أحاديث واسعة عن بازار لبيع المناصب بموازاة السعي لتشكيل الحكومة العراقية

لحظة تكليف الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة (إ.ب.أ)
لحظة تكليف الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة (إ.ب.أ)
TT

أحاديث واسعة عن بازار لبيع المناصب بموازاة السعي لتشكيل الحكومة العراقية

لحظة تكليف الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة (إ.ب.أ)
لحظة تكليف الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة (إ.ب.أ)

يجري الحديث عن بيع وشراء المناصب الوزارية والحكومية في العراق على كل لسان هذه الأيام تقريباً، وبالتزامن مع الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني لتشكيل حكومة قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية. وبرغم عدم استناد هذا النوع من الأحاديث إلى أدلة ثبوتية قاطعة، فإنه ارتبط تقريباً بمعظم الحكومات التي تشكلت في الدورات البرلمانية الثلاث الأخيرة (2014 - 2022)، وتغذيه عوامل عديدة أهمها، فقدان الثقة الشعبية العميقة بالأحزاب والكتل السياسية التي كرست حالة الفساد المستشري في البلاد، إلى جانب معرفة الناس القريبة من اليقين، بعمليات بيع وشراء واسعة حدثت وتحدث منذ سنوات، في معظم مؤسسات الدولة وخصوصاً العسكرية منها.
ويغذي أيضاً نظرية بيع المناصب وتصديق الناس لها، ما يرد على لسان ساسة ونواب سابقين وحاليين من تصريحات وأحاديث علنية حول ذلك، فالنائب السابق في تحالف «الفتح» الحشدي، عبد الأمير التعيبان يتحدث علناً في سلسلة تغريدات «عن بازار البيع والشراء» ويقول حرفياً إن «ما يحصل اليوم من توزيع للوزارات وإيكالها إلى شخصيات حسب الانتماءات والقرب من زعيم الحزب، وعلى من يدفع أكثر من ملايين (الدولارات)، لا على أساس الكفاءة، يؤكد الانحراف عن مطالب الشعب بعد احتجاجات (تشرين) والتي على أساسها تمت إقالة الحكومة وحل البرلمان وانتخابات مبكرة».
ويتساءل التعيبان: «كيف ينجح ‎رئيس وزراء محكوم بإرادات زعماء أحزاب عجائز، طبائعهم أفظع من طبائع كهنة معبد آمون، أدواته وزراء إما أنهم اشتروا الوزارة بمال الشعب، وإما يعملون بإرادة اللجان الاقتصادية المهيمنة على الوزارة، طولاً وعرضاً».
وفيما يتحدث السياسي المستقل محمود الحياني، عن بلوغ سعر الوزارة السيادية (دفاع، مالية، خارجية) 75 مليون دولار، يتحدث آخرون عن وصول سقف الأسعار إلى 200 مليون دولار للوزارة الواحدة. وقال الحياني في تصريحات صحافية: «هنالك خلافات على الوزارات في كابينة المكلف بتشكيل الحكومة محمد شياع السوداني، وسعر الوزارات السيادية وصل إلى 75 مليون دولار، بينما سعر الوزارات الخدمية أقل من ذلك».
بدوره، ينفي النائب عن «الإطار التنسيقي» علي الفتلاوي، قضية بيع المناصب الوزارية ويقول في تصريحات صحافية: إن «كل الأنباء والمعلومات التي تتحدث عن وجود عمليات بيع للحقائب الوزارية في حكومة محمد شياع السوداني، غير صحيحة، وهي مجرد شائعات تهدف إلى التسقيط والتشويش على الرأي العام».
وأشار إلى أن «رئيس الوزراء المكلف يختار أعضاء كابينته الوزارية وفق معايير محددة هو من وضعها، وهو يرفض فرض أي اسم عليه من الكتل والأحزاب السياسية».
من جانبه، يرى رئيس «مركز التفكير السياسي» الأكاديمي إحسان الشمري، «أن من الصعب جداً، الجزم بمسألة بيع وشراء المناصب الوزارية»، برغم اعترافه بوجود «شبكات المال السياسي التي تهيمن على الفضاء السياسي في البلاد».
ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط»: «نعم يوجد مال سياسي مؤثر، لكني أشعر بأن قضية الشراء والبيع صارت نوعاً من الدعايات المضادة، لا يمكن نكران ما يجري من تأثيرات المال والنفوذ، لكنها باتت جزءاً من التنافس، وخسارة المساحة في السلطة التنفيذية تدفع بعض الأطراف إلى هذا النوع من الأحاديث».
ويضيف: «قد تكون موجودة (عمليات البيع والشراء) لكني لا أتصورها بالمستوى الذي يضع جميع الوزارات في بورصة البيع والشراء، لا يوجد شيء ملموس تماماً، المطلوب من رئيس الوزراء المكلف قطع الطريق أمام أي صفقة من هذا النوع».
ويتابع الشمري: «المال موجود وتجارة السياسة يعملون بجهد للاستحواذ على بعض المناصب ولا يشمل الأمر ربما جميع الوزارات».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«لا يسعني الكلام»... معتقل سابق يستعيد معاناته في مطار المزة العسكري

رجلان سوريان يُظهران تخلي القوات السورية عن مركباتها العسكرية قرب مطار المزة العسكري خارج دمشق (أ.ف.ب)
رجلان سوريان يُظهران تخلي القوات السورية عن مركباتها العسكرية قرب مطار المزة العسكري خارج دمشق (أ.ف.ب)
TT

«لا يسعني الكلام»... معتقل سابق يستعيد معاناته في مطار المزة العسكري

رجلان سوريان يُظهران تخلي القوات السورية عن مركباتها العسكرية قرب مطار المزة العسكري خارج دمشق (أ.ف.ب)
رجلان سوريان يُظهران تخلي القوات السورية عن مركباتها العسكرية قرب مطار المزة العسكري خارج دمشق (أ.ف.ب)

أدى انسحاب قوات بشار الأسد من مطار المزة العسكري عند مشارف العاصمة دمشق إلى سلسلة من الغارات الإسرائيلية بهدف الحؤول دون سقوط ترسانة الأسلحة في أيدي الفصائل المعارضة.

وسمح ذلك أيضاً لمعتقل سوري سابق باستعادة ذكرى المعاناة التي تكبّدها على يد قوات الرئيس المخلوع.

وسقط الحكم السابق بفرار بشار الأسد الأحد. والأربعاء، راح أفراد شباب من الفصائل المسلحة يجولون في أرجاء المزة مطلقين النار في الجو من حين إلى آخر من مضادات طيران سوفياتية الصنع قديمة.

وينتشر حطام طائرات مقاتلة ومروحيات على مدرج المطار العسكري وقد دمرت بعضها غارة إسرائيلية إلا أن المكاتب وورشات التدريب خربها خصوم الأسد المحليون.

مروحية تابعة للقوات السورية محترقة بعد قصف الجيش الإسرائيلي مستودعات أسلحة بالقرب من معسكر المزة (أ.ف.ب)

وأخرجت كومة من المخدرات يبدو أنها أقراص كبتاغون من مبنى تابع للقوات الجوية وأتلفت حرقاً. وكانت النيران لا تزال مشتعلة عند وصول فريق وكالة وكالة الصحافة الفرنسية إلى المكان.

لم تكن المزة قاعدة عسكرية للمقاتلات والمروحيات الهجومية فحسب بل هي أيضاً سجن يديره فرع الاستخبارات في القوات الجوية.

الأربعاء، راح رياض حلاق البالغ 40 عاماً والأب لثلاثة أبناء، يفتش بين أنقاض قاعة مؤتمرات ضمت في فترة من الفترات 225 معتقلاً.

أوثق وضرب

في بدايات الحرب الأهلية السورية التي امتدت 13 عاماً، اعتقل حلاق في 2012 خلال مشاركته في تشييع محتجين قتلوا برصاص القوى الأمنية.

وقد أُوثق حلاق وضُرب واحتُجز لمدة شهر في غرفة تدريب للطيارين قبل أن ينقل إلى منشأة أخرى اعتُقل فيها لشهرين و13 يوماً إضافياً.

عندما سمع المقاتلون الملتحون عند المدخل قصته، سمحوا له بالعودة إلى مسرح معاناته ليحصل على أدلة يأمل في أن تساعد عائلات أخرى في إيجاد أحباء مفقودين.

هنا، صورة الأسد ملقاة على الأرض إلى جانب شعار فرع الاستخبارات في القوات الجوية، ولفة أسلاك شائكة بين منضدات كان يجلس عليها التلاميذ الطيارون لتلقي تدريبهم.

يروي حلاق كيف أنه لم يكن يُسمح له بالخروج من القاعة خلال شهر كامل إلا مرتين في اليوم لاستخدام المرحاض في مجموعة من ثلاثة معتقلين كانوا ينامون متلاصقين على الأرض الخرسانية الباردة.

في أحد الأيام، سُمع دوي انفجار في الخارج، ففرح مع المعتقلين الآخرين أملاً في أن تكون الفصائل المسلحة تقتحم المطار إلا أن ضابطاً رفيع المستوى سخر منهم وكذلك فعل جنود استرسلوا بالضحك.

وقال حلاق لوكالة الصحافة الفرنسية في المكان: «لو كان أحد منا يشتكي من الظروف يقول الضابط لنا إننا نتلقى معاملة 5 نجوم، مهدداً بنقلنا إلى مكان آخر».

أنجب حلاق مع زوجته ثلاثة أطفال وبات بإمكان العائلة الآن أن تأمل في العيش بحرية أكبر في سوريا التي تخلصت من حكم عائلة الأسد الذي استمر لنصف قرن.

وفيما كان يفتش عن ملفات آملاً في أن تساعده في إلقاء الضوء على معاناته ومصير أصدقاء مفقودين، واجه صعوبة على غرار كثيرين في سوريا في التعبير عن مشاعره.

ويقول: «من الصعب التفسير. لا أجد كلمات لأوصف ذلك. لا يسعني الكلام».

الجيش الإسرائيلي قصف مستودعات أسلحة بالقرب من معسكر المزة (أ.ف.ب)

الكبتاغون

أعرب مراقبون دوليون عن مخاوف من السماح بسيطرة «هيئة تحرير الشام» على قواعد عسكرية، ما يعني حصولها على أسلحة كيماوية.

وتذرعت إسرائيل بهذا الخوف لتبرير غارات جوية كثيفة طالت إحداها مطار المزة العسكري.

إلا أن أخطر المواد التي شاهدها فريق وكالة الصحافة الفرنسية هي كميات من الكبتاغون.

وكان معروفاً أن إنتاج هذه المخدرات يتم بكميات هائلة في عهد بشار الأسد لتمويل مجهود الحرب.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين سوريين يشتبه في ضلوعهم في هذه التجارة، وضبط جيران سوريا ملايين أقراص الكبتاغون في معركة خاسرة للجم انتشارها.