شاشات : قوة بصرية

مشهد من مسلسل «تورا بورا» للمخرج الكويتي وليد العوضي
مشهد من مسلسل «تورا بورا» للمخرج الكويتي وليد العوضي
TT

شاشات : قوة بصرية

مشهد من مسلسل «تورا بورا» للمخرج الكويتي وليد العوضي
مشهد من مسلسل «تورا بورا» للمخرج الكويتي وليد العوضي

قبل أربع سنوات أو نحوها، أنجز المخرج الكويتي وليد العوضي مشروعًا سينمائيًا طموحًا بعنوان «تورا بورا». قدّمه في عرض خاص في مهرجان «كان» وشارك به رسميًا في مهرجانات أخرى. كتبت عنه الصحف وتناوله النقاد متفقين على أنه مشروع مختلف هو الأول من نوعه وبموضوعه: حكاية زوجين متقدّمين في السن (سعد الفرج وأسمهان توفيق) يتعقّـبان ابنهما الأكبر طارق الذي ترك الكويت لينضم إلى «مجاهدي طالبان».
اعتقدا أن الرحلة صعبة، لكنهما لم يدركا أنها أصعب مما تخيلاه خصوصًا في مثل سنيهما المتقدم. وجدا نفسيهما ينتقلان من موقع إلى آخر ويمران بسلسلة أحداث خطرة قبل أن تقع الأم منهكة وتموت.
صوّر المخرج الكثير من المواد التي لم يستخدمها في الفيلم إذ كان هدفه منذ البداية صنع عمل تلفزيوني مواز لفيلمه ذاك. هذا العمل بات معروضًا على الشاشة الكويتية وعلى عدد من المحطات الأخرى. وهو مقتبس عن واقعة حقيقية كان لا بد من تزويدها بالأحداث الخيالية لكي تؤسس لدراما تصلح للشاشتين الصغيرة والكبيرة.
في الواقع، حسنًا ما فعل العوضي: في وقت ما زالت السينما العربية تفكر بالأطر التقليدية وحدها، باستثناء ما يعمد إليه بعض السينمائيين اللبنانيين والمصريين في مجال الأفلام الروائية، ها هو مخرج يعرف قاموس حرفته جيّـدًا يفكر بالوصول إلى قلب الأحداث ونقل تجربة إنسانية وصياغتها كدراما وكمغامرة. الفيلم عبّـر عن ذلك والمسلسل يفعل الأمر ذاته الآن.
«تورا بورا»، كمسلسل، لا يزال حريًا بطرح الموضوع المنفرد بين كل ما على الشاشات الرمضانية حاليًا. وحسنًا يفعل المخرج العوضي بمدّه بالخلفيات والجوانب الدرامية المحلية أيضًا، متحدّثًا عن شخصيات أخرى تتدخل لبحث أمر هذا التطرّف وموقف المجتمع الكويتي، بشرائحه، منه. وكما فعل الفيلم، يقوم المسلسل بطرح هذه المسألة من خلال الوضع الماثل وكيف تنظر إليه الشخصيات المتعددة التي يتناولها المسلسل وهي شخصيات معظمها لم يكن موجودًا في ذلك الفيلم. ما يفعله هو وضع الفيلم في منتصف محيطه الاجتماعي الذي كان مفقودًا في العمل السينمائي لأن المسلسلات التلفزيونية تستطيع استيعاب توسيع أطر الطرح المختلفة.
لكن القوّة الحقيقية ما زالت في تلك المشاهد المصوّرة في باكستان آنذاك. ما يحدث مع الأب والأم ومع ولدهما طارق الذي انخرط في العمل «الجهادي» واكتشف ما كان يجهله. كذلك عن ولدهما الآخر الذي انطلق يبحث عن أبويه مدركًا خطورة ما أقدما عليه. توظيف الواقع والمكان والمعاناة الشخصية خلق للفيلم، ويخلق للمسلسل الآن، قوّة درامية وبصرية تفرض نفسها.
إذا ما كان كل ذلك وتفاصيله يحمل حسنات وإيجابيات لا يمكن إغفالها، فإن مستوى التفعيل أو التنفيذ هو الذي يعلو ويهبط حسب المعالجة المتاحة. هناك مشاهد منفّـذة جيّـدًا وأخرى تنفيذها لا يخلو من الركاكة. السيناريو كان بحاجة لفسحات تأمل. والحوار إلى مدلولات أعمق. لكن ما يحدث الآن على شاشة التلفزيون هو أن المسلسل يستفيد من قدرة الشاشة الصغيرة على استيعاب العمل من دون معايير الحكم السينمائي. ما أخفق الفيلم في تنفيذه، تقنيًا وفنيًا، على نحو جيد ومتلاحم يمر على الشاشة مقبولاً أكثر لاختلاف معايير الحكم ومعايير العرض أيضًا.
اتصالات ورسائل
بعض الاتصالات الهاتفية وبعض الرسائل الخطيّـة التي تسلمتها مباشرة بعد بدء هذه الزاوية النقدية، تتفق على المقالات «لا تقصـر» بحق المسلسلات هذه السنة. آخرها ورد من مدير تصوير عربي يعيش في ألمانيا الذي كشف عن أخطاء في التصوير والإضاءة لعدد من المسلسلات بينها «العراب» ثم امتد حديثه ليشمل أفلامًا سينمائية معيّـنة.
وفي اتصال من مخرج عربي في الإمارات العربية المتحدة فإن ما كتبته «نذر يسير مما يجب أن يُـكتب» مضيفًا: «أمضيت الأيام السبعة الأولى من رمضان وأنا أحاول أن أجد مسلسلا يشدّني لكي أعود إليه في اليوم التالي. في اليوم الثامن اكتفيت وعدت إلى الكتاب».
وفي رسالة بعثت بها سيدة من لبنان تسأل لماذا «لا تكتب عن المسلسلات التي تحكي عن الأزمة السورية»؟ رغم أنني فعلت ذلك أكثر من مرّة والنية متوفرة لمرات أخرى. وتوضح السيدة أن هناك أنواعًا من المسلسلات في هذا الشأن: «هناك مسلسلات لا ترتبط مع أي طرف في النزاع مثل (عناية مشددة)، وهناك مسلسلات تتحدث عن الظروف الصعبة التي يعاني منها النازحون إلى لبنان مثل (غدًا نلتقي) أو تلك الظروف الصعبة التي يعاني منها السوريون المهجّـرون من بيوتهم داخل سوريا مثل (بانتظار الياسمين)».
أفكار جيّـدة وإن كان بعضها وارد في البال. لكن ما العمل إذا ما كانت المسلسلات كثيرة ومشاهدتها جميعًا في كل حلقاتها أمر صعب إن لم يكن مستحيلاً. ما ينقلنا إليه هذا الحديث هو السؤال الملح حول ما إذا كان على المسلسل (أي مسلسل) تفضيل الرغبة في الترفيه أو الرغبة في رصد الواقع أو - على الأقل - تقديمه. معظم المسلسلات تحاول أن تجمع بين الاثنين، لكن في بال الكتاب وفيما بعد بال المنتجين والمخرجين، ذلك الرقيب الداخلي الذي يفكر في النتائج إذا ما طرح المواضيع كما يعرفها. كما ذكرت سابقًا، هناك هامش عريض من الآراء المتناقضة في كل شأن من شؤون حياتنا في كل بلد ومن ثم في عموم بلدان هذا الجزء من العالم. بعض المسلسلات، ومنها «غدا نلتقي»، يدرك أنه لا سبيل للتوفيق بين الآراء ويقدم على توفير الناصية الخطابية التي يريد. الرسالة التي يرغب في إيصالها رغم كل شيء. بعضها الآخر يحاول ترميم العمل بمنح كل طرف فرصة لقول أفضل ما لديه وترك الباقي للجمهور. وهذا موقف عدد لا يستهان به من المسلسلات التي تريد أن تقول شيئا حيال وضع ما سواء أكان حدثًا من الماضي أم واقعًا في الحاضر.



فعاليات ثقافية وتراثية تستقبل العيد في السعودية

تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
TT

فعاليات ثقافية وتراثية تستقبل العيد في السعودية

تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)

احتفالات تحيي الموروث وتسترجع التاريخ وتعزز من الثقافة المحلية تقيمها وزارة الثقافة في عدد من المدن السعودية بمناسبة عيد الفطر، لإبراز ثقافة المجتمع السعودي، والعادات الاحتفالية الأصيلة المرتبطة به، وتجسيدها في قوالب إبداعية تستهدف جميع شرائح المجتمع.
«حي العيد» أحد هذا الاحتفالات التي تقيمها «الثقافة» في الرياض بدعمٍ من برنامج جودة الحياة - أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030» - حيث تقام في 3 مواقع بالمدينة، هي: ساحة المصمك، وسوق الزل، وشارع السويلم، وهي مناطق اعتاد سكان الرياض على التردد عليها؛ كونها تمثل جزءاً مهماً من تاريخ مدينتهم.
وأعدت الوزارة المهرجان بأسلوبٍ مميز يأخذ الزائر في رحلة ثقافية إبداعية تعكس عادات المجتمع السعودي بهذه المناسبة، تبدأ بمنطقة «عيدنا في البيت الكبير» التي تقدم طابع البيوت السعودية المفعمة بالحب والمودة، وممرات العيد التي تشهد «مسيرة العيد» لتُدخِل البهجة على قلوب الزوار، وتنشر الفرحة بينهم بأجوائها العائلية.

يهتم أهالي الطائف بوردهم بشكل كبير ويقيمون له مهرجاناً كل عام للاحتفال به  (واس)

لتنتقل الرحلة بعدها إلى منطقة «عيدنا في جمعتنا»، وهي عبارة عن ساحة خارجية تحتوي على جلسات مميزة بطابع المهرجان متضمنة عدة أنشطة، وهي حوامة العيد التي تقام في شارع السويلم 3 مرات باليوم وتوزع خلالها الحلوى؛ لتُحاكي في مشهدٍ تمثيلي عادة الحوامة القديمة في نجد، بحيث كان الأطفال يحومون انطلاقاً من مسجد الحي، ومروراً بالبيوت، منشدين خلالها أهازيج مختلفة مرتبطة بهذه المناسبة السعيدة.
وفي شمال السعودية، تقيم الوزارة مهرجان «أرض الخزامى» في نسخته الأولى بالتزامن مع العيد ولمدة 15 يوماً في مدينتي سكاكا، ودومة الجندل في منطقة الجوف، لإبراز التاريخ العريق للمنطقة والاحتفاء بعادات وتقاليد سكانها.
وسيتم إحياء المناطق المفتوحة حول قلعة زعبل بمعارض فنية مفتوحة بمشاركة فنانين من المنطقة ومن مختلف مناطق المملكة، إلى جانب إحياء شوارع القلعة بالألعاب الشعبية التي تُقدَّم بمشاركة أطفال المنطقة، كما ستوضع منصات لكبار السن لرواية قصص عن قلعة زعبل على المستوى الاجتماعي والنهضة التي تمت خلال المائة عام السابقة، التي أثرت بشكل عام على المنطقة.
كما سيوفر المهرجان فرصة التخييم للزوار ضمن أنشطة ثقافية مختلفة تتضمن السرد القصصي، والفنون الأدائية، والطهي الحي، في الوقت الذي سيقدم فيه شارع الفنون الشعبية كرنفالاً من الخزامى، يحوي مناطق لصناعة الزيتون وصناعات السدو.
وتحتضن بحيرة دومة الجندل عدة فعاليات، تشمل مقهى حديقة اللافندر، ومنطقة نزهة الخزامى، وسوق الخزامى لبيع مختلف المنتجات المستخلصة من نبتة الخزامى، وكذلك منطقة مخصصة لورش العمل التي تتناول صناعة مختلف منتجات الخزامى، والتعريف بها، وكيفية زراعتها.
كما يستضيف المسرح في مناطق المهرجان عروضاً موسيقية وأدائية لاستعراض تراث الخزامى في منطقة الجوف، والمعزوفات المختلفة باستخدام الناي والطبول والدفوف، إضافة إلى العديد من الأمسيات الشعرية التي ستستضيف نخبة من الشعراء.
وتسعى وزارة الثقافة إلى جعل مهرجان «أرض الخزامى» واحداً من أهم 10 مهرجانات ثقافية، عبر تقديم فعاليات بقوالب مبتكرة ومستوى عالمي، مع تأصيل التراث المادي وغير المادي، بما يضمن تغطية جميع الجوانب الثقافية، والتراثية، والإبداعية للمنطقة، مع إشراك الأهالي من ممارسين، ومثقفين، ومهتمين، في أنشطة المهرجان الرامية إلى إبراز نبتة الخزامى بوصفها هوية حضارية تمتاز بها المنطقة.
وفي غرب السعودية، تبدأ الوزارة بمهرجان «طائف الورد» الذي يهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية للمدينة وإبراز مكتسباتها الطبيعية والتاريخية ونشر ثقافة أهاليها وتسليط الضوء على الورد الطائفي وأهميته.
ويصاحب المهرجان مسيرة استعراضية للورد، تضم مؤدِّين، ومركبات مزينة بالورود، ومجسمات ضخمة تعكس هوية المهرجان بالورود تجوب شوارع مدينة الطائف، وصولاً إلى متنزه الردف حيث تقام هناك فعاليات «جبل الورد»، ومعرض «ترانيم الورد»، و«سوق الورد».
وسيكون رواد الأعمال، والشركات المحلية والعالمية، والمنتجون المحليون والمزارعون، على موعد مع ملتقى «مهرجان طائف الورد» الذي يمثل منصة تجمع المزارعين مع رواد العلامات التجارية العالمية، مما يوجِد فرصاً استثمارية، واتفاقيات تعاون كُبرى مع العلامات التجارية العالمية؛ ليكون ورد الطائف ضمن أعمالهم المعتمدة.
وتأتي في مقدمة أنشطة متنزه الردف فعالية جبل الورد التي تعكس قصة ساحرة عبر عرض ضوئي على الجبل وممر الانطباعية الذي يعيد إحياء أعمال فنية بمشاركة فنانين محليين، كما يضم متنزه الردف، سوق الورد المتضمنة مجموعة من الأكشاك المصممة بطريقة عصرية تتلاءم مع طبيعة المهرجان؛ دعماً للعلامات التجارية المحلية والأسر المنتجة التي تحوي منتجاتهم مواد مصنوعة من الورد الطائفي، فيما يستضيف المسرح مجموعة من الفنانين، محليين وعالميين، وتقام عليه عدة عروض فنية وموسيقية ومسرحية تستهدف الأطفال والعائلات وأيضاً الشباب.
وعلى جانب آخر من متنزه الردف، تقام فعالية «الطعام والورد»، بمشاركة نخبة من الطهاة المحليين في أنشطة متخصصة للطهي، بهدف تعزيز المنتجات المستخلصة من الورد الطائفي في الطبخ وتعريفها للعالم، كما خصص مهرجان «ورد الطائف» منطقة للأطفال في متنزه الردف، صُمّمت بناءً على مبادئ التعليم بالترفيه، حيث يشارك المعهد الملكي للفنون التقليدية بمتنزه الردف بورشتي عمل، من خلال حفر نقوش الورد على الجبس، وتشكيل الورد بالخوص في الوقت الذي يقدم «شارع النور» رحلة ثقافية وعروضاً فنية حية تقام على امتداد الشارع بمشاركة فنانين محليين.
وتسعى وزارة الثقافة من خلال تنظيم مهرجان «طائف الورد» إلى إبراز مقومات الطائف الثقافية، والترويج لمنتجاتها الزراعية، وأبرزها الورد الطائفي، والاحتفاء بتاريخها وتراثها بشكلٍ عام، مما يعزز من قيمتها بوصفها وجهة ثقافية جاذبة.