«معركة خيرسون» تبعث الأمل لدى أوكرانيين

جندي أوكراني شمال خيرسون في 29 أكتوبر (إ.ب.أ)
جندي أوكراني شمال خيرسون في 29 أكتوبر (إ.ب.أ)
TT

«معركة خيرسون» تبعث الأمل لدى أوكرانيين

جندي أوكراني شمال خيرسون في 29 أكتوبر (إ.ب.أ)
جندي أوكراني شمال خيرسون في 29 أكتوبر (إ.ب.أ)

يمنح دويّ الضربات الأوكرانية التي تستهدف معقل الروس الجنوبي في خيرسون، الأوكراني أولكسندر بريخودكو فسحة من الأمل. يقف هذا الرجل البالغ 42 عاماً على أنقاض متجر العائلة الذي بناه بيديه على أطراف منطقة استولت عليها روسيا، الصيف الماضي، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
حطمت القوات الروسية، في محاولتها الثانية للاستيلاء على ميناء قريب من نهر ميكولايف في جنوب أوكرانيا، في يوليو (تموز)، ما بناه طوال حياته. ومنذ بداية الهجوم الأوكراني المضادّ في أغسطس (آب)، أصبح الطريق بين ميكولايف وخيرسون أحد المحاور الرئيسية للحرب التي بدأت في 24 فبراير (شباط).
نشأ بريخودكو في قرية كوتلياريف الواقعة على هذا الطريق، حيث تعرَّض المصنع المحليّ لقصف روسي، وقال إن «حياتنا تعتمد على جنودنا»، بينما يتكثف القصف، مضيفاً أن «سماع أنباء عن نجاحاتنا يثلج صدورنا». وأوضح: «حتى الأمور البسيطة مثل مشاهدة مركبة عسكرية وهي في طريقها إلى الجبهة وعودتها دون عوائق، ترفع معنوياتنا».

موقع استراتيجي
في شمال البلاد، أتاح الهجوم الأوكراني المضادّ استعادة أراضٍ منذ سبتمبر (أيلول) من القوات الروسية دون قتال تقريباً. ولا يتوقع أي من طرفي النزاع أن يتكرر هذا الأمر في خيرسون؛ أول مدينة أوكرانية رئيسية تحتلّها القوات الروسية في بداية هجومها.
وتُعدّ خيرسون مدينة استراتيجية؛ لربطها بين شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا عام 2014، وشواطئ بحر آزوف. وستكلِّف استعادتها من طرف القوات الأوكرانية، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غالياً على صعيد سير المعارك.
وبدأت معركة أوكرانيا للسيطرة على خيرسون بهجوم مُمنهج بوساطة صواريخ بعيدة المدى وافقت واشنطن، بعد تردد، على بدء تسليمها في أواخر مايو (أيار). ونجحت القوات الأوكرانية باستهداف مخازن الأسلحة وطرق الإمداد التي تستخدمها روسيا لتزويد جنودها في خيرسون. وكان الهدف إرغام الروس على الاكتفاء بالأسلحة التي بحوزتهم، ومنعهم من الحصول على المزيد. ثم بدأت بقصفهم.
ويشير دويّ أصداء الحرب حول كوتلياريف إلى أن خطة أوكرانيا بدأت تؤتي ثمارها.
في المقابل يردّ الروس على الهجوم الأوكراني بوابل من الضربات المتقطعة، التي لم تعد تنال من عزيمة القرويين الذين قاسوا 8 أشهر من الحرب، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
وقال فيكتور رومانوف (44 عاماً)، الذي كان يعمل في المصنع المحلي: «إنهم لا يستهدفوننا كثيراً الآن».

عزلة تامة
مثل كل أسبوع، عاد رومانوف مع زوجته إيرينا لتفقُّد منزله وإطعام الكلاب والقطط التي تركاها في المنزل. يفضّل الزوجان البقاء في ميكولايف، حيث يشعران بأمان أكثر، وإمدادات الغاز والكهرباء مضمونة أكثر. تقول إيرينا: «كنا مفعمين بالأمل قبل أن نشاهد القنابل وهي تتساقط على رؤوسنا»، مضيفة: «تشعر وكأنك في قطار ملاهٍ، يتغير المزاج صعوداً وهبوطاً»، مشيرة إلى ثقتها في قدرة أوكرانيا على صدّ الروس.
وأظهر الهجوم الذي استهدف الأسطول الروسي المنتشر في خليج سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو من أوكرانيا عام 2014 بوساطة مسيرات، تصميم أوكرانيا على جبهتها الجنوبية.
ويشعر ألكسي فاسيلينكو، المولود في خيرسون (32 عاماً) والناطق بالروسية، بالقلق. وكان فاسيلينكو يعمل في المصنع الذي دُمر الآن في كوتلياريف، وبقي على اتصال دائم مع أقاربه في خيرسون، في سرّية تامة. وأوضح «كل شخص أعرفه يريد العودة إلى أوكرانيا. إنهم يعانون حقاً».
وأدت عملية تفجير استهدفت جسراً رابطاً بين روسيا وشبه جزيرة القرم، في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، واتهمت موسكو أوكرانيا بالوقوف وراءها، إلى إعاقة الإمدادات. وقال فاسيلينكو بحسرة: «إنهم يشعرون بالعزلة التامة»، مضيفاً: «أعتقد أنه لو كانت أوكرانيا قد حصلت على الدعم الغربي نفسه الذي نحظى به الآن، في عام 2014، لمَا حدث أي من هذا».


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.