بعد تحكم «داعش» بالفرات.. دجلة يفاقم مشكلة أهوار العراق

محافظات الجنوب تطالب الوسطى بوقف تجاوزاتها على حصصها المائية

آثار بفعل الجفاف في هور الجبايش جنوب العراق (أ.ف.ب)
آثار بفعل الجفاف في هور الجبايش جنوب العراق (أ.ف.ب)
TT

بعد تحكم «داعش» بالفرات.. دجلة يفاقم مشكلة أهوار العراق

آثار بفعل الجفاف في هور الجبايش جنوب العراق (أ.ف.ب)
آثار بفعل الجفاف في هور الجبايش جنوب العراق (أ.ف.ب)

عند التجول في أهوار جنوب العراق سواء الوسطى منها أو الشرقية (أهوار الجبايش في ذي قار وأهوار ميسان) يشاهد المرء انخفاضا كبيرا في مستوى المياه التي تغطيها، إضافة إلى نفوق أعداد كبيرة من الأسماك وظهورها على السطح في تلك المناطق، وخصوصا في (أهوار الجبايش).
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة المحلية بمحافظة ميسان (320 كلم جنوب شرقي بغداد) عن نقص في المياه نتيجة انخفاض مناسيب نهر دجلة، فإن عضوا في مجلس النواب حمل رئيس الحكومة حيدر العبادي مسؤولية شح المياه، فيما كشف مختصون عن تغذية محافظة ذي قار (375 جنوب بغداد) لأول مرة في تأريخها بمياه نهر دجلة بدلا من الفرات الذي انخفضت مناسيبه بسبب إغلاق بوابات سد الرمادي من قبل تنظيم داعش، علما بأن نقص المياه وتلوثها وارتفاع نسبة الملوحة فيها أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في المحافظة.
وقال عضو مجلس محافظة ميسان سرحان الغالبي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مناطق الأهوار في ميسان تعاني اليوم من مشكلات كثيرة وخصوصا بعد انخفاض مناسيب نهر دجلة». وأضاف أن «هناك تجاوزا على الحصص المائية للمحافظة لذا نطالب الحكومة العراقية بالتدخل لضمان حصصنا والسيطرة على شح المياه التي تهدد سكان مناطق الأهوار».
بدوره، حمل عضو البرلمان العراقي، محمد اللكاش، رئيس الحكومة حيدر العبادي مسؤولية شح المياه في جنوب العراق، وخصوصا في مناطق الأهوار، وقال إن «العبادي هو المسؤول الأول الذي يتحمل ما يعانيه اليوم أبناء جنوب العراق وأهواره من شح مياه وجفاف». وأضاف أن «العبادي تجاهل إعلان تلك المناطق منكوبة وتجاهل موضوع تشكيل خلية أزمة وزارية لمعالجة المشكلة».
وإلى جانب سيطرة «داعش» على سد الرمادي فإن محافظة ذي قار وباقي محافظات الجنوب تشكو أيضا من تجاوز محافظات الفرات الأوسط على حصصها المائية وطالتها بوقف هذه التجاوزات. وقال حسن الوائلي، عضو مجلس ذي قار، لـ«الشرق الأوسط»، إن «محافظات الفرات الأوسط تتعمد عدم الالتزام بالحصص المائية القادمة من نهر الفرات متجاوزة بذلك على حصص محافظات جنوب العراق ورغم مناشداتنا المتكررة لوزارة الموارد المائية للتدخل وحل هذه المشكلة فإنها تظل قائمة». وأضاف أن «مناطق الأهوار تعاني اليوم من الجفاف وانتشار أمراض كثيرة ويجب التدخل من جانب الحكومة المركزية لضمان وصول المياه إليها والقضاء على هذه المشكلة التي باتت تهدد حياة الإنسان والحيوان على حد سواء في تلك المناطق».
واضطرت محافظة ذي قار ولأول مرة في تاريخها إلى التحول من الفرات إلى دجلة كمصدر لمياه الشرب فيها. وقال مدير ماء ذي قار أحمد عزيز في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «أزمة شح المياه وارتفاع نسبة الملوحة في نهر الفرات هي التي دفعت المحافظة إلى اتخاذ هذا الإجراء».
وتسببت الأزمة في مناطق أهوار العراق، وخصوصا الوسطى منها (أهوار الجبايش) بنفوق أعداد كبيرة من الأسماك في مشهد وكأنه مقبرة لهذه الثروة التي كان يعتمد عليها سكان المنطقة. وقال مدير منظمة الجبايش للسياحة البيئية، رعد حبيب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نسبة الملوحة في مناطق الأهوار وصلت لمديات مرتفعة جدًا ما يسبب أضرارا كبيرة للإنسان والثروة السمكية والتنوع الإحيائي». وأضاف أن «المنطقة سجلت ارتفاعا في الإصابة بجدري الماء ونفوق أعداد كبيرة من الأسماك وعمى للجاموس».



​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

سجل اليمن أعلى معدلات تدني استهلاك الغذاء؛ وفقاً لبيانات حديثة وزعها برنامج الأغذية العالمي، وأكد فيها أن نسبة الحرمان الشديد من الغذاء ارتفعت إلى 79 في المائة بمناطق سيطرة الحوثيين، وأن أربع مناطق دخلت مرحلة حرجة للغاية من سوء التغذية.

وفي التحديث الشهري للأمن الغذائي في اليمن، أوضح برنامج الغذاء العالمي أنه خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، أبلغ 62 في المائة من الأسر عن استهلاك غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق بنسبة 64 في المائة بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية، و61 في المائة بمناطق سيطرة الحوثيين.

62 % من الأسر اليمنية أبلغ عن استهلاك غير كاف للغذاء (الأمم المتحدة)

ووفق بيانات البرنامج الأممي بلغت نسبة الحرمان الشديد من الغذاء ذروتها عند 36 في المائة بين الأسر في كلتا المنطقتين، لكن مناطق سيطرة الحوثيين شهدت زيادة بنسبة 79 في المائة في الحرمان الشديد من الغذاء على أساس سنوي، فيما شهدت مناطق سيطرة الحكومة اليمنية زيادة بنسبة 51 في المائة.

وذكر البرنامج أن المحافظات اليمنية التي كانت أكثر تضرراً هي: الجوف، وحجة، والحديدة، والمحويت (خاضعة لسيطرة الحوثيين)، ومحافظة حضرموت الخاضعة لسيطرة الحكومة، وتعز التي يتقاسم الحوثيون والحكومة السيطرة عليها.

وحدّد «الغذاء العالمي» أربعة عوامل رئيسية مسببة لانعدام الأمن الغذائي، وهي تدهور الظروف الاقتصادية، وتأخير المساعدات الغذائية، ومحدودية فرص كسب العيش، وبداية موسم الجفاف. وأضاف إليها الفيضانات المدمرة التي شهدتها عدة محافظات خلال شهري يوليو وأغسطس (آب)، وقال إن تأثيرها كان أكبر على محافظات الحديدة وحجة ومأرب وصعدة وتعز.

حالات خطرة

بخصوص تحليل سوء التغذية الحاد رجّح برنامج الأغذية العالمي أن تواجه المديريات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، حالات خطرة أو حرجة من الآن حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال إن الأوضاع في أربع مديريات في هذه المناطق وصلت إلى مرحلة حرجة للغاية من سوء التغذية، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

ووفق هذه البيانات الأممية انخفضت قيمة الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي، مدفوعة بانخفاض الاحتياطيات الأجنبية، وتعليق صادرات النفط الخام، في حين ظل الريال في مناطق سيطرة الحوثيين مستقراً نسبياً، حيث انخفض بنسبة 2 في المائة فقط.

3.6 مليون شخص في مناطق الحكومة اليمنية حصلوا على مساعدات مخفضة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لهذه البيانات بلغت أسعار البنزين والديزل مستويات قياسية مرتفعة في مناطق الحكومة، حيث ارتفعت بنسبة 22 في المائة و26 في المائة على التوالي، بسبب انخفاض قيمة العملة، وارتفاع أسعار النفط عالمياً.

وفي المقابل وصلت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث ارتفعت بنسبة 13 في المائة منذ بداية العام، و18 في المائة على أساس سنوي، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الرئيسية، مثل الزيت النباتي، والسكر، ودقيق القمح، والفاصوليا الحمراء.

الواردات

ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه خلال الأشهر السبعة الماضية، ارتفعت واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي، بينما انخفضت الواردات عبر الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة بنسبة 27 في المائة.

وقال إن الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة دمرت 33 خزاناً للنفط، ونحو 800 ألف لتر من الوقود المملوكة للبرنامج، ورغم ذلك استأنف الميناء عملياته بشكل كامل.

السيول في اليمن جرفت المنازل والطرقات والأراضي الزراعية (إعلام محلي)

وأكد البرنامج زيادة واردات الأغذية عبر الموانئ البحرية اليمنية بنسبة 15 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذكر أنه دعم 3.6 مليون شخص في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً بحصص غذائية مخفضة، ولم يكمل سوى دورتين من المساعدات الغذائية العامة بحلول أغسطس الماضي بسبب قيود التمويل.

وبشأن توزيع المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، أكد البرنامج أنها لا تزال متوقفة، وقال إن ذلك يؤدي إلى تفاقم الحرمان من الغذاء، وأوضح أن خطة الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ تستهدف 1.6 مليون شخص في المناطق الساخنة.

ومع ذلك اشتكى البرنامج الأممي من قلة التمويل، وذكر أن تمويل خطته القائمة على الاحتياجات لم يتجاوز نسبة 42 في المائة للفترة من سبتمبر (أيلول) 2024 إلى فبراير (شباط) من العام المقبل.