جرت العادة أن يواجه الرئيس الأميركي انتقادات شرسة من الحزب المنافس في سياساته الخارجية، لكن العامين الماضيين شهدا تحديات استثنائية من حزب الرئيس نفسه، الحزب الديمقراطي.
وتنوعت الملفات التي واجه من خلالها الديمقراطيون جو بايدن، من الصين مروراً بإيران ووصولاً إلى أوكرانيا وروسيا.
- مساعدات أوكرانيا
رغم الدعم الحزبي الواسع في بداية الأزمة الروسية - الأوكرانية لسياسة بايدن في التعامل معها، فإن المبالغ الطائلة التي خصصتها الولايات المتحدة لأوكرانيا في وقت يعاني فيه الأميركيون أزمة التضخم، دفعت بالشق التقدمي من الحزب إلى الإعراب عن تململه من الاستمرار في سياسة الدعم نفسها. وقد كتب 30 نائباً من التقدميين في الحزب رسالة لبايدن يدعونه فيها إلى التفاوض مع روسيا للتوصل إلى حل سلمي للأزمة. واعتبر هؤلاء الديمقراطيون في الرسالة أن على الإدارة الأميركية تقديم إعفاءات من العقوبات لروسيا كحافز للتوصل إلى اتفاق، ذاكرين أن الصراع في أوكرانيا أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز والغذاء في الولايات المتحدة، و«تأجيج التضخم وارتفاع أسعار البنزين في الأشهر الأخيرة». وأضافوا: «يعتقد خبراء الاقتصاد أنه إذا استقر الوضع في أوكرانيا، فسوف تتراجع المخاوف التي تدفع لارتفاع الأسعار، ويؤدي ذلك إلى انخفاض في أسعار النفط على الصعيد العالمي».
وبدا من الواضح في لهجة الرسالة وتفاصيلها أن سبب هذه المعارضة المفاجئة هو الانتخابات النصفية التي ستقرر مصير الديمقراطيين في الكونغرس؛ فالناخب الأميركي مستاء من حالة الاقتصاد وارتفاع الأسعار، وأصبح من الصعب تبرير تخصيص مبالغ وصلت إلى 62 مليار دولار لأوكرانيا. لكن المفارقة هي أن ردود الأفعال الشاجبة لهذه الرسالة من الديمقراطيين أنفسهم، دفعت بالموقعين عليها إلى سحبها والتراجع عنها رسمياً، في خطوة نادرة سلطت الضوء على الانقسامات العميقة في صفوف الحزب الديمقراطي.
- الصين وتايوان
لم تغادر صورة طائرة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وهي تحط في تايوان أذهان الكثيرين؛ فبيلوسي المقربة من بايدن ضربت بعُرض الحائط نصيحته إياها بعدم التوجه إلى الجزيرة المتنازَع عليها، تجنباً لـ«تصعيد هو بغنى عنه في خضم تعاطيه مع الأزمة الأوكرانية». وخلّف قرار بيلوسي، البالغة من العمر 82 عاماً، موجة من التوترات في زيارة مثيرة للجدل تحدت فيها الصين والبيت الأبيض على حد سواء. ورغم أن رئيسة المجلس أثارت استغراب الجميع عندما تحدت حليفها المقرب بايدن وقررت المضي قدماً بزيارتها، فإنها ليست المرة الأولى التي تتحدى فيها رئيساً ديمقراطياً في ملف الصين؛ فقد سبق أن وقفت بمواجهة الرئيس السابق بيل كلينتون في سياساته المطمئنة لبكين، فقالت في عام 1997: «من خلال اعتماد سياسة تقوي الحكومة الصينية، فإن الولايات المتحدة تدعم بالواقع احتواء الشعب الصيني وآماله وطموحاته». لتعود وتكرر العام الماضي في الذكرى الـ32 لمجزرة ساحة تيانانمن التي تحييها كل عام في الكونغرس: «إذا لم نتحدث عن حقوق الإنسان في الصين بسبب حساباتنا الاقتصادية، فحينها سنخسر السلطة المعنوية للحديث عن حقوق الإنسان في أي مكان في العالم». ولعل المفارقة في هذا الملف هي أنه يحظى بإجماع الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، إذ حذت مجموعة من الجمهوريين حذو بيلوسي في زيارات متفرقة إلى تايوان، ووضعت البيت الأبيض في موقف حرج سعى بعده إلى احتواء الأزمة قدر المستطاع.
- إيران
واجهت إدارة بايدن معارضة شرسة من الجمهوريين في مساعيها للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. لكنها تعرضت كذلك إلى نيران صديقة من قيادات ديمقراطية بارزة خرجت عن صمتها، لتنهال عليها بوابل من الانتقادات التي استهدفت سياستها تجاه طهران.
أبرز هذه الأصوات هو السيناتور الديمقراطي البارز بوب مينانديز، الذي عارض الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة باراك أوباما مع إيران، وتزايدت معارضته بشكل كبير خلال مساعي إدارة بايدن إحياء هذا الاتفاق؛ فقد حذر مينانديز الذي يترأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، من إصرار الإدارة على الاستمرار في المفاوضات النووية، رغم اقتراب طهران الشديد من امتلاك سلاح نووي. ويطالب السيناتور مع عدد من زملائه بربط المفاوضات حول برنامج إيران النووي ببرنامجها للصواريخ الباليستية وأنشطتها المزعزعة في المنطقة، وهو أمر ترفضه الإدارة. ما أدت الاحتجاجات الأخيرة في إيران بعد مقتل الشابة العشرينية مهسا أميني إلى توسيع رقعة المعارضة في الكونغرس للعودة إلى الاتفاق ورفع أي عقوبات عن النظام الإيراني، خشية أن يستخدم الأموال الناجمة عن هذه الإعفاءات في قمع شعبه، بحسب المشرعين.
تحديات «ديمقراطية» لسياسات بايدن الخارجية
عامان من التوترات والزيارات المثيرة للجدل
تحديات «ديمقراطية» لسياسات بايدن الخارجية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة