لقاء نصر الله ـ باسيل لم يكن مريحاً {رئاسياً}

TT

لقاء نصر الله ـ باسيل لم يكن مريحاً {رئاسياً}

دخل لبنان مع انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون في شغور رئاسي مجهول المصير، ينذر بفراغ مديد، يفتح الباب أمام الكتل النيابية لتشغيل محركاتها السياسية لعلها تدفع باتجاه وضع انتخاب رئيس للجمهورية على نار حامية لتجاوز الضبابية التي تتحكّم بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن لإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية، وهذا ما تصدّر لقاء الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل برغم أن الأجواء التي سادته، كما علمت «الشرق الأوسط»، لم تكن مريحة لأن الأخير يرفض أن يتزحزح عن موقفه قيد أنملة لمصلحة دعم ترشُّح زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
فباسيل إن كان لم يعلن ترشّحه لرئاسة الجمهورية ويتصرف على أنه مرشح طبيعي لشغوله موقع سدة الرئاسة، فإن عون بادر إلى ترشيحه تقديراً منه بأن مجرد انتخابه سيؤدي إلى رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه كبدل أتعاب للدور الذي لعبه في إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وهذا ما يراهن عليه نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب، خصوصاً في ضوء تدخّل باسيل لدى عون الذي أثمر عن سحب تمسّكه بالخط 29 بعد أن كان قد بعث برسالة بواسطة وزارة الخارجية إلى الأمم المتحدة يسجّل فيها تحفّظه على المرسوم 6433 الذي يحصر حصة لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة بالخط 23.
وينطلق باسيل في ترشّحه من أن تمديد أمد الشغور الرئاسي سيؤدي إلى إعادة خلط الأوراق وصولاً إلى تبدّل الوضع في المنطقة، وإنما هذه المرة على خطى عون الذي استفاد من تعطيل جلسات الانتخاب لأكثر من عامين ونصف العام بغطاء سياسي مباشر من حليفه «حزب الله» الذي أوصله إلى الرئاسة من دون أن يلقى اعتراضاً من تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» اللذين عقدا معه تسوية لم تعمّر طويلاً، فيما تزعّم رئيس المجلس النيابي نبيه بري المعارضة لانتخابه. ولا يريد باسيل التسليم بأن الظروف التي أوصلت عمه إلى الرئاسة لم تعد قائمة وهو يغرّد حالياً وحيداً لأن «حزب الله» يتموضع في مكان آخر لمصلحة دعمه ترشيح فرنجية، وهذا تصدّر اجتماعه بنصر الله الذي لم يتمكّن من إقناعه بسحب ترشّحه من التداول والدخول في شراكة سياسية مع حليفه اللدود فرنجية. لذلك، فإن باسيل يخوض معركة ترشّحه للرئاسة على جبهتين؛ الأولى تتعلق بمقاومته لترشّح فرنجية تقديراً منه بأن صموده على موقفه سيدفع «حزب الله» إلى إعادة النظر بدعمه لفرنجية، برغم أنه يدرك أن رهانه ليس في محله وأن أوراقه السياسية محروقة لأن الأكثرية بداخل المحور الذي ينتمي إليه لا تُبدي حماسة لترشّحه، ويصطدم أيضاً بمعارضة خصومه المنتمين إلى أكثريات نيابية مبعثرة.
أما بالنسبة إلى تحرّكه على الجبهة الثانية فإنه يتمثل في مقاومته المفتوحة لترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، مع أنه لم يسبق أن أعلن عن رغبته بالترشّح وهو يقف الآن على رأس المؤسسة العسكرية لحفظ الأمن وحماية السلم الأهلي باعتبارها إلى جانب المؤسسات الأمنية الأخرى ترمز إلى ما تبقى من معالم الدولة التي لم تنتقل إليها عدوى الانهيار.
وفي هذا السياق يتوقف خصوم باسيل أمام الحملة المنظّمة التي يرعاها «التيار الوطني» باستهدافه قائد الجيش في محاولة لحرقه وإخراجه من السباق إلى رئاسة الجمهورية كمرشح أمر واقع لا بد منه لإنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل أن يدخل في أمد مديد، خصوصاً أن باسيل دخل شخصياً على خط المحاولات الهادفة لاستبعاد ترشيحه في ظل التأييد الدولي والإقليمي لدور الجيش كصمام أمان لمنع انهيار الدولة بالكامل، وكان سبقه إلى موقفه بو صعب برفضه تعديل الدستور إفساحاً في المجال أمام انتخابه بذريعة عدم إلمامه الكافي بالوضع السياسي وتفضيله أن يبقى على رأس المؤسسة العسكرية.
ولم يتردد باسيل بإعلان رفضه للمرة الأولى تعديل الدستور لإخراج قائد الجيش من لائحة المرشحين للرئاسة بعد أن جرى التداول باسمه محلياً ودولياً وذلك بالتزامن مع الترويج لمعلومات بأن حزب القوات بلسان النائبة ستريدا جعجع أبلغ البطريرك الماروني بشارة الراعي تأييد ترشّحه، وهذا ما نفاه مصدر قيادي بارز في «القوات» لـ«الشرق الأوسط» مؤكداً أنه يأتي في سياق التحريض على قائد الجيش وتقديمه للرأي العام على أنه المرشح البديل للنائب ميشال معوض. ولفت المصدر القيادي إلى أنه لا صحة لما يروّج له حول دعم «القوات» لترشّح العماد عون، وسأل؛ من هي الجهة المستفيدة من حرق اسمه؟ ولماذا تزامن مع الحملة المنظمة التي يقودها باسيل لإقصائه؟ وأن ما قاله سابقاً رئيس الحزب سمير جعجع بتأييده ترشّحه إذا كانت حظوظه متقدّمة على منافسيه جاء رداً على سؤال وقبل الدعوة لعقد جلسات نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية حيث اتفقت قوى المعارضة على تأييد ترشح النائب معوض.
وعليه، فإن باسيل بعد أن افتقد للفرصة التي راهن عليها بتشكيل حكومة جديدة أو تعويم الحالية لتأمين الاستمرارية للإرث السياسي للرئيس عون، يحاول الآن أن يلعب ورقته الأخيرة بإصراره على خوض الانتخابات الرئاسية ولم يلق أي تجاوب من «حزب الله» الذي تمنّى عليه إخلاء الساحة لمصلحة فرنجية، وبالتالي فهو يحرق أوراقه السياسية قبل أن يحرق أوراق الآخرين، ويتسبب لنفسه بإحراجٍ لدى نصر الله الذي يراعيه باستمرار لكنه ينتظر منه أن يقول «نعم» بتأييد فرنجية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

قائد «قسد»: اتفقنا مع السلطة الجديدة على رفض «مشاريع الانقسام»

عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

قائد «قسد»: اتفقنا مع السلطة الجديدة على رفض «مشاريع الانقسام»

عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قسد» في منطقة دير الزور السورية (أرشيفية - رويترز)

قال مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تسيطر على مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا، إنه تم الاتفاق مع السلطة الجديدة في دمشق على رفض «أي مشاريع انقسام» تهدد وحدة البلاد.

وفي تصريح مكتوب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال عبدي إن لقاء «إيجابياً» جمع قيادتي الطرفين نهاية الشهر الماضي في دمشق، مضيفاً: «نتفق أننا مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، وعلى رفض أي مشاريع انقسام تهدد وحدة البلاد».

وتخضع مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا لسيطرة الإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد بعد اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، وانسحاب القوات الحكومية منها من دون مواجهات.

وبنى الأكراد الذين تصدّوا لتنظيم «داعش»، مؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية. وحاولوا طيلة سنوات النزاع الحفاظ على مكتسباتهم، في وقت حملت عليهم السلطة السابقة نزعتهم «الانفصالية».

وكان وفد من قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري وتدعمها واشنطن، التقى قائد الادارة الجديدة في دمشق أحمد الشرع في 30 ديسمبر (كانون الأول)، في أول محادثات بين الطرفين منذ إطاحة بشار الأسد في وقت سابق من الشهر ذاته.

وقال عبدي «ناقشنا معا المرحلة المستقبلية بعد سقوط نظام الأسد وكيفية النهوض مجددا بسوريا مبنية على ركائز متينة».

وأكد «دعم مساعي الادارة الجديدة لأن يكون هناك استقرار في سوريا من أجل تهيئة الأجواء لحوار بناء بين السوريين»، معتبراً أنه «يقع على عاتق الإدارة الجديدة التدخل من أجل وقف إطلاق النار في عموم سوريا».

ورفع الأكراد السوريون، بعد هزيمة الأسد، علم الاستقلال الذي تعتمده فصائل المعارضة، على مؤسساتهم، في بادرة حسن نية تجاه السلطة الجديدة، في خطوة رحّبت بها واشنطن.

وعلى وقع الهجوم المباغت الذي شنّته «هيئة تحرير الشام» بقيادة الشرع، وتمكنت بموجبه من الوصول الى دمشق خلال 11 يوما، تعرض المقاتلون الأكراد لهجمات شنتها فصائل سورية موالية لأنقرة في شمال سوريا وأدت الى انسحابهم من مناطق عدة.

وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية امتدادا لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه منظمة «إرهابية» ويخوض تمرداً ضدها منذ عقود. وتسعى تركيا، وفق محللين، لجعل الأكراد في موقع ضعيف في سوريا على ضوء الأحداث الأخيرة.
وقتل خمسة مدنيين وأصيب 15 آخرون الأربعاء جراء قصف تركي استهدف قوافل مدنية كانت في طريقها الى سد تشرين في ريف حلب الشرقي، بحسب الإدارة الذاتية، وذلك استجابة لدعوة وجهتها تنديدا بالقصف المستمر على المرفق الحيوي.

وأسفرت اشتباكات متواصلة بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل سورية موالية لأنقرة في ريف منبج (شمال) رغم اعلان هدنة بوساطة اميركية، عن مقتل أكثر من مئة شخص خلال يومين حتى فجر الأحد، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

منذ عام 2016، نفذت تركيا عدة عمليات عسكرية ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا وتمكنت من السيطرة على شريط حدودي واسع.
ولوّح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الثلاثاء بشنّ عملية جديدة ما لم توافق القوات الكردية على شروط أنقرة لمرحلة انتقالية «غير دموية» بعد الأسد.