اللبنانيون يلجأون للقوة لاستعادة أموالهم المحتجزة في المصارف

عمليات الاقتحام تفشت مع تردي الأوضاع المعيشية

مودعون امام احد القاء في بيروت (إ.ب.أ)
مودعون امام احد القاء في بيروت (إ.ب.أ)
TT

اللبنانيون يلجأون للقوة لاستعادة أموالهم المحتجزة في المصارف

مودعون امام احد القاء في بيروت (إ.ب.أ)
مودعون امام احد القاء في بيروت (إ.ب.أ)

تحولت ظاهرة اقتحام المصارف في لبنان إلى الخيار الأخير بالنسبة إلى المودعين المحجوزة أموالهم في المصارف. في وقت تزداد الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية سوءاً، وكان آخرها أمس، حيث سجلت عملية اقتحام جديدة في مصرف في مدينة صيدا، جنوب لبنان، من قبل أحد المودعين الذي طالب بالحصول على أمواله لإجراء عملية جراحية لطفله.
ودخل المودع وفيق كالو «بنك لبنان والمهجر»، فرع صيدا، وأغلق الباب ومنع الدخول والخروج من المصرف مهدداً بإضرام النار بنفسه، إذا لم يحصل على مبلغ 5 آلاف دولار، وهو جزء من وديعته، لتغطية كلفة عملية عاجلة لابنه الرضيع الذي لم يتعد شهره الثاني، والذي يعاني من ثقب في القلب. وعلى الأثر، حضرت القوى الأمنية إلى المكان وبدأت المفاوضات بينه وبين إدارة المصرف إلى أن انتهت بحصوله على مبلغ 280 مليون ليرة لبنانية.
ويجمع كل من الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان والمحامي في رابطة المودعين فؤاد الدبس، على أن ما يحصل في لبنان هو نتيجة طبيعية للإجراءات المجحفة بحق المودعين واحتجاز أموالهم ومدخراتهم، متوقعين في الوقت عينه أن تتزايد وتيرتها في المرحلة المقبلة.
ويقول أبو سليمان لـ«الشرق الأوسط»: «بالطبع عندما لا يستطيع أي شخص الحصول على حقه سيلجأ إلى القوة أو الاعتماد على نفسه، وما يحصل اليوم في لبنان يشجع المودعين على القيام بالخطوة نفسها»، ويضيف: «للأسف الدولة في لبنان أصبحت ترعى شريعة الغاب، بحيث إنه في حالات كهذه يفترض الاحتكام إلى القانون ليرعى العلاقة بين المصارف والمودعين لكن الدولة أخفقت بسن قانون ضبط حركة رؤوس الأموال وتنظيم السحوبات، وهذا يحول دون قدرة القضاء على اتخاذ القرارات للفصل في أي نزاع من هذا الأمر لعدم وجود قانون يعتمد عليه».
بدوره، يقول الدبس لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تستولي المصارف على حقوق الناس من الطبيعي أن يلجأوا إلى هذا الخيار لاستعادة أموالهم، لا سيما أن أصحاب المصارف والمسؤولين هم بدورهم يسيطرون على القضاء وعلى القوى الأمنية غير القادرين على اتخاذ قرارات تعيد للناس حقوقها وتنصفهم». وأكد أن الحل يكون بإقرار خطة تعافٍ شاملة وعادلة تتضمن إعادة هيكلية المصارف ومحاسبة المسؤولين».
وكانت ظاهرة الاقتحامات قد بدأت في لبنان منذ بداية العام الحالي الماضي، ووصلت حتى اليوم إلى حوالي 16 عملية، معظمها لأسباب صحية أو تعليمية، لكن لم ينجح جميعهم بالحصول على أموالهم.
وأول عملية سجلت في شهر يناير (كانون الثاني) حيث عمد أحد المودعين إلى اقتحام مصرف في منطقة جب جنين في البقاع الغربي، مطالباً بالحصول على 50 ألف دولار أميركي وهو ما حققه، بحيث أعطى المبلغ لزوجته وسلم نفسه للقوى الأمنية.
ومنذ ذلك الحين، لم تسجل أي حادثة مماثلة على امتداد حوالي 8 أشهر قبل أن تنشط عمليات الاقتحام وتزداد وتيرتها في النصف الثاني من العام الحالي، في موازاة الارتفاع غير المسبوق لسعر صرف الدولار. وكان استئنافها في شهر أغسطس (آب)، مع المودع بسام شيخ حسين الذي احتجز 8 رهائن في المصرف، مهدداً باستخدام السلاح ما لم يحصل على وديعته التي تفوق قيمتها الـ200 ألف دولار، وذلك من أجل علاج والده، ولم تنته العملية إلا بعد الاتفاق معه على إعطائه 30 ألف دولار ومن ثم تسليم نفسه.
وفي شهر سبتمبر (أيلول)، كانت الذروة مع تسجيل أكثر من سبع عمليات اقتحام في يومين متتاليين، توزعت بين مناطق لبنانية عدة، وكان أبرزها عملية الاقتحام التي نفذتها سالي الحافظ التي قيل إنها استخدمت سلاحاً بلاستيكياً مطالبة بالحصول على وديعة شقيقتها التي تعاني من مرض السرطان وتحتاج لإجراء عملية جراحية، وتمكنت من الحصول على حوالي 15 ألف دولار أميركي.
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أقدمت النائبة في «تكتل نواب التغيير» سينتيا زرازير على المطالبة بالقوة بأموالها، بعد دخولها سلمياً إلى أحد المصارف برفقة محامين مطالبة بتحويل 8000 دولار من وديعتها إلى المستشفى من أجل الخضوع لعملية جراحية، ولم تخرج قبل أن تحصل على مطلبها.
مع العلم أن المصارف كانت قد اتخذت قراراً بالإقفال مرات عدة، رفضاً لعمليات الاقتحام، وفي المرة الأخيرة، مع نهاية شهر سبتمبر (أيلول)، أعلنت إعادة فتح أبوابها بعد إقفال أسبوع كامل ولكن وفق مواعيد وشروط محددة.
وأعلنت جمعية المصارف في بيانها «إعادة فتح أبوابها عبر قنوات يحددها كل مصرف لعمليات المؤسسات التجارية والتعليمية والاستشفائية وسواها وعبر الصرافات الآلية للجميع»، معلنة أن القرار «يسمح بإجراء الإيداعات والسحوبات، كما يسمح بتأمين رواتب القطاع العام إثر تحويلها إلى المصارف من مصرف لبنان ورواتب القطاع الخاص الموطنة لديها».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».