منظمات أممية: الحوثيون لا يزالون يستولون على المساعدات جنوب اليمن

مسؤول أممي لـ «الشرق الأوسط»: العنصر الأمني المشكلة الأولى لتقديم المعونات الإغاثية

يمنيون يفرغون صناديق من المساعدات الغذائية والطبية الإماراتية من قارب بميناء مدينة عدن مايو الماضي وسط إجراءات أمنية مشددة (غيتي)
يمنيون يفرغون صناديق من المساعدات الغذائية والطبية الإماراتية من قارب بميناء مدينة عدن مايو الماضي وسط إجراءات أمنية مشددة (غيتي)
TT

منظمات أممية: الحوثيون لا يزالون يستولون على المساعدات جنوب اليمن

يمنيون يفرغون صناديق من المساعدات الغذائية والطبية الإماراتية من قارب بميناء مدينة عدن مايو الماضي وسط إجراءات أمنية مشددة (غيتي)
يمنيون يفرغون صناديق من المساعدات الغذائية والطبية الإماراتية من قارب بميناء مدينة عدن مايو الماضي وسط إجراءات أمنية مشددة (غيتي)

كشف مسؤول أممي، يعنى بتقديم المساعدات للاجئين والنازحين، أن ميليشيا الحوثي، لا تزال تقوم بعمليات سطوا على المساعدات الأممية للنازحين داخل الأراضي اليمنية، معلنًا عن تعاون مع منظمات يمنية من أجل ضمان توصيل تلك المساعدات للداخل اليمني.
وقال نبيل عثمان، الممثل الإقليمي بالإنابة لمفوضية اللاجئين لدول مجلس التعاون الخليجي، خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 800 ألف نزحوا إلى الداخل اليمني، في حين تراوح عدد اللاجئين اليمنيين إلى الخارج ما بين 100 إلى 150 ألف لاجئ.
وذكر عثمان أن عددًا من اليمنيين لا يزالون عالقين في الخارج، منهم طلبة ورجال أعمال، وأن المفوضية تعمل مع جهات الاختصاص لعودة هؤلاء العالقين.
وكشف الممثل الإقليمي بالإنابة لمفوضية اللاجئين لدول مجلس التعاون الخليجي، أن المفوضية بصدد إبرام اتفاقية تعاون مع مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية من أجل تقديم دعم مساعدات غذائية، وبمجال الحماية، والسكن.
وأضاف: «العنصر الأمني دائمًا من العناصر المهمة لضمان تقديم المساعدات لليمنيين»، لافتًا أن هناك استهدافا مباشرا للمساعدات الإغاثية خاصة جنوب اليمن، مؤكدًا أن منظمات الأمم المتحدة تسعى لحل هذه المشكلة عبر التعاون مع نظيرتها باليمن.
وتطرق نبيل عثمان للأزمة السورية، إذ أوضح أنه مع مرور العام الخامس على تلك الأزمة، فإن عدد النازحين قارب من 8 ملايين نازح داخل سوريا، فيما تشير التقديرات الأخيرة إلى نزوح 7.6 مليون شخص داخل الأراضي السورية فيما وصل عدد اللاجئين المسجلين حتى منتصف يونيو (حزيران) 2015 إلى 3.98 مليون لاجئ، يتوزعون بين دول الجوار وبلدان أخرى.
وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين، الذين وصلوا إلى 1.77 مليون لاجئ وفقًا لسجلات يونيو 2015. ويعيش معظم اللاجئين السوريين في دول الجوار بواقع 134.329 ألف لاجئ في مصر و249.656 لاجئ في العراق، فيما يعد لبنان ثالث بلد في الترتيب العالمي من حيث استضافته للاجئين، حيث تشير سجلات يونيو إلى استضافة لبنان لـ1.17 مليون لاجئ سوري.
يأتي ذلك بالتزامن مع إطلاق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حملة «أصوات لأجل اللاجئين»، وهي حملة تفاعلية عبر الفضاء الإلكتروني تسعى لتعزيز الدعم من قبل المجتمعات في المنطقة العربية حيال أزمة اللاجئين والنازحين في المنطقة وعالميًا.
وهنا أوضح نبيل عثمان، الممثل الإقليمي بالإنابة لمفوضية اللاجئين لدول مجلس التعاون الخليجي، أن تلك الحملة تهدف لتسليط الضوء على مشكلة النازحين في عدد من الدول العربية، وحث الحكومات على تقديم المساعدات لهم.
وكشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان لها – تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه - أن عدد المدنيين الذين هجروا ديارهم قسرًا نتيجة لنزاعات وصل إلى 59.5 مليون شخص مع نهاية العام 2014، موضحة أن ذلك الرقم هو أعلى سجل على الإطلاق، فيما ظهر ثلث النزاعات على مستوى العالم التي أسفرت عن النزوح واللجوء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وذكرت المفوضية أن منطقة الشرق الأوسط تعد المصدر وكذلك المستضيف الأول للمهجرين قسرًا، إذ يرزح أكثر من 3 ملايين لاجئ في المنطقة، مما يشكل 21 في المائة من إجمالي عد اللاجئين حول العالم، ومعظمهم من سوريا.
وقال نبيل عثمان، الممثل الإقليمي بالإنابة لمفوضية اللاجئين لدول مجلس التعاون الخليجي: «بينما يدخل النزاع في سوريا عامه الخامس، نرى نزاعات متزايدة في المنطقة توسع من طوق المعاناة والأزمة الإنسانية للنازحين واللاجئين. نحن نؤمن بأن العمل الميداني يجب أن يكون معززًا بأصوات من المنطقة لتعبر عن دعمها، وتستقطب المزيد من الاهتمام والوعي بحجم الأزمة، وتدفع نحو مزيد من الفعل الجاد وتحقيق الأثر الإيجابي المنشود على أرض الواقع».
وأضاف عثمان: «أصوات لأجل اللاجئين، موجهة بالدرجة الأولى للبلدان المضيفة ودول الجوار العربي، التي تتأثر كذلك بأزمة اللاجئين على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، الهدف من حملة أصوات لأجل اللاجئين يتجاوز قيم التضامن والتعاطف، الحملة هي منصة ليعبر أهل المنطقة عن نظرتهم حول المأساة، التي هي بالضرورة تمسهم جميعًا، وتشكل أثرًا على مستقبل كل سكان المنطقة وتطورها المنشود». وستعمل حملة أصوات لأجل اللاجئين على تسليط الضوء على قصص الأمل والإلهام للاجئين من خلال موقع خاص لتتبع هذه القصص.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.