة التسعينات

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

دعوات في الجزائر لـ«لمّ الشّمل الداخلي»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

طالب تنظيم يسعى للإفراج عن إسلاميين مساجين في الجزائر منذ تسعينات القرن الماضي، بـ«توسيع سياسة لمّ الشمل» التي رفعت شعارها الحكومة أثناء القمة العربية التي عُقدت في الجزائر أخيراً، لتستوعب هؤلاء المساجين الذين اتهمتهم السلطات بالإرهاب، في حين يعتبرهم التيار الإسلامي معارضين سياسيين.
وقالت «جمعية المعتقلين السياسيين»، في حسابات أعضائها على منصات التواصل الاجتماعي، إن الجزائريين «يقدّرون جهود الرئيس عبد المجيد تبون من أجل وحدة الصف العربي والفلسطيني، ولتكون الجزائر قوة اقتصادية وإقليمية مؤثرة لها مكانتها في العالم، ونأمل أن تصبح الجزائر نموذجاً حياً في مجال لمّ الشمل الداخلي ووحدة الصف الوطني، ومعالجة مخلفات المأساة الوطنية، وعلى رأسها قضية سجناء التسعينات، لفتح آفاق جديدة نحو مصالحة شاملة».
وأشارت الجمعية إلى أن «قانون لمّ الشمل» الذي أعلن عنه الرئيس تبون في أغسطس (آب) الماضي، «ننتظره بكل اهتمام؛ إذ سيكون خطوة عملية لتخفيف العبء على السلطة العليا في البلاد، من أجل مواجهة عملية التنمية الاقتصادية وبناء دولة جزائرية جديدة». وفي نظر النشطاء الإسلاميين الساعين إلى الإفراج عن «مساجين التسعينات»، يُعد هذا الملف من مخلفات فترة ما يُعرف بـ«المأساة الوطنية»، التي شهدت إرهاباً مدمراً.
ونظمت الجزائر في 14 من الشهر الماضي، مؤتمراً للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وصرح مسؤولوها حينها بأنه بمثابة مدخل لقمة «لمّ الشمل» العربية. وشكّل الحدث الفلسطيني فرصة للإسلاميين الجزائريين لطرح مطلب «لمّ الشمل الداخلي» في الجزائر.
ويبلغ عدد الإسلاميين الذين أدانهم القضاء منذ ما يقرب من 30 سنة، 160 شخصاً، حسب الجمعية التي تتحدث باسمهم، ويرأسها شخص يُدعى مصطفى غزال. أما وزارة العدل فتحصي 90 سجيناً، يقضي أغلبهم عقوبة السجن مدى الحياة بسبب الحكم عليهم في قضايا إرهاب، وغالبيتهم كانوا أعضاء في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» التي اتهمتها الحكومة بالإرهاب وحلّتها بقرار قضائي في مايو (أيار) 1992.
وكانت الرئاسة أعلنت منذ أسابيع عن قانون خاص يعني 298 سجيناً إسلامياً، وقالت إنه سيكون «مكمّلاً لقانوني الرحمة والوئام المدني». وصدر قانون الرحمة عام 1995 في عهد الرئيس الأسبق اليمين زروال، وتوجه به لأفراد «الجماعة الإسلامية المسلحة»، ولا يُعرف عدد الذين استفادوا منه. وصدر قانون الوئام المدني في عهد الرئيس بوتفليقة مطلع عام 2000، واستفاد منه 6 آلاف عضو في «الجيش الإسلامي للإنقاذ». كما صدر قانون ثالث للتهدئة سُمي «السلم والمصالحة» في عام 2006، أتاح تخلي العديد من المتشددين عن السلاح، حسب ما أعلنته السلطات. وجرت محاولات في نفس العام للسماح بعودة معارضين من «جبهة الإنقاذ» لاجئين بالخارج، لكن لقيت تحفظاً لدى بعض رجال النظام النافذين. وتفتخر السلطات الجزائرية بكونها «صدّرت» تجربتها للمصالحة إلى دولة مالي الحدودية للتقريب بين جماعات المعارضة المسلحة والحكومة، حينما احتضنت الجزائر لقاءهم في عام 2015 لإبرام «اتفاق المصالحة».
إلى ذلك، أعلن فرع «منظمة العفو الدولية» (أمنيستي) بالجزائر، يوم الأحد، عن انتخاب الناشط الحقوقي فارس بدوش رئيساً للمكتب خلفاً لحسينة أوصديق، وذلك لولاية تدوم عامين. وكان بدوش (30 سنة) نائباً لرئيس فرع المنظمة الحقوقية، من 2018 إلى 2020، وصرّح بعد انتخابه بأن «تحديات عديدة بانتظارنا محلياً وإقليمياً»، مشدداً على «مواصلة المعركة من أجل الحرية والعدالة والكرامة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».