تاريخ موجز للضوء في معرض «من الشعاع إلى الشغف»

القيّم الفني نيفيل ويكفيلد لـ«الشرق الأوسط»: لفتني الكم الهائل من المواهب بالسعودية

الفنانة السعودية زهرة الغامدي من المشاركين في «من الشعاع إلى الشغف» ضمن فعالية «نور الرياض» (غيتي)
الفنانة السعودية زهرة الغامدي من المشاركين في «من الشعاع إلى الشغف» ضمن فعالية «نور الرياض» (غيتي)
TT

تاريخ موجز للضوء في معرض «من الشعاع إلى الشغف»

الفنانة السعودية زهرة الغامدي من المشاركين في «من الشعاع إلى الشغف» ضمن فعالية «نور الرياض» (غيتي)
الفنانة السعودية زهرة الغامدي من المشاركين في «من الشعاع إلى الشغف» ضمن فعالية «نور الرياض» (غيتي)

بعد إشرافه الفني على النسخة الثانية من «ديزرت إكس» في العلا، حيث تناثرت الأعمال الفنية على مساحات شاسعة من الصحراء محاطة بالجبال والصخور، يعود القيم العالمي نيفيل ويكفيلد للمشهد الفني السعودي، لكن هذه المرة من خلال فعالية «نور الرياض». يشرف ويكفيلد، إلى جانب القيمة السعودية غيداء المقرن، على معرض «من الشعاع إلى الشغف»، الذي سيصاحب الفعالية ويقام في منطقة جاكس بالدرعية، لمدة 3 أشهر، خلال الفترة من 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 إلى 4 فبراير (شباط) 2023.
أتحدث مع نيفيل ويكفيلد على هامش الإعلان عن إطلاق «نور الرياض»، وأحمل معي أسئلة حول المعرض والفنانين والموضوع الرئيسي. ولكن بما أن نيفيل ويكفيلد ارتبط بمعارض مفتوحة اتخذت من الطبيعة مسرحاً ورفيقاً كان من الطبيعي أن أسأله عن شعوره، وهو ينتقل من المساحات الشاسعة المفتوحة لينظم معرضاً محدوداً بجدران. يقول إن المعرض يمثل عودة لبداياته «كنت أعمل في مساحات محدودة، وبعد ذلك تبعت خطى الفن المسمى بـ(فن الأرض)، تركت صالات الغاليري خلفي واتجهت للمساحات غير المحدودة. الآن أجدني أعود لما يشبه الصندوق الأبيض متمثلاً في صالة العرض، أعتقد أن ذلك مثير للاهتمام والتفكير، وأعتبره تحدياً». ولكن على الناحية الأخرى يرى المعرض على أنه استمرار لـ«ديزرت إكس» فهو على حد تعبيره: «من ناحية هو مزيج من الفنانين من السعودية وخارجها، هو أيضاً حوار فني».
كيف يرى المعرض داخل الإطار العام لفعالية «نور الرياض»؟ وما الذي يختلف في المعرض عما سيقدمه فنانو العالم في المعرض المفتوح؟ يقول: «ما سيقدمه المعرض وما سيركز عليه هو السردية حول الضوء والطريقة التي يستخدم بها». يتتبع المعرض الدور الذي يلعبه الضوء في تشكيل علاقتنا بعالم أصبح فيه الضوء، حد ذاته، إشارة التغيير، ويستكشف موضوعات مثل «تقنيات الضوء»، «معمارية الضوء» و«وعي الضوء». من أمثلة الفنانين المشاركين في المعرض هناك دوغ آيتكن وزهرة الغامدي ورفيق أنادول ولاري بيل وجيم كامبل وجون إدمارك وولاء فضل ولينا قزاز وفيليب ك. سميث الثالث وهارون ميرزا.

عمل من النسخة الأولى لـ«نور الرياض» (واس)

- أقسام المعرض
يحدثنا ويكفيلد عن الإطار العام للمعرض وأقسامه: «ينقسم لثلاثة أجزاء، ويعني بتتبع علاقتنا مع الضوء بدءاً اكتشاف من النار وصولاً إلى العصر الحديث. نتحدث عن فكرة الضوء نفسها». القسم الأول كما يشرح لنا يدور حول محاولات الإنسان لتوظيف الضوء بطرق مختلفة: «ننطلق من البدايات من فكرة أن الضوء يقبع في باطن الأرض، ويخرج منها عبر النار، وهنا يقدم العرض عمل الفنان معاذ العوفي، وهو عن الحمم البركانية، وهي أمر قريب من بيئة الفنان الذي ينحدر من المدينة المنورة وهي ذات طبيعة بركانية». القسم الأول يمكن اعتباره مسلسلاً زمنياً، ويأخذ الزائر عبر أشكال متنوعة للضوء، من النار إلى الذكاء الصناعي، وطرق استخراج الطاقة الشمسية وصولاً للهولوغرام، يقول إن سردية المعرض تمثل «تاريخاً موجزاً للضوء».
تلفتني الإشارة للذكاء الصناعي والهولوغرام، وأسأله إن كان هناك جانب علمي للمعرض، يجيب: «ليس بهذا المعنى، ولكنها حيلة لنعرض هذا التسلسل في القسم الأول، أتمنى أن يقدم الناس لفكرة الضوء وعلاقته بالتكنولوجيا».
القسم الثاني يتناول ما سماه «عمارة الضوء»، واستكشاف كيف تتوازى حركة «الضوء والفضاء» التي نشأت في كاليفورنيا في أواخر الستينات مع ما يحدث في «نور الرياض». «هناك توازيات مثيرة هنا، هناك كانت الحركة تدور حول تعامل الفنانين مع التقنيات الحديثة وقتها، خصوصاً التقنيات المرتبطة باستكشاف الفضاء، ولكن تلك الفترة كانت أيضاً فترة تغيير اجتماعي. أرى تلك التوازيات والتماثلات بين تلك الفترة في كاليفورنيا وما أراه يحدث هنا في السعودية والمنطقة. مجموعة من الفنانين ينظرون للتقنيات الرقمية، ويبحثون عن سبل للتواصل مع العالم عبرها، في الوقت وقته هي أيضاً مرحلة تحول اجتماعي، وبهذا المفهوم نرى التوازي بين التجارب الفنية والاجتماعية».
القسم الثالث يتعلق بالروح حرفياً ومجازياً، كيف؟ «المعرفة بهويتنا، وبمكاننا في هذا الكون، وكيف نتواصل مع العالم الأوسع وإلى المجرة، باختصار موقعنا في العالم على المستوى الروحاني، القسم يستكشف العلاقة بين الأفكار والروح». هل يعني اللاوعي؟ يقول: «أتحدث عن الوعي والضياء، فكرة وجودنا ككائنات لها جسد، وإن كان لا يمكن تحديد وجودنا فقط بالحدود الجسدية».

القيم الفني نيفيل ويكفيلد (غيتي)

- حوار الفنانين
الحوار يقبع في قلب العرض، ما بين الوسائل وبعضها وما بين الأعمال وأيضاً بين الفنانين على مستوى العمر والخبرة والخلفية، «أعتقد أنها فرصة، هنا لدينا فنانون في بداياتهم نضعهم في محاورة مع سرديات نشأت في أماكن بعيدة عنهم ورسخت مكانها في عالم الفن الغربي. هناك فورة في المواهب في السعودية والشرق الأوسط بشكل عام، ومن المثير أنها أعطيت الصوت بل أيضاً أنها تتحدى المفهومات الغربية المسيطرة».
تأخذني الجملة الأخيرة لسؤال القادم، عن انطباعاته عن المشهد الفني في السعودية، فهو تعرف عليه على مدى السنوات الأخيرة، يقول: «من الصعب القول، لم أقض وقتاً طويلاً هنا، أتحدث في العموميات، ولكن ما لفتني هو الكم الهائل من المواهب الفنية، وداخل هذا الكم هناك فنانون متميزون للغاية، ولكنهم لم يكتشفوا بعد، ولهذا أرى أن فعاليات مثل (نور الرياض) و(ديزرت إكس) تعكس هذه اللحظة، وأتمنى وجود منصة للأصوات الجديدة التي لم تعلن عن نفسها بشكل كافٍ».

من النسخة الأولى لـ«نور الرياض» عمل للفنانة السعودية لولوة الحمود (الشرق الأوسط)

- الأعمال
ما هي طبيعة الأعمال في المعرض؟ يقول إنها تجمع بين مختلف الوسائل «هناك أعمال معتمدة على النحت وهناك أعمال تركيب وأعمال غامرة، الحقيقة وسائل متنوعة. الوسيلة الأهم والأساسية هي النور، وكيف استخدم جمالياً من النار إلى المعلومات الرقمية إلى الضوء عبر الذكاء الصناعي. هناك أعمال غامرة بالكامل. العامل الآخر في الأعمال هو أن الضوء أصبح مصدراً للمعرفة، أصبحنا نقرأ الكتب باستخدام الضوء».
فكرة الضياء أو النور لصيقة بالتكنولوجيا الحديثة، فهل سنرى أعمالاً معتمدة على هذا المفهوم؟ «نعم بالتأكيد، تقنية الضوء مهمة في حد ذاتها لنستطيع فهم العالم حولنا».
أنهي حواري مع نيفيل ويكفيلد بسؤاله «هل مثل أي عمل في المعرض اكتشافاً ومفاجأةً لك؟».
يقول، «أنا دائماً أشعر بالدهشة، أعتقد أن هذا أمر مهم لأي منسق فني، أن يحاول فهم ما لا يعرف».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
TT

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز «سوبر دوم جدة»، بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزعة على نحو 450 جناحاً، مع جهات حكومية وهيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية.

ويشتمل المعرض على برنامج ثقافي ثري، يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة، تتخللها محاضرات وندوات وورش عمل، يقيمها نحو 170 متخصصاً، إضافة إلى منطقة تفاعلية مخصصة للأطفال، تقدم برامج ثقافية موجهة للنشء بمجالات الكتابة والتأليف والمسرح، وصناعة الرسوم المتحركة، وأنشطة تفاعلية مختلفة.

برنامج ثقافي ثري يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة (هيئة الأدب)

ويتضمن المعرض ركناً للمؤلف السعودي، معرِّفاً الحضور على آخر إصداراته، ومهيأ للزوار منطقة خاصة بالكتب المخفضة، التي تأتي ضمن جهوده في الحث على القراءة، وإتاحتها للجميع عبر اختيارات متعددة، معززة بمناطق حرة للقراءة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير إدارة النشر بالهيئة، أن المعرض يعكس اهتمامهم بدعم وتطوير ونشر الثقافة والأدب في السعودية، مؤكداً دوره الريادي، حيث يسلط الضوء على جهود الأدب والأدباء المحليين والعرب والعالميين، عبر فعاليات وأنشطة مجتمعية بمعايير عالمية، وإيجاد فرص تفاعلية لزواره في قوالب فنية وأدبية متنوعة، وصولاً إلى تعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافيّاً تاريخيّاً.

المعرض يعكس الاهتمام بدعم وتطوير ونشر الثقافة في السعودية (هيئة الأدب)

ويحتفي المعرض بـ«عام الإبل 2024»، لما تُمثِّله من قيمة ثقافية في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، حيث خصص جناحاً للتعريف بقيمتها، وإثراء معرفة الزائر عبر جداريات عدة بأسمائها، ومواطن ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقصائد شعرية تغنَّى بها العرب فيها على مر العصور.

ويستقبل «معرض جدة للكتاب» زواره يوميّاً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 مساءً، ما عدا الجمعة من الساعة 2 ظهراً إلى 12 مساءً.

المعرض يُعزز جهوده في حث الزوار على القراءة عبر اختيارات متعددة (هيئة الأدب)

ويُعد ثالث معارض الهيئة للكتاب خلال 2024، بعد معرض «الرياض» الذي اختتم فعالياته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومعرض «المدينة المنورة» المنتهي في أغسطس (آب).