«كوب 27»... حذر أفريقي ورسائل مطمئنة من أوروبا

على طريق خفض الانبعاثات الكربونية

صوت الخطر المناخي يرتفع محذراً من أوضاع أكثر مأساوية إذا تجاوز العالم عتبة الـ1.5 درجة مئوية زيادة في درجة حرارة سطح الأرض (الأمم المتحدة)
صوت الخطر المناخي يرتفع محذراً من أوضاع أكثر مأساوية إذا تجاوز العالم عتبة الـ1.5 درجة مئوية زيادة في درجة حرارة سطح الأرض (الأمم المتحدة)
TT

«كوب 27»... حذر أفريقي ورسائل مطمئنة من أوروبا

صوت الخطر المناخي يرتفع محذراً من أوضاع أكثر مأساوية إذا تجاوز العالم عتبة الـ1.5 درجة مئوية زيادة في درجة حرارة سطح الأرض (الأمم المتحدة)
صوت الخطر المناخي يرتفع محذراً من أوضاع أكثر مأساوية إذا تجاوز العالم عتبة الـ1.5 درجة مئوية زيادة في درجة حرارة سطح الأرض (الأمم المتحدة)

مع كل ظاهرة مناخية متطرفة شهدها العالم خلال عام 2022، كان صوت الخطر المناخي يرتفع محذراً من أوضاع أكثر مأساوية إذا تجاوز العالم عتبة الـ1.5 درجة مئوية زيادة في درجة حرارة سطح الأرض التي حدَّدتها «اتفاقية باريس للمناخ» عام 2015.
ولا يزال العالم في نطاق الـ1.1 درجة زيادة في درجة حرارة سطح الأرض، مقارنة بما كان قبل الثورة الصناعية، ومع ذلك كانت هذه الزيادة كافية ليواجه العالم هذه الظواهر المناخية المتطرفة، والتي كانت بمثابة إنذار مناخي يدعم الحاجة لاتخاذ مواقف أكثر حسماً تجاه تقليل الانبعاثات المسئولة عن الاحترار العالمي، في قمة المناخ التي تستضيفها مصر، الأحد، بمدينة شرم الشيخ.
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن هذا المعنى، في مؤتمر صحافي عقده في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حينما قال إن «العمل الذي ينتظرنا في (كوب 27) هائلاً، فثُلث باكستان غمرتها المياه، وشهدت أوروبا أحرَّ صيف منذ 500 عام، كما أن إعصار إيان في الولايات المتحدة يذكّرنا تذكيراً وحشياً بأنه لا يوجد بلد ولا اقتصاد في مأمن من أزمة المناخ».
كما أن أحدث تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، التابعة للأمم المتحدة، يذكِّر العالم بأن تلك الظواهر المناخية المتطرفة قد تصبح أكثر تواتراً وأشد قسوة؛ لأن الزيادة في درجة حرارة سطح الأرض، وفق التقرير، تتجه بخطورة متزايدة نحو تجاوز عتبة الـ1.5 درجة مئوية، التي قالت «اتفاقية باريس»، إنه لا ينبغي تجاوزها.
ورغم هذا التقرير والظواهر التي عايشها العالم، أعطت العودة الأوروبية لاستخدام الفحم في توليد الكهرباء، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتَّب عليها من الضغط الروسي على بعض دول أوروبا بقطع إمدادات الغاز عنها، رسائل محبِطة بأن القارة الأوروبية التي كانت صاحبة مواقف أكثر حماساً لصالح البيئة، قد تتخلى عن هذا الحماس في «كوب 27».
لكن اجتماع وزراء البيئة في الاتحاد الأوروبي بلوكسمبورغ، الاثنين الماضي، للاتفاق على الموقف التفاوضي للكتلة الأوروبية في «كوب 27»، حمل رسائل مطمئنة.
وقال فرانس تيمرمانز، نائب رئيس المفوضية الأوروبية ومسؤول ملف المناخ، الذي سيمثل الكتلة الأوروبية في قمة المناخ، «إن الحرب في أوكرانيا لم تفسد الخطط الطامحة لتحقيق الحياد الكربوني، رغم العودة للفحم».
وأضاف، في تصريحات للصحافيين: «الاستنتاج الوحيد الذي توصَّلنا إليه من الحرب هو أننا بحاجة لتسريع عملية انتقال الطاقة لدينا، لذلك حتى إذا استخدمنا المزيد من الفحم، اليوم، فسنكون أسرع بكثير في الانتقال للطاقة المتجددة، لذا مع التوازن، ستنخفض الانبعاثات».
وبينما جاءت الرسائل من أوروبا مطمئنة، فإن مواقف أفريقيا تبدو حذرة جداّ قبل «كوب 27»، حيث لم تشذَّ عن الهدف العالمي في تحقيق صافي الصفر من الانبعاثات، لكنها أعربت، في الوقت نفسه، عن الحاجة إلى الوقت والمال لتنفيذ ذلك.
وقالت مفوضة الاتحاد الأفريقي للطاقة أماني أبو زيد، لـ«وكالة فرانس برس»، في 5 أكتوبر (تشرين الأول)، على هامش «قمة أفريقيا للطاقة الخضراء» في كيب تاون بجنوب أفريقيا، إن «أفريقيا مقتنعة تماماً وملتزمة بحدود الصفر الصافي وتدعم أجندة المناخ، ولكن ما قد نختلف فيه هو الإطار الزمني».
وأكدت أنه من المقرر أن يتضاعف عدد سكان أفريقيا البالغ 1.3 مليار نسمة بحلول عام 2050، وتهدف دول الاتحاد الأفريقي إلى توفير طاقة ميسورة التكلفة وموثوقة للجميع.
وترى دول أفريقيا أنه من الغبن إلزامها بهذا الهدف البيئي الذي يَحرمها من الفحم والنفط والغاز لتشغيل تنميتها، بينما لم تتلقّ الدعم الكاف من الدول الغنية للتحول نحو الطاقة الخضراء.
ومن المرجح أن يكون تمويل التحول الأخضر في أفريقيا نقطة ساخنة في «كوب 27»، حيث تعهدت الدول الغنية، بموجب «اتفاقية باريس»، بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة البلدان النامية على الحد من تغير المناخ، لكنها فشلت حتى الآن في الوفاء بالوعد، ولا يتوقع أن يحدث أي اختراق في هذا الملف بشكل أكبر، هذا العام؛ بسبب الآثار الاقتصادية المدوية لوباء «كوفيد-19» وحرب أوكرانيا.
وقال نائب وزير الطاقة الغاني محمد أمين آدم، لـ«وكالة فرانس برس»، في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن الاستثمار الدولي في الطاقة الخضراء بأفريقيا «لا يزال ضئيلاً جداً»، حيث يمثل حوالي 2% فقط من الإجمالي العالمي.
وفي الوقت نفسه، تحتاج الدول الأفريقية أيضاً إلى تأمين التمويل لمشروعات النفط والغاز، حيث إن عائدات الوقود الأحفوري ضرورية لتمويل إجراءات التكيف مع المناخ.
وأشار آدم إلى البيانات التي تُظهر أن معظم منتجي النفط والغاز في أفريقيا يعتمدون بشكل كبير على عائدات التصدير المستمدة من هذه الأنواع من الوقود.
وقال: «إذا تخلينا عن هذا، فكيف يمكننا حتى تمويل قدرتنا على التكيف مع تأثيرات المناخ؟! لا يمكننا ذلك، ما لم يكن لدينا بديل لإيراداتنا».
وعبّر وزير الطاقة الجنوب أفريقي جويدي مانتاشي عن موقف شبيه، وقال، خلال أسبوع النفط الأفريقي في كيب تاون، إن التخلص من الفحم بسرعة كبيرة ليس في مصلحة البلاد؛ لأنه سيضرّ الاقتصاد ويكلف آلاف الوظائف.
وتُعدّ جنوب أفريقيا منتجاً ومستهلكاً رئيسياً للفحم في القارة، فضلاً عن كونها واحدة من أكبر 12 مصدراً لانبعاثات الكربون في العالم.
وفي العام الماضي، حصلت الحكومة على تعهدات بتقديم 8.5 مليار دولار من القروض والمِنح من مجموعة من الدول الغنية لتمويل الانتقال إلى بدائل أكثر مراعاة للبيئة، لكن الاتفاق معلَّق وسط مفاوضات مشحونة مع الدول المانحة حول كيفية إنفاق الأموال.
وقال مانتاشي: «عندما تأتي إلينا الاقتصادات المتقدمة وتقول سيتم إنفاق جزء من 8.5 مليار دولار على تسريع خروج الفحم، أشعر بأن هذا ليس في مصلحتنا».
وبلهجةٍ بدت أكثر حِدّة، رفضت جمهورية الكونغو الديمقراطية مطالبات بالتخلي عن حقول النفط والغاز التي طرحتها للمزاد في المناطق الحساسة بيئياً.
وفي أحد المؤتمرات التمهيدية لـ«كوب 27» التي عُقدت في كينشاسا، تساءلت إيف بازيبا، وزيرة البيئة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، عما إذا كان ينبغي على الحكومة أن تترك الأطفال يموتون بدلاً من جني مواردها الأحفورية. وقالت: «بقدر ما نحتاج إلى الأكسجين، نحتاج أيضاً إلى الخبز».


مقالات ذات صلة

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

علوم أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أعلن فريق دولي من العلماء أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية.

«الشرق الأوسط» (روما)
ظواهر جوية حادة أثّرت على مناطق السعودية خلال عام 2024 (الأرصاد)

15 ظاهرة تجسّد واقع التغيرات المناخية في السعودية

كشف المركز السعودي للأرصاد عن 15 ظاهرة جوية حادة أثّرت على مناطق المملكة خلال عام 2024 وتجسّد بوضوح تأثير التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

لماذا يطالب ترمب بجزيرة غرينلاند وقناة بنما؟

يسعى ترمب من خلال مطالبته بالسيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما، لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة للولايات المتحدة، لا سيما على حساب الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.