الأحزاب الإسرائيلية في «فزعة» لمنع انخفاض نسبة التصويت

مستوطنون يهود في الضفة لمراقبة التصويت بين العرب

أحمد الطيبي رئيس "حزب الحركة العربية من أجل التغيير" مع والدته بعد التصويت في مركز اقتراع  بالطيبة وسط اسرائيل (أ.ف.ب)
أحمد الطيبي رئيس "حزب الحركة العربية من أجل التغيير" مع والدته بعد التصويت في مركز اقتراع بالطيبة وسط اسرائيل (أ.ف.ب)
TT

الأحزاب الإسرائيلية في «فزعة» لمنع انخفاض نسبة التصويت

أحمد الطيبي رئيس "حزب الحركة العربية من أجل التغيير" مع والدته بعد التصويت في مركز اقتراع  بالطيبة وسط اسرائيل (أ.ف.ب)
أحمد الطيبي رئيس "حزب الحركة العربية من أجل التغيير" مع والدته بعد التصويت في مركز اقتراع بالطيبة وسط اسرائيل (أ.ف.ب)

في الوقت الذي بات فيه واضحاً أن العدو الأول للأحزاب الإسرائيلية هو الإحباط العام من تكرار الانتخابات (خمس مرات في غضون 3 سنوات ونصف السنة)، تركز جميع الأحزاب جهودها لرفع نسبة التصويت في الانتخابات الجارية، اليوم (الثلاثاء)، ويطلق قادتها حملات تشبه «الفزعة» لحث المواطنين على الخروج إلى صناديق الاقتراع. وبدا منذ الساعات الثلاث الأولى أن نسبة ارتفعت قليلاً عن انتخابات السنة الماضية.
وفي حين يسعى معسكر اليمين بقيادة رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، إلى تنويم الناخبين العرب، المحبطين أصلاً من الانقسام في قيادتهم إلى ثلاث قوائم منفصلة، أعلنت الأحزاب العربية عن حملة تعاون مشترك لجلب الناخبين بعد أن أوقف قادتهم حملاتهم ضد بعضهم البعض ونظموا عمليات مشتركة لنقل الناخبين العرب إلى الصناديق تحت شعار «صوّت لمن تشاء من الأحزاب العربية، المهم أن تمتنع عن التصويت».
المعروف أن ارتفاع نسبة التصويت بين اليهود سيؤدي إلى ضربة للأحزاب العربية تهدد بسقوط القوائم الثلاث التي تمثلها، وهي تحالف الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس، والتجمع الوطني بقيادة النائب سامي أبو شحادة. وتسعى الأحزاب العربية وأوساط في اليسار وفي الوسط الليبرالي اليهودي، إلى حث الناخبين العرب ورفع نسبة التصويت لديهم.

مقالة بالعبري والعربي
وفي خطوة غير مسبوقة، نشرت صحيفة «هآرتس» مقالها الافتتاحي (صباح الثلاثاء) باللغتين العبرية والعربية، تحت عنوان «كُله إلا بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير»، دعت فيها العرب واليهود للتدفّق على الصناديق لصدّ هؤلاء. ومما جاء فيها «ها هي إسرائيل يا سادة تعود لصناديق الاقتراع للمرة الخامسة على التوالي خلال ثلاث سنوات ونصف السنة. كان هذا أمراً مُتعباً للغاية، وعليه خلق أيضاً حالة من انعدام الثقة وحَث العديد من المواطنين والمواطنات على التقاعس عن ممارسة حقهم بالاقتراع. لكن لا يملك الإسرائيليون وفي ظل الظروف الحالية، تَرف التنازل عن هذا الحق. فالامتناع عن الاقتراع يعني التنازل عن الساحة السياسية (ليسرحَ ويمرحَ) فيها أتباع نتنياهو وبن غفير».
وتابعت «لقد أنسَت حكومة التغيير برئاسة نفتالي بينت ويائير لبيد، الكثيرين منا شَكلَ الحياة في ظل حكم نتنياهو: ملاحقة جهاز القضاء باستمرار، الهجوم الشرس على مستشار الحكومة القانوني، على جهاز الشرطة، على رئيس الدولة، على الإعلام واليسار؛ إثارة الفتن وتغذية التطرف؛ التحريض الإجرامي ضد الجمهور العربي وضد ممثليه في الكنيست؛ التصرفات الهمجية في الكنيست ومن خلال وسائل الإعلام؛ ثقافة الخداع والجشع، السطوة واستغلال النفوذ من قِبل سكان «بلفور» (مقر رئيس الحكومة). وعليه يا سادة فالنسيان في هذه الساعة الحَرجة، تَرف إسرائيلي فائض عن الحاجة».
وتطرقت الصحيفة إلى الخطأ الفادح لحكومتي بنيت ولبيد في تصعيد سياسة القمع في الضفة الغربية، السياسة التي تعدّ عقبة أمام الناخبين العرب لرؤية الفرق بينها وبين نتنياهو وزادت من إحباطهم، فقالت «لم تَكن حكومة التغيير، وفيما يتعلق بسياساتها العنيفة في المناطق المحتلة والتي راحت ضحيتها أرواح كثيرة، مثالية. لكن لا تنخدعوا، فعودة نتنياهو هذه المرة لسدة الحكم من خلال صفقة شاملة مع قَومي متطرف مثل بن غفير، أخطر مما قد نتخيل. هذا السيناريو المُرعب يلزمنا عرباً ويهوداً، مَركزا ويمينا على التدفق لصناديق الاقتراع والتصويت».

اثنان من المستوطنين اليهود الذين ارسلوا الى الناصرة العربية لمراقبة الانتخابات (الشرق الأوسط) 

وكان معسكر اليمين الذي يقوده نتنياهو بن غفير، قد أرسل مئات المستوطنين المتطرفين، القادمين من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، كـ«مراقبين» في صناديق الاقتراع في البلدات العربية. وقد أصدر تحالف الجبهة والعربية للتغيير، بياناً هاجم فيه هذا الاستفزاز، وأكد على ثقته بأن «شعبنا وشبابنا سيردون على هذا التواجد الاستفزازي بالدعم المكثف للجبهة والعربية للتغيير، القائمة التي تستفز هذا اليمين حتى جعلته يصرف الملايين لإسقاطها». ودعا البيان جمهوره إلى «تفويت أي فرصة قد يحاول هؤلاء المستوطنون اختلاقها لإعاقة عملية التصويت، كأداة لإحباط التصويت بين المواطنين العرب».
وكشفت قناة التلفزيون الرسمي «كان 11»، الأسبوع الماضي، عن أن حزب الليكود رصد ميزانية بقيمة مليونَي شيقل (600 ألف دولار) لمخطط يرمي لإحباط الناخبين العرب. وقال المراسل السياسي في القناة، ميخائيل شيمش «الليكود وبنيامين نتنياهو، حددوا (قائمة الجبهة والعربية للتغيير)، هدفا في هذه الانتخابات؛ وهذا ما يجعل الليكود يبذل هذه الميزانية، لأن الليكود يشخّص هنا ورقة انتصاره، لأن كل صوت بإمكانه أن يضمن عبور الجبهة والعربية للتغيير نسبة الحسم أو إسقاطها، ويمكنه أن يحسم مسألة الانتخابات كلها».

بنيامين نتنياهو أول المصوتين مع زوجته  سارة في القدس الغربية (أ.ف.ب) 

المعروف أن إسرائيل تخوض انتخابات برلمانية اليوم الثلاثاء، بمشاركة 40 حزباً، لانتخاب 120 نائباً في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وفقاً للطريقة النسبية القطرية. وينتهي التصويت في الساعة العاشرة ليلاً عندما يبدا الفرز بشكل مباشر. ويبلغ عدد أصحاب الحق في التصويت 6.788.804، بزيادة 210 آلاف و720 شخصاً، عن الانتخابات السابقة التي جرت في يوم 23 مارس (آذار) 2021، وسيصوتون في 12707 مراكز اقتراع في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى 222 مركز اقتراع في المستشفيات و55 مركز اقتراع في السجون والمعتقلات، و103 مراكز اقتراع في السفارات الإسرائيلية في الخارج (101 سفارة)، و232 مركز اقتراع في دور رعاية المسنين والسكن المحمي و414 مركز اقتراع كورونا.
وتظهر نتائج التصويت بالتدريج يومي الأربعاء والخميس، لكن النتائج الرسمية تنشر في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) في الجريدة الرسمية. ويقوم رئيس الدولة، (يتسحاق هيرتسوغ) باختيار رئيس الوزراء من ضمن أعضاء الكنيسيت، فيسند المهمة إلى عضو الكنيسيت الذي يُعتبَر صاحب أفضل احتمال للنجاح بتشكيل حكومة ائتلافية قابلة للاستمرار على ضوء نتائج الانتخابات للكنيسيت. ويختار أولاً رئيس أكبر كتلة.
وبما أن الحكومة تحتاج إلى ثقة الكنيسيت لكي تتمكن من العمل، يجب أن تملك ائتلافاً داعماً يتكون على الأقل من 61 نائباً من ضمن أعضاء الكنيسيت الـ120. فإذا لم يتمكن، يمكنه طلب تمديد المدة أسبوعين آخرين. فإن لم يتمكن، يستطيع الرئيس تكليف شخص آخر أو يلقي بالمهمة على الكنيست نفسه. فإن لم يفلح، يحل الكنيست نفسه وتجرى انتخابات أخرى.

الصوت العربي
هناك أهمية بالغة للمصوتين العرب (فلسطينيي 48) في هذه الانتخابات؛ إذ إن عددهم يبلغ نحو 1.1 مليون ناخب، يشكلون نسبة 15 في المائة من مجموع الناخبين. وإذا بلغت نسبة التصويت لديهم 75 في المائة مثل اليهود، يستطيعون إدخال 18 نائباً إلى الكنيست. لكن نسبة التصويت لديهم تكون عادة منخفضة؛ ففي انتخابات 2013 بلغت 54 في المائة وارتفعت في العام 2015 إلى 63 في المائة بسبب توحيد صفوفهم في قائمة مشتركة وانخفضت إلى 49 في المائة في أبريل (نيسان) 2020 بسبب تفكك القائمة المشتركة، وعادت لترتفع إلى 59 في المائة ثم إلى 64 في المائة في انتخابات سبتمبر (أيلول) 2020، بعد إعادة تشكيل القائمة المشتركة. ثم انخفضت إلى 45 في المائة في مارس 2021؛ بسبب انقسام القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية وخوضها المعركة بقائمة مستقلة عن القائمة المشتركة.
وتشير الاستطلاعات إلى أن المقاطعة الواسعة ستستمر بسبب الانقسام الجديد في القائمة المشتركة؛ إذ انسحب منها حزب التجمع برئاسة سامي أبو شحادة. وتشير الاستطلاعات إلى وجود خطر سقوط إحدى القوائم العربية وانخفاض تمثيل العرب مرة أخرى. ولذلك؛ يسعى اليمين إلى عرقلة وصولهم إلى الصناديق ويسعى لبيد ومعه الأحزاب العربية إلى رفع نسبة التصويت لديهم؛ لأن هذا يصب في صالح التمثيل العربي وزيادة معسكر لبيد ويعرقل عودة نتنياهو إلى الحكم.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)

طلب الجيش الإسرائيلي من الضباط والجنود الذين أنهوا مهمتهم في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، الامتناع عن القيام بذلك، في حين أصدرت الأوامر لـ8 على الأقل بالعودة من الخارج؛ خشية من الاعتقالات، بعد إصدار الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وكانت المحكمة الدولية أصدرت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مذكرتَي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتَي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه في ظل تقديرات في الجيش بأن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم أيضاً ضد كبار الضباط في الجيش، وحتى ضد الجنود النظاميين والاحتياط الذين قاتلوا في قطاع غزة، بدأ الجيش في صياغة «تقييم المخاطر» لكل جندي يقدم استمارة طلب مغادرة البلاد، مع التركيز على المقاتلين والقادة الذين عملوا في غزة. وطلب الجيش من الجنود إزالة أي وثائق متعلقة بنشاطهم في غزة، وعدم تحميل صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم أثناء تواجدهم في غزة، أو التي تشير إلى تواجدهم في الخارج. وقد تم تعيين عشرات المحامين في الخارج لمواجهة «قوائم سوداء» للضباط والجنود.

وتشنّ إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وقد قتلت نحو 50 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 100 ألف وخلَّفت دماراً واسعاً حوَّل الحياة إلى غير ممكنة في القطاع الساحلي الصغير.

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

وبحسب «يديعوت أحرنوت»، فقد حدد الجيش الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى وتم اتخاذ إجراءات جنائية ضد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في القتال في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، وتم تحذيرهم لتجنب القيام بذلك بسبب الخوف من الاعتقال أو الاستجواب في البلد الذي يريدون زيارته، فيما قيل لثمانية منهم على الأقل، بما في ذلك المقاتلون الذين انطلقوا بالفعل في رحلة إلى الخارج، إلى قبرص وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا ذلك البلد على الفور بسبب المخاطر. وكان ضباط وجنود وثَّقوا عمليات تفجير واعتقال وتحقيق في قطاع غزة، ونشروها بصورة أثارت انتقادات وجدلاً واسعاً، وأدت إلى إعداد منظمات كثيرة «قوائم سوداء» لهم. وأكدت «يديعوت» أنه تم الطلب من الضباط والجنود الدائمين والاحتياطيين الذي عملوا في غزة منذ بداية القتال، وحتى مؤخراً، الامتناع عن نشر صور وفيديوهات لهم وهم يقاتلون في قطاع غزة؛ حتى لا يتم استخدامها ضدهم دليلاً في تحقيق جنائي متعلق بارتكاب جرائم حرب.

وتم مؤخراً شحذ هذه السياسة في ضوء ردة الفعل العالمية العنيفة ضد إسرائيل. وقالت «يديعوت أحرنوت» إن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا، لكن منتشرة في شبكة من الممثلين في جميع أنحاء العالم. وهي تراقب، بالإضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود منشوراتهم كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصاً عن إجازتهم في بلجيكا، أو زيارتهم إلى فرنسا، أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند، على سبيل المثال. وفي تلك اللحظة سيتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية، أو التماس شخصي ضدهم إلى المحكمة في ذلك البلد؛ وذلك للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم ذلك البلد. ولهذا السبب؛ نصح الجيش الجنود الذين يبلغون عن سفرهم إلى الخارج بتجنب نشر مواقعهم في العالم؛ حتى لا يصبحوا فريسة سهلة من شأنها أن تعرّضهم للخطر من جانبين: القانون الجنائي وبالطبع الأمن الشخصي أيضاً وتحذيرات ومناشدات.

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

ومنذ إصدار أوامر باعتقال نتنياهو وغالانت، ثمة مخاوف في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن يطال ذلك قادة الجيش وجنوده. وتخشى إسرائيل حتى من صدور أوامر اعتقال سرية من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الجيش الإسرائيلي، وكبار الضباط فيه. وتدور المخاوف بشكل أساسي حول إمكانية صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي. وثمة قلق في إسرائيل من أن مثل هذه المذكرات قد صدرت بالفعل داخل المحكمة وتم إبقاؤها سراً لحين تفعيلها في الوقت الذي تقرره المحكمة.

ويقدّر مكتب المدعي العام العسكري في إسرائيل أن المدعي العام في لاهاي، كريم خان، يمكن أن يتعامل مع مذكرات اعتقال لهاليفي وقادة كبار ولن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار؛ لأنهم نفّذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة. وتخشى إسرائيل من أن الوضع الحالي قد يصبح متفجراً بالفعل إذا توقف القتال في غزة وفتحت الطريق أمام الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان. واستعداداً لمرحلة كهذه؛ تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري، وتمت الاستعانة بخدمات قانونية من محامين في عشرات دول العالم.

وشارك في الفريق الإسرائيلي ممثلون عن الموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (الأمن العام).