أودري هيبورن.. الوجه الذي عشقته الكاميرا

معرض في «ناشيونال بورتريه غاليري» وجولة بين أهم الصور التي التقطت لأيقونة السينما العالمية

على غلاف مجلة «لايف» بعدسة فيليب هالسمان 1954 (فيليب هالسمان-ماغنوم)  -  تعرض زيا من جيفنشي في صورة بعدسة نورمان باركنسون 1955  (أرشيف نورمان باركنسون)
على غلاف مجلة «لايف» بعدسة فيليب هالسمان 1954 (فيليب هالسمان-ماغنوم) - تعرض زيا من جيفنشي في صورة بعدسة نورمان باركنسون 1955 (أرشيف نورمان باركنسون)
TT

أودري هيبورن.. الوجه الذي عشقته الكاميرا

على غلاف مجلة «لايف» بعدسة فيليب هالسمان 1954 (فيليب هالسمان-ماغنوم)  -  تعرض زيا من جيفنشي في صورة بعدسة نورمان باركنسون 1955  (أرشيف نورمان باركنسون)
على غلاف مجلة «لايف» بعدسة فيليب هالسمان 1954 (فيليب هالسمان-ماغنوم) - تعرض زيا من جيفنشي في صورة بعدسة نورمان باركنسون 1955 (أرشيف نورمان باركنسون)

أودري هيبورن الممثلة العالمية الراحلة وسفيرة اليونيسيف امتلكت طلة وجاذبية خاصة بها، لم تخفت على مر السنوات وعاشت حتى بعد أن توفيت الممثلة. هيبورن تمتلك حضورًا طاغيًا ووجها ذا جمال رقيق فيه من البراءة الكثير، امتلكت أيضا قواما رشيقا كونته سنوات من التدريب على رقص الباليه. تحولت النجمة إلى مثال للأناقة والرشاقة والجمال في حياتها وحتى بعد وفاتها، نراها دائما في المجلات النسائية، فهي أفضل من ارتدت الفستان الأسود أو القميص الأبيض أو أحذية الباليه. وصورها ما تزال تزين الروزنامات كل عام.
وربما لحضورها الطاغي وأيضا لأنها تملك وجها تعشقه كاميرات التصوير يقيم «ناشيونال بورتريه غاليري» (معرض الصور الوطنية) بلندن معرضا ينطلق اليوم تحت عنوان «أودري هيبورن: صور لأيقونة» يضم أكثر من سبعين صورة شخصية لها منها صور لم تعرض من قبل من مجموعة عائلتها.
في العرض المخصص للإعلام ازدحمت القاعات الثلاث التي تضم الصور والتي قسمت لمراحل حياة الممثلة، هناك عدد ضخم من الحضور، الكل يبدو منجذبا للصور، امرأة مسنة كانت تتأمل الصور وتبتسم لكل واحدة منها ربما بسبب ذكرى ما لمعت في خاطرها ولكنها بدت وكأنها تلقي بالتحية على صاحبة الوجه الملائكي التي تطل من الصور.
المعرض يسجل رحلة صعود نجم هيبورن، يبدأها من سنوات الطفولة حيث عاشت مع والدتها في هولندا، ثم في صباها عندما عملت راقصة وفتاة كورس في مسارح لندن، حتى تحولها لأيقونة سينمائية وأخيرا تسجيل لعملها مع منظمة اليونيسيف.
الصور التي تصور طفولة هيبورن قد تعرض للمرة الأولى وأيضا الصور التي تصورها مراهقة نحيلة ترقص الباليه. في شبابها لم تحلم هيبورن بأن تكون ممثلة، بل كانت تنشد رقص الباليه، نعرف أن والدتها كانت تدخر نقودها لتمكن ابنتها من تلقي دروس الباليه. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اصطحبت ابنتها وعادتا إلى لندن، حيث التحقت أودري بالفرق المسرحية الراقصة وشاركت في عدد من المسرحيات، وعملت في عرض أزياء أحد محال لندن. التقطت بعدسة المصور أنتوني بوشامب وصور الدعاية لماركة كريم للوجه التقطها المصور أنجس ماكبين في عام 1950. وحصلت على فرصتها الحقيقية الأولى عندما رشحتها الكاتبة الفرنسية كوليت لبطولة مسرحية «جيجي» على برودواي في عام 1951.
مسيرة هيبورن تنتقل بعد ذلك للسينما ونرى هنا صورا في كواليس تصوير فيلم «إجازة في روما» (رومان هوليداي) مع النجم غريغوري بيك، وفي فيلم «الحرب والسلام» (1955) وفي لقطة ساحرة من فيلم «وجه ضاحك» (فني فيس) أو لقطة لها في فيلم «سابرينا» وهي مرتدية بنطالا وبلوزة وحذاء بالية باللون السود وتطل من نافذة سيارة سوداء، يطل وجه هيبورن المميز بالحاجبين الكثيفين والعيون المكحولة وكأنه ومضة بريق من بين السواد. بالطبع هناك صور من فيلمها الشهير «سيدتي الجميلة» (ماي فير ليدي) بعدسة المصور العالمي سيسيل بيتون، وأكثر من صورة من فيلم «إفطار في تيفاني» (بريكفاست آت تيفاني).
ومن صور الأفلام ننتقل إلى عدد ضخم من أغلفة المجلات التي ظهرت هيبورن عليها ومنها مجلة لايف التي وضعت صور النجمة على غلافها تسع مرات وهو رقم قياسي لم تقاربه إلا مارلين مونرو التي ظهرت على الغلاف سبع مرات.
يرجع البعض تلك المكانة الأيقونية لهيبورن لوجهها الجاذب للكاميرا ولأناقتها، وخصوصا في ظل التعاون مع المصمم الفرنسي جيفنشي، ولكن تلك النظرية لا تعترف بهيبورن الممثلة، وتراها رمزًا لجمال وأناقة عصر، وتجسيدًا لأحلام النساء في عصرنا هذا.
ساهمت عائلة هيبورن بإمداد المعرض بعدد كبير من الصور الخاصة التي لم تعرض من قبل، وعلق ابنها لوكا دوتي على المعرض بقوله إن المعرض يسمح له ولشقيقه برؤية والدتهما بشكل جديد وإنه سيسمح لهما بتكوين صورة مكتملة لحياتها «أعتقد أنها كانت ستكون فخورة بمعرض مخصص لها في الناشيونال بورتريه غاليري في لندن، فهو بمثابة عودة للوطن».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».