تنبيه دولي من السعودية للضغوطات الاقتصادية المقبلة

الرياض دعت إلى «استغلال الفرص السانحة في الاستثمارات والتقنية»

جانب من تفاعل حضور المؤتمر خلال انطلاقة الجلسات أمس في الرياض (تصوير: بشير صالح)
جانب من تفاعل حضور المؤتمر خلال انطلاقة الجلسات أمس في الرياض (تصوير: بشير صالح)
TT

تنبيه دولي من السعودية للضغوطات الاقتصادية المقبلة

جانب من تفاعل حضور المؤتمر خلال انطلاقة الجلسات أمس في الرياض (تصوير: بشير صالح)
جانب من تفاعل حضور المؤتمر خلال انطلاقة الجلسات أمس في الرياض (تصوير: بشير صالح)

بينما يتحسس مؤتمر مبادرة الاستثمار المنعقد في العاصمة السعودية الرياض، سبل النجاة من طوق الأوضاع المضطربة والضغوطات الاقتصادية الآنيّة التي يعيشها العالم في الآونة الأخيرة والمقبلة، طرح وزراء معنيون في جلسة حوارية ضمن جلسات المؤتمر أمس، أفكارهم بكل جرأة ومعالجات حكوماتهم، حتى تتكيف، بل تنجح في مواجهة التحديات التي وُلدت من رحم الأوقات المضطربة.

نظرة استباقية
وأكد المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، أن حكومته تمتعت بنظرة استباقية رغم التحديات الماثلة، في وقت تسارعت فيه التحديات بشكل يدعو للقلق عالمياً، معدداً ثلاثة تحديات رئيسية تواجه حكومات العالم، أولها تحدي التحول للمدى الطويل، مشيراً إلى أنه أصبح يتسارع هو الآخر بطريقة ربما بسبب بعض الصعوبات، غير أنه في الوقت نفسه ربما يتيح فرصاً جمة لتبني ما يعين على أن يكون هناك توجه استباقي.
وقال الفالح في جلسة بعنوان «الحكومات تتكيف وتنجح في هذه الأوقات المضطربة»: «إن أول تحول واقعي أمام ناظرينا هو التحول الأمني والسياسي وبطبيعة الحال فإن أوروبا هي اللاعب الأساسي في ظل أزمة روسية – أوكرانية، بينما ينتقل الأمر إلى الصين وتايوان، وبدأنا نرى على المدى الطويل أن الدول أخذت تعكف على بناء أمنها الوطني والدولي، فربما تستمر هذه التحديات لأعوام قادمة لمدى أطول».
وقال الفالح: «السعودية أخذت هذه الخطوة منذ 6 أعوام، فرؤية 2030 تم تسليمها للعالم الذي سنعيش فيه بعد 10 أو 15 عاماً، إذا أردنا أن نفهم معنى النظرة الاستباقية نعود إلى عام 2016 وما قام به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي فتح نافذة على كيفية العيش في المستقبل».

جانب من تفاعل حضور المؤتمر خلال انطلاقة الجلسات أمس في الرياض (تصوير: بشير صالح)

تحول الطاقة
ورأى الفالح أن التحول على مستوى الطاقة والنفط والغاز يمثل التحدي الثالث، مبيناً أنه لم يكن هناك مفر منه بسبب التغير المناخي، حيث تسارع هذا التحول، وستزيد أزمة أوروبا من وتيرته، مشيراً إلى أن هذا التحول مهد الطريق إلى التحول في أنواع أخرى، مثل الهيدروجين الذي يتم تطويره حالياً.
ورأى الفالح أن التحدي الثالث الذي يتمثل في التحول في التجارة وسلاسل الإمداد في ظل العولمة، بدأ وسيستمر. مبيناً أن التحديات الثلاثة تعرِّض الدول والشركات والأفراد لمرحلة الحاجة إلى الضمان والأمان، موضحاً أن كل دولة تبذل الكثير من إنفاقها على تقنيتها الدفاعية وصناعاتها الدفاعية لأنها أصبحت أساسية في كل دولة وفي كل الصناعات، حيث إنها لم تعد تقتصر على صناعات معينة مع أنها مكلفة وباهظة الثمن.

التعاون الاستثماري
وقال الفالح: «تناقشت مع وزير الاستثمار الفنلندي في ما الذي يمكن أن نقوم به في البلدين لتبادل الأفكار والخبرات والنفقات التي نقدمها للدفاع»، مقرّاً بأن الطاقة نفسها ستكون مكلفة لأنه في الوقت الذي ستزيد فيه الطاقة المتجددة مع تقديم شبكات جديدة وبنية تحتية جديدة سيكون الأمر مكلفاً وستدفع ثمنه الإنسانية والمجتمعات. وأضاف: «هذه الأمور يسيطر عليها التحول الاقتصادي وتتسبب في التضخم العالي وارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع الاشتراكات التي ندفعها، كل ذلك يؤدي إلى تقليل النمو وتقليل الدخل، وما يتحتم التركيز عليه هو النمو واستغلال الفرص السانحة في التقنيات والاستثمارات للدول والمراكز بحيث تكون قادرة على التعامل مع النظام العالمي الجديد».

وضع الاستعداد
من ناحيته، قال فيل سكيناري، وزير التعاون التنموي والتجارة الخارجية الفنلندي: «الأزمات الأخير جعلتنا في وضع استعداد لجميع الأزمات المقبلة، حيث واجهنا أزمة الجائحة وعملنا على الأمن الشامل وعززنا الرعاية الصحية، فأصبحنا ضمن أفضل 5 دول من حيث الناتج الإجمالي المحلي».
وتابع: «بتعاوننا مع السويد، على سبيل المثال، نستطيع أن نقول إن هذه خطوة طبيعية لاحقة بعد أن أصبحنا أعضاء في الاتحاد الأوروبي، والأمر حالياً مع حلف الناتو، ولكن في نهاية المطاف، فإن الأمر يتعلق برمّته بالأمن الشامل سواء بالنسبة لفنلندا ودول الناتو وأيضاً عندما يتعلق الأمر بالتقنية أو البيئة الخضراء والمعرفة».
وزاد الوزير الفلندي: «أرى في مؤتمر مبادرة الاستثمار، الالتزام بمستقبل أفضل، وهذا ما تقوم به حكوماتنا، حيث تركز على الاستثمارات التي نركز عليها، أولها الاستثمار في الدفاع، غير أنها نقطة من بحر، لذلك فهذه فرصة سانحة للحديث عن العصر الجديد مع الشركاء هنا، وفي السعودية وفنلندا يكمل بعضنا بعضاً، ونشهد تقدماً ملحوظاً تعيشه السعودية ودول الخليج، ومستعدون ومتأهبون للمستقبل».

آثار الأزمة
وفي السياق ذاته، شدد دومينيك جونسون وزير الدولة البريطاني لوزارة التجارة الدولية، على أن السعودية تتمتع بتقدم رائع، مؤكداً أهمية رباطة الجأش والاستمرار في ذات الطريق، مقرّاً بأن بلاده شهدت اضطراباً اقتصادياً ومالياً في الفترة الأخيرة، ما أطاح برئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، معولاً على رئيس الوزراء الجديد ريشي سوناك، متوقعاً أن يُحدث الأخير تغييراً هائلاً في بلاده. وتابع: «أعلم أنه ستُتخذ إجراءات الإنفاق العام والضرائب ولكنّ هناك دروساً مستفادة من الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة ووصلنا إلى أن هذا البلد لن يتقدم إذا فقد مصداقيته وسمعته المالية، إذ إن هذا الأمر سيكون له أثره على السوق المالية، ما يضع عبئاً كبيراً على عاتق الحكومة الجديدة، من حيث التعاطي مع البراغماتية البريطانية خلال هذه الدروس».

هونغ كونغ ورأس المال
إلى ذلك، أكد بول تشان السكرتير المالي، لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، أن نظام هونغ كونغ سيستمر في تدعيم رأس المال، في ظل وجود نظام قضائي مستقل، مستطرداً: «سنستمر في التعامل مع الدولار الأميركي وستستمر هونغ كونغ في عملها كسوق مالية ومركز مالي دولي حر وأفضل سوق منظمة من الناحية القانونية». وتابع: «رغم وجود بعض الضغوط والتحديات الخارجية فإننا نرى في 2023 أنه عام الأمن والفرص، لأن لدينا من الخبرات المكتنزة ما يجعلنا نتفوق على أنفسنا لأسباب متعددة، ولدينا رقعة شاسعة في منطقة حضرية في المنطقة الجنوبية الغربية بها 9 ملايين نسمة ودخل الفرد يبلغ 70 ألف دولار سنوياً، ما يمثل سوقاً استهلاكية تتميز بالتطور الحضري، ومركزاً مالياً دولياً وتقنياً، ولدينا تقدم كبير في المدن المجاورة».
وأضاف تشان: «سياستنا المالية تتمتع بمرونة عالية في التواصل مع الخارج، ونحاول استقطاب المهارات الخارجية واستطعنا أن نتعامل مع جائحة كورونا بحرفية عالية، وسنستمر في الاستعانة بأفضل الطاقات والتقنيات العالمية حتى من أميركا كمصدر للطاقة حيث تحرّكنا 8 مليارات دولار».


مقالات ذات صلة

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

كشف وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، عن تسجيل الموانئ السعودية 231.7 نقطة إضافية على مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)

3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

قررت 3 من أكبر 10 شركات عالمية متخصصة في تنظيم المعارض، افتتاح مكاتبها في المملكة، إلى جانب توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم لدعم صناعة الفعاليات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

ما زال التضخم في السعودية الأقل ضمن مجموعة العشرين، وذلك بعد تسجيل معدل 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، عن تسجيل بلاده صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير خلال العام الحالي.

زينب علي (الرياض)

الذهب يرتفع مع توقعات بخفض الفائدة من جانب «الفيدرالي»

سبائك من الذهب الخالص في مصنع كراستسفيتم للمعادن الثمينة بمدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
سبائك من الذهب الخالص في مصنع كراستسفيتم للمعادن الثمينة بمدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
TT

الذهب يرتفع مع توقعات بخفض الفائدة من جانب «الفيدرالي»

سبائك من الذهب الخالص في مصنع كراستسفيتم للمعادن الثمينة بمدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
سبائك من الذهب الخالص في مصنع كراستسفيتم للمعادن الثمينة بمدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الاثنين، مع توقع المستثمرين تخفيضاً محتملاً في أسعار الفائدة من قِبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، هذا الأسبوع، حيث تركزت الأنظار على إشارات البنك المركزي بشأن خفض أسعار الفائدة في العام المقبل.

وسجل الذهب الفوري زيادة طفيفة بنسبة 0.1 في المائة، ليصل إلى 2650.86 دولار للأوقية (الأونصة)، بحلول الساعة 05:32 (بتوقيت غرينتش). وفي الوقت نفسه، انخفضت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.2 في المائة إلى 2669.00 دولار، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال ييب جون رونغ، استراتيجي السوق في «آي جي»: «جرى تسعير خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، هذا الأسبوع، بشكل كامل من قِبل الأسواق، لذا فإن التركيز سيظل منصبّاً على ما إذا كان هذا الخفض سيكون متشدداً، حيث قد يسعى صُناع السياسات في الولايات المتحدة إلى تمديد أسعار الفائدة المرتفعة حتى يناير (كانون الثاني) المقبل، في ظل استمرار التضخم فوق المستهدف، وبعض المرونة الاقتصادية، وعدم اليقين بشأن السياسات المستقبلية للرئيس ترمب».

ويعتقد المستثمرون أنه مِن شِبه المؤكد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة، في اجتماعه المزمع يوميْ 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ومع ذلك تشير الأسواق إلى أن احتمالية حدوث خفض آخر في يناير لا تتجاوز 18 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

وفي مذكرة لها، أفادت «سيتي غروب» بأن الطلب على الذهب والفضة من المتوقع أن يظل قوياً حتى يبدأ النمو الاقتصادي الأميركي والعالمي التباطؤ، مما سيدفع المستثمرين إلى شراء المعادن الثمينة من باب التحوط ضد تراجع أسواق الأسهم. وأشارت إلى أنه من المحتمل أن يصل الذهب والفضة إلى ذروتهما في الربع الأخير من عام 2025، أو الربع الأول من عام 2026.

وتميل المعادن الثمينة إلى الاستفادة في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، وأثناء فترات عدم اليقين الاقتصادي أو الجيوسياسي. وأضاف ييب: «على مدار الشهر الماضي، تراجعت أسعار الذهب عن مستوى 2720 دولاراً، في مناسبتين على الأقل، مما يجعل هذا المستوى نقطة مقاومة رئيسية يجب على المشترين تجاوزها لتمهيد الطريق لمزيد من الارتفاع في المستقبل».

وفي أسواق المعادن الأخرى، انخفضت الفضة الفورية بنسبة 0.2 في المائة إلى 30.50 دولار للأوقية، بينما تراجع البلاتين بنسبة 0.6 في المائة إلى 918.90 دولار، في حين استقر البلاديوم عند 953.10 دولار.