«من الشعاع إلى الشغف»... فنون الضوء توقظ العالم

معرض عالمي في الرياض يجمع أكثر من 30 عملاً

تموجات الضوء تدهش زوار المعرض (تصوير: عبد العزيز العريفي)
تموجات الضوء تدهش زوار المعرض (تصوير: عبد العزيز العريفي)
TT

«من الشعاع إلى الشغف»... فنون الضوء توقظ العالم

تموجات الضوء تدهش زوار المعرض (تصوير: عبد العزيز العريفي)
تموجات الضوء تدهش زوار المعرض (تصوير: عبد العزيز العريفي)

يثير الضوء الفضول على نحو ما، لا سيّما أنه طيف لا يمكن لمسه ولا يمكن بأي شكل من الإشكال أن ندرك حقيقته، فنتساءل إن كان هو تنويراً، أم إدراكاً، أم كليهما. وفق ذلك تشكّلت الأعمال الفنية لمعرض «من الشعاع إلى الشغف» في الرياض، المصاحب لاحتفالية «نور الرياض 2022» التي انطلقت أمس، وتتقاطع أعمال هذا المعرض العالمي في أنها تحمل رسائل ومضامين تحاول إنقاذ الكوكب وإيقاظ البشرية بالفنون، لإنارة طريق المستقبل من خلال التحوّل الإبداعي للضوء. ومن العتمة إلى النور، يتنقل الزائر في تسلسل بديع لأعمال دمجت بين الضوء وشتى المعارف، الهندسية والرياضية والفيزيائية وكذلك الاجتماعية والنفسية، ليبدو الضوء هو نقطة الارتكاز الأصيلة في هذه الأعمال التي اشتغل عليها الفنانون لتحويل ما يعيشونه بشكل يومي في العالم الواقعي إلى أعمال فنية اصطناعية توظّف التقنيات التكنولوجية.

الفنانة زهرة الغامدي أمام عملها «مناجاة»

رحلة ضوئية
تتحدث القيّم الفني المشارك للمعرض غيداء المقرن، لـ«الشرق الأوسط»، عن قصة المعرض المقسّم لثلاثة مسارات متدرجة، تبدأ من تقنيات الضوء مروراً بعمارة الضوء وأخيراً إدراك الضوء، مبينة أن المرحلة الأولى تمثلت في العمل المشترك من خلال الحوار مع الفنانين للتفكير في كيفية صياغة هذا الحدث الفني الفريد من نوعه.
تصف المقرن المعرض بأنه «رحلة ضوئية»، مبينة أن بعض الأعمال المشاركة كانت جاهزة لدى الفنانين وتم اختيارها من ضمن مجموعة كبيرة، وبعض الأعمال الأخرى طُلبت من الفنانين لتُصنع خصيصاً للمعرض، وتردف «لم نحدد الموضوع، بل اكتفينا بتحديد القصة»، مشيرة إلى التسلسل المذهل للأعمال، بالقول «كل عمل له قيمة فريدة ضمن هذا التسلسل القصصي».

غيداء المقرن (تصوير: عبد العزيز العريفي)

جاءت البداية من الشرارة، كما توضح، حيث يبدأ مسار تقنيات الضوء حافلاً بالإشعاع، ويتدرج الأمر إلى أن ينتهي في آخر الرحلة في غرفة تخلق حالة من الإدراك لدى المتلقي، بحيث يخرج من المعرض وهو يفكر في الأفكار كافة التي طرحها الفنانون، تقول المقرن «هذا التسلسل يبدأ من الشرارة والحرارة، ممثلاً بعمل (البركان) للفنان معاذ العوفي، وهو أول أعمال المعرض، وينتهي بحالة جميلة من الإدراك والتفكير في كل ما حدث».
المعرض الذي يستمر إلى شهر فبراير (شباط) المقبل، نحو ثُلث المشاركين فيه هم من الفنانين السعوديين والنسبة المتبقية هي لفنانين عالميين من شتى أرجاء الأرض، وتشير المقرن خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى الزهو بإنتاج الفنان السعودي، والحالة العامة التي تُشكل لغة فنية عالمية لهذا المعرض، وتضيف «اللافت أيضاً أن الفنانين المحليين منهم أسماء كبيرة وأخرى ناشئة، بما يضمن تبادل التجارب والمعارف والحوار بين عدة أجيال أيضاً».

«الازدهار» لجون إدمارك (تصوير: عبد العزيز العريفي)

النهر
في مشهد يثير التساؤلات، قدم الفنانة والمخرج الأميركي دوغ أيتكين عمله «النهر»، الذي يتكون من ثلاث شخصيات تطل على مشهد صحراوي، وتنظر نحو مركز محدد. وهذا العمل الفني الذي تم تصميمه خصيصاً لنور الرياض، يصوّر شكلاً لشخصيات بشرية ليس لها هوية ولا تعريف، وداخل هذه الأشكال يرى المتلقي الضوء والحركة والطاقة. ومما يدهش مرتاد المعرض هو ربط هذا كله بحالة البشر اليوم مع التكنولوجيا، كما أوضحت المقرن في قراءتها لهذا العمل؛ مما عكس حالة عالية من الانتباه لدى الزوار تجاه ما يحدثه التقوقع التكنولوجي داخلنا اليوم، وهو ما ينسجم مع هويّة الفنان باعتبار أيتكين هو باحث في وسائل الإعلام، بما في ذلك التصوير والنحت والصور المتحركة والتركيبات الفنية والتدخلات المعمارية بأسلوب يتخطى التصنيفات الشكلية. ويحاول أيتكين تخيل الفن الذي يمكن أن يكون، وما يمكن أن تحققه التجربة الفنية من خلال الأعمال الفنية التي يكون فيها الزمان والمكان والذاكرة عناصر مرنة.

«موجة متآكلة» لجيم كامبل (تصوير: عبد العزيز العريفي)

الازدهار
الفنان الأميركي جون إدمارك يقدم عمله الإبداعي «الازدهار» الذي يعد نهجاً جديداً من النحت ينبض بالحياة عند تدويره تحت ضوء شديد. ففي هذا العمل تتحرك الأزهار التي تأتي على شكل منحوتات مطبوعة ثلاثية الأبعاد عندما يتم تدويرها تحت الإضاءة الساطعة تتحرّك وكأنها منحوتة واحدة.
يستوقف هذا العمل زائر المعرض الذي لا يعي حقيقته؛ فالأمر يبدو أشبه بالخداع الضوئي البصري، إلا أن الفكرة تكمن في أن تأثير الأزهار يأتي من خلال دورات متتالية تستخدم النسبة نفسها التي تستخدمها الطبيعة لتشكيل الأنماط الحلزونية التي تظهر في أكواز الصنوبر وعباد الشمس.
نمو
الفنان السعودي ناصر التركي له تأثير كبير على مجتمع الفنون الجميلة في المملكة، وهو يقدم في هذا المعرض عمله اللافت «نمو» الذي يلقي الضوء على رحلة السعودية من خلال الطاقة، بدءاً من التنقيب عن البترول وآبار النفط والاعتماد عليها كمصدر للتحول الاقتصادي والتكنولوجي، مروراً بسعيها الحالي في البحث عن مصادر للطاقة وحلول الطاقة المتجددة لهدف تحقيق «رؤية 2030» في التنمية المستدامة.
يروى عمل «نمو» قصة هذا الطموح الوطني الذي لا حدود له، والمستوحى من برج منصة حفر آبار النفط من خلال حركة لولبية مضيئة متعددة الأوجه تعكس بعض الرموز والدلالات لموجات الضوء وغيرها من خصائصه، كما أنه رمز لأداة الحفر الحلزونية لمضخات الحرارة المترابطة بالطاقة الحرارية للأرض.
مناجاة
الفنانة السعودية زهرة الغامدي تقدم في هذا المعرض أحدث أعمالها «مناجاة»، وهي فنانة تحمل رسالة فنية في إنقاذ الكوكب من أي أخطار محتملة، وهو ما بدا واضحاً في عملها الكروي الذي جمعت فيه كماً هائلاً من الأغصان الميتة، لتستكشف من خلاله نداء الأرض إلى البشر وأن يحسنوا معاملتها.
تقول الغامدي «تتحوّل الأرض إلى كتلة شوكية مخيفة ومشعة، تتسم بالقسوة والجفاف، وتحمل بداخلها بصيصاً من الضوء ينعكس على محيطها تعبيراً عن الأمل الذي تسعى إليه من مطالبة البشر بالتغيير». وينسجم عمل «مناجاة» مع التسلسل الفني للغامدي التي تحرص دائماً على الاستعانة بمكونات الأرض الطبيعية في تشكيل أعمالها.
نظريات الخيال
تتعاون الفنانة البحرينية نور علوان مع المصمم الفني البحريني عبد الله بوحجي ليشكلا «نظريات الخيال»، وهو عمل يعكس تجربة مكانية مبهجة تعزز التعاطف والإدراك، يتألف من مرايا خفيّة ينبعث منها ضوء ملون، حيث يتم تشغيلها للتناوب بعيداً عن الاقتراب من الأشخاص، وعندما يتمكن شخصان من الوقوف على جانبي مرآة دوارة، تتوقف المرآة عن الحركة وتنطفئ الأضواء.
وأثار هذا العمل شغف الزوار للوقوف والتجربة لمرات عدة، حيث يمكن لكليهما رؤية انعكاساتها في آن واحد؛ لذلك لا يتم تشغيل المرآة إلا عندما يقف شخصان معاً لاستخدامها، مما يعبر عن إيمان الفنانَين بضرورة التلاحم البشري بدلاً من العزلة والوحدة، وهذا العمل يأتي باعتباره تعاوناً فنياً متعدد الأبعاد، يشكل مزيجاً تأملياً واستكشافياً.
كريولومين
الفنانة البلغارية إيلي جوتيفا تقدم عملها «كريولومين»، وهو تركيب فني على صورة طبعات بيانية محدثة ببيانات العواصف اليومية في الواقع المعزز. وقامت بتصميم هذه التركيبات الفوتوغرافية من خلال تعريض الورق الحساس للضوء خلال العواصف، ثم مسحه ضوئياً وتعديله رقمياً لإظهار العناصر غير المرئية في الورق المادي للكشف عن القطبية بين المواد والمساحات الرقمية، في كتلة جليدية تذوب فوق ورق الجلاتين الفضي لتكشف عن خصائصها الحرارية في الفضاء الرقمي.
تشرح جوتيفا لـ«الشرق الأوسط» كيفية رؤية المشهد من خلال التطبيق الإلكتروني في الهاتف المحول، حيث تتباعد تكوينات العمل وكأنها تسبح في فضاء مفتوح، وهو ما يعكس خبرة جوتيفا الواسعة في التصوير الفوتوغرافي والوسائط الرقمية، ومدى تأثرها بالبحوث المعاصرة في مجالات ميكانيكا الكم والفيزياء العصبية والآلة.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».