استنفار حوثي لمواجهة «النزعة الوطنية» في مدارس البنات

الميليشيات تخطط لإقصاء المعلمات وإحلال مواليات لمشروعها

جانب من احتفال الطالبات اليمنيات الذي أثار غضب الميليشيات الحوثية بمدرسة مجمع السعيد التربوي في محافظة إب (تويتر)
جانب من احتفال الطالبات اليمنيات الذي أثار غضب الميليشيات الحوثية بمدرسة مجمع السعيد التربوي في محافظة إب (تويتر)
TT

استنفار حوثي لمواجهة «النزعة الوطنية» في مدارس البنات

جانب من احتفال الطالبات اليمنيات الذي أثار غضب الميليشيات الحوثية بمدرسة مجمع السعيد التربوي في محافظة إب (تويتر)
جانب من احتفال الطالبات اليمنيات الذي أثار غضب الميليشيات الحوثية بمدرسة مجمع السعيد التربوي في محافظة إب (تويتر)

استنفرت الميليشيات الحوثية كل أجهزتها في مدينة إب اليمنية لمواجهة «النزعة الوطنية» المتصاعدة في مدارس البنات في المدينة والمضادة لتوجهاتها الطائفية والسلالية.
الاستنفار الحوثي أعقب الاحتفالات المتعددة التي نظمت في عدد من المدارس احتفاء بالذكرى السنوية للثورة اليمنية على نظام حكم الإمامة في الشمال والاستعمار في الجنوب، إذ جرى إيقاف بعض مديرات المدارس ومعلمات الأنشطة، وكثفت الميليشيات الرقابة ومنع أي نشاط إلا بعد الحصول على إذن سابق.
مصادر تعليمية وسكان أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات استنفرت كل أجهزتها بما فيها المخابرات و«الزينبيات» (الأمن النسائي) وهددت بتغيير محافظ إب (192 كيلومترا جنوب صنعاء) عبد الواحد صلاح المحسوب على فرع حزب «المؤتمر الشعبي العام» في الداخل، وعنفت مدير مكتب التربية الانقلابي في المحافظة محمد الغزالي على فشله في فرض التوجهات الطائفية على المدراس وتنظيم تلك الاحتفالات.
استجابة للضغوط، اقتحم الغزالي رفقة مسلحين مجمع السعيد التربوي وتهجم على المعلمات وفتح تحقيقا مع من أوعز للطالبات بترديد الأناشيد الوطنية وتنظيم الاحتفالات.
ووفق أحد المعلمين في المدينة فإن مديرة مجمع السعيد التربوي فايزة البعداني ما زالت موقوفة عن العمل منذ أسبوع على خلفية تنظيم المجمع احتفالا ضخما بمناسبة أعياد الثورة اليمنية، وأن حملة التضامن الواسعة معها حالت دون إحالتها للتحقيق.
وقال المصدر إنه تم إيقاف بعض مديرات مدراس أخرى عن العمل وبخاصة مدارس البنات والبعض الآخر أجبرن على تحرير تعهدات بعدم تكرار الاحتفال في المناسبات الوطنية.
وتوقعت المصادر إقدام الميليشيات على تغيير عدد من مديرات المدارس ونقل معلمات الأنشطة استنادا إلى نتائج تحقيقات يجريها جهاز المخابرات وما يسمى المكتب التربوي في تنظيم ميليشيات الحوثي، وهو المكتب الذي يشرف على تغيير مناهج التعليم وإحلال العناصر الطائفيين بدلا عن المعلمين الذين تم فصلهم.
المصادر تحدثت عن أن المعلومات التي سيجمعها ما يسمى المكتب التربوي ستكون الأساس في حملة تغيير ونقل المعلمات اللاتي يشك الحوثيون في ولائهن، كما سيتم تكثيف المحاضرات والفعاليات الطائفية في كل مدارس المحافظة وبخاصة مدارس الإناث تنفيذًا لتوجيهات زعيم الميليشيات، وأن هذه العملية ستتم من خلال إرسال منتسبات جهاز المخابرات النسائية المعروف باسم «الزينبيات» إلى تلك المدارس لتولي الإشراف على الطابور المدرسي والأنشطة وتخصيص يوم في الأسبوع للمحاضرات الطائفية في المدينة التي يعتنق سكانها بشكل كامل المذهب السني.
وأكد الناشط ماجد فاضل أن مكتب التعليم في إب أعلن حالة الطوارئ منذ الفعالية التي أقامتها طالبات مجمع السعيد التربوي، معيدا ذلك إلى محاولة قيادة المكتب إرضاء وزير تربية الميليشيات، وأوضح أن مدير مكتب التعليم في المحافظة نزل بنفسه إلى المجمع التعليمي وتولى استجواب الطاقم الإداري والطالبات عن الاحتفال.
ووصف مدير تعليم الميليشيات فعالية الاحتفال بالثورة اليمنية بالفضيحة، ورأى في هذا التصرف بحسب فاضل «شكلا من أشكال الإرهاب الحقيقي للمعلمين والطلاب» بغرض منع تكرار مثل هذه الفعاليات.
وفيما يؤكد الناشط اليمني أن الاحتفال بالمناسبات الوطنية جزء من فطرة المجتمع، وأنه يستحيل علي الحوثيين أن يتمكنوا من طمس هوية المجتمع ومعتقداته، أفادت مصادر سياسية في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» بأن سلطة الميليشيات تخطط لعزل المحافظ واستقدام أحد أتباعها من خارج المحافظة لتعيينه في هذا الموقع، حيث تتهم المحافظ الحالي بالتراخي عن مواجهة اتساع نطاق المعارضة لتوجهاتها الطائفية والسياسية.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.