ميلوني تؤدي اليمين الدستورية في إيطاليا

سعت لطمأنة أوروبا وأكّدت فخر بلادها بالانتماء إلى «الناتو»

رئيس إيطاليا برفقة رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني في روما أمس (د.ب.أ)
رئيس إيطاليا برفقة رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني في روما أمس (د.ب.أ)
TT

ميلوني تؤدي اليمين الدستورية في إيطاليا

رئيس إيطاليا برفقة رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني في روما أمس (د.ب.أ)
رئيس إيطاليا برفقة رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني في روما أمس (د.ب.أ)

في العاشرة من صباح السبت، أصبحت جيورجيا ميلوني، البالغة من العمر 45 عاماً، أول امرأة تتولّى رئاسة الحكومة الإيطالية، بعد أن فاز الحزب اليميني المتطرف «إخوان إيطاليا» الذي تقوده منذ تأسيسه في عام 2012، في الانتخابات التشريعية أواخر الشهر الماضي، ضمن تحالف الأحزاب اليمينية مع حزب «الرابطة» الذي يتزعمه ماتّيو سالفيني، وحزب «فورزا إيطاليا» بقيادة رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلوسكوني.
وتضمّ الحكومة الإيطالية الجديدة -وهي الحادية والستون في العقود السبعة الأخيرة- 6 نساء فقط من أصل 24 وزيراً، يبرز بينهم الأمين العام لحزب «فورزا إيطاليا» والرئيس الأسبق للبرلمان الأوروبي، أنطونيو تاجاني، وزيراً للخارجية ونائباً لرئيسة الوزراء، وماتيو سالفيني وزيراً للبنى التحتية ونائباً أيضاً لرئيسة الحكومة.
وكانت ميلوني قد واجهت في الأسابيع المنصرمة صعوبات للتوافق مع حلفائها حول تشكيل الحكومة؛ خصوصاً مع «فورزا إيطاليا» بعد التسجيلات التي سُرّبت لزعيمه سيلفيو برلوسكوني في اجتماع مع نواب حزبه، وهو يمتدح صديقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويشنّ هجوماً لاذعاً ضد الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، في الوقت الذي يصرّ فيه على أن يتوّلى مساعده والأمين العام للحزب حقيبة الخارجية. ولم تجد ميلوني مفرّاً للحفاظ على الوئام مع حلفائها، من تسمية زعيمي حزبي التحالف نائبين لرئيسة الحكومة، الأمر الذي يسمح لها أيضاً بالحد من دورهما السياسي، لانصرافهما إلى إدارة حقيبتي الخارجية والبنى التحتية.
وأعرب رئيس الجمهورية سرجيو ماتاريلا عن ارتياحه لسرعة تشكيل الحكومة الجديدة ضمن الآجال الدستورية؛ مشيراً إلى أن نتائج الانتخابات كانت واضحة جداً، وأن ظروف البلد تقتضي ذلك، وشاكراً لحكومة تصريف الأعمال التي كان يقودها ماريو دراغي ما قامت به خلال الفترة الانتقالية.
ومن الوزارات الجديدة التي استحدثتها ميلوني في الحكومة الجديدة، وزارة السيادة الغذائية التي يتولاها صهرها وساعدها الأيمن فرانشسكو لولوبريجيدا، ووزارة «صنع في إيطاليا» التي تنحصر مهامها في ترويج المنتوجات الإيطالية في العالم. لكن الأنظار ستكون موجهة إلى وزير الاقتصاد الجديد جيانكارلو جيورجيتي، القيادي البارز في حزب «الرابطة»، في مرحلة معقدة جداً بالنسبة للأوضاع المالية الإيطالية، وبعد الحملة الطويلة التي قادها زعيم «الرابطة» سالفيني لخفض الضرائب، وعدم الالتزام بالضوابط والشروط التي يفرضها الانتماء إلى منطقة اليورو في الاتحاد الأوروبي.
وهنأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، السبت، ميلوني، مؤكدة أنها تأمل حصول «تعاون بناء» مع حكومتها. وكتبت فون دير لاين على «تويتر»: «نهنّئ جيورجيا ميلوني على تعيينها رئيسة للوزراء، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب». وأضافت: «أتطلع إلى تعاون بناء مع الحكومة الجديدة، في مواجهة التحديات التي يجب أن نواجهها معاً».
واستقبلت العواصم الأوروبية الكبرى الحكومة الإيطالية الجديدة بتحفظ؛ خصوصاً بعد إسناد حقيبة الخارجية إلى أقرب مساعدي برلوسكوني الذي كان قد كشف مطلع هذا الأسبوع عن «استعادة العلاقات مع الصديق فلاديمير»، كما في تسجيل له نشرته وسائل الإعلام عندما كان مجتمعاً مع نواب حزبه في إحدى قاعات مجلس النواب. وجاء في حديث برلوسكوني أن الرئيس الروسي بعث إليه برسالة رقيقة، وأهداه عشرين زجاجة فودكا بمناسبة عيد ميلاده أواخر الشهر الماضي، وأنه بادله بإهدائه نبيذاً إيطالياً، وردّ أيضاً برسالة رقيقة. ويقول برلوسكوني إن بوتين يعتبره الأول بين أصدقائه الخمسة الحقيقيين، وإنه لا يريد التعبير عن رأيه بصراحة: «لأني لو تحدثت عن ذلك إلى الصحافة، لحصلت كارثة. لا يوجد قادة حقيقيون اليوم في الولايات المتحدة والغرب». وبعد أن شنّ هجوماً شديد اللهجة ضد الرئيس الأوكراني، متهماً إياه بعدم احترام الاتفاقات التي وقعها في مينسك عام 2014، ومحمّلاً إياه مسؤولية اندلاع الحرب، عاد ليقول إن فلاديمير بوتين وجد نفسه مضطراً لإرسال قواته إلى أوكرانيا بهدف قلب نظام الحكم، بعد أن تعرّض لضغوط قوية من معاونيه وحلفائه.
وقد أثارت تلك التصريحات لبرلوسكوني غضب ميلوني التي علّقت بقولها: «ما دمنا في الحكم فلن تكون إيطاليا الحلقة الضعيفة في الغرب، أو الدولة التي ليست موضع ثقة الحلفاء. إيطاليا تفتخر بانتمائها إلى أوروبا وإلى الحلف الأطلسي، ولا مكان في هذه الحكومة لمن لا يؤمن بذلك».


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».