«المغناطيس الكوني» يكسر احتكار الصين عناصر الإنتاج التقليدية

يُنتَج بمحاكاة طريقة تشكله في النيازك

التوصل إلى طريقة إنتاج المغناطيس الذي يتشكل في النيازك (Public Domain)
التوصل إلى طريقة إنتاج المغناطيس الذي يتشكل في النيازك (Public Domain)
TT

«المغناطيس الكوني» يكسر احتكار الصين عناصر الإنتاج التقليدية

التوصل إلى طريقة إنتاج المغناطيس الذي يتشكل في النيازك (Public Domain)
التوصل إلى طريقة إنتاج المغناطيس الذي يتشكل في النيازك (Public Domain)

اكتشف الباحثون طريقة جديدة محتملة لصنع المغناطيسات عالية الأداء المستخدمة في توربينات الرياح والسيارات الكهربائية، من دون الحاجة إلى عناصر أرضية نادرة، والتي يتم الحصول عليها بشكل حصري تقريباً من الصين.
ووجد فريق من جامعة كمبردج البريطانية، يعمل مع زملاء من النمسا، طريقة جديدة لإيجاد بديل محتمل لمغناطيسات الأرض النادرة، عن طريق تصنيع «تتراتينيت»، وهو «مغناطيس كوني» يستغرق ملايين السنين لينمو بشكل طبيعي في النيازك.
واعتمدت المحاولات السابقة لصنع «تتراتينيت» في المختبر على طرق غير عملية، وهي المشكلة التي نجح في حلها الفريق البحثي، وتم الإعلان عن هذا الإنجاز أمس (الاثنين) في دورية «أدفانسيد ساينس»، وتم تقديم طلب براءة اختراع على التكنولوجيا.
والمغناطيسات عالية الأداء، هي تقنية حيوية لبناء اقتصاد خالٍ من الكربون، وتحتوي أفضل المغناطيسات الدائمة المتوفرة حالياً على عناصر أرضية نادرة، وهذه العناصر النادرة موجودة بكثرة في القشرة الأرضية، ومع ذلك، تحتكر الصين تقريباً الإنتاج العالمي، ففي عام 2017 تم الحصول على 81 في المائة من العناصر الأرضية النادرة في جميع أنحاء العالم من الصين، وتقوم دول أخرى مثل أستراليا بتعدين هذه العناصر أيضاً، ولكن مع زيادة التوترات الجيوسياسية مع الصين، هناك مخاوف من احتمال تعرض إمدادات هذه العناصر النادرة للخطر.
وقال ليندسي جرير، من قسم علوم المواد والتعدين في كمبردج، الذي قاد مجموعة أبحاث في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة «بين التأثيرات البيئية والاعتماد الكبير على الصين، كان هناك بحث عاجل عن مواد بديلة لا تتطلب معادن أرضية نادرة».
وتعدّ التيتراتينيت، وهي سبيكة من الحديد والنيكل ذات بنية ذرية مرتبة، واحدة من أكثر تلك البدائل الواعدة، وتتشكل التيتراتينيت على مدى ملايين السنين عندما يبرد النيزك ببطء؛ مما يمنح ذرات الحديد والنيكل وقتاً كافياً لترتيب نفسها في تسلسل معين داخل الهيكل البلوري؛ مما يؤدي في النهاية إلى مادة ذات خصائص مغناطيسية تقترب من خصائص مغناطيس الأرض النادرة.
وفي الستينيات، كان العلماء قادرين على تكوين «التيتراتينيت» بشكل مصطنع عن طريق قصف سبائك الحديد والنيكل بالنيوترونات؛ مما مكّن الذرات من تكوين التكديس المطلوب، لكن هذه التقنية ليست مناسبة للإنتاج بالجملة.
ووفق جرير «منذ ذلك الحين، كان العلماء مفتونين بالحصول على هذا الهيكل المنظم، لكنهم شعروا دائماً بأنه شيء بعيد جداً، وعلى الرغم من المحاولات العديدة على مر السنين، لم يكن من الممكن حتى الآن، صنع التيتراتينيت بطريقة تقترب من النطاق الصناعي».
الآن، وجد جرير وزملاؤه بديلاً محتملاً لا يتطلب ملايين السنين من التبريد أو الإشعاع النيوتروني، حيث وجدوا أن إضافة الفوسفور يسمح لذرات الحديد والنيكل بالتحرك بشكل أسرع، مما يمكنهم من تكوين التكديس المطلوب دون انتظار ملايين السنين، ومن خلال مزج الحديد والنيكل والفوسفور بالكميات الصحيحة، تمكنوا من تسريع تكوين «التيتراتينيت» خلال بضع ثوانٍ في عملية صب بسيطة.
وقال جرير، إن «المذهل للغاية، هو أنه لم تكن هناك حاجة إلى معالجة خاصة، فقد صهرنا السبيكة، وصبناها في قالب، وكان لدينا التيتراتينيت الذي تشكل بعد ملايين السنين».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».