مصر تُعول على «كوب27» لإلزام دول الشمال بتعهداتها التمويلية

تُعول مصر على مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول المناخ «كوب27»، لإلزام الدول الصناعية الكبرى (دول الشمال) بتعهداتها لتمويل مشروعات التكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية الضارة على دول الجنوب. وبينما يجتمع أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة في شرم الشيخ الأسبوع المقبل، تأمل الرئاسة المصرية لقمة المناخ أن «يساهم» هذا التجمع في دفع التعاون الدولي لمواجهة التغيرات المناخية.
وينطلق الأحد المقبل مؤتمر المناخ «كوب27» الذي يستمر حتى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بمشاركة «121 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 40 ألف شخص ممثلين للمجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام»، حسب تصريحات السفير وائل أبو المجد، الممثل الخاص لرئيس مؤتمر المناخ «كوب27»، الذي وصف حجم المشاركة الدولية بأنه «لافت وباهر».
وقال أبو المجد، في مؤتمر صحافي افتراضي، (الجمعة)، إن «حجم استجابة الدول والمشاركة في المؤتمر بالتأكيد سيكون له تأثير لتحويل الالتزامات الدولية إلى أفعال على أرض الواقع»، لافتاً إلى أن «مشاركة رؤساء الدول والحكومات لن تقتصر على إلقاء كلمات رسمية في الافتتاح، بل سيشاركون في 6 طاولات مستديرة تناقش قضايا مثل الأمن الغذائي، والمياه، والطاقة، والتمويل المبتكر للمناخ والتنمية، واستدامة المجتمعات الضعيفة».
وأضاف أبو المجد أن «المؤتمر فرصة للوفاء بالالتزامات والتعهدات الدولية في مواجهة تغيرات المناخ، فلم لدينا وقت نضيعه، والتحديات المناخية باتت قضايا ملحة ينبغي الاستجابة لها بسرعة»، مشدداً على «ضرورة أن تتحمل الدول المتقدمة مسؤولياتها عما تسببت به من أضرار وخسائر للدول النامية الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية»، لافتاً إلى أن «جزءاً من المؤتمر مخصص لمناقشة القضايا المتعلقة بالتمويل».
ويعتبر التمويل جزءاً أساسياً من أجندة الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ، وكان سامح شكري، وزير الخارجية المصري، في رسالة باسم رئاسة «كوب27»، نشرها موقع الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، قد أشار إلى «تراجع الدول عن الوفاء بتعهداتها المالية وفقاً لاتفاق باريس»، لافتاً إلى أنه «لم تتم الاستجابة لاحتياجات الدول النامية للوفاء بالمساهمات المحددة وطنياً في قضايا المناخ، والتي قدرتها اللجنة المعنية بالتمويل بنحو 5.6 تريليون دولار أميركي حتى عام 2030». كما حض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام الاجتماع المغلق لرؤساء الدول والحكومات حول تغير المناخ على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، الدول المتقدمة على «الوفاء بتعهد 100 مليار دولار سنوياً، ومضاعفة التمويل الموجه للتكيف، والإسراع بالتوافق على هدف التمويل الجديد بحلول 2025».
وتعهدت الدول الصناعية الكبرى في مؤتمر المناخ بكوبنهاجن عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتمويل مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية، حتى عام 2020، إلا أنه حتى الآن «لم يتم الوفاء بهذا التعهد بشكل كامل»، حيث أظهر تقرير لجنة مؤتمر المناخ المعنية بالتمويل أن «التمويل الذي تم توفيره عام 2020 بلغ 83 مليار دولار».
بدروه أكد آرني ليتز، عضو البرلمان الأوروبي السابق، والخبير الدولي في المناخ والاستدامة، أن «مؤتمر المناخ (كوب27) سيشهد بشكل عام دفعة لقضايا التمويل»، لكنه أوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «حجم هذه الدفعة ومدى تأثيرها لا يمكن معرفته إلا عقب انتهاء جلسات المؤتمر»، مشيراً إلى أن «هناك الكثير من المخاوف في هذا الصدد، ما يستدعي مشاركة القطاع الخاص والمؤسسات الدولية في تمويل ودعم الاستثمارات المتعلقة بالتكيف مع التغيرات المناخية».
وقال ليتز إن «هناك مناقشات كثيرة في هذا الموضوع تتعلق بكيفية دعم دول مكبلة بالديون، لمواجهة التغيرات المناخية، وتوفير استثمارات لتقليل الانبعاثات الكربونية»، مؤكداً أن «هذه النقطة ستكون محل نقاش واسع في (كوب27)»، مضيفاً أنه «يتوجب على الدول الغنية الوفاء بتعهداتها في هذا الشأن كونها السبب الرئيسي في الأزمة، وفي المقابل على الدول النامية أن تقدم مشروعات واضحة يمكن تمويلها للتكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية».
وكان الدكتور محمود محيي الدين، المدير التنفيذي للبنك الدولي ورائد المناخ للرئاسة المصرية للمؤتمر، قد أشار في تصريحات صحافية مؤخراً إلى أن «مبلغ المائة مليار دولار الذي تم التعهد بتوفيره، لا يكفي لتمويل التكيف مع المناخ»، وقال إن «مصر تلقت اقتراحات بـ400 مشروع، اختارت من بينها 50 مشروعاً ستُعرض خلال القمة، كرد عملي على من يقول إن هناك تمويلاً ولكن لا توجد مشروعات تستغل هذا التمويل».
من جانبها، قالت مؤسسة «غرينبيس الشرق الأوسط»، إن «السؤال الأكثر إلحاحاً في (كوب27)، يتعلق بما إذا كانت الحكومات الأكثر ثراءً والمساهمين بشكل أكبر بالتلوث عبر التاريخ، سيدفعون ثمن الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ». وأضافت، في بيان صحافي مساء (الخميس)، أنه «يمكن إحراز تقدم كبير عن طريق التزامات مالية حقيقية من أجل مستقبل نظيف وآمن وعادل للجميع»، مشددة على «ضرورة تنفيذ التعهد بتقديم تمويل بقيمة 100 مليار دولار أميركي لدعم البلدان منخفضة الدخل للتكيف مع تأثيرات تغير المناخ».
وتواصل مصر وضع اللمسات الأخيرة لاستضافة المؤتمر، حيث من المقرر أن يلقي رؤساء الدول والحكومات كلماتهم الرئيسية يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين. ومن المقرر أن يصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى شرم الشيخ يوم 11 نوفمبر الجاري.
وأكد أبو المجد، في المؤتمر الصحافي، «حرص بلاده على توفير الزخم المطلوب لمعالجة قضايا التغير المناخي»، معرباً عن «تفاؤله بنجاح القمة بعد شهور من الإعداد للمؤتمر المعني بـ(التنفيذ)». ولفت الممثل الخاص لرئيس مؤتمر المناخ إلى أن «بلاده حريصة على توفير كافة السبل لضمان مشاركة فعالة للجميع ساء وفود رسمية أو مجتمع مدني وقطاع خاص».
وقال أبو المجد إن «مصر خصصت منطقة للتظاهر في شرم الشيخ، وهناك إجراءات محددة يجب على من يرغب في التظاهر أو تنظيم فعاليات اتباعها»، مؤكداً أنه «ستتم الموافقة على طلبات التظاهر أو حتى تنظيم مسيرات شريطة اتباع الإجراءات المطلوبة، وتحديد مكان وعدد المشاركين، واسم منسق المظاهرة».
ووجه فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قبل يومين، رسالة مفتوحة دعا فيها إلى «وضع حقوق الإنسان في صميم الجهود المبذولة لمعالجة تغير المناخ». وطالب بـ«ضمان مشاركة فعالة وذات معنى لجميع المشاركين في مؤتمر المناخ، بما في ذلك المجتمع المدني».