يهدد الصراع الناجم عن «شح الموارد» المتمثلة في نقص المياه والغذاء وانحسار الأراضي الصالحة للعيش، منطقة الساحل الأفريقي، الأمر الذي استوجب تحذيرات دولية خشية اندلاع حروب، في ثاني أكثر مناطق العالم تضرراً من الإرهاب.
وحذرت منظمة الصليب الأحمر الدولية (الخميس) من اندلاع صراعات في منطقة الساحل الأفريقي، على خلفية تصاعد التوترات التي قد يخلقها شح الموارد. وطالبت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولجاريتش، بشكل عاجل، بـ«تهدئة الضغوط الناجمة عن نقص المياه والغذاء وانحسار مساحة الأراضي الصالحة للعيش نتيجة الاقتتال والعنف علاوة على التصحر وتغيرات المناخ الحادة، حتى لا يتسبب ذلك في انشقاقات ونزاعات بين النازحين والمجتمعات المضيفة».
وخلال زيارتها العملياتية الأولى للمنطقة، قالت سبولجاريتش: «علينا كسر هذه الحلقة المفرغة من تغير المناخ والعنف الذي يمنع الناس من العيش على أراضيهم»، مشيرة إلى أن «المساعدات الإنسانية شحيحة، وأن الكثير من النازحين لا يجدون مخرجاً من الأزمات».
ووفق سبولجاريتش، فإن النساء النازحات فقدن الكثير من الأزواج والإخوة، واضطررن إلى «دفن أطفالهن أثناء فرارهن».
وتصاعد الإرهاب في دول بوركينا فاسو ومالي وغرب النيجر بشكل أسرع من أي منطقة أخرى في أفريقيا، بزيادة 140 في المائة منذ عام 2020، وأسفر هذا عن مقتل 8 آلاف شخص، ونزوح 2.5 مليون، فيما وصل عدد ضحايا هجمات تنظيم داعش وحده، خلال 2022، إلى نحو ألف قتيل، كما يشير تقرير أصدره مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، ومقره واشنطن.
وكشف التقرير أن الحكومات في المنطقة أظهرت عدم القدرة على مواصلة الضغط على الجماعات المتشددة وتوفير الأمن للمجتمعات.
وبحسب التقرير، تكبّدت قوات الأمن في منطقة الساحل خسائر فادحة في الصراعات ونجح المسلحون في استهداف قوات الأمن والدفاع في هجماتهم في جميع أنحاء مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وسمحت قدرات التنقل والاستخبارات الفائقة للجماعات المسلحة باجتياح القواعد العسكرية الثابتة، ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا بين القوات المسلحة.
وتشير منظمة الصليب الأحمر الدولية إلى أن العنف أجبر 4.5 مليون شخص على ترك منازلهم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بزيادة قدرها 200 في المائة في العامين الماضيين.
ومع اعتماد 80 في المائة من سكان منطقة الساحل على الزراعة، فإن النزوح يعني أنهم يفقدون إمكانية الوصول إلى أراضيهم وماشيتهم.
ودعت سبولجاريتش العالم إلى مساعدة شعوب المنطقة ليس فقط في حالات الطوارئ فحسب، لكن أيضاً من خلال كسر اعتمادهم على المساعدات عبر التعجيل بـ«استثمارات هادفة لمساعدة الناس على التكيف مع التغيرات السريعة التي يسببها تغير المناخ».
وتشهد المنطقة وتيرة حادة من التصحر وتزداد ندرة المياه الجوفية، ما يضغط على المزارعين. وبحسب المنظمة، فقدت مالي 90 ألف هكتار من المحاصيل عام 2021 بسبب الجفاف، ما أثر على معيشة أكثر من 3 ملايين مالي. وأدى ذلك إلى انخفاض بنسبة 10.5 في المائة في إنتاج الحبوب بجميع أنحاء البلاد.
النيجر
في سياق متصل، حذّرت «لجنة الإنقاذ الدولية» (الخميس)، من وضع إنساني «خطر جداً» في دولة النيجر، وعلى نطاق أوسع في منطقة الساحل الأفريقي، بسبب التدهور الأمني الذي تتسبب فيه الجماعات الجهادية وآثار التغيّر المناخي».
وقال نائب رئيس المنظمة في أوروبا هارلم ديزير، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «النيجر تستقبل أكثر من 660 ألف نازح أو لاجئ، بسبب النزاعات التي تشهدها المنطقة، وأشار إلى أنّ انعدام الأمن الغذائي «يطاول هناك 4.4 مليون شخص»، مضيفاً أنّ «حالات سوء التغذية الحاد لدى الأطفال دون سنّ الخامسة صارت مأساوية».
ولفت ديزير إلى أنّ عدداً كبيراً من النازحين الموجودين في بوركينا فاسو والبالغ عددهم مليوني شخص «موجودون في مدن محاصرة» أو «تحت حصار» الجهاديين، و«لم يعد في إمكانهم الحصول على الغذاء والمياه والدواء».
وتعاني البلاد من أزمة غذاء خطرة عزّزها العنف الإرهابي الذي منع المزارعين من العمل في حقولهم، كما قتلت الفيضانات نحو 200 شخص في النيجر منذ يونيو (حزيران) الماضي.
تشاد
ليس بعيداً، ترصد تقارير منظمات دولية الجفاف الذي يهدد بالجفاف الكامل بحيرة تشاد، التي كانت تصنف كسادس أكبر بحيرة بالعالم، في ستينات القرن الماضي.
وبحسب التقارير، انخفض حجم البحيرة بنسبة 90 في المائة نتيجة الاستخدام المفرط للمياه والجفاف الممتد وتأثيرات تغير المناخ.
البحيرة الشاسعة مشتركة بين الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا وحوضها الذي يمتد حتى الجزائر وليبيا والسودان كان يوفر شريان حياة ومصدراً مهماً للأمن الغذائي والدخل لسكان الحوض وما وراءه لما يقرب من 40 مليون شخص.
استضافت البحيرة نحو 135 نوعاً من الأسماك واصطاد الصيادون 200 ألف طن متري من الأسماك كل عام خلال ستينات القرن الماضي.
وفي مايو (أيار) الماضي، قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، مارثا أما أكيا بوبي، إن «الإرهاب وانعدام الأمن مستمران في الانتشار في منطقة الساحل، ما يؤدي إلى تدمير حياة الملايين من الناس».
صراع «الموارد الشحيحة» يهدد منطقة الساحل الأفريقي
تحذيرات دولية من تحالف «العنف وتغير المناخ»
صراع «الموارد الشحيحة» يهدد منطقة الساحل الأفريقي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة