ليبيون يتخوفون من اتفاق الدبيبة مع أنقرة لرفع كفاءة الطيران الحربي

سياسيون اعتبروه تهديداً لـ"وقف إطلاق النار"

الدبيبة بصفته وزيراً للدفاع في حكومته المؤقتة يوقع مع وزير الدفاع التركي اتفاقيتين عسكريتين (حكومة "الوحدة" الليبية)
الدبيبة بصفته وزيراً للدفاع في حكومته المؤقتة يوقع مع وزير الدفاع التركي اتفاقيتين عسكريتين (حكومة "الوحدة" الليبية)
TT

ليبيون يتخوفون من اتفاق الدبيبة مع أنقرة لرفع كفاءة الطيران الحربي

الدبيبة بصفته وزيراً للدفاع في حكومته المؤقتة يوقع مع وزير الدفاع التركي اتفاقيتين عسكريتين (حكومة "الوحدة" الليبية)
الدبيبة بصفته وزيراً للدفاع في حكومته المؤقتة يوقع مع وزير الدفاع التركي اتفاقيتين عسكريتين (حكومة "الوحدة" الليبية)

جددت اتفاقية وقعها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" الليبية المؤقتة، مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، تتعلق برفع كفاءة الطيران الحربي، التابع لقواته، المخاوف في البلاد.
ورأى معارضون للحكومة أن الاتفاقية، التي أعلنت عنها، قد تشكّل تهديداً لعملية "وقف إطلاق النار" الموقعة قبل عامين بين الأطراف المتحاربة، وتزيد من ترسيخ التواجد التركي في البلاد، بينما دافع آخرون عنها من قبيل أن الحكومة معترف بها من المجتمع الدولي، والاتفاقية "لا تحمل تهديداً عسكرياً".
واعتبر عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن الإكثار من عقد الاتفاقيات بين حكومة الدبيبة وأنقرة، يعد محاولة تركية لترسيخ وجودها في البلاد، وخاصة بالمنطقة الغربية، لافتاً إلى أن "الوحدة" ترى في ذلك ضمانة لبقائها بالسلطة في مواجهة خصومها السياسيين دون أن تعبأ بخطورة وتداعيات التمترس التركي في البلاد.
وكان حكومة "الوحدة" أعلنت منتصف الشهر الماضي، أن الدبيبة، وقع في إسطنبول مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اتفاقيتين جديدتين للتعاون العسكري بناء على اتفاقية سابقة بين البلدين عام 2019. الأولى تنص على رفع كفاءة قدرات الطيران الحربي في ليبيا بالاستعانة بالخبرات التركية في هذا المجال. والثانية فتضمنت بروتوكولات تنفيذية للاتفاقية الأمنية الموقعة من قبل المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق الوطني" السابق عام 2019".
وأشار التكبالي، لما يتردد حول أن الاتفاقيتين العسكريتين هما مجرد غطاء، أو تمهيد لصفقة شراء طائرات مسيرة تركية، ورأى أن ذلك "يعد انتهاكاً للقرار الأممي بحظر توريد السلاح لليبيا".
وأضاف التكبالي لـ"الشرق الأوسط" أن "الاتفاق السياسي الذي أنتج حكومة الدبيبة، ورعته الأمم المتحدة، أكد على أنها "غير مخولة بالنظر في أي اتفاقيات أو قرارات جديدة أو سابقة بالشكل الذي يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد".
ويرى بعض المتابعين للشأن الليبي أن تلك الاتفاقيات مع تركيا قد تكون وسيلة الدبيبة لتحصين حكومته أمام أي محاولة مستقبلية للإطاحة بها بالنظر للتفاهمات الأخيرة بين مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) بإيجاد حكومة (موحدة جديدة) تتولى مهمة التمهيد لإجراء الانتخابات بالبلاد.
في السياق ذاته، حذر الدكتور أحمد العبود، الباحث الليبي في العلاقات الدولية، من تداعيات وتأثير مثل هذه الاتفاقيات على قرار وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020 بين أطراف النزاع، بالنظر إلى هشاشة وضعيته بالوقت الراهن.
وحول دلالات هذه الاتفاقيات وهل تتضمن فعلياً شن هجوم من قبل حكومة الدبيبة بالتنسيق مع الأتراك للسيطرة على الحقول والموانئ النفطية، قال العبود لـ"الشرق الأوسط" "عندما يتم الحديث في مناخ خصومة سياسية لابد من وضع كل الافتراضات في الحسبان، بالطبع لا يمكن الجزم بالتخطيط لمثل هذه الخطوة"، متابعاً: "لكن الحديث عن وجود صفقات تسليح تتعلق بالطيران المسيّر تحديدا وتصاعد مستويات التدريب من الجانب التركي للمجموعات المسلحة التابعة للدبيبة لا يشير على الإطلاق لوجود سعي لصناعة السلام".
وتحدث العبود، عن تجاهل دولي تام للاتفاقيات العسكرية الأخيرة والتي ستتضمن بلا جدال إرسال مزيد من المدربين الأتراك إلى ليبيا، بالإضافة لتجاهلهم ما أشير إليه مؤخرا من إرسال عناصر من المرتزقة السوريين لبلادنا".
وكان قرار مجلس الأمن الأخير حول ليبيا بشأن تمديد البعثة الأممية أكد على ضرورة الالتزام بقرار وقف إطلاق النار الذي رعته الأمم المتحدة، وجدد الدعوة لانسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين والمرتزقة من ليبيا.
ولفت العبود لإشارة قائد "الجيش الوطني"، المشير خليفة حفتر، في خطابه الأخير بأن الجيش قد يخوض "معركة فاصلة لتحرير البلاد"، حال فشل المساعي السلمية لإخراج القوات الأجنبية"، معتبرا ذلك "دليلا واضحا لمتابعة القيادة العامة لمسار تلك الاتفاقيات واعتراضه عليها".
بالمثل، رأى المحلل الليبي أحمد المهدوي، أن اتفاقية رفع كفاءة الطيران الحربي بالاستعانة بالخبرات التركية "تعني إمكانية وجود دور للطيران التركي في زعزعة استقرار مواقع (الجيش الوطني) المتمركز بالشرق والجنوب الليبي والذي تقع بنطاق سيطرته أغلب الحقول والموانئ النفطية الكبيرة".
في موازاة ذلك، دافع المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، عن "حق (الوحدة) باعتبارها (الحكومة الشرعية) التي يتعامل معها المجتمع الدولي، في تعزز قدراتها العسكرية"، مستبعداً "أن يكون وراء اتفاقية رفع كفاءة الطيران الحربي أي أهداف عسكرية".
وأوضح الكبير لـ"الشرق الأوسط" أن "الدول الأوربية تتخوف بدرجة كبيرة من انقطاع إمدادات الطاقة وزيادة معدلات الهجرة غير المشروعة وبالتالي ستحرص على عدم اندلاع أي مواجهة مسلحة"، وزاد: "أما تعزيز القدرات فهو ضرورة للجم قيادات الشرق العسكرية التي شنت هجوماً على العاصمة طرابلس في أبريل (نيسان) 2019".
ولفت الكبير إلى "استمرار أوجه التدريب بين طرابلس وأنقرة طيلة الفترة الماضية في مجالات الدفاع الجوي، مستدركاً: "من المحتمل أن تكون هناك عقود جديدة غير معلنة لزيادة قدرات القوات المسلحة الليبية (غربي البلاد) بشـأن الطيران المسير".
وقلل الكبير، مما يطرح حول أن هذه الاتفاقيات ترسخ من التواجد التركي، وقال: "الجميع متفق على الخروج المتزامن للقوات الأجنبية من الأراضي الليبية"، محملاً المسؤولية لقيادات الشرق العسكرية عن تواجد تلك القوات بجلب عناصر شركة (فاغنر) الروسية إلى البلاد.
ورأى أن "مذكرات التفاهم أو اتفاقيات التعاون العسكري كافة يمكن لأي حكومة منتخبة مراجعتها وإلغائها أو تجديدها بالتنسيق مع شركائها الدوليين، دون أن يترتب على ذلك شروط جزائية".



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.