تحديات «ديمقراطية» لسياسات بايدن الخارجية

عامان من التوترات والزيارات المثيرة للجدل

بيلوسي تتحدث عن زيارتها إلى تايوان في الكونغرس في 10 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
بيلوسي تتحدث عن زيارتها إلى تايوان في الكونغرس في 10 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
TT

تحديات «ديمقراطية» لسياسات بايدن الخارجية

بيلوسي تتحدث عن زيارتها إلى تايوان في الكونغرس في 10 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
بيلوسي تتحدث عن زيارتها إلى تايوان في الكونغرس في 10 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

جرت العادة أن يواجه الرئيس الأميركي انتقادات شرسة من الحزب المنافس في سياساته الخارجية، لكن العامين الماضيين شهدا تحديات استثنائية من حزب الرئيس نفسه، الحزب الديمقراطي.
وتنوعت الملفات التي واجه من خلالها الديمقراطيون جو بايدن، من الصين مروراً بإيران ووصولاً إلى أوكرانيا وروسيا.
- مساعدات أوكرانيا
رغم الدعم الحزبي الواسع في بداية الأزمة الروسية - الأوكرانية لسياسة بايدن في التعامل معها، فإن المبالغ الطائلة التي خصصتها الولايات المتحدة لأوكرانيا في وقت يعاني فيه الأميركيون أزمة التضخم، دفعت بالشق التقدمي من الحزب إلى الإعراب عن تململه من الاستمرار في سياسة الدعم نفسها. وقد كتب 30 نائباً من التقدميين في الحزب رسالة لبايدن يدعونه فيها إلى التفاوض مع روسيا للتوصل إلى حل سلمي للأزمة. واعتبر هؤلاء الديمقراطيون في الرسالة أن على الإدارة الأميركية تقديم إعفاءات من العقوبات لروسيا كحافز للتوصل إلى اتفاق، ذاكرين أن الصراع في أوكرانيا أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز والغذاء في الولايات المتحدة، و«تأجيج التضخم وارتفاع أسعار البنزين في الأشهر الأخيرة». وأضافوا: «يعتقد خبراء الاقتصاد أنه إذا استقر الوضع في أوكرانيا، فسوف تتراجع المخاوف التي تدفع لارتفاع الأسعار، ويؤدي ذلك إلى انخفاض في أسعار النفط على الصعيد العالمي».
وبدا من الواضح في لهجة الرسالة وتفاصيلها أن سبب هذه المعارضة المفاجئة هو الانتخابات النصفية التي ستقرر مصير الديمقراطيين في الكونغرس؛ فالناخب الأميركي مستاء من حالة الاقتصاد وارتفاع الأسعار، وأصبح من الصعب تبرير تخصيص مبالغ وصلت إلى 62 مليار دولار لأوكرانيا. لكن المفارقة هي أن ردود الأفعال الشاجبة لهذه الرسالة من الديمقراطيين أنفسهم، دفعت بالموقعين عليها إلى سحبها والتراجع عنها رسمياً، في خطوة نادرة سلطت الضوء على الانقسامات العميقة في صفوف الحزب الديمقراطي.
- الصين وتايوان
لم تغادر صورة طائرة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وهي تحط في تايوان أذهان الكثيرين؛ فبيلوسي المقربة من بايدن ضربت بعُرض الحائط نصيحته إياها بعدم التوجه إلى الجزيرة المتنازَع عليها، تجنباً لـ«تصعيد هو بغنى عنه في خضم تعاطيه مع الأزمة الأوكرانية». وخلّف قرار بيلوسي، البالغة من العمر 82 عاماً، موجة من التوترات في زيارة مثيرة للجدل تحدت فيها الصين والبيت الأبيض على حد سواء. ورغم أن رئيسة المجلس أثارت استغراب الجميع عندما تحدت حليفها المقرب بايدن وقررت المضي قدماً بزيارتها، فإنها ليست المرة الأولى التي تتحدى فيها رئيساً ديمقراطياً في ملف الصين؛ فقد سبق أن وقفت بمواجهة الرئيس السابق بيل كلينتون في سياساته المطمئنة لبكين، فقالت في عام 1997: «من خلال اعتماد سياسة تقوي الحكومة الصينية، فإن الولايات المتحدة تدعم بالواقع احتواء الشعب الصيني وآماله وطموحاته». لتعود وتكرر العام الماضي في الذكرى الـ32 لمجزرة ساحة تيانانمن التي تحييها كل عام في الكونغرس: «إذا لم نتحدث عن حقوق الإنسان في الصين بسبب حساباتنا الاقتصادية، فحينها سنخسر السلطة المعنوية للحديث عن حقوق الإنسان في أي مكان في العالم». ولعل المفارقة في هذا الملف هي أنه يحظى بإجماع الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، إذ حذت مجموعة من الجمهوريين حذو بيلوسي في زيارات متفرقة إلى تايوان، ووضعت البيت الأبيض في موقف حرج سعى بعده إلى احتواء الأزمة قدر المستطاع.
- إيران
واجهت إدارة بايدن معارضة شرسة من الجمهوريين في مساعيها للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. لكنها تعرضت كذلك إلى نيران صديقة من قيادات ديمقراطية بارزة خرجت عن صمتها، لتنهال عليها بوابل من الانتقادات التي استهدفت سياستها تجاه طهران.
أبرز هذه الأصوات هو السيناتور الديمقراطي البارز بوب مينانديز، الذي عارض الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة باراك أوباما مع إيران، وتزايدت معارضته بشكل كبير خلال مساعي إدارة بايدن إحياء هذا الاتفاق؛ فقد حذر مينانديز الذي يترأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، من إصرار الإدارة على الاستمرار في المفاوضات النووية، رغم اقتراب طهران الشديد من امتلاك سلاح نووي. ويطالب السيناتور مع عدد من زملائه بربط المفاوضات حول برنامج إيران النووي ببرنامجها للصواريخ الباليستية وأنشطتها المزعزعة في المنطقة، وهو أمر ترفضه الإدارة. ما أدت الاحتجاجات الأخيرة في إيران بعد مقتل الشابة العشرينية مهسا أميني إلى توسيع رقعة المعارضة في الكونغرس للعودة إلى الاتفاق ورفع أي عقوبات عن النظام الإيراني، خشية أن يستخدم الأموال الناجمة عن هذه الإعفاءات في قمع شعبه، بحسب المشرعين.


مقالات ذات صلة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» سابقة لأوانها

العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» سابقة لأوانها

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» سابقة لأوانها

انطلقت فجر أمس، الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن تم تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حيث تنتشر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلد، وهو ما تسبب في مشاكل كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

انطلقت فجر اليوم (الجمعة) الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن جرى تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حين تكثر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلاد، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وز

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم «تجمع الأحرار» المغربي يفوز بمقعد نيابي في انتخابات جزئية

«تجمع الأحرار» المغربي يفوز بمقعد نيابي في انتخابات جزئية

فاز حزب «التجمع الوطني للأحرار» المغربي، متزعم الائتلاف الحكومي، بمقعد نيابي جديد عقب الانتخابات الجزئية، التي أُجريت أمس بالدائرة الانتخابية في مدينة بني ملال، الواقعة جنوب شرقي الدار البيضاء. وحصل مرشح الحزب عبد الرحيم الشطبي على أعلى عدد من الأصوات، حسب النتائج التي أعلنت عنها السلطات مساء (الخميس)، حيث حصل على 17 ألفاً و536 صوتاً، في حين حصل مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض على 2972 صوتاً، بينما حل مرشح «الحركة الشعبية» في المرتبة الثالثة بـ2259. ويشغل الشطبي، الذي فاز بمقعد نيابي، منصب المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار في جهة بني ملال - خنيفرة. وشهدت الانتخابات الجزئية مشاركة ضعي

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم ما الدور المرتقب للقبائل الليبية في الانتخابات المُنتظرة؟

ما الدور المرتقب للقبائل الليبية في الانتخابات المُنتظرة؟

أعادت التحركات الجارية في ليبيا حالياً باتجاه السعي لإجراء الانتخابات العام الجاري، القبائل إلى دائرة الضوء، وسط توقع سياسيين بأنه سيكون لها دور في السباق المنتظر، إذا توفر التوافق المطلوب بين الأفرقاء، والذي تعمل عليه البعثة الأممية. ويرى سياسيون أن الاستحقاق المنتظر يعد بوابة للقبائل في عموم ليبيا، لاستعادة جزء من نفوذها الذي فقدته خلال السنوات الماضية على خلفية انخراطها في حسابات الصراع السياسي والعسكري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم إردوغان يلغي أنشطته الانتخابية اليوم بسبب إنفلونزا المعدة

إردوغان يلغي أنشطته الانتخابية اليوم بسبب إنفلونزا المعدة

قطع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس (الثلاثاء)، مقابلة تلفزيونية مباشرة قبل أن يعود ويعتذر متحدثاً عن إصابته بإنفلونزا المعدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. ألقى الزعيم البالغ التاسعة والستين ثلاثة خطابات انتخابية، أمس، قبل انتخابات رئاسية وتشريعية في 14 مايو (أيار) تبدو نتائجها غير محسومة. وكان مقرراً أن يُنهي إردوغان الأمسية بمقابلة مباشرة مشتركة مع قناتي «Ulke» و«Kanal 7»، وقد بدأ ظهوره التلفزيوني بعد تأخير لأكثر من 90 دقيقة، ثم قطعه بعد عشر دقائق خلال طرح سؤال عليه. وعاد إردوغان بعد 15 دقيقة واعتذر قائلاً إنه أصيب بوعكة. وأوضح: «أمس واليوم كان هناك عمل كثير.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.