أوللا جيردس: لوحاتي مصدر لطاقة إيجابية أشعر بها قبل أن أنقلها للآخرين

ترى في اللون الأحمر أكثر الألوان بهجة وشاعرية

الفنانة الألمانية أولا جيردس
الفنانة الألمانية أولا جيردس
TT

أوللا جيردس: لوحاتي مصدر لطاقة إيجابية أشعر بها قبل أن أنقلها للآخرين

الفنانة الألمانية أولا جيردس
الفنانة الألمانية أولا جيردس

درست الفنانة الألمانية أوللا جيردس الأنثروبولوجيا في جامعة برلين الحرة عام 1995، وفن النحت عام 2001. ولديها العديد من المقتنيات في ألمانيا وفرنسا وموناكو وإنجلترا، حيث تتنقل منذ أكثر من عشرة أعوام بينها وبين مصر، أما في القاهرة فقد أقامت معرضين، الأول بعنوان «زهور القمر» في أبريل (نيسان) 2017 بقاعة «بي غاليري»، وهذا هو معرضها الثاني «حدائق سرية» المقام حالياً في قاعة كريم فرانسيس، ويستمر حتى 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. «أوللا»، مهتمة بالفنون البصرية، ومتخصصة في الفوتوغرافيا، تسعى من خلال لوحاتها لإبراز أعماق الواقع الذي تتابعه، بالتركيز على التكوينات التي تحدث بالصدفة، وتفاصيل الأشياء الدقيقة التي تراها بطريقة عفوية، تلتقطها وتحولها إلى أشياء جديرة بالاهتمام... هذا حوار معها على هامش معرضها.


جانب من المعرض

> ما الفكرة التي تعملين على إبرازها في لوحات معرضك الحالي؟
- أحاول أن أستكشف الأشكال المتكررة والمعتادة الموجودة في الطبيعة بشكل عادي، فالعالم في وعيي ليس صارماً ولا ثابتاً، ولكنه متغير دائماً، يبدو مائعاً وأكثر ديناميكية، وسيولة بألوانه غير المحدودة الموجودة في الطبيعة، فالصور والأشكال والموتيفات تتغير باستقلالية وفردانية، ولا يملك الفنان حيالها سوى مجموعة من الرؤى والتأويلات حسب أفكاره ومشاعره والموقف الآني الذي يعيشه، وأركز في معرضي «حدائق سرية» على الأشياء غير المعتادة في الطبيعة وما تشيعه من إشارات، وما يبرز فيها من صمت عميق وغموض، أجمعها في تكوين أحافظ خلاله على الجماليات التي يتيحها دون تدخل مني، وأضعها في رؤية مختلفة، وبنوع من التناول الطازج، أجعلها تبدو كما لو كانت غير عادية، وتتحرك في متاهة.
> هل ثمة رمزية ما للزهور والنباتات والتي تبدو محور الإيقاع في معرضك؟
- كانت في رأسي صور جميلة بشكل لا يصدق، تلك الصور المقربة الدقيقة للنباتات للمصور الألماني كارل بلوسفيلدت (1865 - 1932)، فقد كانت صوره بمثابة وحي وإلهام بالنسبة لي، وقد ذكر ذات مرة، أنه يمكن للجميع التقاط صور للنباتات، ولكن قلة من الناس فقط قادرون على ملاحظتها واكتشاف أشكالها. وأود أن أضيف لتلك العبارة، «أن أي نبات لديه الكثير ليعطيه من الناحية الجمالية».


من أجواء المعرض

> حدثيني عن المراحل التي تتبعينها بداية من التقاط الصورة حتى ظهورها في شكلها الذي يحقق رؤيتك الفنية؟
- الجانب الوحيد التقني في عمل الفنان الفوتوغرافي هو التقاط الصورة، بعدها أعمل على تصحيح الألوان وتعديلها، وما يبقى بعد ذلك سواء كان متعلقاً بالإطار، أما مفردات اللوحة والبنى فتأتي كتفاصيل، أعمل عليها لتشكيل المشهد، وكلها ذات طبيعة ذاتية تتعلق برؤيتي كفنانة، أما عن عملية الشروع في التقاط الصورة، فلا بد أن يكون هناك محرك لذلك، أو مثير إبداعي يدفعني للعمل، أبني عليه الصورة، وأشكلها بالطبع قبل التقاطها، وهذا العمل هو الذي يظهر فيه الدور الفني والجانب الإبداعي الذي أسعى لإبرازه في اللوحات التي أتحرى دائماً أن تكون مصدراً لطاقة إيجابية وسعادة أشعر بها أولاً قبل أن أحاول نقلها للآخرين بأبعاد متعددة يحقق كل منها مستوى من مستويات التلقي، والنظر الذي ينبني على عنصر أساسي تأتي بعده عناصر متعددة تسهم جميعها في بث شعور مثير للمشاعر أركز عليه في اللوحة.
> يغلب اللون الأحمر على مساحات كبيرة من اللقطات ما سر ذلك؟
- اللون الأحمر يمنح الكثير من الدفء، وقد اختارته بعض الورود لنفسها، لذا أراه من أكثر الألوان بهجة وشاعرية، وهناك عديد من اللوحات أضعها إلى جوار بعضها لتخلق نوعاً من الحوار فيما بينها وكأنها جوقة موسيقية تتشكل من الورود والأشجار ذات الألوان والأشكال المختلفة.
> ماذا عن واقع الفن التشكيلي حالياً في ألمانيا وهل يختلف عن نظيره في بلدان أوروبية أخرى؟
- الفن في ألمانيا هو بالطبع مجال واسع جداً لا يمكن وصفه بشكل كافٍ ببضع كلمات، لكن إذا نظرنا إلى الوراء «التاريخ»، سنجد أنه خاصة بعد الحرب العالمية الثانية كان التأثير الأميركي على ما حدث في أوروبا وبالخصوص في ألمانيا الغربية قوياً جداً في كل شيء ننظر إليه تقريباً، وهذا بالطبع ينسحب على الفن الحديث وتطوره أيضاً، من دون هذا التأثير القوي ربما كنا نقف في مكان مختلف الآن، وهناك عدد لا يحصى من المعارض الفنية والمتاحف في الوقت الحاضر، كما هو الحال في كل البلدان الأوروبية، وبقدر ما أستطيع أن أرى أصبح من الصعب تحديد أي اختلافات كبيرة بينهما، من شأنها أن تسمح للمتفرج بتمييز أو التعرف على الفن الألماني المعاصر من بينها.
> اهتم الفنان الألماني بتصوير مآسي الحرب العالمية وعبر عن أهوالها هل ما زال حتى الآن يضعها في مخيلته؟
- بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، حاول فنانون إيجاد طرق جديدة لترك البؤس وراءهم، بشكل محدد للغاية وطرق قوية وذات مغزى ودلالات كثيرة، والآن كدنا أن ننسى أهوال تلك الأيام تقريباً، وأصبح الفنانون التشكيليون يروون قصصاً مغايرة مع مجموعة متنوعة من الموضوعات مختلفة تتملكها «روح العصر» كما يقولون، أما أسلوب العمل المتسيد فهو «التجريدية» أو «غير الموضوعية»، وكلها مسائل فردية وتجريبية للغاية، وفي رأيي تم استبدال الجوانب الاجتماعية في الفن أو حتى المسؤوليات أكثر فأكثر بالتركيز على التنوع.
> لكن ما التوجهات التي يرتكز عليها الفن التشكيلي في ألمانيا حالياً؟
- الفن يحتفي بنفسه بطريقة ما هذه الأيام، يبدو مسلياً أكثر من أي وقت مضى، وليس تعليمياً؛ هذا التطور هو بالتأكيد، وإلى حد ما، نجم عن حقيقة أن الفن قد تم استدراجه إلى المجال التجاري، حيث أصبح سلعة حصرية بكل ما للكلمة من معنى، وقد كان بالطبع لكل هذا أثره الشديد على إنتاجه ومحتواه أيضاً.
> وماذا عن مصر؟
- نظراً لأنني عشت في مصر وتمكنت من حضور العديد من المناسبات الفنية خاصة في القاهرة. وانطباعي أن المشهد الفني حي وممتع للغاية، ولا تختلف طريقة إنتاج الأعمال الفنية عنها في الغرب تقريباً، لكن أعتقد أن الفارق في المحتوى، إذ يميل الفنانون المصريون إلى الإشارة إلى ثقافة ومجتمع مصري معين، وغالباً ما يتم ذلك بطريقة إيجابية حسنة النية.
ولا يقتصر التصوير الفني بالطبع على العالم الغربي، وتبدو مصر «أكثر الأماكن تصويراً»، كما عبرت ماريا جوليا بشكل رائع في كتابها «التصوير ومصر»، وقد كان الأجانب يسيطرون على هذا النوع في البداية، لكن تغير هذا خطوة بخطوة خلال القرن العشرين، وفي الوقت الحاضر هناك العديد من فناني التصوير المثيرين للاهتمام في مصر، من المصريين والأجانب الذين يعيشون على أرضها منذ فترة طويلة، وكل منهم يتبع أفكاره ورؤاه بطرق فريدة مختلفة، بالتأكيد تستحق المتابعة.
> كيف ترين الجدل الذي يدور بين آنٍ وآخر حول مدى فنية التصوير الفوتوغرافي؟
- أدرك حقيقة أن الكثير من الناس ما زالوا يرفضون فكرة أن الصورة يمكن اعتبارها قطعة فنية، الجميع يلتقطون الصور في كل مكان، وفي أي وقت هذه الأيام على ما يبدو بلا جهد، لكن كما أجادل دوماً: يمكن للجميع أيضاً استخدام الفرشاة وبعض الألوان، ولن يكون بالضرورة قادراً على إنتاج لوحة يمكن اعتبارها عملاً فنياً، وهذه القضية ليست جديدة على الإطلاق، فقد استمر هذا الجدل زمناً طويلاً في العالم الغربي واشتد كثيراً منذ 70 عاماً أو يزيد، لكن بمرور الزمن اعترف عالم الفن بمتاحفه وجامعي الفن أخيراً وقبلوا التصوير الفوتوغرافي كطريقة أخرى للتعبير الفني، ثم سمح لهذا النوع الفني بالازدهار.
> هل ثمة تقاليد وضوابط ما تجعل الصورة فناً؟
- هذا يتوقف على غاية المصور، يتمتع التصوير الفوتوغرافي الفني بطابع شخصي للغاية، حيث يحاول الفنان التعبير عن شعور أو معنى أو فكرة، هذا يقف على النقيض تماماً من نوع وثائقي موضوعي من أنواع التصوير الفوتوغرافي، مما نجده على سبيل المثال في التصوير الصحافي، وكما قال جامع الفن السويدي الشهير ومدير متحف و«مركز بومبيدو بباريس» بونتوس هولتين ذات مرة: «من السهل التقاط صورة، لكن التصوير فن صعب».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

رئيس «أبل» لـ «الشرق الأوسط» : نمو غير عادي للبرمجة في المنطقة

تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

رئيس «أبل» لـ «الشرق الأوسط» : نمو غير عادي للبرمجة في المنطقة

تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

أكد الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، تيم كوك، أن مجتمع برمجة وتطوير التطبيقات في المنطقة ينمو بشكل غير عادي، مشدداً على أهمية دور التطبيقات في معالجة التحديات العالمية.

وأدلى كوك بهذه التصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث عقد لقاء خاصاً مع عدد من المطورين، وشجعهم على متابعة شغفهم مع معالجة التحديات في العالم الحقيقي. ونصح كوك المطورين الشباب في المنطقة باحتضان العملية، بدلاً من التركيز على النتائج.

وشدَّد تيم كوك على النمو والديناميكية الملحوظة لمجتمع المطورين في المنطقة، مشيراً إلى وجود قصص للمبدعين المحليين وشغفهم بإحداث فرق في حياة الناس.