السياسيون والمجتمع المدني والعلماء يناقشون «إنقاذ المناخ» في شرم الشيخ

مصر أكملت استعداداتها... وقادة روسيا والصين وكندا أبرز الغائبين عن «كوب 27»

شرم الشيخ استعدت لاستقبال المشاركين في قمة المناخ (رويترز)
شرم الشيخ استعدت لاستقبال المشاركين في قمة المناخ (رويترز)
TT

السياسيون والمجتمع المدني والعلماء يناقشون «إنقاذ المناخ» في شرم الشيخ

شرم الشيخ استعدت لاستقبال المشاركين في قمة المناخ (رويترز)
شرم الشيخ استعدت لاستقبال المشاركين في قمة المناخ (رويترز)

تحوّلت شرم الشيخ المصرية إلى مدينة خضراء، تمهيداً لاستقبال قمة المناخ «كوب 27»، التي تنطلق، الأحد، بمشاركة قادة العالم ورؤساء حكومات ومنظمات مجتمع مدني وعلماء.
ودشنت المدينة 3 محطات لتوليد الطاقة الشمسية، كما تم تشغيل وسائل النقل الخضراء، التي تتضمن 250 حافلة تعمل بالكهرباء والغاز، وذلك حتى تقدم المدينة نموذجاً واقعياً وحقيقياً لكيفية الحفاظ على البيئة، وإيقاف ظاهرة تغير المناخ والحد من انبعاثاته الكربونية الخطيرة.
واستطاعت الحكومة المصرية تحويل المدينة إلى هذا النموذج الأخضر خلال ثمانية أشهر فقط، في رسالة واضحة مفادها، أن العالم يمكنه تحقيق إنجاز مناخي في وقت يحتاج إلى تسريع إجراءات المواجهة، حيث تعقد القمة بعد عام من الكوارث المرتبطة بالمناخ وسجلات درجات الحرارة القياسية.
ووسط ارتفاع معدلات التضخم عالمياً وتعمق التوترات الجيوسياسية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، يعد هذا الحدث الدولي رفيع المستوى لحظة للقادة لإعادة الالتزام بالتعاون الدولي في مجال المناخ.
ومن المتوقع أن يحضر أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة القمة، لكن القائمة المؤقتة للمتحدثين، المؤرخة في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تظهر أنه لا يتوقع حضور الرئيس الصيني شي جي بينغ، ولا رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ولكن قد يحضر ممثلون لحكومتي هاتين الدولتين.
كما أن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لن يشارك في القمة، بحسب متحدث باسم الحكومة، وسيتغيب أيضاً رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز. ولن ترسل دول الأرجنتين واليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك وتركيا قادة، وسيتم تمثيل إندونيسيا على مستوى نائب الرئيس. وكما هو متوقع لن يشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدعوى «عدم توقع تحقيق اختراق مهم من محادثات المناخ هذا العام»، كما قال مبعوث المناخ الروسي رسلان إيدلجيرييف، في تصريحات صحافية.
وسيتم تمثيل أوروبا بشكل أفضل، وسيشارك المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية المنتخبة حديثاً جورجيا ميلوني. ويوم الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أنه سيكون في مصر «للوفاء بإرث غلاسغو»، بعد أن قال في البداية إنه لن يذهب، كما أن بوريس جونسون، الذي كان في السلطة عندما استضافت المملكة المتحدة قمة «كوب 26» العام الماضي، قبل بالفعل دعوة من المنظمين.
ولن يشارك الرئيس الأميركي جو بايدن في قمة الزعماء يومي 7 و8 نوفمبر (تشرين الثاني)، لتضارب جدول الأعمال مع انتخابات التجديد النصفي في مجلس الشيوخ الأميركي، لكنه سيزور شرم الشيخ في 11 نوفمبر لدعم القمة.
وتشارك السعودية في القمة بوفد من 6 وزراء، إلى جانب مبعوث المناخ السعودي، يتقدمهم وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان. وستكون هناك مشاركة كبيرة من الدول النامية، حيث من المتوقع أن يصعد ما لا يقل عن 33 من القادة الأفارقة إلى المنصة.
وتستضيف القمة، 6 اجتماعات دولية، تشمل القمة الرئاسية، التي تعقد على مدار يومي 7 و8 نوفمبر، ومؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27)، إضافة إلى مؤتمر أطراف بروتوكول كيوتو، ومؤتمر أطراف اتفاق باريس، واجتماعات الهيئة الفرعية للتنفيذ، والهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية.
وتنظم مصر ست طاولات مستديرة رفيعة المستوى لتحريك الاتصال بشأن الموضوعات المهمة، فبعد ظهر يوم الاثنين، تمت دعوة القادة إلى واحدة من ثلاث مناقشات موازية حول «الانتقال العادل» والأمن الغذائي والتمويل المبتكر للمناخ والتنمية، وستكون الطاولات المستديرة يوم الثلاثاء حول الهيدروجين الأخضر والأمن المائي وتغير المناخ واستدامة المجتمعات الضعيفة.
وسينضم رؤساء وكالات الأمم المتحدة وبنوك التنمية متعددة الأطراف وممثلو المجتمع المدني إلى القادة الوطنيين في أحداث الطاولة المستديرة.
وفي رسالة إلى جميع المشاركين، قال سامح شكري، رئيس «كوب 27»، إن الطاولات المستديرة تهدف إلى «تطوير حلول عملية ومؤثرة وطموحة» بشأن القضايا الرئيسية. وأضاف أن مصر تعتزم استعادة ما سمّاه «الصفقة الكبرى» التي تدعم اتفاق باريس، الذي يتضمن حصول الدول النامية على دعم مالي من الملوثين التاريخيين لخفض انبعاثاتها والتعامل مع التأثيرات المناخية.
* 11 يوماً متخصصاً
تتضمن أجندة القمة مجموعة من الأيام المتخصصة، وتعتبر الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف أن هذه الأيام جزء من الجهود المبذولة لتعزيز العمل المناخي، حيث تعمل على تعميق المشاركة مع الشباب والنساء والمجتمع المدني والسكان الأصليين، ومنها «يوم التمويل 9 نوفمبر»، الذي يتناول العديد من جوانب النظام البيئي لتمويل المناخ، بما في ذلك التمويل المبتكر والمختلط والأدوات المالية والأدوات والسياسات التي لديها القدرة على تعزيز الوصول وتوسيع نطاق التمويل. و«يوم العلم 10 نوفمبر»، ويشمل مناقشة العديد من التقارير العلمية البارزة من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومؤسسات أخرى. و«يوم الشباب 10 نوفمبر»، الذي تُعرض خلاله قصص نجاح الشباب والتحديات وسيُسمح لهم بالتفاعل مع صناع السياسات والممارسين. و«يوم إزالة الكربون 11 نوفمبر»، لعرض التقنيات المختلفة بهدف تشجيع وتسهيل الانتقال الذي تشتد الحاجة إليه والتحول النموذجي نحو اقتصاد منخفض الكربون. ويرمي «يوم التكيف والزراعة 12 نوفمبر» إلى توفير فرصة لمناقشة القضايا المتعلقة بالتكيف بما في ذلك الزراعة والتغذية وسبل العيش والحماية في المناطق الساحلية، والخسائر والأضرار، والحد من مخاطر الكوارث. و«يوم النوع الاجتماعي 14 نوفمبر»، ويسلط الضوء على دور المرأة في التكيف مع تغير المناخ.
وتُخصَّص أيضاً خلال القمة فعالية باسم «يوم المياه 14 نوفمبر»، وستغطي المناقشات خلالها جميع القضايا المتعلقة بالإدارة المستدامة لموارد المياه، وفعالية باسم «يوم المجتمع المدني 15 نوفمبر»، وستكون منصة لتبادل أفضل الممارسات وتحديد التحديات، فضلاً عن التواصل وتطوير فرص الشراكة بين أصحاب المصلحة المتعددين.
وستكون هناك أيضاً فعالية باسم «يوم الطاقة 15 نوفمبر»، وستتناول جميع جوانب الطاقة وتغير المناخ، بما في ذلك الطاقة المتجددة وتحويل الطاقة، مع التركيز بشكل خاص على الانتقال العادل في قطاع الطاقة، والهيدروجين الأخضر كمصدر محتمل للطاقة في المستقبل، وسيناقش يوم آخر باسم «يوم التنوع البيولوجي 16 نوفمبر» آثار تغير المناخ على المحيطات، والأنواع المهددة بالانقراض، والشعاب المرجانية، واستدامة المناطق المحمية لتقديم خدمات النظام الإيكولوجي للإنسان.
وتختتم الأيام بـ«يوم الحلول» الذي يجمع بين ممثلي الحكومات والشركات والعلماء المبتكرين لتبادل خبراتهم وأفكارهم بهدف نشر الوعي وتبادل الخبرات وبناء التحالفات والتعاون في المستقبل.
* مبادرة السعودية الخضراء
وتعد قمة المناخ فرصة للترويج لعدد من المبادرات الخضراء، ومن أبرزها، مبادرة «السعودية الخضراء»، التي ستعقد منتدى خاصاً يومي 11 و12 نوفمبر في المنطقة الخضراء بالقمة.
وتعرض جلسات المنتدى رحلة الانتقال الأخضر للسعودية، وسيتم التركيز على نهج المملكة متعدد الأوجه والتخصصات للحد من الانبعاثات الكربونية، إلى جانب مناقشات مصادر الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين النظيف، وجهود المملكة الرائدة في تنمية الاقتصاد الدائري للكربون، يضاف إليها التشجير وحماية البيئة الطبيعية.
وإضافة إلى المنتدى، سيكون هناك «معرض مبادرة السعودية الخضراء»، الذي يفتح أبوابه في 7 نوفمبر ويستمر حتى 18 نوفمبر، ويحظى زوراه بفرصة استكشاف تنوع وأهمية المبادرات المنفذة حالياً في مختلف أرجاء البلاد، بدءاً من إنشاء أكبر مصنع للهيدروجين النظيف على مستوى العالم في نيوم، وصولا إلى برامج إعادة التوطين الناجحة لأبرز الأحياء البرية المهددة بالانقراض في المملكة، وهذه الأنشطة في مجملها تسعى لتحقيق الأهداف الشاملة لمبادرة «السعودية الخضراء» وضمان إحداث تغيير إيجابي على المدى الطويل.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

لا تزال المداولات مستمرة في الساعات الأخيرة قبل اختتام مؤتمر «كوب 16» المنعقد بالرياض.

عبير حمدي (الرياض)
العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً

قال البنك الدولي إن الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً، موضحاً أن له تأثيرات البشرية والاقتصادية بعيدة المدى.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.