جماليات «الحلية الشريفة» تجذب جمهور متحف قصر المنيل في القاهرة

المعرض يضم 37 قطعة بعضها يعرض للمرة الأولى

المصحف الشريف
المصحف الشريف
TT

جماليات «الحلية الشريفة» تجذب جمهور متحف قصر المنيل في القاهرة

المصحف الشريف
المصحف الشريف

عبّر الخط العربي خلال تاريخه الطويل، عن ملامح الحضارة الإسلامية، وعكس روحها وطبيعتها، إلا أنه في هذا المعرض المقام بمتحف قصر المنيل أو قصر الأمير محمد علي، بالمنيل، يتخطى ذلك ليقدم أيضاً سرداً للصفات والسجايا الشريفة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يضم نحو 37 عملاً فنياً نادراً وأثرياً يُعرض معظمها للمرة الأولى، وتتضمن روائع من «الحلية الشريفة»، ومجموعة من سجاجيد الصلاة، وجميعها من المقتنيات الخاصة للأمير المصري الراحل محمد علي.
خطت اللوحات المعروضة في المتحف بنمط مميز من الخطوط يُعرف بخط «الحلية الشريفة»، وهي من إبداعات الفن في وصف أهم رموز الحضارة الإسلامية وهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نشأ هذا الفن في مدينة إسطنبول في القرن الحادي عشر الهجري - السابع عشر الميلادي، وكان من الأنماط الشائعة للخط العربي ذي النمط العثماني الكلاسيكي، ويُقال بأن الخطاط البارع حافظ عثمان، هو أول من كتب الحلية الشريفة، واستخدم الخطاطون بعده في كتابتها خط الثلث والنسخ وأحياناً المحقق في كتابة البسملة أعلى الحلية، وتطور الأمر بعد ذلك واستخدموا الخطوط العربية بمختلف أنواعها، وتسابقوا في إجادتها على مر العصور.

صورة للأمير محمد علي يطوف حول الكعبة الشريفة
معرض «الحلية الشريفة للوصف الشريف في حضرة النور»، والمستمر حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، اجتذب محبي فن الخط العربي بأشكاله الانسيابية، وتصميماته وزخارفه، الذي يعرض سجايا النبي عليه الصلاة والسلام وصفاته، متخذاً تصميماً هندسياً مزخرفاً فريداً ومذهباً، ومن هذه الحليات وصف للنبي نقلاً عن علي بن أبي طالب بخط سليمان وهبي، وحلية بخط علي المصري وهو من تلاميذ الفنان عثمان المعروف بداماد العفيف 1227 هجرية، وأخرى في إطار مذهب مؤرخ سنة 1309 هجرية، بخط أحمد العارف، وقصيدة البردة للإمام البوصيري بخط ياقوت المستعصمي على شكل مجلد يتخلل كلمات القصيدة روائع من الزخارف النباتية، وأخرى بخط محمد رسمي مكونة من 48 صفحة كتبت على أرضية سوداء عام 1279 هجرياً علاوة على المخطوط المغربي «دلائل الخيرات» كُتب بواسطة محمد بن سليمان.
وتُعد كل الحليات من مقتنيات الأمير محمد علي، وفق آمال صديق، مدير عام المتحف التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، «كان الأمير مولعاً بالفنون والمقتنيات الثمينة والنادرة، لا سيما تلك المستلهمة من الحضارة الإسلامية، ولذلك أقام داخل قصره متحفاً أطلق عليه (المتحف الخاص)، ضم 15 قاعة، عرض فيها بعضاً مما كان يكلف العاملين بالمتحف بجمعه، إضافة إلى ما تم إهداؤه له من روائع لا تقدر بثمن من ملوك وأمراء العالم والشخصيات العامة باعتباره ولي عهد المملكة المصرية في ذلك الوقت، وقد اخترنا بعضاً من هذه المقتنيات من التي كانت تضمها في الماضي قاعة المخطوطات في عهده، والتي لم يرها الجمهور من قبل، لأنها كانت قد انتقلت إلى المخازن».
وينبهر الزائر بجماليات الخطوط في مجموعة الحلية الشريفة التي كتبها كبار الخطاطين المسلمين وحملت الحليات أجمل الخطوط والتشكيلات والتركيبات، وتميزت بملء المساحات والفراغات في اللوحات التي زخرت بتنوع الزخارف أيضاً، فنجد فيها بوضوح حركة الأغصان الحلزونية المتكررة والتي تعكس واقع الطبيعة الممزوجة بالخيال الخصب لمبدعيها، حيث تبدأ من نقطة خارج المركز وتنتهي بحركة حلزونية أخرى إلى نقطة في الداخل على شكل «ربع زخرفي»، ويتكرر داخل زخارف الحلية، ويبرز الغصن الملفوف الذي تتخلله الأزهار والأوراق بينما يتألق شكل «كأس الزهرة» في بعض الأعمال.

خمس لوحات لمحمد أسعد اليساري كُتب فيها أسماء الله الحسنى في إطار مذهب خط فارسي (الشرق الأوسط)
ومن المعروضات النادرة صورة للأمير محمد علي، يطوف حول الكعبة الشريفة مدون عليها تاريخ 5/7/ 1357 هجرية، وصورة أخرى له وهو يبرح «فندق مصر» في مكة، ليطوف طواف القدوم، علاوة على مصحف شريف، وخمس لوحات لمحمد أسعد اليساري، كتب فيها بخط فارسي أسماء الله الحسني في إطار مذهب.
ويأتي المعرض، حسب محمد البرديني مدير «متحف محمد علي»، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، في إطار سلسلة المعارض الشهرية التي ينظمها المتحف، بحيث لا يأتي الزائر لزيارته مرة واحدة فقط، سواء كان الجمهور العادي أو المتخصص أو السياح الأجانب بحيث يجد الجميع تنوعاً واسعاً ومتجدداً به.
وتابع: «لا تتوقف نشاطات المتحف على المعارض فقط، إنما تضم أيضاً فاعليات أخرى، سواء تخص القسم التعليمي أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو المسنين لدمج كل فئات المجتمع، كما يوجد أمناء المتحف لشرح محتوياته وتاريخه كخدمة مجانية».
ويعد متحف «قصر الأمير محمد علي» من أجمل المتاحف التاريخية في مصر، فقد بُني على طراز إسلامي حديث مستلهماً من المدارس الفنية الفارسية والمملوكية، كما يتضمن بعض الزخارف السورية والمغربية والأندلسية، ويقول الباحث في التاريخ د. ولاء الدين بدوي، مدير عام المتحف السابق لـ«الشرق الأوسط»، «إن الأمير محمد علي باشا هو ثاني أبناء الخديوي محمد توفيق والشقيق الوحيد للخديو عباس حلمي الثاني، وكان وصياً على العرش ما بين وفاة الملك فؤاد الأول وجلوس ابن عمه الملك فاروق على عرش مملكة مصر لحين إكماله السن القانونية بتاريخ 28 أبريل (نيسان) 1936م، ثم أصبح ولياً للعهد إلى أن أنجب فاروق ابنه الأمير أحمد فؤاد الثاني».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار، ومدى تأثيره في ظل انتشار فقرات توقعات الأبراج والتنبؤات بالمستقبل في وسائل إعلام عدة حول العالم.

وحظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافة «المنجمين» و«العرّافين» على جميع قنوات وإذاعات ومواقع الهيئة، ودعا رئيسها الكاتب أحمد المسلماني، بحسب إفادة رسمية الأربعاء، إلى «استطلاع مستقبل المنطقة والعالم عبر التفكير العلمي، وقواعد المنطق ومعطيات علم السياسة والعلوم الأخرى، والاستعانة في هذا الصدد بالعلماء والخبراء والأكاديميين والمثقفين».

وشدّد على «ضرورة الابتعاد عن الترويج لخرافات المنجمين والمشعوذين، مهما كانت شهرتهم، الذين يستهدفون إهانة العقل، وتسفيه المعرفة، وتأسيس شهرة كاذبة على توقعات عشوائية لا سند لها».

أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

ولفت المسلماني إلى أن «واجب وسائل الإعلام مواجهة الجهل، وتعظيم العلم، وتعزيز المنطق».

ويأتي القرار تزامناً مع قرارات من «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» تستهدف «ضبط المشهد الإعلامي المصري، في ظل شكاوى عدة من الجمهور والمراقبين».

وعدّ العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، قرار الهيئة الوطنية للإعلام بمثابة «رسالة تستهدف التأكيد على دور الإعلام الرسمي في نشر الوعي ومكافحة الخرافات».

لكن في الوقت ذاته أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «آثار القرار لا تمتد إلى القنوات الخاصة، التي عادة ما تقدم فقرات من هذا النوع، نظراً لما تحظى به من مشاهدات مرتفعة».

ولا تملك الهيئة الوطنية للإعلام الولاية على السياسة التحريرية للقنوات الفضائية الخاصة، بما فيها التي يتم بثّها من مدينة الإنتاج الإعلامي. حيث تقتصر ولايتها على الإذاعة والتلفزيون الرسمي المصري «ماسبيرو» فقط، ويتبعها عدد من الشركات، من بينها شركة «صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات»، و«الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي»، والشركة المصرية للأقمار الاصطناعية «نايل سات»، وشركة «راديو النيل».

التلفزيون الرسمي حظر استضافة المُنجمين (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأرجعت أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتورة ليلى عبد المجيد، القرار إلى «الرغبة في مواجهة الخرافات والتفكير غير العلمي». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: إن «الهيئة تريد نشر التفكير العلمي وزيادة الوعي بين المواطنين، ولا سيما أن بعضهم يتعامل مع هذه النوعية من التنبؤات باعتبارها حقائق وليس خرافات».

وأشارت ليلى إلى «محدودية تأثير القرار، ولا سيما أنه لا ينطبق على القنوات الخاصة التي عادة ما تقدم مثل هذه الفقرات»، لكن رغم محدودية التأثير، عدّت أستاذة الإعلام القرار «خطوة مهمة للحدّ من انتشار الخرافات، ولو في نطاق محدود»، معربة عن أملها في أن «يسهم القرار في تشجيع قنوات القطاع الخاص على أن تحذو حذو الإعلام الرسمي».

ويأتي القرار عقب تكرار وقائع ظهور «العرافين» على الشاشات المصرية، سواء في الإعلام الرسمي أو الخاص، ولا سيما فقرات توقعات الأبراج وصفاتها، وتوقعات العام الجديد. وفي بعض الأحيان، أثارت تلك الفقرات جدلاً، مع حرص مواطنين على معرفة ما يصدق من تلك التوقعات. فقد أربك العام الماضي المُتنبئ الهولندي فرانك هوغربيتس المصريين بتوقعاته بشأن احتمالية حدوث زلازل في مصر.

كما استحوذت توقعات العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف على نسبة كبيرة من اهتمامات المصريين خلال الآونة الأخيرة، بعدما أثارت توقعاتها جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والفنية والرياضية، وتابعت وسائل إعلام عدة توقعاتها، في محاولة لربطها بأحداث واقعية.

ليلى عبد اللطيف في لقاء سابق مع الإعلامي عمرو أديب (صفحتها على «إنستغرام»)

وبشأن انتشار فقرات الفلك وتوقعات الأبراج في وسائل الإعلام العالمية، قالت ليلى عبد المجيد إن «الأمر مرتبط بدرجة الوعي، وهل يتعاطى الجمهور مع هذه الفقرات كنوع من التسلية، أم يأخذها باعتبارها حقائق»، ضاربة المثل بمتابعة الجمهور لتوقعات ليلى عبد اللطيف ومحاولة معرفة ما تحقق منها». وأضافت: «في ظل نقص الوعي، من المهم الحد من الخرافات وتشجيع الناس على التفكير العلمي».

وهو ما يؤيده مكاوي، قائلاً إن «المواد المتعلقة بتوقعات الأبراج والتنبؤات بالمستقبل فقرات متعارف عليها في وسائل إعلام عدة حول العالم، ولها نسب مشاهدة، خصوصاً في توقيتات معينة، مثل نهاية عام وبداية عام جديد، والبعض يعدّها علماً».

وخلال الأشهر الماضية، أثارت توقعات ليلى عبد اللطيف الخبيرة اللبنانية في الفلك جدلاً في مصر، حيث تصدرت «الترند» بتوقعاتها أكثر من مرة، حيث سبق أن توقعت وصول سيدة لـ«البيت الأبيض»، لكن سرعان ما ثبت عدم دقة التوقع عند فوز دونالد ترمب برئاسة أميركا.