لبنان يخوض مفاوضات «سهلة» مع قبرص لتسوية نزاع حدودي بحري

عالق منذ 2010... ويكتمل بالترسيم مع سوريا

الرئيس عون لدى استقباله الوفد برئاسة المبعوث الرئاسي القبرصي أمس
الرئيس عون لدى استقباله الوفد برئاسة المبعوث الرئاسي القبرصي أمس
TT

لبنان يخوض مفاوضات «سهلة» مع قبرص لتسوية نزاع حدودي بحري

الرئيس عون لدى استقباله الوفد برئاسة المبعوث الرئاسي القبرصي أمس
الرئيس عون لدى استقباله الوفد برئاسة المبعوث الرئاسي القبرصي أمس

يتّجه لبنان لحل النزاع الحدودي العالق مع قبرص، والذي لن يُحسم إلا بعد حل النزاع البحري مع سوريا، حسبما قال نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب الذي التقى وفداً قبرصياً زار بيروت، أمس الجمعة، غداة توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.
وتوصل لبنان وقبرص في العام 2007 إلى اتفاقية ثنائية ومؤقتة وقابلة للتعديل تحدد بموجبها حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في خط الوسط لكل من البلدين، لم تشارك به سوريا، وتم تعديل الإحداثيات في العام 2006، حيث باتت حدود لبنان الشمالية هي النقطة رقم 7 بدلاً من النقطة رقم 6، وفي الحدود الجنوبية النقطة رقم 23 بدلاً من النقطة رقم 1، في وقت توصلت قبرص إلى اتفاقية ثنائية مع إسرائيل، ما أوجد النقاط الخلافية مع قبرص.
وبات من المتاح الآن حل أزمة الحدود مع قبرص المحاذية للحدود البحرية اللبنانية والإسرائيلية، بعد التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، وذلك بتحديد النقطة الحدودية (23) التي تلتقي فيها حدود البلدان الثلاثة جنوباً، فيما تبقى النقطة الحدودية شمال غربي لبنان عالقة، وتنتظر حل النزاع الحدودي مع سوريا.
وأجرى وفد قبرصي محادثات في لبنان، أمس الجمعة، حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وقال المبعوث القبرصي الخاص تاسوس تزيونيس بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون: «لا توجد مشكلة بين لبنان وقبرص لا يمكن حلها بسهولة». وأوضح: «نحن متفائلون جداً أنه بعد انتهاء العمل التقني، سنسوي كل مسائل الترسيم البحري، وهو أمر ليس صعباً، والتوقيت مناسب جداً، وهذا ما يحتاجه بلدانا اللذان أطلقا العمل للتنقيب في البحر، ويحتاجان إلى المزيد من الاستثمارات».
وقال عون، من جهته، إن «الهدف من اللقاء هو الاتفاق على معالجة الموضوع العالق في رسم الحدود البحرية بعدما انتهينا من رسم الحدود البحرية الجنوبية». واعتبر أن «بين لبنان وقبرص، لا حاجة لوجود وسيط لأننا بلدان مجاوران وصديقان، وهذا ما يجعل مهمتنا سهلة في إزالة الالتباسات الناشئة».
وأعلن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، بعد اجتماع وفد قبرصي بالرئيس عون حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل «أننا ناقشنا النقاط التي كانت عالقة بين الجمهورية اللبنانية وقبرص»، لافتاً إلى أن «الوفد القبرصي طلب لقاءنا بعد الاتفاق على النقطة 23 بالنسبة للحدود الجنوبية». وأكد أن «النقاط التي ستظلّ عالقة هي التي تتعلّق بالترسيم شمالاً، لذلك طلبنا التواصل مع سوريا من جديد»، مشدداً على أننا «لن ننهي الملف مع قبرص إلا بعد التفاهم مع سوريا؛ لأنّ ذلك ما يحصل بين الدول الصديقة».
وحول الالتباس الذي جرى في زيارة الوفد اللبناني التي كانت مقررة إلى العاصمة السورية الأربعاء الماضي، وتم إرجاؤها من قبل دمشق، أوضح بوصعب أنه «لم يحصل سوء تواصل مع سوريا إنّما سوء تفاهم»، لافتاً إلى أن العتب يحصل بين الإخوة، والموضوع مع سوريا يُحلّ ولا إشكالية، والخطأ لم يحصل من قبلنا، والتعاون سيكون موجوداً».
ومهّد بوصعب لاجتماع الوفد القبرصي مع وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية بالقول إنه «سيُعمل على إيجاد حلّ للنقاط التي فيها اختلاف بالآراء»، مشدداً على أن «التعاون مع قبرص ليس كالتعاون مع دولة عدوّة، وهذا ما يسرّع العمل».
- النزاع الحدودي مع قبرص
وتوصل لبنان وقبرص في 17يناير (كانون الثاني) 2007 إلى اتفاقية ثنائية ومؤقتة وقابلة للتعديل، تحدد بموجبها حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في خط الوسط لكل من البلدين، من دون تحديد إحداثيات نقطتي طرفي هذا الخط بشكل نهائي؛ كون ذلك يتطلب ترسيماً ثلاثياً يشترك البلدان (لبنان وقبرص) فيه مع سوريا شمالاً، و«هي تمنّعت عنه»، كما يقول مسؤولون لبنانيون كانوا فاعلين في تلك الفترة، ومع إسرائيل جنوباً. وكانت مسودة مشروع الاتفاقية قد نصت بشكل واضح على أنه يمكن مراجعة أو تعديل الإحداثيات الجغرافية للنقاط (1 و/أو 6) وفقاً للحاجة في ضوء التحديد المستقبلي للمناطق الاقتصادية الخالصة مع دول الجوار الأخرى المعنية. ونصّ الاتفاق الموقع بين لبنان وقبرص على أنه يتعين على أي طرف إبلاغ الطرف الآخر والتشاور معه قبل التوصل إلى اتفاق نهائي مع أي دولة الأخرى إذا ما تعلق هذا التحديد بإحداثيات النقطتين (1) أو(6).
لم تُحِلْ الحكومة اللبنانية الاتفاقية المؤقتة مع قبرص إلى المجلس النيابي؛ نظراً للحاجة لاستكمال تحديد حدود لبنان النهائية جنوباً وشمالاً، وكذلك للقيام بالمزيد من الدراسات. وباشرت الحكومة باستكمال ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة الشمالية والجنوبية انفرادياً. في نهاية عام 2008، وبناء على طلب من وزير الطاقة والمياه، تم تشكيل لجنة تتكون من رئاسة الحكومة، ووزارة الأشغال العامة والنقل، ووزارة الطاقة والمياه، ووزارة الدفاع، ووزارة الخارجية والمغتربين، والجيش اللبناني والمجلس الوطني للبحوث العلمية.
وتوصلت اللجنة في أبريل (نيسان) 2009، وبتوقيع جميع أعضائها، إلى ترسيم الحدود البحرية جنوباً وشمالاً، حيث أصبح الطرف الجنوبي هو النقطة الثلاثية 23، جنوب النقطة رقم 1، والطرف الشمالي النقطة الثلاثية 7 شمال النقطة رقم 6. وفي يوليو (تموز) 2010، أودع لبنان الأمم المتحدة إحداثيات حدود منطقته الاقتصادية الخالصة الجنوبية بشكل منفرد، كذلك أودع لبنان إحداثيات الحدود الشمالية مع سوريا في النقطة 7.
لكن قبرص وقعت مع إسرائيل في ديسمبر (كانون الأول) 2010 على اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما، دون إبلاغ أو استشارة الدولة اللبنانية خلافاً للاتفاق معها، وذلك بعد خمسة أشهر على قيام لبنان بإيداع إحداثيات النقطتين 23 و7 لدى الأمم المتحدة.
واعترضت الحكومة اللبنانية على تلك الاتفاقية برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، في يونيو (حزيران) 2011، وذلك بسبب اعتماد إسرائيل النقطة رقم «1» كنقطة فصل مشتركة بين لبنان وإسرائيل، بدلاً من النقطة «23» التي كانت الحكومة اللبنانية (حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية) قد حددته في عام 2008. وحصلت نقاشات مع الجانب القبرصي بعدها، لكنها كانت تنتظر التوصل إلى اتفاقية تحديد الحدود البحرية مع إسرائيل وسوريا لحسم النقاط بشكل كامل.


مقالات ذات صلة

الروس والإسرائيليون يسببون ارتفاعاً حاداً لأسعار العقارات في ليماسول

الاقتصاد الروس والإسرائيليون يسببون ارتفاعاً حاداً لأسعار العقارات في ليماسول

الروس والإسرائيليون يسببون ارتفاعاً حاداً لأسعار العقارات في ليماسول

ارتفعت اسعار العقارات بشكل حاد في مدينة ليماسول الساحلية القبرصية، مع إقبال كبير للإسرائيليين واستعداد روس أو أوكرانيين لدفع إيجارات باهظة، فيما يواجه القبارصة صعاباً في العثور على سكن فيها. كانت ايليني كونستانتينيدو تستأجر شقة قرب الشاطئ لقاء 400 يورو في 2016، لكنها تحتاج الآن، على حد قولها، إلى دفع "1500 يورو على الأقل من أجل شقة مؤلفة من غرفتين" في ليماسول، المدينة الواقعة في جنوب الجزيرة المتوسطية. واضطرت الشابة، مع زوجها واطفالها، للانتقال والعيش مع والديها، نظراً لعدم تمكنها من دفع هذا المبلغ. وقالت الشابة التي ولدت في ليماسول، ثاني أكبر مدينة في البلاد والبالغ عدد سكانها حوالي 176 ألف ن

شمال افريقيا وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيريه الجزائري والقبرصي المستجدات الدولية

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيريه الجزائري والقبرصي المستجدات الدولية

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الخميس، مع نظيريه الجزائري أحمد عطاف، والقبرصي كونستانتينوس كومبوس، التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما تبادل معهما وجهات النظر حيالها. جاء ذلك خلال اتصالين هاتفيين، هنأ فيهما الأمير فيصل بن فرحان، عطاف وكومبوس، بمناسبة توليهما منصبيهما الجديدين، وتناولا العلاقات الثنائية بين السعودية وكل من الجزائر وقبرص، وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم خريستودوليدس يلتقط صوراً مع أنصاره بعد الإدلاء بصوته أمس (إ.ب.أ)

خريستودوليدس يفوز برئاسة قبرص

تصدر وزير الخارجية القبرصي السابق نيكوس خريستودوليدس نتائج الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية، اليوم (الأحد)، في الجزيرة الواقعة بشرق البحر المتوسط، والعضو في الاتحاد الأوروبي، حسبما أظهرت استطلاعات رأي أوردتها قنوات تلفزيونية محليّة. وواجه خريستودوليدس (49 عاماً) في الدورة الثانية دبلوماسياً آخر هو أندرياس مافرويانيس (66 عاماً) في انتخابات تركزت رهاناتها على مكافحة التضخم والفساد. وبلغت نسبة المشاركة 72.2 في المائة حسب مصدر رسمي.

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا)
العالم المرشح الرئاسي وزير الخارجية القبرصي السابق نيكوس خريستودوليدس (Cyprus Forum 2022)

وزير خارجية سابق يتصدر سباق الرئاسة في قبرص

أفادت هيئة البث الرسمية القبرصية (سي واي بي سي)، بأن المرشح الرئاسي القبرصي نيكوس كريستودوليدس يتصدر في استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع بعد الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات اليوم (الأحد)، وفق وكالة «رويترز» للأنباء. وقالت هيئة البث إن كريستودوليدس حصد نسبة أصوات ما بين 50.5 إلى 53.5 في المائة من التصويت مقارنة بأندرياس مافرويانيس الذي حصد ما بين 46.5 إلى 49.5 في المائة. وأفادت هيئات بث أخرى بأن كريستودوليدس متقدم. وكريستودوليدس (49 عاماً) هو وزير الخارجية السابق، فيما كان الدبلوماسي مافرويانيس (66 عاماً) كبير المفاوضين في محادثات السلام مع القبارصة الأتراك، وممثلاً دائم

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا)
العالم من الاقتراع في مدينة ليماسول (أ.ف.ب)

قبرص تختار رئيساً جديداً وسط تحديات التضخم والفساد... واللجوء

أدلى القبارصة بأصواتهم، الأحد، لانتخاب رئيس، خلفاً للرئيس المنتهية ولايته نيكوس أناستاسيادس الذي تولى المنصب لولايتين. ويبدو وزير الخارجية السابق نيكوس خريستودوليدس (49 عاماً) الذي يقدم نفسه على أنه «مستقل»، المرشّح الأوفر حظاً للفوز في الاقتراع، وهو الذي يحظى بتأييد الأحزاب الوسطية. وكان هذا الدبلوماسي وزيراً للخارجية في حكومة الرئيس أناستاسيادس بين 2018 و2022.

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا)

التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

ووسط تسريبات إسرائيلية عن مسعى لإعمار جزئي، وتناغم خطة أميركية جديدة مع هذا المسار العبري من دون رفض للخطة المصرية في إعمار كامل وشامل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تهدف إلى «إطلاق مسار متكامل بشأن إعمار غزة».

تلك الجهود أكدتها أيضاً الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» قائلة إنها «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن إعمار غزة».

المسار الأول

ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ظهر مساران، أحدهما مصري والآخر أميركي يبدو متناغماً مع طرح إسرائيلي، والاثنان يقودان تصورات على أرض الواقع بشأن إعمار القطاع المدمر بسبب الحرب الإسرائيلية على مدار نحو عامين.

وعقب الاتفاق، كان المسار المصري أسرع في الوجود، وجدد الرئيس المصري التأكيد على عقد مؤتمر لإعمار قطاع غزة، وكان موعد نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هو المحتمل لذلك التنظيم، ومع عدم عقده قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، قبل أسابيع، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «لتعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ولتسريع الجهود، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني يوهان فاديفول، أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة 18 ديسمبر 2025 (رويترز)

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار.

ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

إعمار من دون تهجير

وحسب عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والأكاديمي المصري أحمد فؤاد أنور، فإن «مصر تسعى لتوفير توافق أكبر على جعل أي نهج للإعمار، سواء عبر خطة مصرية أو غيرها وفق إطار جعل غزة مكاناً ملائماً للحياة دون أي تهجير أو تهديد للأمن القومي المصري»، متوقعاً أن «تنجح الدبلوماسية المصرية في ذلك كما نجحت في مؤتمر شرم الشيخ للسلام».

ويضيف أنور: «الأولوية لدى مصر هي توفير طوق نجاة للجانب الفلسطيني، وتواصل التعاون مع الشركاء بشكل جدي من أجل توفير الزخم اللازم لإنجاز مهمة الإعمار، سواء كانت نابعة من خطة مصرية أو أميركية شريطة أن تصل بنا لجعل غزة مكاناً ملائما للسكن وليس للتهجير أو المساس بحق الفلسطينيين أو الأمن القومي المصري».

المسار الآخر

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدأت بوادر المسار الآخر الأميركي، وأكد جاريد كوشنر، صهر ترمب في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية، وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة؛ وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

ومطلع الأسبوع الحالي، تحدث تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن خطة أعدها كوشنر والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» لإعمار غزة مع اشتراط نزع سلاح «حماس»، بدءاً من الجنوب في رفح على مدار 10 سنوات، وتعنون بـ«رفح الجديدة» (تتمسك بها إسرائيل للبدء بها، والتي تقع على مقربة من الحدود المصرية) دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

هذا المسار الأميركي المنحاز لإسرائيل، وفق تقديرات فؤاد أنور، «أقرب لصفقة تفاوضية، تريد أن تضع شروطاً تخدم مطالب إسرائيل بنزع (سلاح المقاومة)، والضغط عليها وفي الوقت ذاته احتمال تمرير التهجير دون أن ترفض الخطة المصرية صراحة، وبالتالي هناك اختلاف بين رؤيتي القاهرة وإسرائيل».

أي المسارين سينجح؟

وسط ذلك الاختلاف، والتساؤل بشأن أي المسارين سيكتب لها التموضع، قال وزير الخارجية التركي في تصريحات أدلى بها للصحافيين، السبت، إن «هناك تفاهمات تبعث على الأمل رغم تعنت إسرائيل»، مضيفاً: «هناك دراسة أولية بشأن إعادة إعمار غزة، تم تقديمها ونقاشها بشكل تمهيدي»، وفقاً لما ذكرته وكالة «الأناضول» التركية، غداة اجتماع للوسطاء في مدينة ميامي الأميركية، لبحث مستجدات اتفاق وقف إطلاق النار.

وخرج تقرير «بلومبرغ»، الاثنين، التي نقلت خلاله عن مصادر، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير على أن يعقد في واشنطن أو مصر أو مواقع أخرى في ظل سعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

عمال فلسطينيون يُصلحون قبل أيام طريقاً تضرر من الحرب بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتعليقاً على تقرير «بلومبرغ»، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، في تصريح خاص، الأربعاء، إن «الجهود الدولية لا تزال مستمرة للتشاور والتنسيق بين الأطراف المعنية، بما في ذلك مصر والولايات المتحدة، وبالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين؛ بهدف تهيئة الظروف الملائمة لإطلاق مسار متكامل للتعافي المبكر وإعادة الإعمار».

وأضاف خلاف: «لا تزال المشاورات جارية بشأن إعادة الإعمار، لدعم الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته، وبما يتسق مع الجهود الأوسع لتثبيت وقف إطلاق النار ودفع مسار التهدئة».

وبشأن مستجدات عقد مؤتمر الإعمار، وهل سيكون بشراكة مع مصر أم منفرداً، وحول مكان انعقاده، قالت الخارجية الأميركية في تصريح خاص مقتضب، إن الولايات المتحدة «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن إعمار غزة».

وتحفظت وزارة الخارجية الأميركية عن الإدلاء بتفاصيل حالية، قائلة: «نتواصل بشكل فعّال مع شركائنا، وليس لدينا أي بيانات رسمية في الوقت الحالي».

ويرى فؤاد أنور، أن «مسار مصر أقرب للنجاح وسط المحادثات والمشاورات المصرية المستمرة لإنجاز مسار الاتفاق»، مشيراً إلى أن «واشنطن لن تغامر بالانحياز الكامل لإسرائيل في المرحلة الثانية المنتظرة والمرتبطة بترتيبات أمنية وإدارية مهمة، وقد تتجاوب مع الأفكار المصرية العربية ونرى مقاربة مغايرة أفضل قليلاً وتبدأ النقاشات بشأنه للوصول لرؤية ذات توافق أكبر».


وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
TT

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء، وبحث معه مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب، والأوضاع السياسية، والميدانية.

وذكرت «حماس» في بيان أن الحية أكد لوزير الخارجية التركي التزام الحركة ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، محذراً من استمرار «الاستهدافات، والخروقات» الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة، والتي قال إنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وتقويض التفاهمات القائمة».

وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، أشار الحية إلى أن المساعدات الإغاثية التي تدخل القطاع «لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات»، موضحاً أن 60 في المائة من الشاحنات التي تسمح إسرائيل بدخولها هي شاحنات لبضائع تجارية، وليست مساعدات إنسانية.

وأكد الحية أن ذلك «يحرم الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا من الحصول على احتياجاتهم الأساسية من غذاء، ودواء، وخيام بشكل إغاثي عاجل».

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في الضفة الغربية، والقدس، حيث أكد وفد «حماس» على خطورة الممارسات «الإجرامية» الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، والمقدسات الإسلامية، والمسيحية.

كما ناقش الجانبان مسار تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة «المخططات» التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بحسب بيان «حماس».


العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
TT

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، على رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة في بلاده، أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، مؤكداً أن حماية المركز القانوني للدولة، ووحدة القرار السياسي تمثلان أولوية وطنية لا تقبل المساومة.

وفي إشارة إلى تصعيد مجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة، حذّر العليمي من أن أي مساس بوحدة الدولة سيقود إلى فراغات أمنية خطيرة، ويقوض جهود الاستقرار، ليس في اليمن فحسب، بل على أحد أهم خطوط الملاحة الدولية.

جاءت تصريحات العليمي خلال استقباله في الرياض، الأربعاء، سفيرة فرنسا لدى اليمن كاترين قرم كمون، حيث جرى بحث مستجدات الأوضاع المحلية، وفي المقدمة التطورات في المحافظات الشرقية، والدور المعول على المجتمع الدولي في دعم جهود التهدئة التي تقودها السعودية، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة.

وأشاد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - بالدور الفرنسي الداعم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، وبموقف باريس الثابت إلى جانب وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، على النحو الوارد في بيان مجلس الأمن الدولي الصادر، الثلاثاء. كما جدّد تقديره للعلاقات التاريخية بين البلدين، معرباً عن ثقته باستمرار الدعم الفرنسي المتسق مع مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وتطرق اللقاء - وفق ما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية - إلى التحديات المتشابكة التي تواجهها القوى الوطنية في مسار استعادة الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، في ظل الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج الأطر الدستورية ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

تحذير من المخاطر

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الدولة ستقوم بواجباتها كاملة في حماية مركزها القانوني، مشدداً على أن هذا المسار يتطلب موقفاً دولياً أكثر وضوحاً لدعم الإجراءات الدستورية والقانونية التي تتخذها مؤسسات الشرعية. وأشاد في هذا السياق بالتوصيف المُقدَّم للأزمة اليمنية الوارد في إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وحذّر العليمي من أن أي تفكك داخلي سيعزز نفوذ الجماعات المتطرفة، ويخلق بيئات رخوة للجريمة المنظمة، مؤكداً أن أمن البحر الأحمر وخليج عدن يبدأ من استقرار الدولة اليمنية، وليس من شرعنة كيانات موازية أو مكافأة أطراف منقلبة على التوافق الوطني.

حشد في عدن من مؤيدي المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

وأوضح أن ضبط النفس الذي مارسته القيادة خلال السنوات الماضية لم يكن تعبيراً عن ضعف، بل كان التزاماً وطنياً ومسؤولية سياسية لتجنُّب مزيد من العنف، وعدم مضاعفة معاناة الشعب اليمني، واحتراماً لجهود الأشقاء والأصدقاء الرامية إلى خفض التصعيد.

وجدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي التزام المجلس بحل عادل للقضية الجنوبية، يستند إلى الإرادة الشعبية، والانفتاح على الشراكات السياسية، وخيارات السلام، مع التأكيد على الرفض القاطع لتفكيك الدولة أو فرض الأمر الواقع بالقوة.

وفي سياق متصل، جدّد الاتحاد الأوروبي التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعمه لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية. وأعلن الاتحاد، في بيان، الأربعاء، تأييده للبيان الصادر عن أعضاء مجلس الأمن، مؤكداً دعمه لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن، والعمل من أجل سلام مستدام وازدهار دائم للشعب اليمني.

ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى خفض التصعيد، وتعزيز الجهود الدبلوماسية، مرحباً بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مسقط بشأن مرحلة جديدة لإطلاق سراح المحتجزين.

كما أدان الاتحاد الأوروبي بشدة استمرار احتجاز الحوثيين لموظفين أمميين وعاملين في منظمات إنسانية ودبلوماسية، مطالباً بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.